المحتوى الرئيسى

السيسى يكتب نهاية "المستشار المشاكس"

04/01 19:35

بعد عزله.. "جنينة".. المتهم البريء ينتظر المؤبد

قانونيون: التحقيق مع جنينة أهدافه سياسية

دستوريون: عزله مخالف للقانون ويمكنه الرجوع

خرج عن صمته وتحدث عما لا يرضى الكبار فعزل من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات -بحسب الخبراء- هو المستشار هشام جنينة، الذي كان الرئيس المعزول محمد مرسى قد أصدر قرارًا بتعيينه فى هذا المنصب لمدة أربع سنوات.

"جنينة" معروف عنه إثارته للجدل بداية من تصريحاته بأن حبيب العادلى هو الذراع الأمنية لنظام مبارك، وممدوح مرعي، وزير العدل وقتها، هو الذراع القانونية لاستهداف القضاء، إلى أن رصد مخالفات مالية فيما يتعلق براتب رئيس الجمهورية فى عهد الإخوان، مشيرًا إلى أن مرسى كان يحصل على راتب 60 ألف جنيه، فى حين أن راتبه يجب ألا يتجاوز 4 آلاف جنيه.

ويعد اتهامه بالتحريض على بيان «رابعة» الذي وصف ما حدث فى 30 يونيو بأنه "انقلاب" بداية صدامه مع النظام الحالى فضلاً عن رؤيته أن الإخوان جزء من نسيج المجتمع رافضًا وصفهم بـ"الإرهابيين"، بالإضافة إلى اتهامه بتسريب تقارير ضد وزارة الداخلية وإعطائها لقناة الجزيرة القطرية.

ظل "جنينة" فى صدام مع السلطة إلى أن تسببت آخر تصريحاته التي أكد فيها وجود فساد مالى فى مؤسسات الدولة بقيمة 600 مليار جنيه فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عزله من منصبه وأصبح مهددًا بالحبس.

كواليس عزل "جنينة" من منصبه

أحداث متعددة جعلت عزل "جنينة" أمرًا متوقعًا للمراقبين للمشهد، خاصة بعد تصريحاته بوجود فسام مالى بالدولة يتخطى الـ600 مليار جنيه وبعدها أصدر الرئيس القانون رقم 89 لسنة 2015 الذي نظم ﻷول مرة حاﻻت إعفاء رئيس الجمهورية لرؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية من مناصبهم وتم تمرير ذلك القانون من قبل البرلمان، وهو ما ربطه البعض برغبة النظام فى إقصاء "جنينة".

وفى تلك الأوقات تتابعت الأحداث المثيرة للجدل والخاصة بالأمر أبرزها إخفاء تقرير "جنينة" وتقرير تقصى الحقائق الخاص بتصريحاته إضافة إلى خطاب رئيس هيئة الرقابة الإدارية عن النواب من قبل الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان بالإضافة إلى عدم تشكيل البرلمان لجنة لمناقشة تصريحاته رغم إعلان رئيس المجلس عن مناقشتها فضلاً عن حظر النائب العام النشر فى القضية.

ودون الرجوع لـ"جنينة" أو طلب ترشيحات منه أصدر الرئيس قرارًا بتعيين نائبين له "أبرزهم المستشار هشام بدوي، وهو ما أثار الشكوك حول تمهيده لخلافة جنينة فى منصبه خاصة بعدما رفضت مؤسسة الرئاسة مقابلة الأخير رغم طلبه ذلك أكثر من مرة لتقديمه تقارير مهمة وعديدة لمؤسسة الرئاسة.

وعقب بيان لنيابة أمن الدولة العليا، حدث ما كان متوقعًا حينما صدر قرار جمهوري بإعفاء "جنينة" من منصبه على خلفية استدعائه للتحقيق فى تصريحاته حول الفساد وتم تعيين هشام بدوى قائمًا بأعماله حسب المادة 216 من الدستور، ولم يتوقف الصراع بين "جنينة" والنظام عند العزل بل تحول الإعلام الموالى للنظام إلى الشماتة منه، فظهر الإعلامى أحمد موسى قائلا: "إن جنينة "وقع فى المصيدة".. الراجل ده أتصبر عليه كتير.. والسيسى صبر عليه رغم ما يحدث منه وما يعرفه الكثيرون".

كما أشار الإعلامى محمد الغيطى إلى أن "جنينة" كان لقمة سائغة للإخوان، وتعمد إثارة اللغط وتعكير المشهد السياسى، مؤكدًا أن قرار إعفائه طبيعي.

وبعد عزله أصبح "جنينة" متهمًا بعدما أكدت نيابة أمن الدولة أن كلامه عن الفساد غير حقيقي ووجهت عدة تهم له وهو ما ترتب عليه قرار النائب العام، بضم البلاغات التى تحقق بها نيابة استئناف القاهرة حول تصريحات جنينة إلى تحقيقات نيابة أمن الدولة بالإضافة إلى مطالبته رئيس محكمة استئناف القاهرة بندب قاض جديد، للتحقيق مع "جنينة" فى بلاغ جديد.

عزله مخالف للدستور وعودته واردة

أكد خبراء قانون وفقهاء دستور، أن عزل "جنينة"، مخالف للدستور، ويمكن الطعن على القرار وعودته مرة أخرى للجهاز.

وقال الخبير الدستوري والقانوني الدكتور محمد عطا الله، إن القانون رقم 89 لسنة 2015 المقر من مجلس الدولة أعطى الحق لرئيس الجمهورية فى عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات لكن يستثنى من ذلك تعارض بين الدستور والقانون، فيتم ترجيح الدستور لكونه أسمى من أى قانون.

وأضاف "عطا الله" فى تصريحات خاصة لـ"المصريون"، أنه يحق لـ"جنينة" الطعن على القرار، مشيرًا إلى أن عزل "جنينة" يعد السابقة الأولى لعزل رئيس هيئة قضائية فى العصر الحديث، مؤكدًا أن الأمر لم يحسم بعد وأنه سيتم حسمها فى القضاء الإدارى أو المحكمة الدستورية العليا.

وتابع: القانون رقم 89 قد لا يتفق مع المادة 216 من الدستور، خاصة الفقرة الأخيرة منه التى حوت جملة "ولا يُعفى أى من رؤساء الأجهزة الرقابية من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون".

وأشار إلى أن المادة 25 فى قانون الجهاز المركزى للمحاسبات، تمنع إقالة "جنينة"، خاصةً أنها تنص على عدم جواز عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وبالتالي فإن القانون الذي صدر سنة 2015 طغى على قانون الجهاز المركزى للمحاسبات فى عزل "جنينة".

بدوره يرى الفقيه الدستوري محمد نور فرحات، أن الرئيس لا يستطيع عزل "جنينة" وفقًا للقانون الخاص بالجهاز المركزى للمحاسبات ونصوص الدستور أيضًا، مشيرًا إلى أن الرئيس كان يمكنه التغلب على ذلك عبر تعديل المادة 25 من القانون والخاصة بعدم قابلية رئيس الجهاز للعزل.

وأكد أن سلطة الرئيس فى عزل "جنينة"، تخضع لرقابة القضاء الإداري، للتأكد من عدم مخالفة القانون، أو عدم التعسف فى استعمال السلطة، مؤكدًا أن إصدار هذا القانون فى هذا التوقيت مثير للتساؤل، والأكثر إثارة للتساؤل عدم فتح ملفات الفساد التى أشار إليها تقرير "جنينة" بالنسبة لبعض الأجهزة السيادية.

وأقام محمد عادل، الممثل القانوني للمركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد رئيس الجمهورية بصفته لوقف قرار عزل" جنينة" مشيرًا إلى أن قرار العزل يشوبه البطلان وأنه جاء على خلفية اتهام لم يثبت، ولم يتم التحقيق معه أو صدور أحكام نهائية

خبراء: السيسى جعل من جنينة "عبرة"

فى الوقت الذي عارض فيه سياسيون عزل "جنينة"، أكد البعض الأخر أن السيسى جعل منه عبرة مشيرين إلى صواب القرار.

أمين إسكندر، الخبير السياسى أكد فى تصريحات خاصة لـ"المصريون" أنه ليس من حق الرئيس عزل "جنينة" إلا من خلال حكم قضائي ولكن يجوز وقفه عن العمل، موضحًا أنه فى منصب محصن غير قابل للعزل.

وفى سياق مختلف أكد الخبير السياسى، الدكتور جمال زهران، أن قرار السيسى يؤكد فكرة الحزم الرئاسى فى القضايا الشائكة، وهذا القرار يؤكد للجميع بمن فيهم المسئولون بالرقابة على أجهزة الدولة بأن هناك من هو أعلى منه يستطيع أن يحاسبه وإقالته.

وأشار "زهران" إلى أن "جنينة" ليس فوق القانون مشيرًا إلى أنه قام برفع دعوى قضائية ضده يتهمه بالخيانة العظمى مؤكدًا أن عزله كان هدف يتمناه.

فيما تساءل الكاتب محمد سيف الدولة: "ماذا تعنى إقالة ‫‏هشام جنينة؟، قائلاً: "تعنى أنهم يؤمنون بأن فساد الدولة من هيبة الدولة، وأن أى رقابة على مؤسساتها فوضى تهدد وجود الدولة والأمن القومى وتعنى أن الفساد يتم تحت رعاية الدولة وتعنى أنهم يعتبرون المكاشفة بحقائق الفساد، جريمة تماثل التخابر مع دول أجنبية وتعنى أنهم مجردون من الرشد، "حافظين مش فاهمين، حافظين كتاب الاستبداد والفساد".

كما أكد أيمن نور، زعيم حزب "غد الثورة" أن هذا القرار دليل وجود مزاوجة غير مشروعة بين الفساد والاستبداد؛ حيث إن الفساد يضرب مَن يواجهه، والاستبداد يضرب مَن يعارضه، مشيرًا إلى أن "جنينة" لم يكن زعيمًا سياسيًا، لكنه تحدث فقط بضميره؛ باعتباره يدافع عن الحق حتى ولو على حساب منصبه.

فيما أكد الحزب المصرى الديمقراطى، أن القرار جاء بعد تجهيز له وحشد الإعلام الحكومي ضد جنينة، ويؤكد أن الدولة بذلك تقف ضد الرافضين للفساد موضحًا أنه بعد بيان الحكومة الذي وعدت فيه بمحاربة الفساد، يأتى القرار المفاجئ، الذي يدق أجراس الخطر بشدة.

تهم كثيرة، وعقوبات قاسية تنظر "جنينة" فى الجرائم التى كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، ارتكابه لها وأبرزها تورطه فى الإضرار بأمن البلاد والسلم الاجتماعى، وتشويه مؤسسات الدولة، ترويج وبيانات كاذبة حول تكلفة الفساد، من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب فى نفوس المواطنين، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة والإضرار بالمركز الاقتصادى للبلاد ما من شأنه هروب المستثمرين والاستثمارات، والإضرار بالمركز السياسى فضلاً إلى استغلال منصبه واختلاس أوراق ومستندات تقارير رقابية سرية جدًا، واحتفظ بها لشخص فى إحدى الجهات، وهى جريمة كبرى تصل عقوبتها للسجن المؤبد خاصة أن تصريحاته تأتى متزامنة مع كشف خلايا إخوانية فى الخليج تهدف للإضرار بالاقتصاد المصرى، بحسب النيابة.

وكشفت النيابة أيضًا عن أن التحقيقات مع أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات توصلت إلى أن تقرير "جنينة" تضمن احتساب مخالفات سابقة على عام 2012، كما احتوى أخطاء تمثلت فى تكرار قيم الضرر

وقد تم فرض الإقامة الجبرية عليه تمهيدًا لمحاكمته فى تلك التهم بحسب مصادر قريبة منه مشيرة إلى أن هناك تعليمات ينفذها الحرس الخاص به التابع لوزارة الداخلية بمنع غالبية الزائرين إليه بزعم عدم وجوده أو بناء على طلبه بنفسه، وهو ما اعتبر محاولات لـ"حجب جنينة عن الشعب".

وبدوره، أكد الخبير القانوني، الدكتور شوقي السيد أن الجرائم الموجهة لـ"جنينة" جرائم أمن دولة قرر لها عقوبة السجن من السجن 3 سنوات إلى المؤبدـ مشيرًا إلى أنه لا يتم الجزم بارتكاب "جنينة" لهذه التهم إلا إذا توافرت أدلة قاطعة على ذلك وليس قرار النيابة فقط مؤكدًا أن النيابة لا تقرر ذلك وإنما الأمر فى يد المحكمة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل