المحتوى الرئيسى

ملامح الشخصية الغنائية

03/31 09:12

الغنائية كمصطلح تدل على تَغنِّي الفرد بنفسه، سواء من خلال كلامه أو أعماله، وارتبط هذا المصطلح بالشعر لاقترابه من مفهوم الشعر الوجداني، الذي يعبر تعبيراً خالصاً عن المشاعر والعواطف، وقد يكون هذا التعبير مصوراً لذات الشاعر وعواطفه.

وتواجدت الشخصية الغنائية في العديد من أعمال الأدباء والروائيين، وحاولوا أن يرسموا لها ملامح وصفات محددة..

فتعددت الأعمال الأدبية التي حاولت أن ترسم ملامح وصفات تلك الشخصية وتعد رواية "آنا كارنينا" للكاتب الروسي "ليو تولستوي" ورواية "مدام بوفاري" للكاتب الفرنسي "غوستاف فلوبير" من الروايات التي تناولت جوانب من الشخصية الغنائية.

كما يعد الروائي "ميلان كونديرا" من أبرز الروائيين الذين تناولوا الشخصية الغنائية، سواء بأعماله الأدبية مثل روايته "الحياة في مكان آخر" أو من خلال كتابه الذي عبر عن أفكاره عن الرواية وتجربته الروائية "الستارة".

حيث حاول "كونديرا" أن يحدد صفات الشخصية الغنائية ويبرز سماتها وأفعالها، من خلال شخصية الشاعر الغنائي "ياروميل" الذي تناولها في روايته.

فما هي صفات وملامح الشخصية الغنائية؟

الشخصية الغنائية تتعلق بنبوءة حصلت في طفولتها، مصدرها أحد الوالدين أو إحدى الشخصيات الملهمة التي تواجدت في طفولته، نبوءة تتكلم عن المجد والشهرة التي سوف تنالها في المستقبل، وتستمر معه هذه النبوءة مع الشخصية الغنائية فهي تستحضرها دائماً، راسخة في ذهنها على الدوام، تستخدمها من أجل أن تتنبأ لنفسها بمستقبل باهر وناجح، بعيد عن الحاضر التي تعيشه، فهي صورة تصر الشخصية الغنائية على الاحتفاظ بها.

الشخصية الغنائية تحلم بأحلام "أيروتيكية"*، سواء كانت أحلام يقظة أو أحلام تأتيها أثناء النوم، تلعب فيها دور المغري القادرة على إغراء الآخر، مرغوبة من قبل الجميع، قادرة على ممارسة الجنس مع من ترغب، فهي المطلوبة دائماً والمرغوبة من قبل الآخر.

الشخصية الغنائية ترى نفسها وهي محاطة بالجمهور على الدوام، حتى عندما لا يتواجد أحد، فهنالك الجمهور الوهمي، الذي يترقب كل شيء من الشخصية الغنائية، حركاتها، أفعالها والآراء التي تصدر عنها، فالأضواء مسلطة بشكل دائم على الشخصية الغنائية.

الشخصية الغنائية متفائلة بالمستقبل بشكل دائم، ترى فيه الفرصة لتحقيق صورتها الموجودة في ذهننا، لذلك هي لا تغري بالحاضر، تكرهه وتنكره وترفضه باستمرار، وترى فيه العائق لكي تُحقق مجدها الذاتي، أما بالنسبة للماضي فالشخصية الغنائية تختار منه ما يناسب صورتها، حتى أنها تعمل على تضخيم وابتكار إنجازاتها الماضية.

الشخصية الغنائية يفتنها صورة العشق الأول والحبيب الأوحد والأبدي، تغار من كل شيء، لا ترغب بأن تُقارن بأحد سواء بالماضي أو بالحاضر أو بالمستقبل، تغيرها فكرة تملك المحبوب، وبالعكس ترفض رفضاً تاماً أن تكون متملكة من قبل أحد، فهي للجميع وملك الجميع.

الشخصية الغنائية تتبنى روح العصر، الحداثة وما بعد بعد الحداثة، فهي دائماً مع الاتجاه العام السائد، مع الثورة والشعارات المثالية، فهي قائدة ورائدة للتطور، تقول ما تطلبه الجماهير منها، وتمتلك رأياً في كل القضايا، لا تقيم لخيارتها الفردية أو خيارات أي فرد أدنى قيمة، وتتوقع من أعمالها أن تغير العالم وتنقذه من الشر.

الشخصية الغنائية تحلم وتتخيل موتها على الدوام، فالموت عندها هو نهاية المجد وبداية الخلود، وموتها رسالة إلى البشرية أيضاً، فالشخصية الغنائية لا تعي بأن الموت غير محتاج بأن يُعجب بالشخص لكي يختاره.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل