الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة: حماية المستثمرين أولوية
يسهب الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين، في شرح وتعداد المزايا التي تقدمها بورصة البحرين للمستثمرين، بدءا من إمكانية تملك الأجنبي للأسهم بنسبة 100 بالمائة، مرورا بالحماية القانونية والتشريعات التي تضمن للمستثمرين حقوقهم، وصولا إلى التداول الإلكتروني الذي كانت البورصة سباقة في تنفيذه.
للبحرين باع طويل في عالم المال والأعمال، ففيها تأسست أول شركة مساهمة بحرينية في العام 1957 ومن بعدها تواصلت عملية تأسيس الشركات لتصل ذروتها في بداية الثمانينيات، وهي الفترة التي شهدت نشاطا كبيرا لتداول أسهم الشركات المساهمة العامة في سوق غير رسمي عرف آنذاك بـ «سوق الجوهرة».
كما تم تأسيس بورصة البحرين تحت مسمى سوق البحرين للأوراق المالية في العام 1987، وباشر السوق عمله بشكل رسمي في يونيو/حزيران من العام 1989. وقد ساهم وجود السوق في تعزيز المناخ الاستثماري في قطاع رأس المال في البحرين وأدى إلى زيادة عدد ونوعية الأدوات المالية والاستثمارية المسجلة في السوق.
أريبيان بزنس التقت في المنامة الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين، الذي أكد أن بورصة البحرين هي بورصة خليجية يتداول فيها مستثمرون من جميع دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما وأن مملكة البحرين تعتمد مبدأ المساواة بين مواطني دول المجلس في كل ما يتعلق بالاستثمار ليس فقط في البورصة، بل في كل المجالات الاستثمارية الأخرى، وصولا إلى التملك العقاري .
في بداية حديثه لنا، عاد الشيخ خليفة إلى أيام سوق الجوهرة وإلى تزامن أزمة سوق الجوهرة مع أزمة سوق المناخ بالكويت. ملاحظة : سوق المناخ هو الإسم غير الرسمي لسوق الكويت للأوراق المالية حتى عام 1983.
وأشار الشيخ خليفة، إلى تزامن وترابط الأزمتين حينذاك حيث كانت الأزمتان مترابطتان كليا كما قال، وحيث كان هناك مستثمرون كويتيون في البحرين ومستثمرون بحرينيون في الكويت، ولم يكن التداول على مستوى المواطنين البحرينيين فقط، ولكن كان أشمل على مستوى مواطنين من مجلس التعاون ككل.
لقد شهدت بورصة البحرين تغييرات جذرية عام 1987. فمن سوق كانت تعتمد على الثقة المطلقة بين المتعاملين، وسوق كان فيه الوسيط التجاري يحمل حقيبة فيها جوازات ومبالغ مادية في جهة ما، وفي الجهة الثانية شهادات الأسهم، إلى سوق منظم بالكامل. وما أن حل عام 1999 حتى أصبح نظام التداول إلكترونيا بالكامل، بدلا العمل الكتابي اليدوي على لوحة تشبه السبورة في صفوق المدارس.
وحتى اللحظة، لم تتوقف عملية تطوير بورصة البحرين التي كانت مستمرة طيلة العقدين الماضيين، حيث شهدت عمليات تطوير شبه سنوية سواء من حيث التشريعات والقوانين، أو التداول. فبورصة البحرين كانت أول بورصة فتحت باب الدخول المباشر إلى السوق ( direct market access) حيث يستطيع المتعاملون من خارج السوق أن يتداولوا في السوق مباشرة. ويشير الشيخ خليفة هنا إلى أن بورصة البحرين كذلك هي أول بورصة فتحت سوق الصكوك في السوق الأولية، «وكانت تجربة ناجحة في يناير/كانون الثاني 2015، وكنا أيضا الأول في تكوين الهيكل القانوني لها واعتبرت هذه تجربة ناجحة طبقت في دول اخرى في المنطقة
بداية سالت الشيخ خليفة عن وضع بورصة البحرين حاليا فقال ؟
بداية يجب أن ننظر لمفهوم السوق، أي تكوين السوق الأساسي. فقد جاء تأسيس السوق من أجل حماية المستثمرين، ولكي نضمن أن الشركات المدرجة تلتزم بالقوانين والتشريعات، وبنشر النتائج المالية في الوقت الصحيح.
ويضيف «خلال السنوات الـ 25- 30 الماضية حصلت تطورات كبيرة في أسواق رأس المال، وهذه التطورات ليست بالضرورة تطورات صحيحة. فلقد صارت الأسواق الأجنبية والمتطورة تتحدث عن سرعة التداول وعدد الصفقات في الثانية، علما أنك عندما تقرأ خبرا ما، وتبدأ بتحليل ما يمكن أن ينتج عنه، فإن الأمر لا بد أنه سيستغرق أكثر من ثانية، قبل أن تتقدم بطلب شراء أو بيع. وبالتالي عندما يكون لديك 1000 طلب في الثانية من عدد محدود من المستثمرين فإن الهدف الأساسي للسوق يتلاشى.
ويقر الشيخ خليفة بأن هناك بعدا آخر للأسواق هو بعد السيولة، ويقول «نعرف أن السيولة قليلة في سوق البحرين، مقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة. وهذا الأمر يرجع إلى أن تكوين السوق مختلف، حيث أن غالبية المستثمرين في سوق البحرين، هم مستثمرون مؤسسون. وهؤلاء ينظرون إلى التحليلات الأساسية، (fundamental analysis) وإلى المعايير الربحية للشركة على المدى الطويل وليس الآني».
ويرى الشيخ خليفة أنه وبحكم أن البحرين تملك أعلى معدل ربحية، على مستوى المنطقة، مقارنة بالأسعار، فإن أي مستثمر مؤسسي سيكون أكثر ميلا للشراء وليس البيع. ويضيف «هذا الأمر أدى على مر السنين إلى قلة السيولة، بحكم أن الجميع يريد أن يشتري لغرض استثماري وليس للمضاربة بالأسهم بشكل يومي، كما هو حاصل في بورصات أخرى».
ويمضي للقول : بالنسبة لنا كبورصة، نحن لا ننظر لهذا الجانب بشكل سلبي، لأن بورصة البحرين بشكل خاص لا تملك نظرة ربحية من السوق، بل لها أهداف وطنية لتطوير قطاع رأس المال، ولحماية المستثمرين والتأكد من أن الشركات تلتزم بالقوانين المنظمة وبالتشريعات. «البورصة لا يمكنها أن تفرض زيادة السيولة، ولا يمكنها أن تطلب من المستثمر أن يبيع أسهمه. هذا الأمر يرجع للمستثمر. وبالتالي فإن سيولة السوق يمكن أن ترتفع أو تنخفض في وقت من الأوقات. بالتأكيد فإن ارتفاع السيولة هو أمر موضع ترحيب، لكنه ليس أولوية بالنسبة لنا. نحن نركز بشكل اساسي على كمية ونوعية الخدمات التي يمكن تقديمها».
بالنظر إلى شريحة المتعاملين أو المتداولين في البورصة هذه الأيام، من أين تأتي النسبة الأكبر؟
في الوقت الحالي تبلغ نسبة البحرينيين إلى باقي المتداولين، ما يقارب النصف وأكثر بقليل هي في الواقع 54%. أما المستثمرون غير البحرينيين فيشكلون النسبة المتبقية أي 46 %، وبالطبع فإن نسبة كبيرة من هؤلاء هم من المواطنون الخليجيون. هذا يعني أن السوق ليس بحرينيا فقط. هذا الوضع هو وضع قائم منذ البداية، وليس أمرا جديدا، فالسوق هي سوق خليجية أو عربية، أكثر منها سوق بحرينية.
ما أهم الأسباب التي تدفع المستثمر إلى دخول هذا السوق؟
هناك سبب أساسي وواضح وهو أن القوانين والتشريعات في مملكة البحرين تسمح لغير البحرينيين بتملك حتى 100%من الأسهم. وهذا بحد ذاته أمر كاف لجذب المستثمرين إلى السوق. هناك أيضا سبب ثان، حيث أن أداء الشركات يلعب دورا كبيراً ، فأداء الشركات البحرينية هو أداء إيجابي، وهناك شركات بحرينية منذ أكثر من عقد من الزمن تعطي أعلى نسبة أرباح على مستوى المنطقة.
ما يهم المستثمر غير البحريني أولا هو حرية التملك والحماية القانونية المقدمة له كمستثمر في الشركة، وهذا الأمر في غاية الأهمية لأن المخاطر القانونية عند المستثمرين الأجانب هي أهم بكثير من الأرباح المالية. لا فائدة من الحصول على ربح مادي إذا كانت هناك مخاطر قانونية أو تشريعية. وكما ذكرت سابقا فإن البيئة التشريعية في البحرين مناسبة لضمان حقوق المستثمرين الأجانب. ولدينا قوانين أخرى محددة وتضبط كامل العملية الاستثمارية بشكل ممتاز. وكما أسلفت سابقا، فإن أداء الشركات، والتزامها بالمعايير العالمية في هذا الخصوص، يسهل قراءة البيانات المالية للمستثمرين ويقدم قدرا كبيرا من الشفافية، وهذا سبب ثالث لجذب المستثمرين.
ما مقدار الترابط ما بين بورصة البحرين وأسواق الأسهم الخليجية الأخرى؟
الترابط موجود بالفعل، ومن الممكن ملاحظته، لكنه ترابط يومي وليس ترابطاً على المدى الطويل، أي أننا نلاحظه في المعاملات اليومية المبنية على قيم عاطفية (sentimental values) وليس على قيم استثمارية (investor sentiment ) .
التخوف الذي نراه في الأسواق في الوقت الراهن، من ناحية هبوط الأسواق، هو بسبب الأوضاع العالمية الراهنة، وهذا مرده أساسا إلى المشاعر الاستثمارية اللحظية أو الآنية التي لا تدوم طويلا. وبالتالي في نهاية الربع الأول أو الربع الثاني تُعلن النتائج المالية للشركات، وسيتفاعل السوق معها على هذا الأساس، سواء إيجاباً أو سلباً.
أحيانا نلاحظ في سوق الإمارات نتائج إيجابية للشركات وأداء نزولياً للأسهم ما تفسيركم؟.
هذا الأمر لا ينسحب فقط على سوق الإمارات، بل هو حالة موجودة في جميع الأسواق التي يكون فيها المستثمر الفردي هو صاحب الحصة الأكبر. ومع ذلك لا بد من الاعتراف بأن سوق الإمارات هو سوق متطور. إنه بالفعل سوق مثالي، وقاعدة المستثمرين فيه متعددة ومتنوعة، وهذا ما لا تملكه البحرين ولا أحد في المنطقة.
كيف كان أداء بورصة البحرين خلال 2015؟
16 % (سالب 16 في المائة) .
نشاهد بين الحين والآخر هبوطاً مفاجئاً، وغير متوقع للأسهم العالمية، ما رأيكم؟
الاستثمار في الأسهم على المدى القصير، محكوم على الأغلب بالمشاعر الاستثمارية على عكس الاستثمار على المدى الطويل الذي هو محكوم بأساسيات الاستثمار. وبالتالي فإن من الصعب علينا أن نحكم على التراجعات الشديدة في الأسهم العالمية في الفترة الأخيرة، إلا بعد مرور فترة زمنية طويلة. بالفعل هناك مخاوف، لكن الأهم هو هل ستستمر تلك المخاوف زمنا طويلا؟ هذا الأمر يعتمد على الأرقام حيث أن لغة البورصة هي لغة الأرقام. فإذا ظهرت النتائج المالية وظهرت الأرقام، وأثبتت عكس ذلك، فسوف نجد أن رد الفعل سيكون إيجابي، وسنشهد فترة تصاعدية جديدة للأسهم العالمية.
يجب أن لا ننسى أن هناك شركات عالمية من المفترض أن تستفيد بشكل كبير من انخفاض سعر النفط، وبالتالي تكون تكلفة التشغيل عليها أقل، ومع ذلك نرى اتجاها نزوليا لأسهمها، وهذا كله مجرد جزء من التحليل.
لكن المستثمر الفرد ليس معنيا بأن ينتظر كل هذه الفترة، فهو كلما يرى اتجاها منخفضاً سيبدأ في البيع، وهذا يخلق ا موجات انخفاض في أسعار الأسهم أي (downward trend) على المدى القصير. لكن النتائج المالية تجلب معها بشكل دائم تصحيحات في أوضاع السوق. ولهذا فالنتائج المالية دائما مهمة، وغالبا ما يكون هناك تصحيح بعد صدور النتائج المالية لكل ربع من أرباع العام.
في السنوات الماضية رأينا أن عدم الإقبال على الأسهم صار الصفة الأكثر انتشاراً، ما رأيكم؟
الحالة مختلفة هنا لأننا ننظر لها بشكل مختلف. ليس هناك حالة عزوف عن سوق رأس المال. يجب فصل سوق رأس المال عن سوق الأسهم. لأن سوق الأسهم عبارة عن سلعة واحدة (one product). ولكنها ليست هي كل شيئ في السوق. بل توجد أسواق أخرى حيث رأينا نجاحا باهرا لسوق الصكوك والسندات في بورصة البحرين. وهذا مثال واضح بأن هناك أسواق أخرى يتوجه إليها المستثمرون. وبالتالي تقع على عاتق البورصات مسؤولية تقديم الخدمات، وليس حصرها كلها على شكل خدمات بنكية. لكن سوق رأس المال شبيه جدا بالنظام البنكي، البنوك لديها دائنين ومستدينين، والبورصات لديها مستثمرون ومصدرو الأوراق المالية، وجميع هؤلاء يلتقون في البنك، وهنا يلتقون في سوق رأس المال.
وبالتالي، فالبورصات يمكنها أن تقدم خدمات عديدة فوق سوق الأسهم. ونظرتنا في بورصة البحرين هي نظرة شاملة، وبالتالي الصكوك ليست الشيء الوحيد. نحن ننظر إلى طبيعة المستثمر الخليجي، الذي ينظر إلى العقار كخيار أول، والأسهم كخيار ثاني.
صناديق الاستثمار العقارية أي (Real estate investment trust) وهي أداة مالية موجودة منذ أكثر من 60 سنة في الأسواق العالمية، ولها ارتباط قوي مع توجهات المستثمرين الخليجيين. حيث أنك تعطيهم الفرصة أن يدخلوا في استثمار عقاري ووحدات عقارية محمية بنظم وقوانين مع معايير عالمية في هذا الشأن. وهذا الأمر لا يفيد المستثمر وحسب، بل يفيد الاقتصاد الوطني ككل.
إذا نظرنا إلى سوق العقارات حالياً، نرى أن هناك مكاتب عقارية وعمليات تسعير، غير مبنية على تقييمات محددة. كل بنك لديه تقييم معين، وهناك بنوك كانت تقدم تسهيلات لمجرد ذكر اسم الشركة، وهذا تحديدا ما كان يحصل لسوق المناخ وقت الأزمة، وأنا أرى أن من واجبي أن أربط مابين هذين الأمرين. لدينا قوانين لسوق العقار، لكنها ليست قوانين شاملة. تماما مثلما ما كان لدينا قوانين للشركات المساهمة العامة، ولكنها ليست قوانين شاملة، وسببت أزمة المناخ. فهل ننتظر حدوث أزمة عقارية جديدة في الخليج؟ هذا من ناحية الاقتصاد الوطني، أما من ناحية المستثمر، فإن « الصناديق العقارية» تقدم فرصة، إذا لم يكن لدى المستثمر المبلغ الذي يمكنه من شراء عمارة أو مبنى يدر عليه دخلا سنويا، ومستوى الخطورة فيه قليل. الصناديق العقارية محكومة بقوانين يقوم بموجبها المصدرون بتوزيع نسبة 90 % من الإيجارات التي يتم تحصيلها إلى المستثمر، و10 % إلى الإدارة.
Comments