المحتوى الرئيسى

في يوم الأرض الفلسطيني.. غزة ما زالت تنزف

03/30 20:08

تغرب الشمس، ويعلو صوت المؤذن، معلنًا عن ساعة الإفطار، فيختلط صوته بصوت القذائف والرصاص، وفي دمس الظلام الذى يحل بالأرجاء، تفرش موائد الطعام، وترفع ثانيًا كما هي، قلوب اعتادت على الأوجاع، وأناس ألفت الموت وتنتظره في كل لحظة دون اعتراء.. هكذا تتذكر "أية" العدوان الأخير على غزة، ملبدة بجراح شعبها في ذكرى يوم الأرض الفلسطيني.

يوم الأرض الفلسطيني يعتبر أحد أهم الأيام التي ما زال يحتفل بها أهل الضفة، وذلك بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية عام 1976 بمصادرة الأراضي ذات الملكية الخاصة في نطاق حدود مناطق ذو أغلبية سكانية فلسطينية، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين، وأُصيب وأعتقل المئات، ويعتبر يوم الأرض حدثًا محوريًا في الصراع على الأرض، حيث إن هذه هي المرة الأولى التي ينظم العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات ردًا على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.

"نحنا عايشين علطول في قلق من غير عدوان"، قالتها ابنه الـ15 عامًا، واصفة حياة الدمار، التي اعتاد عليها قاطنو غزة، موضحة أن الصراع لا ينتهي إلا عند جلاء آخر صهيوني من الأراضي المقدسة، تحلم كغيرها من صغار غزة باليوم الموعود كما وصفته، تئن كلما تذكرت العدوان الأخير، الذي يعد من أعنف ما تعرضت هي وأهل الضفة.  

 أحلام طمستها الحرب، وأطفأ توهجها الخراب والدمار، طالما تتمنى "آية" أن تدرس بكلية الطب في لندن، بعد أن تنهى دراستها بمدرسة "شهداء المغازي الثانوية"، لكنها تأبى أن تخرج بعيدًا عن ديارها، لم تتحمل طوق البعد عن أهلها، ففي العام الماضى سافرت إلى مصر، لكنها سرعان ما عادت مرة أخرى قائلة "كل ما ببعد عن غزة بشتقاق لها وبرجع تاني"، تخشى أن يستشهد أحد من أهلها دون أن تودعه.

يرن جرس الهاتف، ليعلن المتصل عن أن هذا المكان مستهدف، وأن القذائف سوف تنهال عليه، وعلى ساكني المنزل ويجب أن يقوموا بإخلائه ويتوجهون إلى مدرسة "خالد ابن الوليد"، صوت تسجيلي من قوات الإحتلال الإسرائيلية، يهدف لفزع أهل غزة، مرارًا ما يحدث ذلك الأمر ولكن نادرًا ما يصيب ذلك التحذير، "اتصلو بينا اليوم مرتين ولكن مو اتحركنا لو هنموت نموت ببتنا".

دميتها مقاتل في صفوف الجيش الفلسطينى قاهر العدو، وطفولتها ممزقة بين جسد طفل وروح شيخ عذبه الدهر، بينما كانت الطفلة الغزاوية في التاسعة من عمرها، أثناء الحرب على غزة عام 2008، شهدت انهيار منزلها وهربت مع أهلها من الشمال إلى منطقة "الوسطى"، مشاهد الدمار والموت لم تفارق خيالها خبرتها الكبيرة التى تتنافى مع سنوات عمرها جعلتها تعرف أنواع الصواريخ وأماكن ضربها قائلة "من صوت الصاروخ بنعرف طلع من أي جهاز مثلا من زوارق أو دبابة أو زنانة أو طائرة إف 16 أو هليكوبتر".

"وضعنا عامل زي توم وجيري بتطلع صواريخ من غزة بعدين بيجي الطيران الإسرائيلي بقصف في المنطقة يلي طلع منها الصاروخ" قالتها "أية" مستنكرة رد فعل العدو الذى يقصف جميع بيوت المدنين بعد أن يطلقوا في البدايه صروخ إنذار فوق سطح المنزل تقذفة طائرة الإستطلاع، لتحذير أهل المنزل، وبعد دقائق معدودة تأتي طيارة أف16 وتقصف المنزل، "بس مو حدا بيرضى يسيب بيته الموت شرف".

سمعت في نشرة الأخبار أن قوات الاحتلال الإسرائيلى ستدخل منطقة "عبسان" بري، فأصابها الفزع على صديقاتها، وأهلها الذين يقتنون تلك المنطقة، واستعادت تفاصيل المشهد كاملًا، الدبابات تصوب على البيوت، والشباب أسرى، ويدخل الجنود البيوت مصطحبين كلابهم وأسلحتهم ليرعبو الصغار والكبار قائلة "أصعب شيئ الاجتياح البري".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل