المحتوى الرئيسى

فتيحة عطية تكتب: اقتصاد الصومال بين الأمس واليوم   | ساسة بوست

03/30 17:32

منذ 2 دقيقتين، 30 مارس,2016

لقد مر الاقتصاد الصومالي بالعديد من التحديات والصعوبات منذ نشأة الدولة الصومالية وحتى يومنا هذا؛ فمن اقتصاد رأسمالي في مرحلة الحكم المدني التي امتدت من الفترة 1960م إلى 1969م والتي اتسمت بالفساد وضعف الخبرات نتيجة حداثة الدولة وصعوبة تطبيق النظام البرلماني الذي يحتاج إلى تقاليد حزبية راسخة ومتجذرة في المجتمع، الأمر الذي تسبب في الفشل السياسي والاقتصادي لهذا النظام، وبعد انقلاب العسكر على الحكم المدني في أكتوبر 1969م إلى 1991م تحول الاقتصاد من اقتصاد رأسمالي إلى اقتصاد اشتراكي يدور في فلك الاتحاد السوفييتي السابق، وحقق في بداياته نجاحات مهمة في النهوض بالبلاد في التعليم والصحة والمجالات العسكرية مستفيدًا من دعم الشعب الساخط على المرحلة السابقة، إلا أن هذا الدعم أصبح يتراجع يومًا بعد آخر وشهرًا بعد شهر إلى أن تلاشى تمامًا، وخاصة بعد دخول البلاد حربًا طاحنة مع إثيوبيا عام 1977م مما انعكس سلبًا على الاقتصاد، وتدهورت الأوضاع المعيشية في البلاد.

فبدأ الناس يسخطون على الحكم العسكري الدكتاتوري مما أدى إلى بروز معارضة مسلحة مبنية على أسس قبلية، والتي أطاحت في النهاية بالحكم العسكري عام 1991م، واندلاع الحرب الأهلية التي دمرت كل شيء، وبدأ الناس في النزوح إلى الخارج وخاصة إلى الدول المجاورة، وازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءًا نتيجة التضخم الجنوني في العملة الصومالية، وحدثت في عام 1992م مجاعة مشابهة لما يحدث اليوم، ورغم هذه الظروف السيئة فإن المواطنين تدبروا أوضاعهم ولملموا جراحهم بما لديهم من طاقات وقدرات ذاتية لمواجهة حياتهم اليومية وتأمين لقمة العيش.

من المفيد أن نذكر بأن الصومال جمهورية اتحادية وأن الحكومات الإقليمية تضطلع بدور مهم في الاقتصاد الصومالي قد يفوق حتى دور الحكومة الفدرالية الانتقالية في مقديشو نتيجة الاستقرار الموجود في هذه الأقاليم، ومثالًا على ذلك نذكر حكومة أرض الصومال الواقعة في شمال غرب الصومال والتي تسعى للانفصال عن باقي الصومال، وكذلك حكومة بونت لاند الواقعة في شمال شرق الصومال.

في بادرة غير مسبوقة قد تغير من مجمل الأوضاع الاقتصادية في الصومال، وتحدث تحولًا دراماتيكيًّا في بنيته التحتية، بدأت شركة كندية أعمال استخراج النفط من ولاية بونت لاند في شمال شرق الصومال، وتحديدًا في محافظة بري في واد يسمى درور، وبحسب تقديرات الشركة فإن النفط الموجود في هذه المنطقة يقدر بنحو 300 مليون برميل.

تجدر الإشارة إلى أن القطاع الخاص في الصومال قد نما في الفترة، وحقق مكاسب كثيرة للشعب الصومالي محاولًا تغطية الغياب الحكومي وملء الفجوة التي تركها غياب القطاع العام، ويتجسد هذا الحضور للقطاع الخاص في قطاعات الاتصالات وتصدير المواشي وفي التعليم والصحة، وكذلك في القطاع المالي وخاصة التحويلات المالية التي حلت محل البنوك، والمواصلات البرية والبحرية والجوية.

ففي قطاع المواشي، يوجد محاجر صحية في كل من ميناء بوصاصو في بونت لاند، وميناء بربرة في صومالاند، هذه المحاجر الصحية أسست للاعتناء بالمواشي والتأكد من خلوها من الأمراض التي تمنع من التصدير، ويشرف عليها أطباء تعترف بهم منظمة الصحة الحيوانية التابعة للأمم المتحدة، وتساهم المواشي في الاقتصاد الصومالي بنسبة 90% من مجمل الصادرات في الوقت الحالي.

قطاع الاتصالات مملوك بالكامل للقطاع الخاص مستفيدًا من عدم وجود قيود حكومية عليه، مما أدى إلى انتشار شركات الاتصالات وتنافسها الشديد على كسب العملاء، وهذا انعكس إيجابًا على المستهلك بانخفاض قيمة الاتصالات مقارنة بالدول أخرى، إلا أنه انعكس أيضًا بشكل سلبي على جودة الاتصالات.

أما في القطاع التعليمي فإن القطاع الخاص شبه مسيطر على العملية التعليمية، حيث يمتلك العديد من المدارس وحتى الجامعات والمعاهد، فمثلًا في مقديشو وحدها يوجد أكثر من 10 جامعات وكذلك عدد من الجامعات في هرجيسا وفي جرووي وبوصاصو وبورما.

أما القطاع الصحي، فهو الوحيد الذي ما زالت الحكومة تملك جزءًا مهمًا منه، مثل مستشفى الأمومة والطفولة، ومستشفى المدينة ومرتيني وديكفير، ويوجد مستشفيات خاصة مثل الحياة والشفاء، ولكن معظمها تعاني من ندرة الأجهزة والطواقم الطبية للظروف الأمنية الصعبة، حيث اضطرت الكثير من المنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي إلى تعليق أعمالها بعد استهداف عامليها بالقتل والاختطاف.

وفي قطاع المواصلات، يهيمن عليه القطاع الخاص من الشاحنات الكبيرة التي تصل إلى دول الجوار والتي تجلب عائدات كبيرة للبلد، أما مجال النقل البحري وصيد الأسماك فيواجه تحديًا كبيرًا وذلك بانتشار القرصنة على الساحل الصومالي والتي حدت من النشاط التجاري الذي له علاقة بهذا المجال البحري، أما في مجال النقل الجوي فبعد توقف الخطوط الجوية الصومالية بفعل ظروف الحرب الأهلية، أنشأ الصوماليون خطوطًا جوية متعددة مثل دالا، جوبا، أفركا والتي غطت الحاجات المحلية في السفر إلى الداخل والخارج، وهذه الخطوط تصل إلى كل من نيروبي ودبي وصنعاء وكمبالا وباريس.

التحديات التي تواجه حكومة الصومال

لا تمتلك الحكومة الصومالية القدرة على المشاركة في نظم إصدار الشهادات أو تقديم الوثائق الصحيحة التي تمكن الشركات من بيع البضائع على مستوى العالم, ولذلك على الشركات أن تجد حلولًا غير تقليدية والتي تكون عادة مكلفة.

الصومال ليس عضوًا في أي تكتلات اقتصادية إقليمية ولكنه وقع عددًا قليلًا من الاتفاقيات التجارية الرسمية مع الدول الأخرى, ولا يوجد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقيات تجارية مع الصومال كما أن البلاد ليست عضوًا في منظمة التجارة العالمية، وهو ما يضاعف من الصعوبات التي تواجهها الشركات المحلية عندما تنافس على المستويين الإقليمي والدولي.

إن الصوماليين عانوا بشدة منذ عام 1991 من الحرب الأهلية والتدهور الاقتصادي، إذ إن البنية التحتية الفعلية دُمِّرتْ، وإضافة إلى سقوط قتلى أثرت الحرب الأهلية بالسلب على الظروف المعيشية للسكان لتصبح الآن من الأسوأ على مستوى العالم، فإن الأوضاع السياسية والأمنية ما زالت تشكل تحديًا في الصومال حيث نحو 73% من سكان الصومال يعيشون تحت خط الفقر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل