المحتوى الرئيسى

الزعتري.. أكبر مخيمات اللجوء عربيا والثاني عالميا

03/27 13:47

يقع مخيم الزعتري في محافظة المفرق على بعد 85 كلم شمال شرق العاصمة الأردنية عمان. وقد أنشأته السلطات الأردنية -فوق أرض صحراوية تبعد حوالي 10 كلم عن نقطة التقاء الحدود السورية الأردنية- يوم 29 يوليو/تموز عام 2012، لاستيعاب آلاف السوريين الفارين من بطش نظام بشار الأسد الذي واجه به الثورة السورية.

وتتولى إدارة المخيم -الذي هو أول مخيم أردني رسمي للاجئين السوريين- "الهيئة الخيرية الهاشمية" بدعم من منظمات الإغاثة المحلية والدولية، وفي طليعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

ومنذ إنشائه ظلت مساحة المخيم تتسع باطراد حتى أصبح أشبه ما يكون بمدينة مترامية الأطراف تعد رابع أكبر تجمع سكاني في الأردن، وذلك على شكل شبكات منتظمة أقامتها وكالات الإغاثة العالمية.

وقد زودت هذه "المدينة" ببنية تحتية متواضعة تتمثل في مساكن من خيم القماش وغرف الصفيح والعربات المتنقلة (الكرفانات)، تتخللها الشوارع وأعمدة الكهرباء، ويتم إمدادها بمياه الشرب والطبخ والنظافة.

يعيش في مخيم الزعتري 81 ألف لاجئ (طبقا لإحصائية أممية منشورة في 28 يوليو/تموز 2015) جاؤوا من جميع المحافظات السورية. ويعتبر المخيم أكبر مخيمات اللاجئين السوريين الخمسة في الأردن، وأكبر مخيم للاجئين في الشرق الأوسط، وثاني أكبر مخيمات اللاجئين في العالم.

ويولد في المخيم يوميا ما بين 12 و15 طفلا، وقد احتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان يوم 1 مارس/آذار 2016 بقدوم المولود رقم خمسة آلاف في مخيم الزعتري.

وقد أنهت السلطات الأردنية اعتبارا من يوم 30 أبريل/نيسان 2014استقبال اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بعد أن بلغت سعته نحو 110 آلاف لاجئ، لكن هذا العدد انخفض بعد ذلك.

منذ نشأته؛ يعيش سكان مخيم الزعتري واقعا إنسانيا سيئا خاصة في الظروف المناخية القاسية شتاء وصيفا؛ ففي كل عام تتكرر معاناتهم وترتفع شكاواهم من البرد القارس عند حلول الشتاء في محيطهم الصحراوي القاسي، لا سيما إذا صاحبتها أمطار وثلوج تغمر أبنية المخيم الهشة فتحدث فيه مستنقعات الوحل، أما في الصيف فترتفع الحرارة لمستويات قياسية لم يعهدها سكانه في حياتهم، كما تكثر العواصف الرملية.

ويعاني اللاجئون -الذين يشكون قلة الخدمات والمساعدات المقدمة، وندرة وسائل التدفئة، والانقطاع المتكرر للكهرباء- كل عام من انتشار أمراض الشتاء بينهم خاصة لدى الاطفال وكبار السن، فتكتظ العيادات والمستشفيات العاملة في المخيم وتنقص الأدوية، مما يضطر إدارة المخيم إلى تحويل بعض حالات الأطفال إلى المستشفيات الأردنية خارج المخيم.

وتوزع الهيئات الإغاثية على اللاجئين المدافئ والبطانيات، وغالبا ما ينحصر الطعام الذي يحصلون عليه في الخبز والمعلبات وبعض الحبوب، لكنه لا يشمل أية خضروات أو فواكهة أو لحوم أو أجبان أو ألبان.

وتفتقر الحمامات الجماعية التي يستخدمها سكان المخيم إلى النظافة والكميات الكافية من الماء. أما الطهو فليس مسموحا به  في الخيم تجنبا لإشعال الحرائق، ومن يملكون مواقد صغيرة يحرصون على تقنين استخدامها لأن الغاز مرتفع الثمن.

وفي يوليو/تموز 2015 أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه جرى تخفيض قيمة القسائم الغذائية الشهرية التي يوزعها برنامج الأغذية العالمي لغالبية سكان المخيم في الأشهر الأولى من نفس السنة، وأنهم يواجهون إمكانية عدم الحصول على أي قسائم في المستقبل.

أما عن الأوضاع الصحية، فتوجد في المخيم عيادات طبية ومستشفيات ميدانية زودته بها منظمات خيرية وإنسانية عربية ودولية، ودول منها الأردن والمغرب والإمارات وفرنسا وإيطاليا، لكن الرعاية الطبية تعاني قصورا كبيرا نظرا لنقص الكادر الطبي المؤهل والأدوية.

وعلى المستوى التعليمي؛ فإن الخدمات التعليمية في المخيم تعتمد على عدد من المدارس توفرها الهيئات الدولية والإغاثية، رغم أن موضوع التعليم ليس أولوية بالنسبة لكثير من المنظمات التي تركز على الإغاثة والمساعدات الإنسانية.

ووفقا لبيانات نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في يوليو/تموز 2015؛ فإن ثلث أطفال المخيم -ممن هم في سن التعليم (25 ألفا)- لا يذهبون إلى المدرسة.

وأضافت البيانات أن نحو 9,500 شاب (تتراوح أعمارهم بين 19 و24 عاما) يحتاجون إلى التدريب على المهارات، وإلى فرص لكسب العيش مثل نظرائهم الأكبر سناً. وقد كان ما نسبته 5.2% من هؤلاء يرتادون الجامعة في سوريا ولكن تعينت عليهم المغادرة بسبب الصراع، ولم يتخرج منهم إلا 1.6%.

ويشهد المخيم أحيانا حوادث أمنية، مما دفع السلطات الأردنية إلى زيادة عدد رجال الأمن فيه وإنشاء ما يعرف بـ"الشرطة المجتمعية" المكونة من المئات من أبناء المخيم، ومهمتهم أن يكونوا وسطاء بين اللاجئين وإدارة أمن المخيم، والعمل على حل خلافات سكانه التي لا تحتاج لتدخل الأمن.

ويرى مراقبون أن هناك "فجوة كبيرة" بين إمكانات الجهات المحلية والدولية المسؤولة عن المخيم وحجم المأساة التي يعيشها سكان المخيم وتضاعفها طبيعة المنطقة المقام فيها، والتي تؤكد دائما أنه ليس مكانا صالحا للعيش الكريم.

وقد استضاف المخيم يوم 4 مايو/أيار 2014 الاجتماع الثالث للدول المضيفة للاجئين السوريين للفت انتباه العالم إلى قلة المساعدات المقدمة للاجئين السوريين ولهذه الدول، والتي لم تجاوز رُبُع المبالغ اللازمة لضيافتهم.

وقد دعت صعوبة ظروف الحياة في المخيم العديد من اللاجئين -وقد طال الصراع في بلادهم أكثر مما كانوا يتوقعونه- أن يقرروا العودة إلى مناطقهم مهما كان الثمن، إذ وجدوا أنفسهم وقد "هربوا من موت مظنون إلى آخر متحقق فعلا بسبب الجوع والمرض والمراوحة بين شدة البرد وقساوة الحر".

ويرى الكثير من اللاجئين أن القوانين المفروضة عليهم في المخيم لا تسمح لهم بالاستفادة من طاقاتهم وأوقاتهم بشكل نافع، لأن مخيمات اللاجئين مصممة ليبقوا على قيد الحياة مؤقتا حتى وإن كانت هذه الفترة تجاوزت عدة سنوات.

وصرح هوفيك إتيمزيان مدير عمليات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مخيم الزعتري بأن مئتيْ لاجئ سوري في المخيم يتقدمون يوميا بطلبات للعودة إلى بلادهم. وأوضح أن سبب تزايد الطلبات هو توقف معظم المنظمات الدولية الإغاثية عن تقديم المساعدات للاجئين، إضافة إلى رغبة بعضهم في الهجرة إلى أوروبا.

ومن جهته؛ أكد أندرو هاربر ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن أن المئات من اللاجئين السوريين في الزعتري يريدون العودة إلى بلادهم، لأنهم يستصعبون الحياة في المخيم خاصة أنهم ممنوعون من العمل في الأردن.

وحسب الهيئة الخيرية الأردنية (المسؤولة عن إدارة المخيم) فإن المطلوب ممن يرغبون في العودة إلى سوريا هو أن يقدموا طلبات الرجوع إلى محافظ "المفرق"، وبعد موافقته عليها تنظم عملية العبور حسب وضع الحدود. وهناك تنسيق مسبق بين القوات الأردنية وقوى المعارضة السورية لتأمين دخول آمن للراغبين في العودة.

وقد صدرت عدة دعوات من مثقفين وحقوقيين أردنيين طالبوا فيها بإغلاق مخيم الزعتري الذي يعتبر أحد عناوين المرحلة الأصعب في تاريخ سوريا المعاصر، قائلين إنه "وصمة عار على جبين الأردن". كما أعلن اتحاد المرأة الأردنية إطلاق "تحالف نعم لإغلاق مخيم الزعتري" داعيا إلى "إيجاد بدائل أكثر إنسانية تليق بكرامة السوريين".

ورغم تحديات العيش في المخيم؛ فقد أصدرت مجموعة من أهله (بدعم من منظمة طوارئ اليابان) مجلة خاصة بسكانه سموها "مجلة الطريق".

وتتناول هذه المجلة -التي تطبع باللغتين العربية والإنجليزية- تفاصيل الحياة في المخيم وقدرة الناس على التأقلم مع ظروفه، ورسائل توعية تتعلق بالحفاظ على السلامة العامة، وأمور النظافة والصحة، وترشيد استهلاك الكهرباء وتنقية الماء، ومقاومة الحشرات، وتطعيم الأطفال، إضافة إلى نشر القصص والقصائد والمقالات التي يكتبها اللاجئون.

يعتمد سكان مخيم الزعتري على المساعدات التي تقدمها لهم المنظمات الإغاثة العربية والدولية، إضافة إلى الأعمال التجارية والمهنية البسيطة التي دفعهم إليها عدم تلبية المساعدات المقدمة من منظمات الإغاثة لكل احتياجاتهم.

فقد تحول الشارع الرئيسي في المخيم إلى "شارع تجاري" يحتوي على أكثر من ستمئة دكان، وتوفر هذه المحلات والبقالات معظم ما يحتاجه اللاجئون من لوازم العيش، مما جعل الزعتري أكبر تجمع سكاني وتجاري في منطقة المفرق التي يتبع المخيم لها إدارياً.

وتتكون دكاكين المخيم -على غرار مبانيه السكنية- من خيام توزعها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أو من الصفيح، وفي أفضل الأحوال تكون عبارة عن "كرفان".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل