المحتوى الرئيسى

بالخرائط.. على خطى فاروق الباز.. باحثان مصريان ومغربية يجرون دراسة مستفيضة للصحراء الغربية تساهم فى فهم طبيعة المريخ وينشرونها بأكبر مجلة للعلوم الجيولوجية.. أحد المشاركين لـ"اليوم السابع" من أمريكا

03/27 00:03

تعد صحراء مصر الغربية أحد كنوز مصر التى يمتلئ باطنها بخيرات عدة وأنواع معادن مختلفة، بالإضافة إلى أنها تسبح فوق أحد أكبر خزانات المياه الجوفية حول العالم، وأكدت ذلك عشرات الدراسات المستفيضة التى أجراها علماء مصريون أبرزهم العالم المصرى الكبير الدكتور فاروق الباز وأجراها للاستفادة من خيراتها.

3 باحثين جدد يعيشون بأمريكا ساروا على درب "الباز"، وأجروا دراسة جيولوجية لصحراء مصر الغربية بشكل خاص وفى الصحراء الكبرى بشمال أفريقيا وصحراء المملكة العربية السعودية بشكل عام، لكن هذه المرة قاموا بمقارنتها بالأشكال الموجودة على سطح كوكب المريخ، حيث إن الباحثين هم الدكتور أبو طالب زكى، والدكتور محمد سلطان، باحثين مصريين بجامعة ميتشجان الغربية بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتورة رشا القادرى باحثة بجامعة ولاية تينيسى مغربية الجنسية، وتمكنوا من نشر الدراسة فى مجلة "مراجعات العلوم الأرضية" "Earth-Science Reviews" وهى أكبر مجلة فى العالم للدراسات الجيولوجية المطولة "بمعامل تأثير دولى للخمس سنوات: 9.66 "والتى تشتمل على تلخيص كل الدراسات العلمية السابقة الخاصة بظاهرة جيولوجية ما وتحليلها ومناقشتها، ثم الإضافة اليها وتطويرها للوصول إلى فهم كامل شامل للظواهر العلمية المدروسة فى هذه الأبحاث.

وقال الدكتور أبو طالب زكى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من أمريكا، أن الدراسة هدفت فهم الطريقة التى تكونت بها الوديان مستديرة الرأس على كوكب الأرض، حيث يمكن إجراء دراسات مطولة "حقلية وجيولوجية وكيميائية" وبالتالى استنباط طريقة تكونها فى ظروف جيولوجية ومناخية مشابهة على كوكب المريخ، والتى قد يستحيل دراستها بالتفصيل مثل إجراء دراسات حقلية وجيوكيميائية على كوكب المريخ فى الوقت الحالى، وفهم دور المياه الجوفية فى تشكيل سطح الأرض وفهم مدى وفرة المياه الجوفية ومدى تحكم الفوالق والصدوع فى حركتها.

وأضاف زكى، أن الوديان منتشرة على كوكب المريخ بشكل كبير فى أماكن يصعب الوصول إليها بالروبوت لوعورة تضاريسها، موضحا أن فهم تكون هذه الوديان على سطح المريخ له أهمية قصوى فى فهم المناخ القديم والحديث على المريخ، وفى تقييم احتمالية وجود نوع من أنواع الحياة على سطحه، حيث إن كانت هذه الوديان تتكون فقط بالفيضانات الكبرى فإن الفيضانات كانت على سطح المريخ منذ أكثر من 3 مليارات سنة ولم يعد هناك غلاف جوى للمريخ يسمح بحدوث أمطار، فضلا عن حدوث فيضانات بمعنى أنها وديان تكونت فى الماضى السحيق وانتهى دورها)، أما أن كانت هذه الوديان قد تكونت بفعل المياه الجوفية فهذا يعنى أنها عملية مستمرة، وأن المياه الجوفية لا تزال نشطة حتى الآن على المريخ، وهذا معناه أن المياه الجوفية المحدودة جدا التى نراها الآن على سطح المريخ ربما يكون لها امتدادات كبيرة تحت السطح، بما يسمح بوجود أشكال للحياة السطحية أو التحت سطحية هناك.

إن خط سير الدراسة تم خلال 3 رحلات حقلية للصحراء الغربية المصرية حيث تم رصد ودراسة الوديان مستديرة الرأس وهى وديان عميقة تقطع حوائط الهضاب المحيطة بالمنخفضات المصرية مثل منخفض القطارة والفرافرة والخارجة والداخلة وتم تجميع عينات من الرواسب الموجودة على اسطح الجروف وفى المنخفضات اضافة إلى عينات من المياه الجوفية وذلك لتحديد عمرها واستخراج بصمة الايزوتوب من هذه الرواسب والمياه الجوفية للوقوف على ظروف التكوين والعمر الجيولوجى لها.

وأشار زكى، إلى أنه تم عمل تحليل موسع لصور الاقمار الصناعية لتوصيف مسارات المياه الجوفية ودورها فى تشكيل سطح الارض بمساعدة التكوينات الجيولوجية والفوالق العميقة وعمليات التجويف والتعرية المصاحبة لخروج المياه على السطح كما تم ايضا تم عمل نماذج جيوإحصائية، وذلك بغرض الحصول على تحديد اوتوماتيكى لاماكن وتوزيعات هذه الوديان فى الصحراء الغربية وربطها بأماكن تواجد رواسب المياه الجوفية وعيون المياه القديمة.

وأوضح زكى، أن الدراسة بينت أنه خلال الفترات المطيرة السابقة التى مرت على الصحراء الغربية المصرية، " فترات مطيرة متقطعة تخللت الفترات الجافة عدة مرات خلال المليون سنة الماضية، ارتفعت المياه الجوفية العميقة الموجودة فى الخزان الرملى النوبى لتغذى الخزانات السطحية وتفيض على السطح فى شكل ينابيع غزيرة المياه بمساعدة الشروخ العميقة الموجودة فى صخور الصحراء الغربية خصوصا المناطق المحيطة بالمنخفضات.

وتابع زكى، أن التتابع الصخرى هناك يتميز بوجود صخور ضعيفة سهلة التعرية "طفلة" تعلوها صخور صلبة وصعبة التعرية "حجر جيرى "، أدى خروج المياه الجوفية على الحد الفاصل بين هذين النوعين من الصخور إلى إزالة للصخور الهشة مما ادى إلى انهيار الصخور التى تعلوها وتكونت الوديان مستديرة الراس موضحا أنه مع استمرار هذه العملية لفترة طويلة وبمساعدة عمليات التهوية المصاحبة لخروج المياه الجوفية ودور الرياح فى إزالة الحبيبات المفككة تراجعت الهضاب وتكونت المنخفضات فى الصحراء الغربية.

فى سياق متصل قال زكى، إن عمليات المياه الجوفية ساهمت بشكل رئيسى فى تكوين الوديان والمنخفضات والبحيرات القديمة فى الصحراء الغربية المصرية وإلى حد ما فى وشمال أفريقيا والمملكة العربية السعودية خلال الفترات المطيرة السابقة مؤكدا أنه فى ظل وجود نموذج أرضى واضح وواسع الانتشار لدور المياه الجوفية فى تكوين الوديان مستديرة الرأس أصبحت فكرة وجود مياه جوفية بشكل أكبر على كوكب المريخ أقرب إلى التصديق.

وبالنسبة لكيفية الاستفادة من هذه الدراسة فى مصر قال أبو طالب، أن البحث يلقى الضوء بشدة على قوة وسعة انتشار المياه الجوفية فى الصحراء المصرية فى الفترات المطيرة السابقة "بضعة آلاف السنين" وعلى دور الفوالق والصدوع "الشروخ الأرضية العملاقة" فى توجيه المياه الجوفية فى الخزان الرملى النوبى العميق وبالتالى إعادة حقنها على أعماق ضحلة مما يسهل عملية استخراجها ويقلل من تكاليف حفر الآبار بشرط الفهم الدقيق لتوزيع هذه الفوالق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل