المحتوى الرئيسى

Batman v Superman: Dawn of Justice.. باتمان ضد سوبرمان وضد مارفل أيضا!

03/26 13:06

هل أنت باتمان أم سوبرمان؟.. لمن تتوقع الفوز في المعركة؟.. هل تُفضلين باتمان أم سوبرمان كعشيق؟

كلها أسئلة واستفتاءات لطيفة استخدمتها شركة وارنر أخيرا، ضمن حملة الدعاية العالمية لفيلمها الجديد "باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة" Batman v Superman: Dawn of Justice المعروض حاليا.

الحملة تستند إلى درجة معرفة قوية بالشخصيات. حملة يصعب أن تراها مع شخصيات مارفل رغم نجاح أفلام الأخيرة، لأن سوبرمان وباتمان شخصيات تحتل مساحة أكبر وأهم وأكثر عمقا، في الثقافة العالمية عامة، وفي الثقافة الأمريكية خاصة.

شاهد- الإعلان التشويقي لفيلم Batman v Superman: Dawn of Justice

سوبرمان هو النموذج الاخلاقي الذي تحركه المثاليات. النموذج الذي ينظر للبشر بقدر من الأمل والتفاؤل. النموذج الذي لا يلجأ للقتل إلا كحل أخير، كما شاهدنا في أحد المشاهد المهمة في أخر أفلامه Man of Steel. النموذج المُخَلِص للبشرية الذي جرت العادة على تشبيهه بالمسيح.

على ذكر هذا التشبية تجدر الاشارة أن كلمة God تتم ترجمتها في النسخة العربية إلى (الجبار)!.. وهو ما يذكرنا بواقعة تغيير اسم فيلم "آلهة مصر" إلى ملوك مصر حديثا.

اقرأ أيضا- لعنة الفراعنة تسخط "آلهة مصر" لمجرد ملوك في Gods of Egypt

باتمان في المقابل هو النموذج القاسي، الذي لا يمانع أحيانا تعذيب الأشرار وقتلهم. النموذج صاحب النظرة السوداوية للبشر ودوافعهم. النموذج البشري الذي يتمتع بذكاء ومهارات وقدرات تحري، دون قوى خارقة محددة. النموذج الذي تحركه في أحيان كثيرة نفس دوافعنا السودواية كبشر: الانتقام، والغضب، والسادية.. الخ.

الممثل الإنجليزي مايكل كين ذكر مرة أن سوبرمان هو الطريقة التي ترى بها أمريكا نفسها، بينما باتمان هو الطريقة التي يرى بها باقي العالم أمريكا. تحليل لا بأس به وان كنت لا أتفق معه ١٠٠٪.

في الفيلم الذي يشهد اللقاء السينمائي الأول بين الشخصيتين، بعد محاولات عديدة سابقة متعثرة لدمجهما، تركيز درامي أقل على الفروق بينهما، مقابل تركيز أكبر على فكرة اعداد الفيلم كنواة للأفلام القادمة ضمن السلسلة، وعلى رأسها أفلام "عصبة العدالة" (Justice League). فريق دي سي كوميكس الذي يعادل فريق "المنتقمون" (The Avengers) في عالم مارفل.

ومن بين كل الأعداد التي جمعت سوبرمان وباتمان، قد تكون مجموعة The Dark Knight Returns (١٩٨٦) لفرانك ميللر هي المصدر الأكثر قوة وتأثير على حبكة الفيلم.

البداية ذكية وواعدة، وتشهد حل عملي وسريع للربط بفيلم سوبرمان السابق Man of Steel من ناحية، وللتمهيد للصراع بين الشخصيتين من ناحية أخرى. في مشهد نرى فيه المعركة الحاسمة السابقة بين سوبرمان وعدوه (جنرال زود)، بكل أثارها المدمرة وضحاياها من البشر، من منظور باتمان/بروس وين. المحارب الذي لا يرى في سوبرمان، إلا خطر فضائي خارق يهدد البشرية.

سيناريو كريس تيريو، وشريكه ديفيد جويار الذي اشترك سابقا في كتابة ثلاثية باتمان مع كريستوفر نولان، يهدر للأسف الكثير من الوقت بعد هذة البداية القوية، للوصول لمحطة الصراع عمليا. وهي المحطة التي تمثل الذروة والمتعة الرئيسية المنتظرة.

المؤسف أكثر أن كل هذا الوقت لم يتم استثماره في شىء جديد أو فعال كبديل. مجرد اعادة تدوير لكل ما يعرفه أغلبنا عن سوبرمان وباتمان، وتقديم لشخصيات جديدة أهمها لكس لوثر (جيسى ايزنبرج)، ووندر وومان (جال جادوت). مع بعض الاشارات الخاطفة التي لن يفهمها إلا مدمني الكومكس، بخصوص باقي الشخصيات التي ستشهدها الأفلام القادمة، مثل سيبورج وأكوامان وفلاش.

وباستثناء شخصية لويس لين التي تعود ايمي آدمز لتقديمها بعد Man of Steel وتحتل بها مساحة لا بأس بها، تعود أغلب الشخصيات الأخرى من نفس الفيلم دون توظيف فعال، وبشكل مصطنع نسبيا، يعكس درجة من التساهل في الحلول الدرامية. حلول تضمنت مثلا توظيف متكرر للأحلام.

الطريف هنا أن السيناريو لجأ مبكرا للحل الأذكى، واستبعد ظهور شخصيات Justice League بشكل مكثف، لأن كثرة الشخصيات عادة تنتهي بتشويق أقل، وهي النقطة التي تمثل الأزمة الرئيسية في أفلام عديدة منها فيلم أفنجرز الثاني 2015. لكنه رغم هذا لم ينجح في استثمار هذا الوقت لخلق صراع درامي قوي، أو لبناء شخصيات مثيرة للاهتمام للدرجة.

جيسى ايزنبرج مثلا يقدم دور ليكس لوثر، بشكل مختلف تماما عن جين هاكمان وكيفين سبيسي في الأفلام السابقة. شكل يدمج بين أدائه لدور مارك زوكربيرج مؤسس فيس بوك في فيلم The Social Network (٢٠١٠) وبين الشرير السايكو الذي قدمه سابقا مثلا هيث ليدجر في "فارس الظلام" The Dark Knight (٢٠٠٨).

محصلة الأداء شخصية سينمائية مزعجة، أكثر منها شخصية مرعبة أو ذات رهبة، خاصة أن السيناريو لم يمنحه فرص قوية لشرح وبلورة الشخصية. نفس الشىء يمكن قوله عن الممثلة هولي هنتر، ودورها الذي لم يتم استثماره بشكل فعال.

تُقاس قوة فيلم الكوميكس أحيانا بدرجة قوة شخصياته الشريرة، ولهذا السبب احتلت ثلاثية كريستوفر نولان السابقة عن باتمان، مكانة مميزة في أفلام الكومكس. هنا لم تنجح المحاولة، وتم اهدار فرصة جيدة ونادرة جدا دراميا، لتوظيف باتمان في النصف الأول من الفيلم، ليصبح الشرير الرئيسي مؤقتا. فرصة كانت كفيلة بجعل الفيلم فريد بمعنى الكلمة.

هنري كافيل أفضل سوبرمان عرفته الشاشات من حيث الشكل والهيئة، لكنه هنا في المحاولة الثانية مع الشخصية، لا يزال يفتقد للمسة الدفء المطلوبة للبطل الأخلاقي المثالي، التي قدمها بنجاح أكبر سابقا كريستوفر ريف في الأفلام القديمة. هذة النقطة تزداد وضوحا هنا، لأن مساحة سوبرمان في الأحداث، أقل بالطبع من فيلمه الأخير المخصص له كشخصية محورية وحيدة.

في المقابل وعلى عكس أغلب التوقعات، أثبت بن أفليك أنه اختيار جيد للدور. إلى حد ما يبدو أفضل كممثل عندما ينزع القناع ويصبح بروس وين، مقارنة بمشاهد باتمان، لكن اجمالا يمكن اعتباره أفضل العناصر التمثيلية في الفيلم، خاصة اذا وضعنا في الاعتبار أن الشخصية تتحرك على ضوء سيناريو وقصة، أضعف من ثلاثية نولان السابقة.

أما جال جادوت أو وندروومان، فيمكن القول أنها استفادت من الفيلم أكثر مما أفادته. دورها هنا أقرب إلى اعلان عن دور قادم، أكثر منه كدور مكتمل. تواجدها يغلفه دافع تجاري تسويقي بالأساس، لم تنجح كل محاولات السيناريو في طمسه.

ظهورها سيساهم بالتأكيد في خلق اهتمام أكبر للشخصية، ولفيلمها المستقل المُنتظر عرضه في يونيو ٢٠١٧، ووقتها فقط يمكن تقييم اختيارها للدور بشكل كامل، لكن لديها مبدئيا الهيئة والحضور التي تكفل لها النجاح.

ثلاثية نولان السابقة تركت أثرا واضحا على الفيلم، ويشارك فيه كمنتج منفذ كما شارك سابقا في Man of Steel (٢٠١٣). شركة وارنر تواصل نفس النزعة الجدية والواقعية في أفلامه. نزعة تمتزج جيدا بعالم باتمان بالأخص.

الاعتراضات على فيلم سوبرمان الأخير وأجوائه القاتمة، تم تجاهل أغلبها. لا توجد هنا منهجية لصناعة فيلم مغامرات خفيف الايقاع على غرار أفلام مارفل، أو حتى محاولات لتطعيم القصة والحوار والأحداث من وقت لأخر، بلمسات أو شخصيات مرحة. العكس صحيح. توجد نزعة عنف ودمار وسادية يصعب تجاهلها، واشارات عديدة لعالمنا المعاصر، منها مثلا مشهد البداية، الذي يلامس بشكل بصري متعمد كارثة هجمات سبتمبر.

يمكن الاشادة أو الاعتراض على منهج وارنر في التناول، لكن رغبتها في ترجمة شخصيات دي سي كومكس سينمائيا بروح مختلفة عن أفلام مارفل، قرار يستحق الاشادة، ويعكس درجة من الاحترام للطابع الروائي للشخصيات.

على المستوى البصري يبدو الفارق واضحا ومتعمدا أيضا. على العكس من أفلام مارفل التي تدور أغلب مشاهدها في جو نهاري مشمس، تدور أغلب الأحداث والمشاهد والصراعات هنا في أجواء ليلية قاتمة.

التركيبة اللونية المفضلة للمخرج زاك سيندر في أفلامه، هي الرمادي بدرجاته المتوسطة والداكنة، والأزرق بدرجاته الباهتة، والأصفر الناري، وهو ما لا يخالفه هنا نهائيا. تركيبة منسجمة جدا مع باتمان وعالمه القاتم، لكن غير منصفة بنفس القدر مع سوبرمان.

سنايدر كمخرج لم ينجح في اللحاق بجودة ثلاثية نولان دراميا، أو بقوة شخصياته، رغم كل ما خصصه من وقت لتحقيق هذا الهدف. لكن عندما يصل بالفيلم أخيرا إلى المحطة المهمة، وهي المواجهة بين البطلين، يصل معها إلى نقطة تحرره كمخرج، ويعود سالما إلى ملعبه.

ملعب سنايدر المفضل هو الأكشن والطابع الملحمي البطولي، والشخصيات التي تحركها دوافع فخر واعتزاز بالذات، ولهذا سيظل غالبا فيلمه 300 (٢٠٠٦) عن مقاتلي إسبرطة أشهر أعماله.

هذا الطابع امتزج جيدا في مشهد المواجهة حواريا وبصريا وحركيا، بين إله كامل القدرات (سوبرمان)، وبشري شديد الثقة بمهاراته وذكائه وأسلحته (باتمان). تدرج مشهد الصراع ملحمي ومبهر على المستوى البصري، خصوصا على شاشات IMAX العملاقة.

في هذا المشهد يزور سيندر أخيرا بارتياح واتقان محطة فيلم الكوميكس والأكشن، بمبالغاتها البصرية وأجواءها، وان كان المشهد للأسف لا يستمر زمنيا بالشكل الكافي أو اللائق بكل التحضير والتمهيد السابق له. بل ويصل إلى نقطة النهاية بمقاطعة عاطفية، لا تمثل في حد ذاتها حل مقنع للدرجة.

جودة معركة المواجهة يتبعها تواضع في تنفيذ مشاهد الصراع التالية، التي يمكن اعتبارها أضعف ما قدمه سيندر طوال تاريخه في مجال الأكشن لأسباب كثيرة. منها مثلا الجرافيك التقليدي المكرر، الذي لا يكفل نهائيا الرهبة المفترضة في العدو النهائي. الكاميرا المهتزة والمونتاج السريع اللذان يصعب معهما تتبع ماذا يحدث. التفجيرات المتكررة وشريط الصوت الهادر بداع أو بدون. وبالطبع يظل الـ3D في هذا المشهد أو غيره بدون توظيف فعال، وهي أزمة هوليوودية متكررة.

على ذكر الصوت، يعود الموسيقار هانز زيمر لوضع بصمته الموسيقية للفيلم، بتنويعات وتوزيعات تتضمن مقطوعات سابقة له من فيلم سوبرمان الأخير وثلاثية نولان. ويعاونه هذة المرة توم هولكينبورج أو جانكي إكس إل بإسمه الحركي. الموسيقار الذي حقق شهرة كبيرة مؤخرا، بفضل أفلام ماد ماكس وديدبول.

اقرأ أيضا- "ديدبول".. الوغد المناسب في الوقت المناسب!

نتيجة عملهما المشترك تفتقد للتجديد المتوقع، لكن منسجمة مع أجواء الفيلم. ربما باستثناء المقطوعة التي ترافق ظهور ووندر وومان، التي أراها دخيلة ومزعجة.

نهاية الفيلم تعاني من ضعف روائي وتطويل هي الأخرى، على ضوء محاولة طاقم السيناريو لتدشين رهبة وتوتر لدقائق بسبب معلومة مزيفة، يعرف أى متفرج مسبقا درجة زيفها، ويصعب تخيل فاعليتها.

في Man of Steel (٢٠١٣) كانت أكبر مشاكل الفيلم المقارنة بثلاثية نولان عن باتمان، خاصة مع طابعه الجدي المماثل، وعرضه في العام التالي مباشرة لآخر أجزائها. مقارنة نصحت بتجاهلها للاستمتاع بالفيلم. ويمكن بالفعل تجاوزها بسهولة نسبيا لاختلاف الشخصيات.

هنا مع وجود باتمان من جديد، تصبح المقارنة صعبة التجاوز للأسف. فيلم "باتمان ضد سوبرمان" أفضل من غالبية أفلام الكوميكس (القصص المصورة) في السنوات الأخيرة، ويتمتع رغم سلبياته سابقة الذكر، بمشاهد أكشن مبهرة ومتقنة بصريا، وبتفاصيل جيدة تكفل له النجاح وسط عشاق هذا النوع. لكن بالنظر لكونه فيلم عن أكبر وأهم أيقونتين في عالم الكومكس، ولحتمية المقارنة مع ثلاثية نولان، يبدو الفيلم ككل كعمل ناقص إلى درجة ما.

حشدت شركة وارنر مع المخرج الكثير والكثير للفيلم، وأرادت منه الكثير والكثير أيضا. أرادت عملا ثقيلا وقوي دراميا على طريقة نولان، وأرادت أيضا تدشينه كجسر للربط بالأفلام التالية.

دائرة اهتمامات موسعة تناست معها أن أهم الأولويات في فيلم بهذا العنوان، هي ببساطة تقديم صراعات ومعارك شيقة وحيوية بين البطلين. معارك لم تشهد للأسف مساحة زمنية لائقة، وسط فيلم تبلغ مدته ساعتين ونصف.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل