المحتوى الرئيسى

«مغر الطحين»: شاهد تاريخي على وجود مدينة

03/26 01:26

تُجري بلدية بعلبك بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار، في الأيام المقبلة، احتفالاً بانتهاء أعمال مشروع الإرث الثقافي، برغم كلّ الملاحظات الدراسيّة والتنفيذيّة. كما تتابع إحدى الشركات ترميم بعض أقسام قلعة بعلبك، خصوصاً معبدي باخوس وفينوس.

ولكن، وعلى بعد أقلّ من كيلومترين، يقع موقع أثري في غاية الأهميّة، ويعود تاريخ إنجازه إلى عشرات آلاف السنين، ولكنّه يعاني من طمس بفعل تدخّل بعض الأهالي أثناء فترة الحرب الأهليّة، فضلاً عن غياب الاهتمام الرسميّ، خصوصاً من قبل مديريّة الآثار.

«مغر الطحين» تسمية أطلقها أهالي بعلبك على هذا الموقع، وذلك بسبب تفتّت صخوره جرّاء الحفر، حتى باتت تشبه الطحين. كما يُسمّى بمغر الزئبق، بحسب التسمية التي أطلقتها عليه لجنة ألمانيّة زارت الموقع.

يقع المغر وسط حيّ الشراونة شمال غرب المدينة، وسط مساحة واسعة من الصخور، وهو عبارة عن عشرات المغاور المتداخلة بأنفاق ذات أشكال هندسيّة غير متناسقة، وإن حفر على أبواب بعض مغر الحراسة رسوم هندسيّة نصف دائرية ومستطيلة.

لم يبحث خبراء التاريخ والآثار عن المعرفة الدقيقة والتاريخية لبناء المغر، برغم تأكيد بعض زوّارها أنَّها تعود لعشرة آلاف سنة، واستخدمها الرومان لإيواء عمّال بناء القلعة، فيما يذهب البعض الآخر إلى القول إنّها كانت مستودعات للقمح الذي كان ينتجه سهل البقاع.

مساحة الموقع السطحيّة تتجاوز الـ 3000 متر مربع، وهي عبارة عن مدرج عريض تقع على جانبيه مغر صغيرة كمواقع للحراسة الأوليّة. وفي أعلى صخوره حفرت بعض مواقع الحراسة لتحصين الموقع.

المشهد الخارجي عبارة عن لوحة كبيرة تعيدنا بالتاريخ إلى ما خطّط له الإنسان ليواصل حياته ويحمي نفسه.

وما يزيد من تعقيد فهم الموقع، هي تلك التفرّعات الموزّعة بين البهو الكبير على ثلاثة ممرّات محفورة بالصخر، باتّجاهات الجنوب والشمال والجنوب الشرقي. وأهم هذه الممرّات هو ذلك الذي يربط الموقع بقلعة بعلبك، ويصل طوله إلى كيلومترين.

قبل الاعتداءات المؤلمة عليه من قبل الأهالي الذين لم يفهموا قيمة الموقع، كان لهذا الممرّ فتحات تهوئة فوق الأرض، وكان يمكن الدخول في أعماقه لمئات الأمتار. لكن تراكمت الأتربة من بعض الفتحات، وتحوّل القسم الآخر من الفتحات إلى مصبّ لتصريف مياه الصرف الصحي للمنازل التي بنيت فوق الممرّ دون تدخّل أحد من المعنيين لوقف هذه المجزرة بحق منشأة تاريخية وثقافية يفترض أنّها تتكامل مع قلعة بعلبك.

أمّا الممرّان الآخران، فيصل الأول بين الموقع وبين قلعة الشيخ عبد الله جنوب شرق المدينة، والثاني يربط الموقع بالمقالع الرومانية شمال المدينة بالقرب من التل الأبيض.

يد التخريب طالت الموقع التاريخي، فالبعض بنى منزلاً له فوق البهو الكبير، ضارباً عرض الحائط بكل الحقوق العامة، ومنهم من سدّ أبواب بعض المغر ليحتفظ لنفسه بجورة صحية، ومنهم من اعتدى على صخوره بتفتيتها ليستخدم حجارتها في بناء منزله، وآخرون طوقوا قسماً من الموقع لضمّه إلى حديقة منازلهم التي تقع أصلاً ضمن الملك العام.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل