المحتوى الرئيسى

بعد حصولها على نوبل .. تونس أسيرة الطوارئ

03/23 23:25

بعد أن توج  "رباعي الحوار التونسي" لجائزة نوبل للسلام في أكتوبر الماضي وحصل عليها بالفعل في ديسمبر، دخلت تونس النفق المظلم جراء الاضطرابات الناجمة عن الاحتجاجات المنددة بالبطالة والعمليات الإرهابية، ما جعلها أسيرة لحالة الطوارئ منذ نوفمبر الماضي وحتى الآن .

وأعلنت  رئاسة الجمهورية التونسية ، أمس الثلاثاء، تمديد العمل بحالة الطوارئ السارية في البلاد منذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في 24 نوفمبر وسط العاصمة، لمدة 3 أشهر أخرى.

ويأتي هذا القرار بعد 15 يوما على هجوم جديد شنه مسلحون متشددون على منطقة في مدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا.

وكانت القوات التونسية تمكنت في 7 مارس الماضي من صد هجمات "متزامنة" شنتها مجموعة متشددة على مواقع للجيش والدرك في مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا.

وعقب تصدي الجيش، قال رئيس الوزراء التونسي، الحبيب الصيد، إن الهجمات في بن قردان استهدفت إقامة "إمارة لداعش" في تونس، مشيرا إلى وجود أجانب بين المهاجمين.

و تعمقت الأزمات الاجتماعية التي أدت إلى الاحتجاجات، نتيجة استفحال أزمة التشغيل والإخفاق السياسي، حيث بلغ معدّل البطالة 18,5٪، وطالت ربعَ القوى العاملة المستخدمة في الولايات الغربية والجنوبية، كما طال نقصُ استخدام العمالة ثلثي الناشطين المشتغلين. أمّا الفقر المُدقع فهو يصيب ربع السكان.

وتعاقبت على تونس 5 حكومات، من السياسين تارة، ومن التكنوقراط تارة أخرى، أو مزيج من هذا وذاك، لم تنجح، في مجملها وبنسب متفاوتة، في الاستجابة للحد الأدنى من المطالب التي قامت عليها ثورة الياسمين التي اندلعت شراراتها الأولي بعد مقتل الشاب محمد البوعزيزي.

 ومع هروب المستثمرين بأموالهم من وضعٍ أمني هش، وتلقي قطاع السياحة، أهم مصادر الدخل، ضربات موجعة متتالية، وتفشّي أنشطة التهريب مع الجارة ليبيا، حيث لا سلطة مركزية أو لامركزية، وجد الشباب نفسه، في كل مرة، في تلك السنوات، يدور في حلقة مفرغة ما دفعهم للتظاهر لتدخل تونس من جديد موجه احتجاجات تسببت في انفلات أمني ببعض المناطق.

وفي  16 يناير الماضى  اندلعت شرارة الغضب بولاية القصرين اعتراضًا على تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع نسبة البطالة، وتوسعت الاحتجاجات حت عمت جميع أنحاء تونس وانطلقت عشرات المسيرات فى العديد من الولايات؛ تضامنًا مع القصرين واحتجاجًا ضد سياسة التفقير والتهميش، وتنديدًا بالفساد فى ملفات التشغيل.

و تزايدت وتيرة الاحتجاجات بعد مصرع الشاب رضا اليحياوى مصعوقًا بالكهرباء عند تسلُّقه أحد الأعمدة احتجاجًا على حذف اسمه من قائمة المرشحين للوظيفة العمومية والإصرار على إطالة فترة بطالته من قِبل المسئولين المحليين.

وفي 18 يناير وصلت الاحتجاجات إلى شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة، فقد كان القمع رد الدولة الأول، ما أدى إلى تطور الاحتجاجات إلى مواجهات مع البوليس، أدّت إلى وقوع قتلى وجرحى ، وكان الصوت الأقوى  للشباب الذى خرج من باب الخضراء، إحدى المناطق بالعاصمة التونسية، ليتوجه إلى قلب العاصمة مطالبًا بحقه فى التشغيل.

 الاحتجاجات لم تكن وحدها التي زلزلت استقرار تونس وإنما الوضع الملتهب في جراتها ليبيا أثر على الوضع الأمني التونسي وشهدت البلاد أعمال إرهابية كان آخرها الهجوم على مواقع تابعة للجيش   في مدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا.

بدوره قال رياض الشعيبي ـ المحلل السياسي التونسي، إن تونس تتعرض لهزات عنيفه بسبب سياسات خاطئة قد تدخل البلاد في انهيار سلطتها من جديد، مشيرا إلى أن الأحوال الاجتماعية تزداد سوءا في تونس وحجم البطالة يتصاعد ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين متدني.

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة التونسية أشبعت الشعب وعودا فارغة من مضامينها الواقعية التي لم تقدم أي حل للمشاكل، محملا الحكومات المسؤولية خاصة لأنها تسلمت البلاد في ظروف أفضل نسبيا. 

ولفت إلى أنه على الرغم من الوضع الإجتماعي الصعب إلا أن الشعب مازال يساند السلطات ويقف في ظهرها لدحر الإرهاب في تونس.

وأوضح أن تدني الأحوال الاجتماعية في تونس يؤدي بالضرورة إلى إضعاف الدولة، مفيدا بأن الجماعات المتشددة لا تنمو إلا في بيئة أمنيه هشه ووضع مرتبك، وقد كشفت الاحتجاجات الأخيرة مدى استعداد تلك الجماعات للاندساس واستغلال الأحداث من أجل التخريب.

وأشار إلى أن عودة الهيبه للدولة لن تتحقق إلا إذا توفرت الإرادة لدى الدولة في محاربة الفساد والمحسوبية، حتى يشعر الشباب الذي يمثل 70% من المجتمع التونسي والذي كان وقود الثورة المجيدة بأن أحد أهداف الثورة قد تحقق.

الدكتور محمد حسين ـ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رأى أن إعلان حالة الطوارئ تعبر عن حجم الخطر الحقيقي الذي تتعرض له تونس والتي كانت نموذجا للاستقرار والانتقال السياسي الهادئ، مبينا أن الوضع الملتهب في جارتها ليبيا لابد أن يؤثر على الوضع الأمني بتونس خاصة مع سلسة الاحتجاجات الشبابية بسبب البطالة.

وأضاف حسين في تصريحات لـ"مصر العربية" أن فرض حالة الطوارئ عادة تكون لحماية الوطن والأفراد والمكتسبات في أي خطر محتمل وهذا يعني تمكين السلطة التنفيذية من صلاحيات أوسع لفرض الأمن وإعادة الاستقرار، لكن له تأثيرات سلبية خطيرة على الاقتصاد بشكل عام وخاصة السياحة وهى أحد الموارد الهامة في تونس.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل