المحتوى الرئيسى

نور الملاح تكتب: مختلف أنت وتريد إيقاف الحرب؟ شاهد The Imitation Game | ساسة بوست

03/22 22:28

منذ 10 دقائق، 22 مارس,2016

إذا كنت تعتقد أنك مختلف، ويتعبك هذا الاختلاف!

إذا كان لديك طفل مختلف!

إذا كنت تعتقد أنك تعيش خارج الزمان والمكان، أو حتى تتمنى ذلك!

إذا كنت تريد أن تفعل شيئًا لإيقاف الحرب والظلم والقهر!

الذي تدور أحداثه الرئيسية في بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، ويحكي قصة طفل صغير يمتلك مقدرة رياضية هائلة، وهوسًا بحل الشيفرات السرية، يتحول إلى عالم رياضيات مهم، وأستاذ جامعي يقوم بعد ذلك بمهمة عظيمة في الحرب العالمية الثانية، تقصر أمد الحرب العالمية لمدة عامين وتنقذ أرواح أربعة عشر مليون شخص.

تنقلك مشاهد الفيلم برشاقة متناهية بين طفولة (آلان تورينغ) عالم الرياضيات العبقري، وشبابه، حيث كان يعمل لفترة طويلة جدًا أثناء الحرب العالمية الثانية لفك سر (الإنيغما)، وهي الشيفرة التي يستخدمها الألمان لتشفير محادثاتهم واتصالاتهم حول العالم.

قامت فكرة تورينغ على عمل آلة تحاكي عمل آلة التشفير الألمانية (الإنيغما)، وتفك شفيرتها. يمكننا أن نعتبر اليوم أن (آلان تورينغ) – والذي هو شخص حقيقي فعلًا – هو من صنع الكمبيوتر الأول الذي بين يديك الآن، فتلك الآلة التي تمكنَ في النهاية من صناعتها وجعلها تعمل وتفك شيفرة (الإنيغما) كانت أساس الكمبيوتر الأول، فضلًا عن أنها ساهمت في تقصير أمد الحرب لمدة عامين وأنقذت أرواح أربعة عشر مليون إنسان.

لكن (آلان) بالطبع لم يكن شخصًا عاديًّا، فالفيلم يقدم رسالة واضحة عن أن العباقرة هم أشخاص يمتلكون مقدرة خارقة قي ناحية واحدة من نواحي وجودهم ولكنهم يكونون مختلفين، بل وحتى أقل من غيرهم بكثير في النواحي الأخرى.

(آلان تورينغ) كان شخصًا ضعيف المقدرة على الاندماج مع من حوله، منخفض الذكاء الاجتماعي، وشاذًّا جنسيًّا بشكل سري.

(بغض النظر عن هذا الجانب في حكاية آلان)، فإن هذه الاختلافات التي سببت له مشاكل كبرى في التواصل مع من حوله، ترافقت مع مقدرة خارقة للعادة في جانب الرياضيات وفك الشيفرات، بحيث يصعب عليه حتى أن يشرح ما يفكر به لأكثر  الناس ذكاءً.

لكنه بذكائه وصبره وطول إصراره استطاع أن يقنع من حوله بعد زمن طويل بما يفعل، فانتقل رفاقه من مرحلة عدم الاقتناع بجدوى ما يفعله، إلى أن يدافعوا عنه بقوة عندما أراد المسئول الأعلى منه إيقاف البرنامج وسحب التمويل عنه لعدم جدواه. هنا يقرر رفاق آلان التدخل عندما قام  رئيسه بطرده من العمل، ليقولوا له بكل وضوح:

إذا طردت (آلان) فعليك أن تطردنا جميعًا.

فإذا أردت أن تخسر نخبة علماء الرياضيات وفك الشيفرات في بلدك فلتقم بطرد (آلان).

* تضامن والتفاف الأفراد حول مشروعهم واقتناعهم بجدواه ودفاعهم عن زميلهم بقوة كوحدة واحدة، كان من أكثر المشاهد المؤثرة في الفيلم، لتعطي رسالة واضحة للمشاهد العربي الذي يفتقد بقوة هذه الروح التضامنية حول غايات العمل وبين زملاء العمل، هذه الروح التي تحمي المبدع وتحمي الإبداع وتدعم المبدعين، هي من أهم ما تفتقده مؤسساتنا ومجتمعاتنا العربية اليوم.

نفتقد الالتفاف حول المشروع والتضامن فيما بيننا حتى على أكثر الجبهات خطورة!

– بعد الصبر الطويل والمثابرة لصناعة الآلة التي تحاكي الإنيغما، يحدث أن يستمع (آلان) أثناء جلسة مع رفاقه لمعلومة تساعده على تغيير طريقة تفكيره بخصوص طريقة فك شيفرة الإنيغما.

تقوم هذه الفكرة على أن:

عبارات عادية وبسيطة ومكررة مثل عبارة (يحيا هتلر) قد تكون تستخدم بشكل يومي، وهي  جزء من شيفرة (الإنيغما). ما كان يفكر به قبل ذلك أنه لا يمكن أن تتكرر عبارة في الشيفرة، ولكن اتضح أنه كان مخطئًا!

تكون هذه المعلومة التي حصل عليها صدفة أثناء انشغال مخه بالتفكير، سببًا في فك شيفرة (الإنيغما)، وكشف أسرار كل التحركات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية.

يتقدم أحد زملاء (آلان) ويتصل مباشرة برئيسه المباشر ليخبره بفك الشيفرة كي يتدخل فهناك مجزرة على وشك الوقوع، فالألمان يتوجهون لضرب إحدى السفن المدنية في البحر.

بسرعة البرق يتحرك تفكير (آلان)، ويقوم بمنع زميله من الاتصال برئيسه وإعلامه فيتلقى لكمة مباشرة على فمه.

فكر (آلان) بأنه عندما يتم كشف تحركات الألمان بكل هذا الوضوح فسيعرف الألمان أن شيفرة (الإنيغما) قد فُكّتْ، وسيقومون بتغييرها، وهكذا لن يعود البريطانيون قادرين على معرفة تحركات الألمان.

في دقائق حاسمة وعصيبة، يستطيع (آلان) إقناع رفاقه بالتروي وعدم التحرك حتى يقوم (آلان) بالتوجه إلى المسئول الأعلى من رئيسه المباشر، ليقوموا بالتخطيط للطريقة التي سيحاولون بها صد تقدم الألمان والحد من عدد الخسائر البشرية دون إشعار الألمان بأنهم قد فكوا شيفرة اتصالاتهم.

يتفق (آلان) ورئيسه الأعلى على أن يقوم الإعلاميون والسياسيون بالترويج لكذبات تغطي الخسائر التي ستلحق بالألمان والتقدم الذي سيحرزه البريطانيون في الحرب، حتى تتم تغطية الاختراقات التي يتم التحرك بشأنها.

كان على (آلان) ورفاقه طيلة الحرب أن يقوموا بإجراء الحسابات خلال وقت قصير ليختاروا أي من المعلومات كان ممكنًا التحرك بشأنها لإنقاذ الأرواح، وأيها سيسمح بأن تمر دون اعتراض!

فقد كان هدفهم أن يكسبوا الحرب، وليس المعركة فقط!

وقد فعلوها فعلًا وساهموا بقوة في إنهاء الحرب.

*هنا يمكننا – نحن المشاهدين العرب – أن نتساءل عن الطريقة التي تمت إدارة ثوراتنا، والطريقة التي أدار بها سياسيونا وعسكريونا معارك التغيير.

الطريقة الغوغائية الشعاراتية، المكشوفة، الخالية من أي تخطيط لا لكسب المعركة ولا لكسب الحرب.

البعد كل البعد عن التخطيط الإستراتيجي، عن التخطيط الطويل وحتى قصير المدى، الانسياق المطلق وراء العواطف وردود الفعل والانفعالات، هي السمة الغالبة لنا نحن الشعوب العربية.

بينما ينشغل حكامنا الطغاة وعملاء الأعداء بالتخطيط لكل الحفر التي يوقعوننا فيها، ونسقط فيها دومًا بلا أي جهد كاف في التفكير، لندمر أنفسنا ذاتيًّا مدفوعين حينًا بقيم آمنَّا بها بسذاجة بعيدة عن التفكير بتطبيقها بشكل أكثر ديمومة، وحمايتها حتى تقوى وتشتد كما فعل (آلان) مثلًا.

تلك الطريقة العميقة في التفكير وحساب العواقب والسرية البالغة والتخطيط بعيد المدى، والتفكير بأنه من الممكن أن أسمح لخسارة صغيرة أن تمر في مقابل نصر كبير قد أحرزه في النهاية، هو من أهم وأعظم ما نفتقده في قادتنا وناشطينا وسياسيينا وإعلاميينا، وهو ما يجب أن نسعى بقوة لنتعلمه في الخطوات القادمة.

في المشهد الأخير من الفيلم؛ بعد نجاح فك الشيفرة، يتم اكتشاف شذوذ (آلان)، وهو أمر يعاقب عليه القانون في ذاك الوقت.

هنا تنحط الحالة النفسية والجسدية لـ(آلان) وتنهار ثقته بنفسه كليًّا!

فتأتي زميلته وخطيبته السابقة لتخفف عنه وتواسيه، وتذكره بما فعله وأنجزه وأنقذه من أرواح خلال الحرب، وتقول له حين يوشك أن يستسلم، ويندم على كونه مختلفًا:

لو لم تكن مختلفًا لما فعلت أي شيء من هذا!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل