المحتوى الرئيسى

«فورين أفيرز»: كيف تبدو الديموقراطية في الدول العربية بعد خمس سنوات من بداية الحلم - ساسة بوست

03/21 20:01

منذ 1 دقيقة، 21 مارس,2016

«كيف يبدو حال الديموقراطية في الدول العربية بعد سنوات من الربيع العربي؟» كان هذا السؤال الذي طرحه مقال الكاتب سيث جونز لصحيفة فورين آفيرز الأمريكية، حيث يرى أنه بعد خمس سنوات من بدء ثورات الربيع العربي، لم يبق من تلك الأحلام الوردية التي عاشتها الشعوب العربية سوى الواقع الحالي الأليم، فمن رسومات «الجرافيتي» الغاضبة في الأحياء التونسية، إلى الأحياء التي مزقتها الحرب في دمشق وطرابلس، خفتت أحلام العرب والعالم في تأسيس دول حديثة تقوم على الديموقراطية ويعمها السلام.

تونس.. من الجرافيتي إلى الإرهاب

يبدأ التقرير بالحديث عن تونس، والتي كانت شرارة انطلاق الربيع العربي، بعدما أضرم البائع الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه في بداية كانون الثاني/ يناير 2011 ليلهم بذلك الشعوب العربية للثورة ضد الظلم. وعلى الرغم من كون تونس الدولة الوحيدة التي نجت بتجربتها الديموقراطية من اضطرابات 2011 و2012، تبدو البلاد مهددة حاليًا بالانجراف نحو العنف بسبب جارتها ليبيا، والتي مزقتها الصراعات الداخلية منذ سقوط نظام القذافي.

في وقتٍ لاحقٍ هذا الشهر، قام عشرات من المسلحين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية باقتحام مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا وتنفيذ أكثر من هجوم متزامن على ثكنة عسكرية ونقاط تابعة للشرطة، في هجوم وصفه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بـ«غير المسبوق» بعد أن وصل عدد ضحايا الحادث إلى 54 شخصًا، إلا أن تلك الهجمات لم تكن كما وصفها السبسي، حيث يرصد التقرير أيضًا العديد من الحوادث الإرهابية في تونس العام الماضي، ففي حزيران/ يونيو على سبيل المثال تمكن مسلحون من استهداف مجموعة من السياح على أحد شواطئ سوسة، وهو ما حدث في آذار/ مارس من العام نفسه في متحف باردو الوطني في العاصمة.

الوضع السياسي والشعبي في تونس لا يختلف عن الوضع الأمني، حيث تشعر أغلب الطبقة المتوسطة في البلاد بعدم الرضا بسبب الاقتصاد المتعثر ومعدلات البطالة المرتفعة، ما أشعل التظاهرات من جديد في أنحاء البلاد، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة حظرًا للتجوال استمر من نهاية كانون الثاني/ يناير، وحتى مطلع شهر شباط/ فبراير من العام الحالي ردًّا على الاحتجاجات.

ترى الصحيفة الأمريكية أن الوضع لا يختلف كثيرًا في باقي دول الربيع العربي. في مصر، مهدت الانتخابات الديموقراطية التي أوصلت الإخوان المسلمين إلى حكم البلاد في 2012 الطريق نحو انقلاب عسكري بعد عام واحد فقط من الحكم قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري السابق. يواجه النظام المصري خطر الهجمات الإرهابية الذي تواجهه تونس أيضًا، فبعد سقوط طائرة ركاب روسية في سيناء في أكتوبر الماضي، بدا الأمر واضحًا.

وفق التقرير، فالاقتصاد المنهار وتراجع العملة المحلية وتوقف الكثير من الشركات كانت الملامح الأبرز لفترة حكم السيسي، كما فشل حتى الآن في إرضاء الطبقة الفقيرة من المجتمع، والتي تعاني بشدة نتيجة تلك الأزمات.

ليبيا وسوريا واليمن.. القصص الأسوأ

على الرغم من سوء الأحوال في مصر وتونس، إلا أنها لم تصل لتلك الدرجة التي وصلت إليها ليبيا وسوريا واليمن، حيث تعيش تلك الدول حاليًا تحت وطأة الحرب الأهلية المدمرة. في ليبيا، ساعدت الولايات المتحدة على الإطاحة بنظام القذافي في 2011، ودعمت التحول الديموقراطي للبلاد بعد سقوط القذافي، إلا أن نهاية المطاف بالنسبة لليبيا كان تحولها إلى أكبر قاعدة للسلفية الجهادية في إفريقيا، في حين تنتشر في البلاد الكثير من الميليشيات المتحاربة سيئة التنظيم، في حين يرى التقرير أن واشنطن يجب أن تحمل على عاتقها مسئولية منع انزلاق الشرق الأوسط نحو المزيد من الفوضى، ومحاولة وضع أسس الاستقرار للمستقبل.

تبدو اليمن أفضل حالًا من ليبيا -بحسب فورين آفيرز-، فبعد تنازل علي عبد الله صالح عن الحكم في 2011 لصالح نائبه، عبد ربه منصور هادي، لم يستمر هادي في إدارة البلاد، حيث استقال من منصبه في يناير 2015 بعد غزو الحوثيين للعاصمة صنعاء، ما وضع البلاد في حالة حرب أهلية يشارك فيها تحالف تقوده السعودية ضد الحوثيين، بينما أدت هجمات التحالف إلى مقتل آلاف المدنيين وفق التقرير.

في سوريا، حصدت الحرب الأهلية الطاحنة أرواح ما لا يقل عن 250 ألفًا من المدنيين، في حين تصل تقديرات أعداد الضحايا إلى 500 ألف قتيل في بعض الإحصاءات، بالإضافة إلى تشريد 11 مليون سوري، بينهم 5 مليون لاجئ في دول أخرى حاليًا. الحرب السورية جذبت المتطرفين من جميع أنحاء العالم، حيث يقدر البعض أعداد الجهاديين المقاتلين في سوريا بما يزيد عن 20 ألفًا، في الوقت الذي يمتد فيه الصراع ليصل إلى مجموعات المعارضة المسلحة وقوات النظام ودول خارجية.

انعكست كل تلك الصراعات على جميع مؤشرات الكفاءة في الدول العربية بشكل عام وفق التقرير، فطبقًا للبنك الدولي، تراجعت مؤشرات الأداء الحكومة وازدادت نسب الفساد في كل دول الربيع العربي، كما يرصد تقرير منظمة فريدم هاوس السنوي الصادر في 2016 عدم ظهور أي تحسن في الأفق القريب، وترى أن الأنظمة الحالية لا تؤسس على الإطلاق للاستقرار بعيد المدى الذي تحتاجه المنطقة بشدة، كما تضحي الأنظمة بأمن وسلامة المواطنين نظير تأمين نفسها.

في الوقت الذي يمكننا إيجاد الكثير من الأسباب لفشل التحول الديموقراطي بعد ثورات الربيع العربي، يمكننا أن نرى بوضوح الكثير من الأسباب التي أدت لعدم سقوط الأنظمة الأخرى في الدوامة ذاتها. ففي دول الخليج على سبيل المثال، تخصص أغلب تلك الدول الكثير من عائدات النفط والدعم الأجنبي لتخفيف الضغط عن مواطنيها بكل الطرق؛ أملًا في الوصول إلى استقرار سياسي كامل.

وفق تقرير فورين آفيرز، تقوم السعودية على سبيل المثال بوقف الأصوات المعارضة، وتقديم المزيد من الإصلاحات الملموسة كالتعليم والرعاية الصحية ودعم الطاقة، بالإضافة إلى الرواتب المرتفعة للمواطنين. على الجانب الآخر، تمكنت الأنظمة العربية الأخرى التي لا تملك نفس القدرات الاقتصادية والنفطية من الحفاظ على وجودها من خلال السماح ببعض الإصلاحات والتغييرات التشريعية المتواضعة نظير البقاء.

يرى الكاتب أنه على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا حاسمًا في تثبيت استقرار المنطقة ومنع تكرار ما حدث من عنف وحروب أهلية، حيث يقول بأن الولايات المتحدة قد لعبت دورًا حاسمًا في استقرار دول أوروبية كبولندا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث قامت بضمها لحلف الناتو وأسست لاستقرارها على المدى البعيد، كما يعتقد أن البداية يجب أن تكون من تونس، بصفتها الأمل الأخير المتبقي للربيع العربي.

يضيف الكاتب أن واشنطن تملك الكثير مما يمكن أن تقدمه لدعم تونس في الكثير من المجالات. بدايةً، يجب أن تقوم واشنطن بتمويل برامج تهدف إلى تقوية الدور الحكومي وتفعيله. ففي 2014، قدمت الحكومة خطة استثمارية من خمس سنوات لتحسين الإدارة المحلية للبلاد، وتتضمن الخطة إصلاحات إدارة الأموال العامة داخل البلديات والقضاء على الفساد والكسب غير المشروع لتمكين المحليات وزيادة قدرتها على الإنجاز.

يجب أيضًا أن تقوم الولايات المتحدة بدعم نظام التعليم الجامعي في تونس بحسب تقرير فورين آفيرز، وتشجيع الجامعات على تحسين جودة التدريس لتأهيل الطلاب بأفضل صورة ممكنة، وهو ما ينتج الكثير من الكفاءات التي تحتاجها البلاد في شتى المجالات، كما سيساعد على تقليص نسب البطالة وبالتالي الوصول إلى تحسن اقتصادي على المدى البعيد.

الدعم الأمريكي يجب أن يصل أيضًا إلى الجيش والشرطة والنظام القضائي لتثبيت خطواتهم نحو القضاء على الإرهاب والتطرف في تونس والمنطقة بشكل أوسع، فمن خلال برامج التعاون الأمني التي تقدمها وزارة الدفاع الأمريكية، تمكنت الولايات المتحدة سابقًا من المساعدة في إعادة هيكلة النظام الأمني للبلاد وتحويلها من دولة أمنية في عهد زين العابدين بن علي إلى دولة تتعاون فيها المؤسسات الأمنية والقضائية على لعب دور فعال في مواجهة الجماعات الإرهابية كما ذكر التقرير، كما يجب أن تقوم واشنطن بدعم البرامج المكافحة للتطرف في البلاد.

هل من الممكن أن تقوم واشنطن بإنقاذ ليبيا؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل