المحتوى الرئيسى

السفير عمرو رمضان: «حقوق الإنسان» ليست حصان «طروادة».. ولسنا فى حاجة إلى نصائح من دول تنتهك الحريات للتغطية على مشاكلها الداخلية

03/21 11:53

حين كان نائب وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» يلقى بيانه أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فى جنيف، مهاجماً الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية، مدعياً «قلق بلاده من مزاعم سوء معاملة هذه الأجهزة للمواطنين فى مصر والاعتقالات التعسفية»، كان السفير عمرو رمضان، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى جنيف، يقف مدافعاً جسوراً عن إرادة الشعب المصرى بعد ثورته المجيدة التى رفضت التبعية الأمريكية. تحدّث «رمضان»، فى حواره لـ«الوطن»، عن أن بعثة مصر فى الأمم المتحدة سئمت المنهج الغربى الذى تتزعمه الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبى فى استغلال كل دورة لمجلس حقوق الإنسان لتوجيه انتقادات لدول الشرق، فى الوقت الذى تنتهك فيه هذه الدول حقوق الإنسان، مؤكداً فى المقابل أنه كان يجب أن يكون المجلس الدولى لحقوق الإنسان أداة للتعاون الدولى نحو تعزيز وإعلاء قيم حقوق الإنسان على أرض الواقع بمنأى عن الاستقطاب والكيل بمكيالين والتسييس. وأكد المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة فى جنيف أن التعليمات الصادرة له من وزير الخارجية السفير سامح شكرى هى عدم ترك أحد يتعرض لمصر دون الرد عليه وتوضيح الأمور، مشيراً إلى أن البعثة المصرية فى جنيف لا تنام وتأخذ مسئولياتها بجدية تامة وتدرك حجم الأعباء والتحديات التى تفرضها المرحلة الراهنة.. وإلى نص الحوار:

مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة: البعض ما زال يعيش فى الماضى البغيض ويوزع صكوك الغفران يميناً ويساراً حسب أهدافه السياسية

■ ما تقييمك لأوضاع حقوق الإنسان فى مصر؟

أولاً: حقوق الإنسان ليست فقط الحقوق السياسية والمدنية، وإنما هى أيضاً حقوق اقتصادية، حسبما نص العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، وشمل على سبيل المثال حق تقرير المصير، والحق فى العمل، وحق تكوين النقابات، والحق فى الضمان الاجتماعى، بما فى ذلك التأمينات الاجتماعية، وحماية الأسرة باعتبارها الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية فى المجتمع، وحماية الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادى والاجتماعى، وحق كل إنسان فى التحرر من الجوع والعيش فى مستوى معيشى كاف له ولأسرته، وفى التمتع بأعلى مستوى من صحة الجسم والعقل يمكن بلوغه. فضلاً عن حق كل فرد فى التربية والتعليم، وفى المشاركة فى الحياة الثقافية، وكثير من هذه الحقوق لا يتحقق بلوغه دون تعاون دولى بين أعضاء الأسرة الدولية، وهذا ما نص عليه العهد الدولى ذاته. ولكن للأسف هناك دول لم تنضم لهذا العهد منذ عرضه للتوقيع والتصديق والانضمام فى 16 ديسمبر 1966 وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية!

ثانياً: فيما يخص الحقوق السياسية والمدنية، فقد نظمها العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية الذى تم اعتماده فى ذات اليوم واشتمل على حقوق مثل حرية الدين، وحرية التعبير، وحرية التجمع، والحقوق الانتخابية، وحقوق إجراءات التقاضى السليمة، والمحاكمة العادلة، والحق فى الحياة والسلامة الشخصية، والحق فى السلامة الجسدية من التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية بما فى ذلك تقييد اللجوء لأحكام الإعدام إلا فى الجرائم الخطيرة، والحماية من التحريض والكراهية والتمييز.

وقد جاء العهدان تنفيذاً للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى اعتمدته الأمم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948. ولكن مع الأسف، فبعض الدول الغربية تركز فقط على الحقوق الفردية، وتغض الطرف عن الحقوق المجتمعية، وتسعى للدفع بالحقوق السياسية والمدنية على حساب الحقوق الاقتصادية، فى الوقت الذى ترفع فيه شعار عدم وجود مراتب للحقوق وأن كلها متساوية.

وبالنسبة لنا فى مصر، فقد قطعنا شوطاً طويلاً على مدار الخمسين عاماً الماضية منذ عهد الرئيس عبدالناصر، عندما تم التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ثم تلا ذلك إعادة التوازن بينها وبين الحقوق السياسية والمدنية، وصولاً للدستور الجديد الذى أُقر عام 2014 بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو وما ضمنه من حقوق للمواطن المصرى.

■ ما رأيك فى ما قاله نائب وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن»، والبيان الذى ألقاه أثناء جلسة مجلس حقوق الإنسان فى جنيف يوم الخميس 3 مارس، والذى أعرب فيه عن قلق حكومة بلاده مما وصفه بـ«تصاعد سوء معاملة الأجهزة الأمنية والاعتقالات التعسفية» فى مصر؟

- الحقيقة أننا سئمنا من المنهج الغربى الذى تتزعمه الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبى الصقور من استغلال كل دورة لمجلس حقوق الإنسان لتوجيه انتقادات إلى دول أخرى، خاصة دول الشرق، بدلاً من أن تتحدث للمجلس عن طبيعة ما اتخذته من إجراءات لمعالجة الاختلالات على أراضيها هى. والمجلس محفل للتعاون الدولى نحو تعزيز واحترام حقوق الإنسان ومفردات حقوق الإنسان التى ارتضاها وأقرها المجتمع الدولى فى اتفاقيات قانونية ملزمة، وليس كل ما يتراءى للبعض، كما أن حقوق الإنسان ليست حصان طروادة، أو أداة للتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء بالأمم المتحدة ضد ما نص عليه ميثاقها.

لدينا تعليمات واضحة من وزارة الخارجية بالتصدى لكل من يتعرض لمصر ومن يخرج عن حدود اللياقة أو يعمل ضد مصالحنا

ولذلك فعندما أعرب نائب وزير الخارجية الأمريكى فى بيانه، يوم 3 مارس، أمام الشق رفيع المستوى من دورة المجلس الحالية، عن «قلق الولايات المتحدة العميق إزاء ما وصفه بالادعاءات المتصاعدة بشأن المخالفات التى ترتكبها السلطات الأمنية فى مصر، وبالأخص الاحتجازات التعسفية»، مشيراً إلى أنه «من المهم للرئيس السيسى الوفاء بتعهده الخاص بالتعامل مع هذه المزاعم»، و«أن الولايات المتحدة تدعم الجهود المصرية الرامية للتصدى لتهديد الإرهاب وتجاوز التحديات الاقتصادية، إلا أن الاستقرار والسلام المستدام يرتهن بتوفر الثقة والمساءلة وإتاحة المجال للمعارضة السلمية»، كان لا بد من الرد عليه والاختلاف معه فيما ذهب إليه من افتراضات.

ورأيى فيما قاله هو أنه لا يوجد حبس فى مصر دون إذن من النيابة العامة أو بقرار من المحكمة، وأن أى تعهدات يقطعها رئيس الجمهورية المنتخب هى أمام المصريين الذين انتخبوه رئيساً لهم بأغلبية ساحقة لا أمام الأمريكان. كما أن مجلس حقوق الإنسان ليس فى حاجة إلى نصائح من دول تنتهك الحقوق بلا حساب وتتعمد تحويل المجلس إلى ساحة للتشهير وتبادل الاتهامات للتغطية على مشاكلها الداخلية فى سجلها فى حقوق الإنسان، وقد عددت بعضاً من هذه المشاكل، بما فى ذلك معتقل جوانتانامو الذى وعد الرئيس أوباما بإغلاقه قبل ثمانى سنوات ولم يفعل حتى اليوم، مؤكداً أن المطلوب ليس فقط إغلاق المعتقل ولكن أيضاً محاسبة المسئولين عن الانتهاكات التى وقعت فيه وعدم إفلاتهم جميعاً من العقاب.

■ فى رأيك لماذا التطرق لوضع مصر رغم أن الجلسة لا تخصها؟

- لم تكن مصر فقط هى التى تم التطرق إليها، وإنما الصين وروسيا ودول أخرى من الشرق أو الجنوب. وأعتقد أن هناك مشكلة مفاهيمية لدى هؤلاء، فهم ما زالوا يعيشون الماضى البغيض، ويعتقدون أنهم الحكَم وقيّمون على الشعوب والمجتمعات، ويوزعون صكوك الغفران يميناً ويساراً حسب أهدافهم السياسية، ويتناسون أن الشعوب قد تحررت من الهيمنة الغربية (الفكرية على الأقل)، ولن تعود الإمبريالية وفترة الاستعمار من جديد.

■ كان ردك أن مصر لا تقبل توصية من أحد.. وأى دولة ستتعدى على مصر بالقول سنرد عليها، ولسنا عاجزين عن الكلام؟

- صحيح، والتعليمات التى لدىّ من وزير الخارجية هى عدم ترك أحد يتعرض لمصر دون الرد عليه وتوضيح الأمور، وهذا ما نفعله كبعثة مصرية فى جنيف بتنسيق كامل مع القاهرة.

■ هل تعتقد أن أمريكا تنتقد حقوق الإنسان فى مصر للتغطية على مشاكلها؟

- هم لديهم مشاكل ولا يتحدثون عنها، ولكنى لا أعتقد أن انتقادهم لمصر أو غيرها يهدف إلى التغطية على مشاكلهم، وإنما إلى ما أشرت إليه فى إجاباتى على أسئلتك السابقة.

أوباما وعد منذ 8 سنوات بإغلاق «جوانتانامو» ومحاسبة المسئولين عنه.. ولم يغلقه أو يحاسب أحداً حتى الآن عن الانتهاكات التى تمت فى المعتقل.. والأمريكان لديهم مشاكل لكنهم لا يريدون الحديث عنها

■ هل هناك مؤامرة على مصر تدار داخل أروقة المجلس؟

- لا أعتقد ذلك، وعلاقاتنا بمختلف الدول الأعضاء بالمجلس طيبة للغاية بما فى ذلك الوفد الأمريكى، ونتعامل معاً فى أكثر من موضوع ونتحدث مع الوفود بشكل شبه يومى، ولدينا اختلاف فى وجهات النظر حول بعض الموضوعات، ونتخذ من الحوار والتفاوض سبيلاً للتقريب. ولكن عندما يخرج البعض عن حدود اللياقة أو يعمل ضد مصالحنا، فنحن موجودون. وتأكدى أن البعثة المصرية فى جنيف لا تنام، وتأخذ مسئولياتها بجدية تامة وتدرك حجم الأعباء والتحديات التى تفرضها المرحلة الراهنة فى أكثر من ملف وليس فقط فيما يخص مجلس حقوق الإنسان.

■ هل للتنظيم الدولى للإخوان دور فى النقد الموجه لمصر، وهل له لوبى داخل الأمم المتحدة؟

- نعم الإخوان المسلمون لهم دور، ويستغلون بعض آليات الشكاوى داخل منظومة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وتتلقى البعثة ما يتم تقديمه من شكاوى أو اللجان ذات الصلة وتحيله إلى القاهرة التى تتولى بدورها النظر فيه ما بين وزارتى الداخلية والعدل وكذلك النيابة العامة، بتنسيق من نقطة الاتصال بالخارجية، ويتم موافاة البعثة بالردود على الحالات المثارة لإبلاغ الأمم المتحدة بها، وأغلبها يرتبط بمتهمين أحيلوا للتحقيق فى جرائم جنائية وتم حبسهم وفقاً لقرارات النيابة العامة وبعلم ذويهم، أى ليسوا ضمن ما يطلق عليه «اختفاء قسرى». ولكن بعض الجماعات عرفت طريق الآليات الأممية وتسىء استخدامها أو توظفها لخدمة أغراضها الدعائية، وهذه الآليات ليس بها وسيلة تحقُّق من جدية أو صحة أى شكوى، وإنما تحيلها مباشرة للحكومة المعنية للرد عليها وهو عبء إدارى فى الأساس.

■ ما رأيك فى إرسال 16 منظمة حقوقية مصرية مساء الأربعاء 9 مارس خطاباً لـ«زيد رعد»، المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول حالة حقوق الإنسان فى مصر تضمّن سبعة ملفات أساسية هى القتل خارج نطاق القضاء، وعنف الشرطة، والسجن والتعذيب وإساءة المعاملة، وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع، وقمع الحريات الإعلامية والفنية واتخاذ إجراءات صارمة ضد الأماكن الثقافية والأكاديميين؟

- أثناء الحوار مع المقرر الخاص عن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان، يوم 4 مارس، كانت هناك مداخلة من السيد «ريتشارد آدم» عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذى يديره الأستاذ بهى الدين حسن، بالنيابة عن 16 منظمة غير حكومية، بعضها لا يحق له الحديث أمام المجلس أو المشاركة فى جلساته أصلاً، لأنه لا يتمتع بالوضعية الاستشارية لدى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة، أى ليس مسجلاً، وهى مخالفة للقواعد الحاكمة لعمل المجلس. وقد أعرب مركز القاهرة فى المداخلة المنسوبة إليه عن انزعاجه من التضييق على المجتمع المدنى فى مصر على النحو الذى جاء بسؤالك.

سئمنا من استغلال الولايات المتحدة الأمريكية و«صقور» أوروبا لدورات حقوق الإنسان فى توجيه انتقادات لـ«الدول الأخرى» خاصة فى الشرق.. الشعوب تحررت والاستعمار لن يعود من جديد

وأعقبت هذه المنظمات مداخلتها بخطاب يوم 9 مارس الحالى إلى «زيد بن رعد»، المفوض السامى لحقوق الإنسان، قبل تقديمه إحاطته المقررة للمجلس فى الدورة الحالية، فى محاولة للتأثير عليه وتأليبه ضد مصر، حيث وجهت انتقادات فى سبعة مجالات، وطالبت المفوض السامى بدعمها خلال الدورة الحالية. ووقّع على الخطاب، إلى جانب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، عدد من المنظمات منها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، والمركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة.

وعموماً فقد شملت إحاطة المفوض السامى فى اليوم التالى انتقاد قانون الإرهاب من منطلق أنه يثير شواغل خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان بما فى ذلك اشتمال القانون على تعريفات فضفاضة للغاية للإرهاب والجرائم ذات الصلة، فضلاً عما وصفه بالقيود على الحق فى المحاكمة العادلة وحرية التعبير، وإعرابه عن قلقه إزاء ما سماه انكماش الحيز الديمقراطى والتضييق المتزايد على المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان، ووجود تقارير حول استمرار ممارسة التعذيب وسوء المعاملة فى مراكز التحقيق وأماكن الاحتجاز، وأن المنظمات المدنية المصرية تدّعى أن هناك 30 حالة على الأقل تم تعذيبها حتى الموت عام 2015.

وقد تم الرد على المفوض خلال الحوار التفاعلى معه، حيث أوضحتُ له أن قانون الإرهاب فى مصر تم سنُّه بالاستفادة من القوانين المماثلة فى دول كبرى قابلت تحديات أقل وطأة فى مواجهة الإرهاب الآثم، وأنه يتسق تماماً مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان، ويتم تطبيقه وفقاً للمعايير الدولية رغم مخاطر الإرهاب التى تمر بها مصر والمنطقة. وطالبتُ المفوض بألا يبنى آراءه على انطباعات وأن يعمل على الوقوف على حقائق الأمور، منوهاً إلى أن حرية التعبير كفلها الدستور والقانون فى مصر، وتمارس بصورة يومية من خلال عدد ضخم من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وأغلبها إعلام مستقل يديره القطاع الخاص.

كان يُفترض من «مجلس حقوق الإنسان» أن يكون أداة للتعاون الدولى لإعلاء الحقوق بمنأى عن التسييس والاستقطاب

وأحلتُ المفوض السامى إلى الخطوات والاستحقاقات التى نفذتها مصر بخطى ثابتة فى إطار ترسيخ المسار الديمقراطى، والتى استُكملت مؤخراً بانتخابات مجلس النواب الذى شرع بالفعل منذ ديسمبر الماضى فى النظر فى القوانين العالقة خلال المرحلة الانتقالية بما فى ذلك القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان.

وقد نبهتُ المفوض السامى، خلال الدورة التاسعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان، يونيو الماضى، إلى عدم وجود اختصاص قضائى له أو للمنظمة التى يعمل وكيلاً لسكرتيرها العام حتى يسمح لنفسه بالتعليق على أحكام القضاء، مضيفاً أننى أذكّره هذه الدورة بعدم وجود اختصاص سياسى له كذلك يتيح له الالتقاء بالقوى السياسية والمعارضة فى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، أو أن يجعل من مكتبه مكاناً لاستقبال المعارضين السياسيين والأطراف المناوئة لأنظمة الحكم ومحاولة لعب دور سياسى، وعليه أن يراعى ألا يتحول مكتبه تدريجياً إلى مكان للتحريض والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء، أو أن يصبح واجهة أو مرآة لبعض المنظمات غير الحكومية المسيّسة بما يتعارض مع مبدأ مستقر فى القانون الدولى وفى ميثاق الأمم المتحدة بعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء. وأشرتُ إلى أن ولاية المفوض وفقاً لقرار الجمعية العامة باستحداث المنصب عام 1993 تنصبّ على تعزيز واحترام كافة حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والثقافية من خلال التعاون والتفاعل مع حكومات الدول الأعضاء.

■ كيف كان ردك على بيان المنظمات؟

- نحن عادة لا نرد على بيانات المنظمات غير الحكومية ولا نقاطعها ونترك لها الفرصة للحديث حتى مع اختلافنا مع بعض ما تقوله، وهذا يندرج تحت احترامنا لحرية الرأى والتعبير، ولا نعتقد أن مجلس حقوق الإنسان محفل مناسب لمواجهات بين الدول وتلك المنظمات.

■ ما رأيك فى مدى معارضة الخارجية الأمريكية للقرارات الخاصة بأوضاع حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة؟

- فى ذلك إشارة واضحة على مدى تسييس آليات حقوق الإنسان. فالقضية الفلسطينية قضية سياسية فى الأساس، ولكن لها أبعاداً حقوقية مرتبطة إما بالحق فى تقرير المصير أو بالحقوق الاقتصادية والثقافية للشعب الفلسطينى، أو بانتهاك إسرائيل للحقوق السياسية والمدنية للفلسطينيين. وهناك بند دائم على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، هو البند السابع، يعنى بوضع حقوق الإنسان فى فلسطين والأراضى العربية المحتلة، ولكن للأسف تعزف الدول الأوروبية عن المشاركة فيه -باستثناء سويسرا- كما تحاول الولايات المتحدة إلغاء البند، وقد طالب «جون كيرى»، وزير الخارجية الأمريكى، بذلك صراحة خلال حديثه أمام المجلس فى مارس 2015 وكرره نائبه «أنتونى بلينكن» هذه الدورة، ورددنا عليهم. فالدول الأعضاء الأخرى تهتم بالموضوع، خاصة الدول العربية والإسلامية، والمفوضية تقدم تقارير محايدة تسجل الانتهاكات، وهناك أكثر من لجنة تحقيق، لكن إسرائيل لا تتعاون معها وترفض استقبالها، وهذا البند هو الاختبار الحقيقى لمدى مصداقية المتشدقين بحقوق الإنسان، وأيضاً لآليات حقوق الإنسان.

■ هل تعتقد أن هناك قصوراً فى الإعلام المصرى تجاه المجتمع الدولى؟

- الإعلام المصرى يخاطب الداخل وهذا طبيعى، ولكن علينا أن ندرك أن الخارج يتابعه كذلك من خلال الإنترنت والسفارات الموجودة بالقاهرة. ولذلك يجب أن يراعى الحديث ذلك.

■ بمناسبة مرور 10 سنوات على إنشاء مجلس حقوق الإنسان ما تقييمك لأداء المجلس؟

- كان يُفترض من المجلس كمحفل دولى أن يكون أداة للتعاون الدولى نحو تعزيز وإعلاء قيم حقوق الإنسان على أرض الواقع بمنأى عن الاستقطاب والكيل بمكيالين والتسييس، وبما يخدم الهدف الحقيقى على الأرض، وليس التشهير والخطاب الإعلامى. للأسف فالمجلس لا يشهد حواراً، وإنما ترديد كل طرف لموقفه، ثم دخول أولئك الراغبين فى توجيه انتقادات وشن هجوم والتقاط صور يضعونها على مواقع منظماتهم أو قول كلمات ينشرونها فى صدارة مواقعهم. إننا نقول ذلك وما زال يحدونا الأمل فى أن يدرك كافة أعضاء المجلس ذلك قبل فوات الأوان. يجب أن يشرف المجلس على عمل المفوضية ومدى نجاح جهودها فى تقديم الدعم والمساعدات الفنية التى تطلبها الدول لرفع قدراتها الوطنية على الوفاء بتعهداتها، والعمل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى واتفاقيات حقوق الإنسان، مع احترام سيادة الدول ووحدتها الإقليمية، واختصاص الدولة الداخلى، فضلاً عن مراعاة الخصوصيات التاريخية والثقافية والدينية للمجتمعات المختلفة المشكلة للأسرة الدولية جمعاء.

«الإخوان» لهم دور فيما يحدث فى «المجلس الدولى».. ويستغلون بعض آليات الشكاوى داخل منظومة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.. وأغلب الشكاوى لا تتعلق بـ«الاختفاء القسرى»

■ هل أعاد المجلس إنتاج مناحى القصور التى أضعفت الآليات السابقة له خاصة لجنة حقوق الإنسان؟

- لم يختلف المجلس كثيراً عن لجنة حقوق الإنسان فى نمط العمل، وإن اختلفت الآليات وتضخمت فى عهد المجلس. ولكن يجب أن نشيد بآلية المراجعة الدورية الشاملة لأنها الآلية الشرعية الوحيدة التى تسمح بالنقد والاستماع إلى تجارب الدول الأخرى للاستفادة مما يناسب منها، فضلاً عما تتيحه من فرصة للتنسيق الوطنى من مختلف الأجهزة المعنية. وهناك إجماع على تلك النقطة.

■ هل يتوفر له الدعم المالى الكافى للقيام بدورة؟

- المجلس ليس له موارد تحت يده، وإنما المفوضية، وهى تعانى من عجز مالى يبلغ 30 مليون دولار، وتسعى لسد هذه الفجوة من موارد الدول المانحة التى تسعى بدورها للتأثير قى قرار المفوضية.

■ البعض يرى أن أبرز سلبيات لجنة حقوق الإنسان هى خضوعها للاعتبارات السياسية والدبلوماسية على حساب الدور الحقوقى.. ما رأيك فى ذلك؟

- أتفق مع ذلك تماماً، ونظرة واحدة على انتقاء دول بعينها للنقد والتشهير لحساب دول أخرى سجلّها ليس أفضل تؤكد هذه المقولة.

■ مجلس حقوق الإنسان والمجتمع المدنى.. «نوايا سليمة وفاعلية مفقودة»، ما رأيك فى هذا التعبير؟

- أتفق مع المقطع الثانى فى فقدان الفاعلية، وأختلف مع سلامة نوايا البعض!

لن تثمر محاولات الاستقواء بالخارج أى نتيجة إيجابية، أما عن قبول مصر لمجموعة من التوصيات فيما يتعلق بتسهيل عمل منظمات المجتمع المدنى، خلال دورة الاستعراض الدورى لملفها الحقوقى فى نوفمبر 2014، فقد قبلت مصر طواعية 81% من التوصيات التى قدمت إليها خلال المراجعة الدورية الشاملة فى مجال حقوق الإنسان التى انتهت فى مارس 2015 وكانت عملية ناجحة ومفيدة وتتم كل أربع سنوات ونصف السنة، ويعكف المسئولون فى مصر الآن على إعداد جدول تنفيذ التوصيات التى قبلنا بها، وهو ما يعد تجسيداً للأولوية التى يمثلها موضوع تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان فى الوعى السياسى للدولة المصرية وانفتاحها على الآراء المختلفة التى تم التعبير عنها خلال جلسة المراجعة وتجاوبنا معها. وسينظر المجلس المراجعة المقبلة فيما نفذته مصر من التوصيات التى قبلتها.

عمل ببعثات مصر فى نيويورك من عام ١٩٩٠ حتى ١٩٩٤.

تولى منصب مدير مكتب وزير الخارجية عمرو موسى من عام ١٩٩٤ حتى ١٩٩٩.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل