رسالة «ذات الصوارى» البحرية

كان المشهد فوق الفرقاطة «فريم»، التى تحمل عنوان «تحيا مصر»، مفرحاً ومبشراً بأن تغييراً ما قد طرأ، تغيير فى شكل القوات البحرية المصرية وقوتها وتنوع أسلحتها، والأهم كان واضحاً أن تغييراً أهم قد حدث فيما يخص العقلية المصرية التى أصبحت أكثر شغفاً بالتطوير والمستقبل، وأكثر تقبلاً لفكرة التغيير بدليل أن قائد هذه الفرقاطة الضخمة والمهمة كقطعة بحرية هو ضابط مصرى برتبة مقدم، وينطبق الحال على عدد الوجوه الشابة والقيادات الصغيرة التى ملأت جنبات أرض قاعدة الإسكندرية فى مناورة «ذات الصوارى» البحرية. لم تشهد القوات البحرية المصرية تطويراً فى قدراتها من حيث السلاح والعتاد لسنوات طويلة مثلما حدث لها فى العامين الأخيرين، الآن تستقبل القوات البحرية المصرية قطعاً حربية قتالية جديدة ستنقلها إلى أماكن متقدمة فى التصنيف وتعيد لها مجدها.

أنت طبعاً تعرف أن الأسطول الحربى المصرى ذات يوم فى عهد محمد على كان الأقوى، والأكثر سيطرة على البحر المتوسط، وكان نموه وتطور قدرات رجاله الحربية والعسكرية يبشر بأنه فى طريقه للانفراد بلقب الأسطول الأقوى والأكثر سيطرة فى المنطقة، ولكنهم لم يسمحوا له بذلك واجتمع كل الأعداء فى العالم على هدف واحد وهو تدمير أسطول محمد على. الفترة الأخيرة تشهد القوات البحرية المصرية انضمام قطع بحرية قتالية متطورة إلى صفوفها لأول مرة فى التاريخ مثل حاملتى الطائرات ميسترال، التى تعاقدت مصر على اثنتين منها؛ الأولى منهما تصل إلى سواحل الإسكندرية فى شهر يوليو المقبل وتحمل اسم جمال عبدالناصر، والثانية ستصل فى وقت لاحق وهى تحمل اسم أنور السادات، كما تعاقدت مصر على غواصات ألمانية جديدة ستنضم لاحقاً إلى قوات الأسطول المصرى لتمنح قوة المقاتل المصرى فرصة للتحليق وتقديم أفضل ما لديها. المدهش فى الأمر أن أغلب طواقم التدريب التى سافرت للتعامل مع هذه القطع البحرية القتالية الجديدة أظهرت مهارة كبيرة وقدرة أكبر على استيعاب التطور التكنولوجى العسكرى الحديث، بل نجحت بعض طواقم التدريب فى أن تنهى التدريب وتعود بالقطع البحرية إلى مصر فى «تلت» المدة المقررة لعملية التدريب، وفى ذلك تأكيد على كفاءة وقوة المقاتل المصرى. فى ظل هذه التغيرات التى تشهدها المنطقة كان مهماً أن تكشف لنا مناورة «ذات الصوارى» عن أن القوات البحرية المصرية قد وصلت إلى هذا المستوى المتطور من حيث كفاءة الجندى المقاتل، ومن حيث ما تملكه من أسلحة حديثة وقطع بحرية متطورة، بالإضافة إلى حالة التناغم التى ظهرت خلال المناورة بين القوات البحرية والجوية فى مهاجمة الأهداف المعادية.