المحتوى الرئيسى

صالح بن يوسف .. وثورة الجنوب على الشمال

03/20 15:19

تحية إلى أهالي الجنوب التونسي

ثرثرة مع عجوز تونسي في مطار ميونيخ

شباب تونس .. والزواج من اجنبيات طاعنات في السن!

هيمنة الجامعة على الثقافة في تونس

قبل ان يؤسس مجلة "جون افريك"، مطلع عقد الستينات من القرن الماضي لتصبح واحدة من اهمّ المؤسسات الاعلامية الفرنكفونية، كان البشير بن يحمد، أصيل جزيرة جربة، المشهورة بمهارة اهاليها في عالم المال والاعمال، واحدا من ألمع رموز الجيل الجديد الذي اعتمد عليه الزعيم الحبيب بورقيبة في ارساء ركائز النظام الجمهوري الذي اطاح بالنظام الملكي في الخامس والعشرين من يونيو (تموز) 1957. وكان له دور كبير في المفاوضات التي افضت الى استقلال البلاد في 20 مارس (اذار) 1956. كما انه شغل منصب اول وزير للاعلام. وقد يكون من اوائل الذين ادركوا ان بورقيبة كان يمضي بخطى حثيثة لاحتكار السلطة، وتفخيم عبادة الشخص، لذا سارع بترك البلاد ليستقر في باريس مفضلا الاستقلالية على العمل في حكومة لم تكن لها لا الارادة ولا القوة لمواجهة هيمنة بورقيبة المطلقة على الحياة السياسية.

وبمناسبة الذكرى الستين لحصول تونس على استقلالها، وتزامنا مع الهجوم الارهابي على مدينة بن قردان الحدودية في السابع من الشهر الحالي، نشر بن يحمد الذي لا يزال يتمتع بقوة الذاكرة وبالصفاء الذهني، وحضور البديهة رغم انه تجاوز سن التسعين، وثيقة مهمة للغاية عن الخلاف بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف، والذي ادى الى اغتيال هذا الاخير في الثاني عشر من اغسطس (آب) 1961 في فندق بمدينة فرانكفورت الالمانية. ومعلوم ان الخلاف المذكور الذي ظل خفيا،وغير معلن على مدى سنوات النضال الوطني المريرة، اشتعل عام 1955 عندما اعتبر بورقيبة ان الاستقلال الداخلي الذي حصلت عليه تونس في السنة المذكورة "خطوة مهمة نحو الاستقلال الكامل".

أما صالح بن يوسف، الذي كان انذاك في مدينة جنيف السويسرية، فقد ثار ضد وثيقة الاستقلال الداخلي، معتبرا اياها معرقلة لنضال الشعوب المغاربية من اجل الخلاص من الهيمنة الاستعمارية. ومنذ بداية المعركة بين الزعيمين، كان واضحا ان بن يوسف اختار ان يكون الى جانب التيار القومي العربي الذي كان يتزعنه انذاك الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ويمثله البعض من قادة جبهة التحرير الجزائرية وعلى رأسهم احمد بن بلة. وعندما عاد بن يوسف الى البلاد في نهاية عام 1955، استقبله بورقيبة بحفاوة بالغة املا ان تساهم تلك الحفاوة في اطفاء لهب الخلاف بينه وبين غريمه. غير ان بن يوسف الذي يصفه ابن مسقط رأسه البشير بن يحمد بـ"الاناني والطموح" ازداد تصلبا في مواقفه، وراح يطوف في جميع انحاء البلاد متهما الموافقين على وثيقة الاستقلال الداخلي،وفي مقدمتهم بورقيبة، بـ"الخونة" و"العملاء".

في جميع خطبه كان بن يوسف يكثر من تمجيد الثورة الجزائرية، ومن الحديث عن "العروبة والاسلام"، ساعيا الى كسب تاييد رجال الدين، وطلبة جامع الزيتونية، واهالي الجنوب الذين ينتمون الى قبائل عربية وفدت الى تونس في القرنين التاسع والعاشر. غير ان بورقيبة تمكن بسرعة من قطع الطريق على خصمه مجبرا اياه على الفرار الى مصر عبر ليبيا. وحتى بعد ان حصلت تونس على استقلالها، ظل بن يوسف يطلق الدعوات من القاهرة بمساعدة مطلقة من نظام عبد الناصر لاسقاط نظام بورقيبة، مطالبا انصاره في تونس بحمل السلاح.

ويؤكد بن يحمد ان بن يوسف سعى اعتمادا على الموالين له الى اغتيال بورقيبة. كما انه كان يفكر في بعث ما سماه بـ"جيش التحرير الوطني" انطلاقا من الجنوب التونسي بهدف غزو العاصمة. ولعل هذا ما كان يفكر فيه ايضا مدبرو الهجوم الارهابي المسلح على مدينة بن قردان املين ان يوفر لهم ذلك قاعدة صلبه تسمح لهم بكسب تاييد اهالي الجنوب لغزو العاصمة،ومدن الساحل والشمال،واقامة الدولة الاسلامية.

ويشير بن يحمد الى ان التاريخ انصف بورقيبة واثبت انه كان يتحلى بالمهارة والحنكة السياسية عندما قبل بوثيقة الاستقلال الداخلي، ومع ذلك فان البعض من التيارات السياسية التي برزت بعد انهيار نظام زين العابدين بن علي حاولت وتحاول ان تعيد الاعتبار لصالح بن يوسف لخدمة اغراضها الايديولوجية والعقائدية. وحركة النهضة من بين هذه التيارات. وهذا ما تبينه التونسيون عندما اشاد راشد الغنوشي بالمسمى "الرحموني"، وهو واحد من ابرز مدبري الانقلاب ضد نظام بورقيبة في صيف عام 1962، ومن اشد المناصرين لبن يوسف.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل