المحتوى الرئيسى

علي مبروك.. رحيل نازع «أقنعة القداسة»

03/20 14:05

توفي الدكتور علي مبروك، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة بعد صراع مع المرض، ويعد مبروك، واحد من أهم الكتاب والمفكرين المصريين والعرب الذين ناقشوا التراث الإسلامى، فى العقود الأخيرة.

رحل عن عالمنا صباح اليوم الدكتور علي مبروك أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة صباح في العقد الخامس من عمره، ويعد الراحل أبرز المفكرين والمنظرين لإشكالية الفكر الإسلامي وعلاقته بالحداثة.

مبروك صاحب مسيرة فكرية وعلمية بدأت مع حصوله على درجة الماجستير فى الفلسفة الإسلامية - علم الكلام عام 1988، وعلى درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1995، من جامعة القاهرة. وعمل في العام 2003 أستاذًا مساعدًا للدراسات الإسلامية، في قسم الدراسات الدينية، بكلية الإنسانيات فى جامعة كيب تاون، بجنوب إفريقيا.

وأطل الراحل على القراء من خلال مقالاته في جريدة الأهرام بإشكاليات الحداثة وعلاقتها بالثورات العربية، وقدم لغة بسيطة ورشيقة، وحاول قراءة التراث الإسلامي في ظل متغيرات الفكر المعاصر والحداثة.

وله عدة مؤلفات أبرزها "لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا"، "النبوة... من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ" عن دار التنوير في بيروت، "السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافى فى الإسلام"، "ثورات العرب – خطاب التأسيس" عن دار العين، "الدين والدولة في مصر – هل من خلاص؟"، "مأزق التنوير.. ملاحظات أولية"، " أفكار مؤثمة من اللاهوتي إلى الإنسان"، وعن الهيئة المصرية للكتاب تحت عنوان «في لاهوت الاستبداد والعنف.. والفريضة الغائبة في خطاب التجديد الإسلامي»، وقبل أيام من رحيله أصدر كتابه «الأزهر وسؤال التجديد».

وعن كتابه "الخطاب السياسي الأشعري" كُتب على موقع التواصل الاجتماعي المعني بالكتب جودريدز

"كيف يتحكم فينا التراث لهذا المدى العميق؟ كيف يحتل، وبقوة، الوعي الجمعي العربي/المسلم للدرجة التي يبدو معها وكأن هذا التراث هو أمر "طبيعي"، أمر كوني لا نملك سوى أن نسير وفقاً لصيرورته، لا نملك سوى الانقياد خلفه، فلا شيء وراء هذا التراث المهيمن ولا ثقافة غيره ... إن ما نفعله حتى الآن ليس إلا العيش على محض الأماني أملاً في تجاوز ما نحن فيه من استبداد دون أن ندرك أن بنية الاستبداد عندنا تتجاوز المستبدين كأشخاص لتصل للاستبداد كأساس في الثقافة التي هيمنت ورسخت طوال قرون من التاريخ العربي الإسلامي؛ فـ "إذ هو الانتقال - ابتداءً من أن كل ممارسة تكون مشروطة بخطابٍ يؤسس ويوجه - من عالم الممارسة إلى نظام المعنى والخطاب، فإن التعاطي مع ظاهرة الاستبداد لا بد أن يتجاوز مجرد السعي إلى إزاحة سلالة المستبدين، رغم الأهمية القصوى لذلك، إلى إزاحة الثقافة التي تنتج الاستبداد، فتنتجهم. وهنا يلزم التنويه بأن إزاحة ثقافة ما، لا يعني أكثر من أن تصبح موضوعاً لهيمنة الوعي، على نحو يقدر معه على تجاوزها، وذلك بدل أن يكون هذا الوعي هو الموضوع لهيمنتها، فتبقى مؤبدة التأثير والحضور".. ص: 131.

ومن هنا فالاستبداد "راسخ" في تراثنا الذي هيمن، وبالتالي فهو راسخ في وعينا الذي يبدو أنه قد اكتفى بالنقل والترديد والافتخار بالمقدرة على الحفظ دون أي محاولة لإعمال العقل أو للفهم.

والحق أن "تفكيكاً لظاهرة الاستبداد العربي لا يمكن أن يتحقق خارج فضاء الأشعرية، كخطاب وثقافة، وليس كمذهب وعقيدة" ... ص: 131.

من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، وهو كتاب قليل في عدد صفحاته - 132 ورقة تقريباً - لكنه يجعل أعصابك ملتهبة من فرط الغضب حينما تدرك - بطريق معرفي - أن الاستبداد يستقر في الخطابات التي كُتبَ لها أن تتسيد فضاء الثقافة الإسلامية/العربية .. عن الكيفية التي تم التعامل بها مع السياسة المستبدة على أنها شأن "طبيعي" لا راد لها ولا أمل ولا نجاة حينما تثور ضدها ... عن مسار العلاقة بين الديني والسياسي في الإسلام والمقارنة بينه وبين الوضع في المسيحية ... عن الكيفية التي صار بها الديني قناعاً للسياسي أو عن الكيفية التي أصبح الله بها (قناعاً) للسلطان المستبد ... عن الكيفية التي تم بها ترسيخ فكرة أن الحاكم/الإمام/الخليفة لا يأتي إلا بأمر من الله ولا راد لقضاء الله، فبالتالي لا راد لحكم هذا الحاكم مهما طغى واستبد.

ولعلك تندهش - بعض الشيء أو كله - إن علمت - مثلاً - أن عالم السياسة الأشعري مبني بالكامل على قاعدة الانفلات من التقيد بقانون، وإذا أدركت كذلك أن خطاب الأشعرية العقائدي هو الخطاب الذي هيمن في فضاء الثقافة الإسلامية، فلعلك تدرك أن جوهر الأزمة، التي نعاصرها الآن، تراثي بالأساس، ولا سبيل ولا مخرج إلا بنقد هذا التراث ومحاولة فهمه واستيعابه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل