المحتوى الرئيسى

أفلام الملاكمة.. حين هزم روكي بالبوا بطلنا القومي بالضربة القاضية

03/18 16:32

الأفلام التي تعتمد في الأساس على إبراز قصة صعود بطل رياضي معين (Sports Features Films)، من السهل أن تحقق معادلة النجاح الجماهيري، فهي تخلق بسهولة علاقة توحد بين مشاهدي العمل وبطله سواء كان هذا البطل لاعبا فرديا أو فريقا لرياضة جماعية.

عالميا أنتج العشرات من هذه الأفلام، كان لرياضة الملاكمة نصيب الأسد منها، أفلام مثل سلسلة "روكي بالبوا" لنجم هليوود سلفستر ستالون، ورائعة راسل كرو "Cinderella Man" الذي جسد خلاله قصة حياة بطل الملاكمة التاريخي جيمس برادوك، وغيرها، اعتمدت في حبكتها على قصة بطل رياضي، وتركت النجاح الذي يحصده والإخفاق الذي يتعرض له البطل في يقومان بدورهما المعهود في خلق حالة من التوحد بين مشاهد العمل الفني وبطله.

قصص الأبطال الرياضيين ولا سيما الملاكمون لا تنجح جماهيريا فحسب، ولكنها أيضا تتمكن من حصد جوائز كبرى كالأوسكار والجولدن جلوب، تكفي الإشارة إلى أن فيلم On the waterfront (١٩٥٤) وجسد بطولته مارلون براندو وإيفا ماري، حصل وحده على ثمان جوائز أوسكار.

السينما المصرية أبرزت نموذج بطل الملاكمة في مناسبات قليلة إذا ما قورنت بمثيلاتها في هليوود، أربعة أفلام فقط هي التي ركزت على هذا الجانب، واحد منهم فقط هو ما يصلح لأن يصنف كـ Boxing Feature Film.

إحدى أيقونات الراحل أحمد زكي، يناقش في الأساس قضية برزت بشكل كبير في المجتمع المصري في حقبة الثمانينات وهي الهجرة، محمد المصري، شاب لم يتلق تعليمًا كافيًا وامتهن حرفة الخراطة، هاجر إلى ألمانيا الغربية ليجد له فرصة أفضل في المعيشة.

يرتكز الفيلم بشكل أساسي على حياة مهاجر عربي أسمر البشرة في أوروبا، يعاني اضطهاد بعض زملائه في العمل ولكنه يتعرف بفتاة تدعى هيلجا تأخذ على عاتقها تعليمه الألمانية، ومن ثم تنشأ بينهما علاقة حب.

يتعرف خلال عمله كوستا (أحمد مظهر)، مدرب ملاكمة يوناني خمسيني، كان يعيش في الإسكندرية، عبر له محمد حبه للملاكمة، ليطلب كوستا منه نسيان كل ما تعلمه عن الملاكمة في مصر، لا يعني ذلك عدم ثقته في مركز الشبان المسلمين الذي قال محمد إنه تعلم فيه الملاكمة فحسب، ولكنه بذلك يزرع داخل محمد والمشاهد بشكل عام أن الفتى الأسمر مقبل على تجربة ثرية ستكون محور هاما للقصة ككل.

طلب منه في لمحة فنية جيدة خسران كيلو جرام واحد من وزنه ليصل إلى ٧١ كيلو جرام للعب في وزن الخفيف المتوسط، بالفعل وزن الخفيف المتوسط يبدأ من ٦٧ وحتى ٧١ كيلو جرام.

وكعادة هذه النوعية من الأفلام، كانت العقدة في فصل محمد من عمله أثناء انغماسه في لعب الملاكمة ليتدخل مدربه بقوله: "افتكر مصر ودي فرصتك عشان تعمل حاجة لبلدك"، هذه الجملة لم تكن موفقة من لكن تحقيق مجد شخصي للاعب أو لمدرب بالفوز على لاعب آخر في بطولة محلية ليس له أية علاقة من قريب أو من بعيد بمصر، فمحمد لم يكن يمثل مصر في مباراياته ولم يطلق عليه الملاكم المصري بل لقب بالنمر الأسود.

وبالرغم من أن الجمهور المصري يذكر هذا الفيلم بأغنية "اتقدم" تلك الأغنية التي كان يتغنى بها الفنان مدحت صالح كخلفية للمشاهد التي تصور تدريب محمد واستعداده للمبارايات إلا أن الفيلم لم ينته بحصول محمد على لقب رياضي أو احترافه الملاكمة حتى، فالملاكم المصري تمكن من تنفيذ مشروعه بتطوير إحدى آلات الخراطة وتدرج في هذا السلك الوظيفي حتى صار بعد ذلك رجل أعمال وتزوج هيلجا.

هي البطولة السينمائية الأولى والأخيرة للفنان محمد لطفي، ورغم كونه بطل ملاكمة سابق إلا أن الفيلم لم يرتكز في الأساس على اللعبة وفنياتها من حيث التدريب والمنافسات وما إلى ذلك، فالكاتب ناقش من خلال شخصيات الفيلم التي تسكن حيا شعبيا، قضية شعور قطاع كبير من الشباب بالإحباط نتيجة الظروف القاسية التي يعانونها.

"عبده" ملاكم هاو، لا يتمكن من الحصول على فرصة جيدة تبرز إمكانياته كبطل للعبة الملاكمة فيضطر للعمل بمهن موسمية، ينصب حلبة ملاكمة في أحد الموالد وينازل مرتاديه من أجل أموال الرهانات، يبيع أعلام مصر في مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم، يبيع اللوحات التي يرسمها صديقه الرسام علي، ولهذا أطلق عليه لقب "مواسم".

على الناحية الأخرى هناك سلمى، التي تقوم بدورها علا غانم، تحضر رسالة دكتوراة حول صناعة البطل الرياضي، تسعى للبحث في الأندية الشعبية عمن يصلح لهذه التجربة، فتقابل عبده ويقع اختيارها عليه، ملاكم من خامة جيدة ولكنه غير مستقر ماديا، فتتفق معه على دعمه بالمال في مقابل انتظامه في التدريب.

ينتظم عبده في التدريبات ويسعى لتحقيق حلمه القديم بدعم مادي من سلمى ونفسي من أصدقائه، يركز عبده في التدريب ليصبح بطلًا للجمهورية ولأفريقيا.

نهاية سعيدة لقصة بطل رياضي، لكن العمل على المستوى الفني لم يكن على قدر كبير من الإتقان، هو لم يركز على التفاصيل المثيرة للفضول في رياضة الملاكمة، مجرد لقطات للتدريب ومباريات أغلبها ظهرت عليها عدم الجدية، وعلى الرغم من أن استعداد محمد لطفي لهذا الدور كان واضحًا، إلا أن هذا لم ينعكس على الشكل العام لأدائه خلال المشاهد التي ظهر خلالها وهو يتدرب أو فوق الحلبة ينازل المنافسين.

ربما الفيلم الذي أهداه صناعه إلى "النمر الأسود" أحمد زكي، هو الأقرب لكي يصنف ضمن أفلام أبطال الملاكمة، يحكي الفيلم قصة أحمد (حمادة هلال) الذي يعشق اللعبة منذ صغره، كان زملاؤه يضربوه في المدرسة فتعلم اللعبة وضربهم ثم أصبح بطل المحافظة التي تربى فيها "الإسماعيلية"، نزح للقاهرة ومعه عائلته من أجل البحث عن فرصة أفضل هناك في تلك اللعبة.

يذهب أحمد إلى أحد النوادي الكبرى بالقاهرة ليقابل هناك المدرب عادل، الذي قام بدوره الفنان توفيق عبد الحميد، يعجب المدرب بأسلوب أحمد في اللعب ويقرر ضمه للفريق، وفي نفس الوقت يتقرب من نور، فتاة من عائلة ثرية لعبت دورها الفنانة دينا فؤاد، يتسبب هذا في غضب زميله في النادي أكرم، الذي يعمل ضابطًا ويسعى للزواج من نور عن طريق علاقته بأبيها، فيحاول إبعاده عن النادي وبالفعل يتسبب في طرد المدرب عادل.

وعلى درب البطولة يحاول أحمد إقناع المدرب بتدريبه بشكل مستقل، الأمر الذي ينجحان فيه ويهزم أحمد غريمه في نهائي بطولة الجمهورية وينجح في الصعود إلى نهائيات بطولة العالم، لكنه في الوقت نفسه لا يتمكن من إقناع والد نور بزواجهما وتتزوج الأخيرة من الضابط أكرم الذي يفقد وظيفته وتنشب بينه وبين نور عدة مشكلات، وتقتل نور على أثرها.

مشهد يتكرر بشكل متطابق في معظم الأفلام التي تنتمي لهذا التصنيف، البطل يفقد طموحه وحماسه، يلجأ للمخدرات كحل سريع للهروب من مشكلاته، يتدخل المدرب وبصفعة أو اثنتين يعيد البطل لرشده، هذا بالضبط ما قام به المدرب عادل مع أحمد حتى يقنعه بالمشاركة في بطولة العالم وتمثيل بلاده تمثيلًا مشرفًا وما إلى ذلك من المعاني الوطنية، ينجح أحمد في الفوز بالبطولة -هو أمر لم يحدث في الواقع- وينتهي الفيلم بإحدى الأغنيات في حب مصر وأهلها

سيناريو "حلم العمر" لم يأت بجديد، ورغم المجهود الذي بذله حمادة هلال في الاستعداد لهذا الفيلم من تعلمه الملاكمة وضبط قوامه حتى أصبحت هيئته كبطل رياضي حقيقي، إلا أن المستوى الفني للفيلم لم يرق ليحقق نجاحًا على مستوى الإيرادات وقتها أو يعلق بذاكرة المشاهدين، تكفي الإشارة إلى أن أول خمس دقائق في الفيلم احتوت على خطأ فادح بظهور سيارة طراز عام ٢٠٠٦ أو ٢٠٠٧ في مشهد من المفترض أنه قبل ذلك الوقت بحوالي ٢٠ عامًا.

أيضًا على مستوى التركيز على لعبة الملاكمة نفسها كان أحمد يؤدي التدريبات بشكل متقن لكن دون الخوض في تفاصيل اللعبة أو تكنيك اللعب، وفي المباريات الرسمية اعتمد المخرج وائل إحسان على اللقطات الملحمية ذات التصوير البطئ من أجل "بروزة" تلك المباريات التي من الأساس لم تكن ترقى لجدية مباريات بطولة العالم للملاكمة، فليس من المنطقي أن تكون مباراة نهائي بطولة الجمهورية بين أحمد وغريمه أكثر عنفًا وسخونة من نهائي بطولة العالم للملاكمة بين البطل المصري ونظيره الأمريكي.

أول عمل سينمائي للمؤلف محمد أمين راضي، الفيلم لاحقته مشكلات إنتاجية، ومشكلات أخرى مع الرقابة والنقاد قبل وأثناء عرضه بسبب ما يحتويه من بعض مشاهد العنف ومشهد اغتصاب رحيم "آسر يس" لمي "ياسمين رئيس"، وتجسيد الفيلم للتجاوزات التي تتم من قبل بعض رجال الأمن وخاصة ضباط المباحث.

الفيلم لا يصدر قصة البطل الرياضي كقضية أساسية له، الأعمال السابقة لمؤلفه معروفة بتعدد حبكاتها، فرحيم ملاكم فقير شاب يعيش مع والده (محمود حميدة) في منطقة شعبية، ويكسب عيشه من وظيفته كعامل توصيل للطلبات، ويجتهد هو ومدربه (محمد لطفي) من أجل الارتقاء في لعبة الملاكمة، تنشأ بينه وبين مي علاقة حب لا يرضى عنها أخوها البلطجي جنش "وليد فواز"، فيبادر بضرب والد رحيم، الأخير لم يسكت على تلك الإهانة ورد لجنش الصاع صاعين، ما تسبب في استدعائه من قبل رئيس المباحث (صبري فواز) ليقنعه بالعمل معه، ويواجهه بماضي والده السيئ من أجل إجباره على السير في درب البلطجة مع جنش.

يهجر رحيم الملاكمة طوال الأحداث الرئيسية، ويصبح كبير بلطجية المنطقة ما يدفع مي لرفض الزواج منه واختيار طه (شريف رمزي) الذي يحقد على رحيم، زوجًا لها، وتحت تأثير المخدرات يغتصب رحيم، مي، ويدفعه ندمه على فعلته إلى مراجعة حساباته كاملة مرة أخرى ويختار العودة للتدريب.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل