المحتوى الرئيسى

بروفايل| "السوفيتي" أليكسي ليونوف.. غزا الفضاء "سابحا"

03/18 11:15

يسبح في ظلام دامس، محاط بالنجوم في كل مكان ووسط شمس ساطعة، يتمنى لو أدوات الرسم التي هواها ترافقه، في اللحظة نفسها التي خرج فيها إلى الفضاء متخليًا عن المركبة الفضائية كما اعتاد سابقيه، ليصبح السوفيتي "أليكسي ليونوف" أول رائد فضاء سوفيتي يخرج إلى الفضاء في 18 مارس 1965.

وهو في عقده الثمانين، وبـ"بسمة" لا تفارقه، يصف رائد الفضاء بالدقة نفسها، اللحظة التي بدأ فيها السباحة في الفضاء، حيث يستقبل زواره في مكتبه بموسكو داخل أحد أكبر المصارف الروسية، مستعرضًا أمامهم صور أول رحلة إلى الفضاء خارج مركبة فضائية، نال على إثرها لقب "أول شخص يسير في الفضاء"، التعبير الذي يعتبره غير دقيق لأن ما فعله أقرب إلى السباحة من المشي في الفضاء، حسبما أوردت عنه وكالات إخبارية.

"معركة غزو الفضاء" بطليها الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك العام تقدَّم السوفيتيين على منافسيهم، فيقول أليكسي: "كوروليف اختارني بسبب قيادتي سابقا لطائرات عدة، وعلاماتي الدراسية الجيدة، وبسبب ممارستي الرسم، وهو أمر نادر لدى رواد الفضاء".

بعد ثمانية عشر شهرا من التدريب المكثف، بات ليونوف الذي كان في عقده الثالث حينها جاهزا لمهمته، لكن مركبة "فوسخود 2" بقيادة صديقه بافيل بيلاييف لم تكن بنفس المستوى من الجاهزية، ويقول: "الصاروخ لم يكن مزودا بنظام للقذف خارج المركبة"، لكن لم يصبه الهلع لحظة تلقيه الخبر، كان أمه خيارين فقط لا ثالث لهما، إما الانتظار 9 أشهر حتى إصلاح المركبة، أو استخدام النموذج الموجود، فاختار الاحتمال الثاني، ليس شجاعة بقدر ما كان "اضطرار" كي لا ينهزم السوفيت أمام وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".

في 18 مارس 1965، وقبل 10 أسابيع من انطلاق زملائهم الأمريكيين، انطلق الطاقم المؤلف من بيلاييف وليوتوف- اللذان عرفا بلقبي "ألمظ 1" و"ألمظ 2"- في المدار على ارتفاع 498 كلم فوق الأرض، أي أعلى من المستوى المتوقع بـ180 كيلو متر، وبعد ساعة ونصف الساعة من وضع المركبة في المدار، دخل ليونوف إلى حجرة الضغط في "فوسخود"، وسد بالييف فتحة الممر الداخلي خلفه، وبعد فقدان الضغط في المقصورة، فتح ليونوف الفتحة الخارجية واكتشف الفضاء، حيث رأى "ظلاما دامسا ونجوما في كل مكان وشمسا ساطعة بدرجة لا تحتمل"، ما دفعه إلى "الخروج بهدوء والانفصال في نهاية المطاف عن المركبة" بحسب رائد الفضاء الروسي.

يقول ليونوف عن رحلته وسباحته في الفضاء: "صورت الأرض الدائرية بالكامل والقوقاز والقرم ونهر الفولجا، كان المنظر جميلا أشبه بلوحات روكويل كنت"، دقائق مرت، كان خلالها ليونوف يسمع في خوذته قائد المركبة يرسل التقارير عن الرحلة إلى غرفة التحكم على الأرض، قائلا: "هنا ألمظ 1، الرجل خرج إلى الفضاء"، ثم سمع صوت يوري ليفيتان المقدم الشهير على الإذاعة السوفيتية يتردد داخل خوذته ليردد الجملة نفسها، عندها سأل ليونوف نفسه "عمن يتكلم؟".

العودة كانت معقدة، إذ تمددت سترته، ولم يعد قادرًا على استخدام الكاميرا الخاصة به، من دون انتظار الضوء الأخضر من مركز التحكم، قرر ليونوف تخفيف الضغط داخل بزته الفضائية، ونجح في إدخال رأسه أولا إلى حجرة الضغط في المركبة خلافا لما كان متوقعا، وكان رائد الفضاء يتصبب عرقا، وخسر 6 كيلوجرامات من وزنه، وفي المقصورة، لاحظ الطاقم أن نظام الهبوط التلقائي لم يكن يعمل، فعمدوا للعودة إلى الأرض بالنظام اليدوي، وهبطوا في منطقة جبال الأورال على بعد 2000 كيلو متر من موقع الهبوط المقرر أساسا في كازاخستان.

المخرج البريطاني ستانلي كوبريك، استخدم في العام 1968، تسجيل نبضات قلب ليونوف في الفضاء في فيلمه "2001 إيه سبايس أوديسي"، وفي العام 1975، كان ليونوف قائدا لطاقم مركبة "سويوز 19" وشارك في ولادة التعاون الفضائي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حتى قبل نهاية الحرب الباردة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل