المحتوى الرئيسى

أدباء مطاردون.. العقاد هرب من مصر بسبب هتلر ومحفوظ نجى من الموت بأعجوبة

03/17 19:42

تهاجم دائمًا حرية الرأي والتعبير في الكثير من البلدان حول العالم، ويزداد الأمر سوءًا عندما يصل بالتضييق المتعمد على الأدباء والمفكرين الكبار، وهو ما ينذر بخطورة ظلم الأنظمة الحاكمة.

لم يتخيل أحد أن وضع الحريات تدهور كثيرًا خلال السنوات الماضية ولكن في الحقيقة هذا الوضع لم يكن وليد اللحظة بل بدأ قديمًا منذ القرون الماضية، والدليل على ذلك ما تعرض له كبار كتاب وأدباء ومفكري مصر، من مواقف لن تنسى، وهي:

لم تكن كتابات الأديب والمفكر عباس محمود العقاد، مجرد كلمات على صفحات الكتب، ولكنها قدمت تنوعًا خدم الكثير من مجالات الحياة التي اهتم بها سواء الأدب أو الشعر والمرأة أو السياسة، ولكنها قد وضعته في مواقف صعبة ومآزق لا يحسد عليها، لعل أشهرها مع كتابه "هتلر في الميزان" الذي اتخذ به موقفًا معاديًا للنازية، منتقدًا إياها خلال الحرب العالمية الثانية، على الرغم انبهار الكثيرين بها، ولكن هذا الانتقاد الحاد للزعيم النازي أدولف هتلر وسياسته، تسبب في أن يتم وضع اسم العقاد بين قائمة المطلوبين للعقاب، وهو ما أثار تخوفه خاصة مع اقتراب جنود إرفين روميل قائد قوة حراسة هتلر الشخصية، من أرض مصر، لذلك قرر العقاد الفرار والسفر إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.

دخل الكاتب والصحفي الكبير مصطفى أمين عالم الصحافة مبكرًا وهو في الـ 17 من عمره، عندما انضم لمجلة "روزاليوسف" ولكنه لم ينشر مقالاته باسمه حتى لا يصاب بالغرور، وبعد نجاحه وشهرته وإمضاء اسمه على المقالات بدأت أنظمة الدولة منذ ذلك الوقت في مطاردته، وتم تقديمه للمحاكمة بعد مهاجمته لولي العهد محمد علي، فحكم عليه بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ وتوالت الاعتقالات لأنه كان من أشد المهاجمين للأمراء وحاشيتهم.

اختلف الأمر كثيرًا بعد ثورة يوليو، قد تم القبض على مصطفى أمين وحكم عليه بالسجن عام 1965، بتهمة التخابر لصالح وكالة المخابرات الأمريكية «CIA» ضد مصر، ولكنه دافع عن نفسه، موضحًا أن هذا تكليف من الرئيس جمال عبد الناصر، الذي دفعه للتواصل مع الجهات الأمريكية، ولكن هذا ما نفاه الثاني تمامًا، مؤيدا للحكم عليه.

وفي 27 يناير 1974، أصدر الرئيس الراحل أنور السادات، قرارًا بالعفو الصحي عن الكاتب الصحفي مصطفى أمين بعد قضائه 9 سنوات في السجن، إلا أن مصطفى لم يكتف بذلك فحرص عقب خروجه مباشرة على جمع مقالاته التي كتبها في السجن وأخرج كتابين "سنة أولى سجن" وأعقبه بسلسلة من الكتب عن حياته خلف زنازين عبد الناصر والسادات.

وفي الوقت ذاته، أكد الفريق محمد رفعت جبريل ثعلب المخابرات في أخر حوارته الصحفية، أن أمين مدان بتلك التهمة المثبتة، قائلا: "أنا من سجّل لقاءات مصطفى أمين مع مندوب الـCIA".

وأضاف: "الحقيقة أن أمين قد لا نستطيع إطلاق مصطلح جاسوس عليه بمعنى الكلمة، ولكنه اتصال بعدد من ضباط المخابرات الأمريكية المقالين في مصر، واجتمع بهم سرًا، إضافة إلى أننا قمنا بتسجيل اجتماعاته هذه بالصوت والصورة، وهي تتضمن إعطائه بعض المعلومات الخطيرة، وهو ما يشتهر في عرف العمل الجاد في المخابرات بـ«التجسس» حتى لو تم هذا بغطاء أنه صحفي، أو ادعائه أنه مكلف من الرئيس عبد الناصر بإتمام هذه الاتصالات".

أما عن عملية القبض عليه، فقد أكد الثعلب: "نحن ألقينا القبض على مصطفى أمين «متلبساً» في الإسكندرية، وقمت أنا بذلك، حيث كان جالساً مع الضابط الأمريكى بروس أوديل.. وتم ذلك بعد تسجيلنا لقاءات عديدة وحساسة بينهما".

الوضع اختلف كثيرًا مع الأديب الكبير "نجيب محفوظ"، فلم تكن مواقفه ومواجهته مع النظام الحاكم فقط بل مع المتشددين وخاصة في 21 سبتمبر 1950 بعد نشره رواية "أولاد حارتنا" مسلسلةً في جريدة الأهرام، وقد تم وقف نشرها في ديسمبر من نفس العام، بسبب اعتراضات هيئات دينية على "تطاوله على الذات الإلهية" ولم تنشر الرواية في مصر إلا بعد ثمان سنوات ولكنها تسربت بنسخ مهربة.

ولكن الأمر تطور ولم يقف عند هذا الحد، فقد تعرض لمحاولة اغتيال في أكتوبر 1995 عندما طعنه شابان في عنقه، لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب تلك الرواية المثيرة للجدل، ولكن تلك المحاولة لم تودي بحياته، وحُكم على الشابين بالإعدام.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل