المحتوى الرئيسى

جورج طرابيشي.. ربع قرن في نقد الجابري

03/17 14:03

جورج طرابيشي مفكر سوري تنقل من سوريا إلى لبنان ثم استقر في فرنسا، تخصص في نقد الأدب وشرب من ينابيع الفلسفة الوجودية والتحليل النفسي، وترجم عشرات المؤلفات، ثم خصص ربع قرن من حياته لنقد المشروع الفكري لمحمد عابد الجابري موجها له انتقادات لاذعة.

ولد جورج طرابيشي في مدينة حلب عام 1939.

حصل طرابيشي على الليسانس في اللغة العربية، ثم درجة الماجستير في التربية بجامعة دمشق.

عمل جورج طرابيشي مديرا لإذاعة دمشق بين عامي 1963 و1964، ورئيسا لتحرير مجلة دراسات عربية بين 1972 و1984، كما عمل محررا رئيسيا لمجلة "الوحدة" أثناء إقامته في لبنان بين 1984 و1989.

وغادر بعد ذلك لبنان إلى فرنسا التي أقام بها متفرغا للكتابة والتأليف.

ترجم جورج طرابيشي العديد من أعمال كبار المفكرين والفلاسفة الغربيين، مثل هيغل وفرويد، وجان بول سارتر، وسيمون دي بوفوار، حتى فاقت مئتي كتاب.

وقدم عددا من الدراسات والأبحاث في الفكر والفلسفة والنقد الأدبي، منها "الماركسية والمسألة القومية"، و"رمزية المرأة في الرواية العربية"، و"مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة"، و"مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام".

وإلى جانب مؤلفاته وأبحاثه الكثيرة، اشتهر طرابيشي بحواره الفكري مع المفكر المغربي الشهير محمد عابد الجابري، حيث قضى نحو ربع قرن في الرد على الجابري ومشروعه الفكري حول تكوين ونقد العقل العربي.

وحكى طرابيشي في أحد حواراته الصحفية عام 2013 أن علاقته مع فكر الجابري بدأت أثناء مغادرته لبنان باتجاه فرنسا، حيث حمل معه كتاب الجابري "تكوين العقل العربي" واعترف أنه أثر فيه كثيرا، وأشاد به في مقالاته الصحفية، وقال عنه إن من قرأه لن يعود كما كان قبل أن يقرأه.

لكن العلاقة لم تستمر على هذا النحو، إذ يقول طرابيشي إنه اكتشف في سياق دراسته وأبحاثه، أن الجابري اعتمد في بعض كتبه على شواهد "مغلوطة ومقطوعة من سياقها ومفسرة من غير سياقها"، على حد تعبيره.

ويوضح أن ذلك دفعه -وهو ابن الأيديولوجيا القومية العلمانية والوجودية والماركسية والنقد الأدبي والتحليل النفسي- إلى الاطلاع على المصادر الأصلية لتراث الفقه وعلم الكلام، معيدا بناء ثقافته من جديد على أكثر من محور، وهو ما مكنه من نقد نظرية الجابري فيما يرتبط بالعقل العربي.

ويلخص طرابيشي نظريته في أن "الآليات التي أدت إلى استقالة العقل وغروبه في الحضارة هي آليات داخلية نابعة من انكفاء ذاتي ومن انكماش لهذا العقل على نفسه وليس من غزوة خارجية"، موضحا أنه يحمل هذا العقل مسؤولية النهوض من جديد.

وجهت لطرابيشي انتقادات، من بينها تعامله مع مصادر التراث كما هي، في حين أن القواعد التي وضعها المحدثون مكنت من غربلة المصادر وميزت بين ما صح منها وما هو موضوع ومتروك، خاصة ما تعلق بالأسس العقدية والتشريعات، ووضعت لذلك معايير وقواعد علمية مضبوطة، ومن ثم لا يمكن الاعتماد على "كل" التراث في إثبات الأحداث والوقائع والأفكار التاريخية.

كما انتقد لحديثه عن "خطورة" الانتقال من القرآن مصدرا إلهيا وحيدا للتشريع إلى السنة ووضعها في مرتبة تشريعية، واعتباره ذلك محطة جعلت العقل العربي ينكفئ على نفسه ولا يبادر لاكتشاف "مفهوم التطور وجدلية التقدم وما يستتبعانه من تغير في الأحكام الوضعية ذات المصدر البشري لا الإلهي"، خاصة مع انتشار الأحاديث الموضوعة.

ويقول منتقدو طرابيشي إن القرآن نفسه نص على السنة مصدرا للتشريع وتفصيل الأحكام التي وردت في الآيات الكريمة، وقد أبدع علماء المسلمين في إنشاء علم الحديث بفروعه لتنقية الحديث النبوي الكريم من الأحاديث الموضوعة التي كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن العمل الذي قام به المسلمون في هذا المجال أكبر تشجيع على إعمال العقل في الحفاظ على سلامة النقل من التشويه والتحريف والتوجيه.

ترجم طرابيشي أزيد من مئتي كتاب، وأصدر مؤلفات عديدة بينها "سارتر والماركسية" (1963)، و"الماركسية والإيديولوجيا" (1971)، و"المثقّفون العرب والتراث: التحليل النفسي لعصاب جماعي" (1991)، و"هرطقات" في جزأين؛ كان الأوّل (2006) "عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة العربية" والثاني (2008) عن "العلمانية كإشكالية إسلامية-إسلامية"، و"المعجزة أو سبات العقل في الإسلام" (2008).

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل