المحتوى الرئيسى

زند وعِند ودولة بلا مُخرج

03/16 22:12

من مآسى مصر، أنه لا بد أن أقول الآن مقدمة لا لزوم لها؛ وذلك لأن التيار العام من القراء أصبح يحاسب الكاتب بالقطعة وليس بالسياق، فبينما كل صاحب رأى هو خط مستقيم -أو حتى متعرج- فإن البعض يُصر على محاسبته على أساس أنه نقاط منفصلة.

لى ملاحظات على المستشار أحمد الزند، ولم أؤيد تعيينه وزيراً، ولا أعرفه ولم أقابله أو اتصل به أو بأحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة على الأقل. ولكننى قابلت «المنطق» وتواصلت معه كثيراً، ولن أغضبه منى لأسعد الجمهور.

يوم إقالة «الزند» شعرت أن الجميع يقرأون من صفحات ديوان «سقط الزند» لأبى العلاء المعرى، والذى يقول فيه: (تعب كلها الحياة، فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد).. وعلى رأى عادل إمام فى مسرحية «شاهد ماشافش حاجة» كان الجميع «بيضرب».. لى على هذه القصة سبع ملاحظات ذات شجون، لا تهتم بشخص الوزير المُقال، لكنها تتقاطع مع نمط تلقى الجمهور، ومع طريقة إدارة الدولة، التى تحتاج إلى «مُخرج شاطر»:

1- كالعادة، ومن مشاهدة الفيديو المسىء المزعوم، الذى أظن أن السواد الأعظم من الناس لم يروه، لم أجد إساءات، كبيرة أو متعمدة، الرجل قال لو «نبى أخطأ يتحبس» (نبى وليس النبى، ولاحظ أيضاً حرف «لو»)، ثم قال فوراً «أستغفر الله العظيم».. وبعد الحلقة اعتذر عدة مرات.. التصريح ليس صادماً ليعيش البعض دور حسين رياض فى فيلم «واإسلاماه»، إلا إن كانوا سيستعيرون منه عمى البصر.

2- الجزء الأكبر من الصورة المتكونة للزند لدى العامة رسمتها ولونتها وبروزتها جماعة الإخوان. ولأن للرجل دوراً فاعلاً فى التخلص منهم، ما كان يصح أن تتم التضحية به بهذا الشكل ولهذا السبب، كان من الأفضل صرفه صرفاً جميلاً، فى التعديل الوزارى المرتقب، ما لم يكن مداناً بقضايا فساد، مع العلم أن تعيينه أصلاً وزيراً للعدل ومرور ملفه على الأجهزة الأمنية يبرئ ساحته أو يدين من عينه.

3- الانسحاق الأهوج لتوجهات الجماهير بمواقع التواصل الاجتماعى، والانصياع غير المبرر لأهواء مؤسسة الأزهر فى التلاعب بالوزراء (جابر عصفور، ثم أحمد الزند). هى أمور لا تبشر بالخير؛ لأن الدول لا تدار بمبدأ «الجمهور عاوز كده». ولا يصح عزل مسئول بشكل مفاجئ، دون تحضير البديل، إلا لأسباب تتعلق بالفساد.

4- ولكن يبدو أن الدولة تلعب لعبة المزايدة مع التيارات المتشددة، ولا تعى أن ذلك سيكرس للتدين الشكلى وللكهنوت السياسى.. وهى تحاول إرضاء الناس، والناس لا يثورون إلا لثالوث الادعاء الذهبى: «الدين والجنس والأخلاق». بينما «الكفاءة والجدارة والجودة» هى أمور ثانوية عندهم!

5- قرار الإقالة معيب لأنه خالف الدستور بالصدور عن رئيس مجلس الوزراء وليس رئيس الجمهورية، الذى وافق عليه، بينما المفترض أن يحدث العكس، طبقاً للدستور.

6- المثقفون يعملون على الكيف والهوى: طالب الكثير منهم بمحاسبة «الزند» على سقطته «الدينية»، فيما يتضامنون مع إسلام بحيرى وغيره.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل