المحتوى الرئيسى

خمسة أعوام على الثورة السورية: ما الذي تعنيه عودة التظاهرات؟

03/14 14:05

منذ أن أرسى اتفاق وقف الأعمال العدائية ركائزه في سوريا، عادت إلى المدن والقرى السورية التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام. وعاد المتحمسون للثورة السورية، والذين شعروا أنها صودرت منهم، إلى الحديث بحماسة عن هذه الظاهرة، وعن دورها في استعادة الثورة التي سلبتها منهم ميليشيات الحرب والنظام.

لا يجدر بالمرء في وقت كهذا أن يطلق النار على الأمل. لكن الفارق بين تظاهرات بداية الثورة السورية وبين تظاهرات اليوم عميق المعاني. فاليوم يتظاهر المتظاهرون في حمى ميليشيات خاضت معارك عنيفة ضد النظام حتى انتزعت منه سلطة على المناطق التي تسير فيها التظاهرات. النظام الذي يطالب المتظاهرون بإسقاطه لم يعد نظاماً، حتى يكون الاعتراض عليه جوهرياً وذا معنى.

شارك غردالفرق بين تظاهرات بداية الثورة السورية وبين تظاهرات اليوم عميق المعاني...

شارك غردالمهم اليوم لدى كل الأطراف في الأزمة السورية هزيمة الخصم لا بقاء سوريا وشعبها

كانت الثورة السورية في بداياتها ثورة وحيدة الجانب، لا تتجاوز التذمر والاعتراض إلى حيز الفعل السياسي المباشر. السوريون ثاروا ضد القمع ومصادرة الحياة العامة، لكنهم لم يعطوا أجوبة أو يقدموا أفكاراً عن مستقبل سوريا، وعلاقاتها المعقدة مع الجوار، وفسيفساء طوائفها وطبيعة مدنها، ودستورها المرتجى وديمقراطية نظامها المقبل وحسن تمثيل القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في النظام المقبل.

حتى هذه اللحظة ليس ثمة في الأفق السوري، أو الأفق المجاور له أيّة أفكار تتناول هذه الجوانب. فليس ثمة سؤال عن أيّ دستور يخص سوريا الموحدة يضمن بموجبه حقوق الجميع في التمثيل السياسي والقانوني.

وليس ثمة أي حديث عن طبيعة النظام الديمقراطي المنشود لدى النخب السورية التي هللت للثورة المدنية في بداياتها. وهذا الخطاب مفتقد أيضاً لدى النخب العربية عموماً والعالمية على حد سواء.

ثمة حديث عن الانتخابات باعتبارها وصفة مضمونة النتائج لإقامة تمثيل فعلي للقوى الفاعلة في المجتمع، وإنشاء نظام ديمقراطي. وهو حديث خائب وسطحي إلى الحد الذي قد يؤدي إلى خيبة أعمق من تلك التي شعر بها مدنيو الثورة السورية حين تم تهجيرهم قسراً عن مراكز القرار في مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام على حد سواء.

لا يكفي أن تخرج تظاهرة تطالب بإسقاط النظام حتى نستبشر خيراً. هذا الحكم كان صحيحاً في بداية الثورة. فيومذاك كان علينا أن ندقق في هوية القوى الاجتماعية التي تطالب بإسقاط النظام، وندقق في خطابها وخطابها المرتجى لكي نتبين ما المستقبل الذي دعتنا إليه.

لا شك أن النظام السوري كان يعيش حالة احتضار مديدة قبل الثورة، ومنذ انسحابه من لبنان عام 2005 على أقل تقدير. لكن الثورة التي قامت عليه بُنيت ركائزها على عجل.

اليوم ثمة حديث عن عودة الثورة إلى مدنيتها، وهو حديث يفتقر إلى كل مقومات الصحة والحصافة. بل ربما نكون على الأرجح أمام نسخة من الأمل أقل حظاً من سابقتها في تحقيق المرجو.

فبما أن النظام نفسه لم يعد نظاماً، فإن الثورة عليه ليست ذات معنى، حتى في مقاييس شجاعة المتظاهرين الأولين التي لا يستطيع المرء إلا الانحناء أمام عظمتها.

ولئن الشعار ما زال هو نفسه بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة، فإن أسباب الشك بنجاح هذه التظاهرات في صناعة أمل ما تبدو اليوم أعمق مما كانت عليه طوال العقدين الأخيرين من عمر الاعتراض على النظام السوري.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل