المحتوى الرئيسى

3 أسباب تدفع "المركزى" لتجاهل مطالب تعويم الجنيه

03/13 08:39

خبراء: يجب تمهيد الطريق بإصلاحات حتى تؤتى الخطوة ثمارها

ممتاز السعيد: أسعار السلع سترتفع بنحو %25.. كيف سيعيش المصريون؟

تامر يوسف: 20 مليار دولار حدًا أدنى للاحتياطى يضمن فعالية تدخل «المحافظ »

يصُم البنك المركزى آذانه عن مطالب تعويم العملة المحلية التى تعالت بشدة على مدار الأسابيع الأخيرة، ويقف المسئول عن "السياسة النقدية" حائرًا بين الاستجابة لضغوط السوق والتخلى عن الجنيه، بما له من تداعيات اجتماعية واسعة، وبين التمسك به بقوة والصمود أمام الانتقادات، وهو أمر له أثره أيضًا على الاقتصاد المحلى .

ويتلخص الوضع الحالى فى زيادة الطلب على الأخضر لتلبية مطالب السوق التى تستورد أكثر من %65 من احتياجاتها الأساسية من الخارج، وسط نقص المعروض منه، لأسباب عدة وهى قلة الاستثمارات الأجنبية، وتراجع دخل قناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج، وهبوط الصادرات، وكذلك ركود السياحة عقب سقوط الطائرة الروسية .

ويتمثل دور المركزى فى إدارة السياسة النقدية وفقًا لما يتوافر لديه من موارد، والتدخل بعطاءات من حين لآخر، غير أن كل الموارد فى تراجع، والاحتياطى من النقد الأجنبى استنزف بشدة ليصل إلى 16.534 مليار دولار، ويضم جزءا كبيرا منه ودائع خليجية .

وقفز الدولار بشدة فى السوق السوداء على مدار الأسابيع الماضية ليقترب من مستويات تاريخية قرب الـ 10 جنيهات، غير أن المركزى يثبت سعره بالبنوك عند 7.83 جنيه .

استطلعت "المال" آراء عدد من الخبراء حول أسباب تمسك البنك المركزى بالمستوى الحالى للجنيه، وما هى الشروط التى يجب توافرها قبل اتخاذ قرار "التعويم" حتى يثمر القرار عن زيادة الموارد بالنقد الأجنبى عبر جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة؟ .

وأكد الخبراء أن هناك 3 أسباب وراء التمسك بتثبيت العملة عند مستواها الحالى، أبرزها الخوف من زيادة أسعار السلع الأساسية - التى تستورد مصر غالبيتها- الأمر الذى يمس شريحة عريضة من المواطنين، فضلًا عن ضعف قدرة "المركزى" على التدخل لإيقاف المضاربات والارتفاعات العنيفة التى قد يشهدها الجنيه بالسوق السوداء بالتزامن مع خفضه، إذ لا يتوافر لدى البنك المركزى سيولة كافية لضخها فى تلك الحالة لتحجيم الارتفاعات المتوقعة فى ظل احتياطى نقدى ضعيف يدور حول 16.5 مليار دولار .

وأشاروا إلى أن السبب الثالث والأهم هو ضرورة تجهيز حزمة متكاملة من القرارات الحكومية لتشجيع الاستثمار الأجنبى والقضاء على السوق السوداء، متسائلين عن الفائدة من خفض العملة فى حال عدم استقدام استثمارات وزيادة الصادرات؟، واستشهدوا بسيناريو التعويم خلال عام 2003، والذى سبقه اتخاذ حزمة من الإصلاحات .

بداية قال ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، إنه ضد تعويم الجنيه فى الوقت الحالى، لوجود خطرين أساسيين، أولهما أن الأسعار ستنفلت لتزداد رسميًّا بواقع 20 لـ%25، والثانى أن الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية ستستمر، وبمجرد وصول الدولار رسميًّا إلى 10 جنيهات على سبيل المثال، فإنه سيقفز بالسوق السوداء لـ 11 أو 12 جنيها، ما سيفقد تلك الخطوة جدواها الرئيسية .

وأوضح أن الإجراء الأهم فى الوقت الراهن هو القضاء على السوق السوداء، والسيطرة على الصرافات ومحاسبتها، فضلًا عن تحجيم الاستيراد بشكل أكبر ليقل بنحو %25، وهو أمر سيحجم الطلب على النقد الأجنبى .

ورأى السعيد أن تعويم العملة يتطلب تجهيزات منها رفع الأجور لكى تتناسب مع التضخم المرتقب فى أسعار السلع، وكذلك زيادة المعاشات، قائلًا: "الناس هتعيش إزاي؟ لازم دراسة لجميع أبعاد القرار، طالما مش هتقدر تتفادى تبعاته ما تعملوش ".

وأكد وزير المالية الأسبق أن التعويم لن يجذب الدولار سواء من خلال استثمار أو سياحة أو غيرها؛ لأن السوق السوداء ستظل مستمرة، إذ إنها ستحلق بالجنيه بعيدًا عن السعر الرسمى حتى بعد خفضه، لتستمر الفجوة السعرية التى تؤرق المستثمرين .

وفى سياق موازٍ، أثنى السعيد على قرارات المركزى الأخيرة المتمثلة فى رفع القيود على السحب والإيداع بالدولار، مشيرًا إلى أن تلك الإجراءات سليمة، وكان تطبيقها غير واجب من البداية، حتى يتمكن العملاء من سحب وإيداع أموالهم بالبنوك بحرية تامة .

من جهته، قال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن اعتماد مصر على استيراد نحو %70 من احتياجاتها من الخارج يصعب على صانع السياسة النقدية اتخاذ قرار تعويم الجنيه؛ حفاظًا على أسعار السلع الإستراتيجية بالسوق، مشيرًا إلى ضرورة تمهيد السوق لتلك الخطوة التى من المتوقع أن يتم اتخاذها تدريجيًّا وليس مرة واحدة .

وأكد ضرورة توافر آليات وأدوات معينة لدى "المركزى" قبل الإقبال على خفض العملة حتى تأتى الخطوة بثمارها، وتسفر عن جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وبما لا يضر الطبقات المتوسطة والفقيرة فى نفس الوقت، لا سيما أنه من تبعات مثل هذا القرار ارتفاع المستوى العام للأسعار .

وأوضح يوسف أن الآليات المتاحة لدى البنك المركزى لا يمكن استخدامها إلا بعد وصول أرصدة الاحتياطى الأجنبى إلى 20 مليار دولار على الأقل، متابعًا أن هناك 3 وظائف أساسية للاحتياطى الأجنبى، أولها تعزيز قدرة الدولة على سداد التزاماتها وديونها الخارجية فى أوقات استحقاقها، ويليلها استخدامه فى حالة الطوارئ لتغطية استيراد السلع الأساسية لمدة تتراوح بين 3 و 6 شهور، وأخيرًا التدخل لضبط إيقاع سوق الصرف فى حالة حدوث ارتفاعات ومضاربات بالأسعار غير مبررة .

وأكد أن وضع الاحتياطى الأجنبى الراهن لا يسمح باستخدام "المركزى" آلياته عبر التدخل لبيع كميات كبيرة من العملة فى سوق الصرف، لافتًا فى الوقت ذاته إلى أن حزمة القرارات الأخيرة التى تم اتخاذها تعمل على تقليل جانب الطلب وزيادة المعروض الدولارى، الأمر الذى يحد من استنزاف أرصدة الاحتياطى الفترة المقبلة .

ولفت يوسف إلى أن القرارات بدأت تؤتى بثمارها، وبالفعل تراجع الطلب على عدد من السلع المستوردة، وهو ما انعكس مثلا على انخفاض مبيعات السيارات بنحو %30 الفترة الماضية بعد ارتفاع أسعارها، ومن ثم قل استيرادها. وذكر أن تدهور إيرادات السياحة لا يمكن أن تستمر لآخر العام، مرجحًا أن تكثف الحكومة جهودها لتعافى النشاط مجددًا، فضلا عن بدء الاتفاق على استثمارات أجنبية بمنطقة قناة السويس من جانب شركات سعودية وإماراتية .

وأشار رئيس قطاع الخزانة إلى أن قرارا تعويم الجنيه لا يتم اتخاذه بمعزل عن حزمة من القرارات الأخرى، مستشهدًا بما حدث عامى 2003 و 2004 عندما استبق قرار خفض الجنيه إصلاحات اقتصادية وإصدار قانون الضرائب الموحد، بالتزامن مع ارتفاع سعر فائدة على أدوات الدين الحكومية لإغراء الأموال الساخنة على الاستثمار فيها، وبالفعل تم جذب مبالغ كبيرة منها .

واتفق معه أسامة المنيلاوى، مساعد مدير قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، أن قرار تعويم الجنيه لم يحدث إلا مع ارتفاع الاحتياطى الأجنبى حتى يستطيع المركزى إحكام قبضته على السوق، والتحكم فى أى عمليات مضاربة متوقعة مع تلك الخطوة .

واستشهد بحديث طارق عامر، محافظ البنك المركزى، عندما قال إنه لن يتخذ قرارا بتعويم الجنيه إلا بعد أن يصل الاحتياطى إلى 25 مليار دولار، قائلًا: إن خفض العملة إجراء حساس وله حسابات مختلفة لدى صانع القرار الذى يمتلك كل البيانات عن السوق .

ولفت المنيلاوى إلى أنه لا أحد ينكر نقص العملة الأجنبية فى السوق حتى إن هذا العجز بدأ يطال السوق الموازية، إذ يتمسك حائزو الدولار بما لديهم ترقبًا لارتفاع الأسعار، الأمر الذى دفع المركزى والحكومة لاتخاذ حزمة من القرارات لتقليل الطلب وزيادة المعروض. وتوقع هدوء التعاملات خلال الفترة المقبلة، لاسيما بعد انتهاء مهلة وزارة الصناعة للمستوردين لتوفيق أوضاعهم مع القرارات الجديدة التى تلزم المستورد بالتعامل مع المصانع المسجلة لدى الوزارة، مشيرًا إلى أن هناك عددًا كبيرًا لم يستطيع إنهاء عملية توفيق الأوضاع، الأمر الذى يقلل من الطلب على العملة الخضراء خلال الفترة المقبلة .

ولفت المنيلاوى إلى أن قرارات إلغاء حدود السحب والإيداع للأفراد ولمستوردى السلع الأساسية مع رفع الفائدة على الشهادات الدولارية بالبنوك الحكومية ستسفر عن زيادة السيولة الدولارية بالبنوك الحكومية .

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل