المحتوى الرئيسى

ملف أمن قومى اسمه الأطفال

03/12 21:38

مشكلة كبيرة ألا تدرك «الدولة» المصرية أن الأطفال قضية أمن قومى. أخبِرنى مَن المسئول عن ملف «الأطفال» فى مصر، أقُلْ لك أىّ دولة نحن فى المستقبل، ففى واقع الأمر، الاستثمار الحقيقى فى المستقبل هو الاستثمار فى الأطفال، أَمَا وقد وجدت أن «الأطفال» قضية تفرّق دمها بين الوزارات والهيئات والمجالس، فاسمح لى بأن أقول لك: أىّ مستقبل تتحدث عنه؟

واسمح لى بأن أسألك عزيزى القارئ/ المسئول/ الرئيس شخصياً: ما مصدر ثقافة «أطفالك»؟ أىّ قنوات يشاهدونها؟ أىّ مجلات وكتب يقرأونها؟ أىّ وسائط تكنولوجية يستخدمونها؟ وأىّ «مصر» يرونها أو يحلمون بها؟

أطفالك يتلقون تعليمهم الأساسى بأساليب قديمة، وكتب ذات طباعة رديئة، ومدرسين غير مؤهلين، وواقع مزرٍ، فى حين يعرف الطفل الإماراتى مثلاً الهدف الذى يحلم به لبلده مكتوباً على جميع كتبه الدراسية «نريد أن نكون من أفضل دول العالم بحلول عام 2021»، ولهذا الهدف يدرس بأساليب «محترمة» و«متطورة» أسهم فى وضعها «مصريون»!!

أطفالك يشاهدون قنوات الأطفال الأجنبية، لأنه لا توجد قناة أطفال مصرية، ولا برنامج أطفال شهير يلتفون حوله، ولا مساحة محترمة فى الفضائيات الخاصة التى تعتبر وجود برامج أطفال «مابيجيبش إعلانات»، ولأن تليفزيون دولتك «فقير» وماسبيرو «بيكحّ تراب»، فقد تراجع عن دوره، رغم أن مجرد إعادة عرض برامج ومسلسلات الأطفال القديمة التى كتبها أساتذة كبار كفيل بـ«غرس» كثير من القيم التى لا يغرسها كارتون بطله اسمه «بسبس بوبى»، وهو كائن ناتج عن زواج قطة بكلب، نصفه قطة ونصفه كلب، أما الأبطال التى يعشقها أطفالك فهم فى الغالب «مسوخ» و«وحوش» و«آليون»، ليتوارى «البطل العربى» ونموذج «الفارس» الذى تربينا عليه، لأن أحداً لا يُقدّمه، وتكون قنوات «ديزنى» و«نيكولوديان» و«كارتون نت وورك» هى قنواتهم المفضلة، فى حين فطنت قطر (واركن السياسة على جنب دلوقتى)، إلى أهمية الاستثمار فى الأطفال، فخصّصت قناتين تخاطبان شرائح عمرية مختلفة للأطفال، قناة لأطفال ما قبل المدرسة اسمها «براعم»، وقناة للفتيان والفتيات اسمها «تليفزيون ج»، لتقوم بدبلجة مسلسلات منتقاة بعناية، وصناعة برامج خاصة بهم على درجة عالية من الاحترافية، وبأهداف محترمة، منها مثلاً ما يجمع الأسرة فى مسابقات، وما يغرس قيم التعاون، وما يحترم المنافسة.

أطفالك الذين تريد أن «تخلص» من زنّهم تتركهم أمام قناة «طيور الجنة»، وهى قناة أناشيد للأطفال، أنشأتها أسرة أردنية، قدّمت أفكاراً جيدة، لكنها فجأة قدّمت أغنية بعنوان «مصر حزينة» وضعت بها مشاهد من «فض اعتصام رابعة»، ليتم «اللعب» بدماغ أطفالك دون أن تدرى. فى مصر لا توجد مجلة أطفال «مصرية» يقرأها أطفالك. مجلة «سمير» التى تصدر عن دار «الهلال» (واحدة من أعظم المؤسسات الصحفية المصرية تاريخاً وأفقرها حاضراً)، كانت توزّع 200 ألف نسخة فى الستينات، وتقف أمام «ميكى» بقوة، وكانت أول مجلة خصصت باباً لتعليم الأطفال «أصول الصحافة»، حتى إن كاتب هذه السطور والصديق العزيز د. أحمد عبدربه، كاتب «الشروق» المتميز، من أبناء هذا الباب منذ الطفولة، أصبحت فى تراجع شديد، بسبب نقص الإمكانات، وعدم تطوير أدائها، لتصبح أرقام توزيعها مخجلة بمعنى الكلمة، أما مجلة «علاء الدين» التى تصدر عن «الأهرام»، فقد غيّرت «هويتها» وجمهورها المستهدَف، فلم يتبقّ للأطفال المصريين ليتابعوه سوى مجلة «ميكى»، أو مجلة «ماجد» الإماراتية التى تُعد أحد إنجازات أبوظبى، أو مجلة «العربى الصغير» التى تُصدرها وزارة الإعلام الكويتية، ويكتب ويرسم فى المجلتين الأخيرتين كتّاب وفنانون مصريون من أهم كتّاب وفنانى العالم العربى، فى حين أعد الصديق العزيز والكاتب المتميز عمرو سمير عاطف، مبتكر شخصية «بكار»، دراسة محترمة لمجلة أطفال مصرية، وقناة أطفال مصرية خالصة، لكنه لم يجد دعماً ولا اهتماماً ولا احتراماً للأطفال من أحد، رغم أنه خصص جزءاً فى دراسته لكيفية جلب إعلانات لهذه القناة!!

كتب الأطفال نفسها فى مصر فى أزمة، فالمؤلفون والرسامون موجودون، لكن دور النشر المصرية تفضّل الكتب المترجمة، والتعامل مع المنحة الأمريكية لكتب الأطفال!!

والآن نعود للسؤال: أين الأطفال من اهتمام «الدولة» المصرية، التى نعرف أن من ضمن أمراضها المزمنة أنها لا تهتم بشىء إلا لو اهتم به «رئيسها»، فهل يهتم الرئيس؟

مَن سيكون مسئولاً عن ملف الأطفال؟ وماذا سيفعل؟ وهل سيُتاح له التنسيق مع الوزارات، لنستثمر فى المستقبل؟

بالمناسبة.. قبل فترة التقى الرئيس الأمريكى باراك أوباما 55 طفلاً أعمارهم تتراوح بين 8 و12 سنة فى حديقة البيت الأبيض، فازوا فى مسابقة لإعداد «وجبات صحية»، ضمن حملة لمكافحة البدانة التى تُهدد أطفال الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة الحملة المستمرة منذ أكثر من عام، فإن معدل زيادة البدانة توقف، لكن ميشيل أوباما تقول إن لديهم الكثير والكثير لينجزوه بالتعاون مع النشطاء والمهتمين بالأطفال فى الولايات المتحدة والعالم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل