المحتوى الرئيسى

بعد 5 أعوام على الثورة.. "شهداء" و"لاجئون" و"إرهاب" وضعوا سوريا على "صفيح ساخن"

03/12 13:25

بعد 5 أعوام من إراقة الدماء خلفت أكثر من ربع مليون قتيل وملايين اللاجئين، وصلت سوريا إلى مرحلة حرجة، ينفذ إطار دبلوماسي لوضع حد للمجزرة، ويتماسك وقف إطلاق نار جزئي مدته أسبوعين، ومن المقرر استئناف محادثات السلام في الأيام المقبلة.

يقول بسام بربندي دبلوماسي سوري سابق موجود في واشنطن، ويشغل حاليا منصب المستشار السياسي للمعارضة السورية: "المؤشرات من بعيد تبدو كلها جيدة"، مضيفا: "رغم ذلك فهي لحظة هشة للغاية، والطريق لا يزال طويلا".

قليلون من يعتقدون أن القتال سينتهي تماما، ويمكن أن تنهار الجهود مرة أخرى في أي لحظة، كما أن الانقسامات المريرة بشأن مستقبل الرئيس بشار الأسد، تهدد بإفشال أي مفاوضات جادة لانتقال سياسي في المستقبل القريب، والحديث آخذ في الارتفاع عن أن التقسيم هو أفضل سيناريو، ومع ذلك فهناك العديد من المؤشرات على أن الحرب وصلت إلى نقطة قد تبدأ البنادق فيها بإفساح المجال للعمل السياسي.

وأضاف بربندي: "ننتهي من المرحلة الأولى وننتقل إلى المرحلة الثانية".

في قلب الدبلوماسية الحالية، هناك رغبة مشتركة على الصعيد الدولي، لوضع حد للحرب التي أطلقت العنان للمتطرفين في جميع أنحاء العالم، وزعزعت استقرار الدول المجاورة، وغمرت أوروبا باللاجئين.

يقول آرون لوند الزميل غير المقيم في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، ورئيس تحرير صفحة "سيريا إن كرايسز" (سوريا في أزمة)، عبر موقع المؤسسة "الرأي العام العالمي يبتعد عن المعارضة وفكرة التغيير السياسي في سوريا.. الكثير من دول العالم تريد فقط الاستقرار ووقف ملاذات الإرهاب ووقف تدفق اللاجئين، لا تريد أن ترى سوريا على الصفحة الأولى لصحف الصباح بعد الآن".

خمس أعوام مرت، منذ بدأت الانتفاضة في أول الأمر باحتجاج صغير وسط دمشق في 14 مارس 2011، تبعه بعد بضعة أيام احتجاجات أكبر في مدينة درعا جنوبي البلاد ردا على اعتقال وتعذيب طلاب مدارس ثانوية، خطوا كتابات مناهضة للحكومة على جدار مدرسة.

الاحتجاجات التي أتت بعد سلسلة ما يسمى بثورات الربيع العربي، التي أطاحت بالمستبدين في تونس ومصر وليبيا، أثارت الذعر في صفوف هيكل السلطة السورية، حيث ردت قوات الأمن باستخدام القوة الغاشمة، وفي غضون بضعة أشهر، تحولت المواجهات إلى تمرد مسلح وانزلق الصراع إلى واحدة من الحروب الأهلية الأكثر وحشية في التاريخ الحديث.

وغذى القتال الذي تحول مع الوقت لأكثر وحشية، ضخ  الولايات المتحدة وإيران وحزب الله والمملكة العربية السعودية وتركيا وفي نهاية المطاف روسيا، الأسلحة والمال لدعم طرفي النزاع في الحرب، كما ارتكبت مجازر على نطاق واسع، وتحولت مناطق بأكملها في المدن الكبرى إلى ركام.

خلال كل ذلك، كان الأسد متماسكا، قائلا باستمرار: "أقاتل الإرهاب"، وذلك في ظل تنامي صعود تنظيم "داعش" الإرهابي، وفرع تنظيم القاعدة في سوريا "جبهة النصرة"، مضيفا: "أرى بشكل كامل الجوهر الأصلي للناشطين القوميين الساعين إلى إنهاء الاستبداد"، حتى أن الأسد يدعى أنها أسطورة أن الانتفاضة بدأت باعتقال الطلاب في درعا واحتجاجات لاحقة.

وقال الأسد، في مقابلة أجراها مؤخرا مع التلفزيون الألماني "إيه أر دي": "القصة كلها لا وجود لها، لم تحدث، كانت دعاية فقط".

بالنسبة للسوريين العاديين الذين شاركوا في الاحتجاجات الأولية، ما يزال هناك شعور بالحيرة بشأن كيفية تدهور الأمر بسرعة، والشعور بالخسارة الهائلة التي لا رجعة فيها.

"لم أكن أتصور أن النظام سيستمر حتى 2016"، وفق ما قال عامر مطر الصحفي السوري، الذي كان من بين نشطاء المعارضة الذين شاركوا في الاحتجاجات في وقت مبكر، واعتقل مطر مرتين وتعرض للتعذيب قبل أن يغادر البلاد في نهاية المطاف، أولا إلى تركيا ثم إلى ألمانيا، حيث يعيش هناك منذ نحو 3 أعوام، اختفى شقيقه محمد نور بعدما اختطفه تنظيم "داعش" الإرهابي منذ أكثر من عام.

وأضاف: "سوريا لن تكون ذاتها أبدا.. لا أعتقد أنها ستكون سوريا واحدة".

يقول السفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد، إنه مثل العديد من الدبلوماسيين المخضرمين الآخرين، قلل من قدرة الحكومة السورية على البقاء وقتا طويلا، ولم يتخيل أن إيران وحزب الله وروسيا ستتدخل بقوة نيابة الأسد.

في الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة مترددة من اليوم الأول، تجاه تقديم المساعدة المهمة للمعارضة، وكانت أهم أولوياتها قتال تنظيم "داعش" الإرهابي، وهي حريصة على جمع الكل معا ضده.

ذلك الوضع مع التدخل العسكري الروسي، الذي غير قواعد اللعبة في سوريا، أديا بالقوى العالمية إلى الاتفاق في نوفمبر، على خارطة طريق لانتقال سياسي يتضمن انتخابات برلمانية ورئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة في غضون 18 شهرا.

بناء على الزخم، توصلت الولايات المتحدة وروسيا الشهر الماضي، إلى وقف جزئي لإطلاق النار الذي يستثني تنظيم "داعش" الإرهابي و"جبهة النصرة"، ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 فبراير، وتماسك وقف إطلاق النار في معظمه، على الرغم من أنه محدود ومؤقت وشابته أعمال عنف متفرقة.

وتستأنف محادثات السلام في جنيف، بعد انهيار جولة سابقة بسبب هجوم حكومي في حلب، وقال ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، إن قضايا مثل دستور جديد وإجراء انتخابات ستكون في قلب المحادثات.

لكن المفاوضات قد تنهار بسبب القضية التي لا يمكن التغلب عليها على ما يبدو، وهي مصير الأسد، على الرغم من تراجع المعارضة عن مطلبها بتنحيه قبل المفاوضات، إلا أنها تقول إنها لن تقبل بأي عملية لا تنتهي بإبعاده، ولم يظهر الأسد أي علامة على أنه غير مستعد للرحيل، ومن غير الواضح استعداد داعميه الدوليين، بما في ذلك روسيا، لإجباره على الرحيل.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل