المحتوى الرئيسى

في الجزائر .. المرأة "مكياج" سياسي

03/11 15:39

لا توجد قضية في الجزائر تروج في السوق السياسية مثل قضية المرأة ، خاصة تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة ، حيث تراجع  في هذا الوقت المرأة  ما حققته من مكاسب لحقوقها، التي لا زالت متواضعة وفقا لمؤشرات مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، فقد أقرت الدولة دستوريا 30% حصة المرأة من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية.

وسجل البرلمان الجزائري أعلى مشاركة للمرأة  في العالم العربي، لكن منتقدي هذه السياسة يعتبرونه إضعافا للبرلمان كمؤسسة تشريعية ، لكون  أغلب النواب  النساء  غير كفوءات للعمل التشريعي ، والحال ذاته في المجالس المحلية.

ونتيجة هذه " الكوتة النسائية " وجدت أحزاب المعارضة نفسها في ورطة ، فلم يكن بوسعها توفير 30% في قوائمها الانتخابية ، وهو ما وضعها على المحك في قضية المرأة ، وحرصت في خطابها على إعطاء المرأة مكانتها اللائقة في المجتمع لكن الواقع خلاف ذلك.

ومر اليوم العالمي للمرأة 8 مارس هذا العام  والجزائر تشهد سن قوانين نوعية  للمرأة ، آخر هذه القوانين في ديسمبر 2015 حول تجريم العنف ضد المرأة ، وهو ما رحبت به الجمعيات النسائية  والأحزاب العلمانية  بأنه خطوة هامة لحماية المرأة من العنف، فيما قوبل بعاصفة انتقادات من الأحزاب الإسلامية والجمعيات النسائية التابعة لها، معتبراه  يهدد استقرار الأسرة .

القانون يفرض عقوبات على الرجل سواء كان أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا أو صديقا تقضي  بالسجن من 15 يوما إلى 20 عاما حسب الضرر الذي لحق بالمرأة ضحية العنف فضلا عن الغرامات المالية المرتفعة.

وقبل هذا القانون جرت تعديلات على قانون الأسرة تلغي شرط الولي من عقد الزواج، وانقسم السوق السياسية بين مؤيد من باب أنه يدل على نضج المرأة لتقرر حياتها بنفسها، وبين رافض كليا، لاصطدامه بالتقاليد الاجتماعية المرغوبة  لدى الجزائريين ، معتبرين أن غياب الولي يهدد حياة المرأة الزوجية؛ لشعور الزوج أن ليس لها ولي يحميها.

وجاء اليوم العالمي للمرأة أيضًا قبيل انعقاد قمة عالمية  تحت إشراف الأمم المتحدة، من شأن نتائجها اتفاقية دولية تلزم الدول بإزالة كل العوائق أمام تطبيق الاتفاقيات الدولية، وهذا ما حذرت منه المشاركات في ندوة عقدتها جبهة التغيير بعنوان "المرأة بين المكتسبات القانونية..والرهان الانتخابي"  بأن للمجتمعات خصوصية هي فوق الاتفاقيات الدولية، التي أجاز بعضها زواج المثليين.

وقالت المحامية فاطمة سعيدان  لـ"مصر العربية" إن تغيير القوانيين ضرورة حتمية نتيجة تطور المجتمع، ولكن يجب أن تبقى محافظة على الثوابت الوطنية التي أقرها الدستور الجزائري، فإذا كانت القوانين تخدم المرأة وتخدم المجتمع مرحبا بها ، فقط يجب أن تحافظ على ثوابت الأمة ، فلكل مجتمع مميزاته وثوابته ، إذا حافظت على هذا الإطار فلايوجد  مشكلة حول ذلك. 

بينما الدكتورة حميدة غربي رئيسة مكتب المرأة في جبهة التغيير (حزب إسلامي)  ترى أن الإشكال في غياب استراتيجية لتنفيذ القوانين.

وأضافت في حديثها لـ"مصر العربية":" ليست المشكلة بالقوانين، لكن الإشكالية أن هذه القوانين تحتاج إلى استراتيجية وآليات لترجمتها على أرض الواقع، وإلا تبقى مجرد قوانين، والفرق شاسع والهوة كبيرة بين التشريعي والتنفيذي".

وتابعت:" نحن مع أي قانون يكرم المرأة، نريد تمثيل هذه القوانين  على أرض الواقع ، فالذين يشرعون القانون بأيديهم أن يرتقوا بالمرأة ، بأن تكون وزيرة ومديرة مؤسسة أو خلافه، ولكن أين نحن من هذا ؟ لايوجد شيء، نحن نراها مجرد مزايدات سياسية، وفرقعات إعلامية واستجابة لضغوطات دولية".

عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير ، الذي انتقد سياسة الدولة في قضية المرأة بأنها توظفها لمصالحها، رأى أن تلك القوانين التي تشرعها السلطة ليست لحماية المرأة كما تقول، فلم تستشر المرأة الجزائرية ماذا تريد، مؤكدا أنها تأتي  للحصول على شهادات من منظمات دولية، لتزكي الجزائر فيما يتعلق بحقوق المرأة". 

وعما إذا كان قانون تجريم العنف مكسبا للمرأة ، قال مناصرة  لـ"مصر العربية": " لا أعتقد أنه مكسب كبير، العنف ضد المرأة ليس ظاهرة في الجزائر ، قد يكون ظاهرة في بلدان  أخرى، وفي الجزائر العنف ظاهرة هامشية على المجتمع، في الأسرة الجزائرية المرأة مكرمة، والعنف الذي يمارس على المرأة هو عنف الإدارة وعنف الحكومة، وعنف ارتفاع الأسعار وتراجع الأجور، هذا أكبر عنف ضد المرأة، لأنه يهدد حياتها، وليس الزوج يمارس العنف ضد المرأة ، بل الفقر والبطالة وسوء الأحوال الاجتماعية، هو الذي يشكل عنفا في حياة المرأة الجزائرية" 

بينما لويزة حنون رئيسة حزب العمال (الشيوعي التروتسكي)  قالت صراحة إنها ترفض الهدايا والورود بمناسبة يوم المرأة العالمي.

وأضافت في مؤتمر صحفي:" لا نريد حفلا سياسيا للمرأة بل نريد إعادة النظر في الواقع المر الذي تعيشه"، مشيرة إلى نماذج العنف الممارس ضدها وضد عضوات حزبها بما تعرضن له من ضرب وشتم من زملاء لهن بالبرلمان على هامش التصويت على قانون المالية.

وأكملت:" هذا استغلال سياسي للمرأة ، يجعلون منها ديكورا لتزيين المجالس المنتخبة، وربح المقاعد في الانتخابات واستغلال كوتة المرأة، التي منحت لها بموجب الدستور" وترى حنون أن العمل السياسي للمرأة لازال صعبا في ظل ماوصفته " بالتعفن السياسي "، خاصة " مع وجود تناقض كبير بين التشريع والتطبيق".

وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد وجه  رسالة للمرأة بمناسبة اليوم العالمي لها، تحدث فيها عن تضحياتها في ثورة التحرير وسنوات الإرهاب وفي مرحلة بناء الدولة بعد الاستقلال، وحققت مواقع جيدة بالمجتمع والدولة ، لكنه خص فترة حكمه قائلا:" منذ أن توليت مسؤولياتي، درجت على إعادة النظر في وضع المرأة داخل مجتمعنا على المستوى التشريعي والتنفيذي والقضائي والمهني وما إليه، بحيث غدت المرأة في المدينة والريف، داخل الوطن وخارجه،  بفضل الله و بفضل وعي المجتمع، عضوا فعالا على قدم المساواة مع الرجل على كافة الأصعدة".

وهو أمر يدحضه علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات (علماني) ، والمنافس القوي للرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية 2014 ، وقال في كلمة أمام جمع نسوي بمناسبة 8 مارس: "لا شك أنكم لاحظتم أنه يزعم أنه الرجل المنقذ المنشغل دوما بتحسين وضع المرأة في المجتمع و إنهاء الضرر الملحق بها و رفع المظالم عنها.

عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير الوطني يلقي كلمة بيوم المرأة العالمي 

ويقدم قناعات حزبه بقضية المرأة قائلا:" إننا في طلائع الحريات نتبنى قولا و فعلا قضية المرأة الجزائرية كقضية مركزية مشتركة و كقضية وطنية بكل ما لها من انعكاسات على بناء الدولة العصرية وتعزيز الأمة المتطورة و الراقية و تثبيت توازن المجتمع المتلائم و المتماسك". 

بعيدا عن هذا الإشهار السياسي عبر قضية المرأة استقت "مصر العربية" آراء بعض النسوة من مختلف الأعمار.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل