المحتوى الرئيسى

«عين البيئة»| من «مقلب زبالة» في قلب العشوائيات لأول مجمع بيئي بمصر

03/11 14:06

وسط أصوات الورش وضجيج السيارات وعراك العمال، بحي "كوتسيكا" التابع لمنطقة "طرة"، مساحة مربعة تقبع وسط المنازل المتلاحمة مليئة بالقمامة والنفايات التى يلقيها أهل المنطقة، التلوث يسود المكان في رقعة ليست الوحيدة على أرض الكنانة، مشهد متطابق في العديد من المناطق التي يعيش سكانها في قلب القمامة غير مبالين بما آل له الوضع من تلوث قد يودي بحياتهم، إلا أن مجموعة من الشباب قررت تحويل "مقلب الزبالة" لمجمع بيئي متكامل يعيد تدوير النفايات ويحارب التلوث.

بعد ثورة 25 يناير أخذهم الحماس وشاركوا مع العديد في تنظيف الشوارع وطلاء الأرصفة، خاصة مع الأجواء والروح الإيجابية التى صاحبت الثورة للقضاء على السلبيات والأمل فى حياة أفضل ومجتمع ديمقراطي حر يعرف حقوقه ويقوم بواجباته تجاه وطنه.

 "بمجرد ما نمشي بيرجع الشارع زي ما كان"، قالها أحمد معوض رئيس جمعية "عين البيئة التعاونية" الذي كرس حياته لخدمة البيئة، محض الصدفة ساقته لأن يكون مشرفًا على مشروع بيئي يحمل في طياته خططًا ومشروعات للقضاء على الظواهر البيئية التي تهدد الكون أجمع.

خمس سنوات من العمل المضني، بدأ "معوض" مشروعه "عين البيئة" هو ورفاقه من اللاشىء مجرد أحلام جمعت القلوب النابضة بحب الحياة الصحية السليمة وقدسيتها، من "مقشة" و"جردل" طلاء، لمجمع بيئي لا تصدق الأعين وجوده على أرض الواقع، اختار مكان مشروعه في رقعة تستغيث من كثرة التلوث الذي تعيش في أوساطه بين مدينة "شق الثعبان" صاحبة أكبر مصانع للرخام والسيراميك وحى "حلوان" أكبر المناطق الصناعية.

"أنا واحد من الناس كنت فاكر اللي بيشتغل في مجال البيئة ده مرفه"، قالها "معوض" مشيرًا إلى أن نظرته تلك تغيرت بمجرد أن طرق الباب وفكر في فهم الثقافة البيئية ونشرها بين الناس، عشوائية الحياة المليئة بالتكدس والتلوث وهمة شباب الثورة الحالمين بحياة أفضل غيروا نظرته، وجعلاه شغوفًا بالعمل البيئي يطمح في مجابهة التغيرات المناخية التي قد تشكل خطرًا على العالم.

"لما كنا بنقول للناس في المناطق العشوائية كلمة بيئة كانوا بيفتكروها شتيمة"، قالها "معوض" لافتًا إلى أن وعي الناس المحيطة بالجمعية جعلهم يشاركون في عمليات إعادة التدوير، ويقومون بفصل القمامة وتوصيلها للمجمع حتى يتم الاستفادة منها، فيعتبر ذلك التغيير بمثابة أكبر نجاح استطاع أن يصل له هو ورفاقه الذين جمعهم حبهم لبلادهم وأملهم في التغيير.

جمع الشباب الثلاثيني المتخصص في مجال البيئة حتى يتمكن من تنفيذ مشروعاته على أرض الواقع، مشيرًا أنه لم يكتف بهذا الحد ولكن تنظم الجمعية كورسات ودورات تدريبية لعمل النماذج البيئية مثل "جهاز الأكوابونيك" و"البايوجاز" للوصول إلى أكبر قدر من الاستفادة، قائلًا "لما ييجي الدورات ناس من محافظات بعيدة زي أسوان ببقي في منتهى السعادة".

"الطفل الأخضر"مبادرة لمجابهة التغيرات المناخية

أطلقت جمعية "عين البيئة" مبادرة تحت شعار "الطفل الأخضر"، وتهدف إلى تأهيل الأطفال وتعليمهم الثقافة البيئية الصحيحة، وكيف يمكن الاستفادة من القمامة والمخلفات وتحويلها إلى طاقة نظيفة يستفيد منها المجتمع، هكذا أوضح "معوض" مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق مع الحضانات التابعة للمنطقة على إرسال أطفالها يوم الجمعة لتعليمهم ثقافة الحفاظ على البيئة وزرعها بداخلهم منذ الصغر، قائلًا "الأطفال دول هيكون منهم بعد كده وزير البيئة والري والزراعة"، لافتًا إلى تجاوب الأهالي في إرسال أطفالهم لتلك الورشة يعد أحد أهم إنجازات الجمعية فى إيصال تلك الثقافة إلى الأطفال حتى يتبنوها في الكبر.

جولة في أرجاء عين البيئة بصحبة "أحمد سيد" أحد المتطوعين في الجمعية

الأكوابونيك هو نظام بيئي حيوي متكامل ويعني الزراعة المائية عن طريق الأسماك، تمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من العذاء في المنزل وإنتاج محاصيل غذائية دون أسمدة ، حيث توفر الأسماك الأسمدة النيتروجينية اللازمة للزراعة طبيعيًّا، هكذا شرح "أحمد سيد" أحد نماذج المشاريع الذين يقومون بالعمل بها في مجمعهم البيئي، مشيرًا إلى المحاصيل الزراعية التي تم الحصول عليها من نموذج الأكوابونيك.

"البايوجاز" بديل الغاز الطبيعي في بعض المناطق العشوائية

"البايوجاز هو جهاز يقوم بتحويل المخلفات الحيوانية والزراعية والآدمية والمنزلية إلى غاز الميثان الذي يستعمل كمصدر للطاقة" قالها "سيد"، مضيفًا أن ذلك الجهاز يعمل على التخلص الآمن للمخلفات دون إحراقها وتلويث البيئة أو إلقائها في الشوارع، بالإضافة إلى ذلك ينتج غاز الميثان الذي يستخدم كمصدر للطاقة في الطهي، "أخدنا فشار غير صالح من إحدى الشركات وبدل ما تعدمه عملنا بيه نموذج للبايوجاز".

لم يقف هؤلاء الشباب عند هذا الحد فقط، بل اتجهوا صوب بعض المناطق العشوائية مثل الدرب الأحمر والبساتين وبولاق التي لم يدخلها الغاز الطبيعي، وأقنعوا الأهالي بأهمية الجهاز وبالفعل بدأوا فى تنفيذ عدة نماذج.

 "بقوا بيجمعوا الزبالة ويخبطوا على الجيران ياخدوا زبالتهم علشان يقدروا يولدوا الجاز بدل ما يشتروا الأنابيب" قالها "سيد"، مضيفًا أن أهمية الموضوع تكمن في وعي الناس بمعنى البايوجاز وإقناعهم لاستخدامه وعدم إلقاء القمامة في الشوارع مثلما كانوا يفعلون من قبل.

استخدام الطاقة الحرارية الناتجة من الشمس واستخدامها في توليد الكهرباء، مشروع يعرفة العديد ولكن لا يتم العمل به في مصر بالرغم من اعتدال المناخ وسطوع الشمس أغلب أيام السنة، هكذا أعرب "سيد" عن استنكاره من عدم استغلال مقومات البيئة لتسهيل الحياة في جوف الطبيعة بأقل الإمكانات والتكاليف الممكنة.

وأضاف أنه تم تنفيذ مشروع استخدام الطاقة الشمسية في "عين الحياة "، قائلًا: "أي نعم مش بيغطي استهلاكنا في الجمعية.. بس قدام أكيد هنقدر".

إيمانًا بالبيئة والحفاظ عليها لم يتركوا ثغرة إلا وقتلوها بحثًا، "لقينا إن حتى الزبال وهو بيشيل الزبالة نصها بيقع في الأرض"، قالها مستطردًا: لذلك كان الحل في صندوق قمامة غاطس تحت الأرض يوضع فيه القمامة، وعند امتلائه يرفع ويفرغ ما بداخله دون ترك نصف القمامة على الأض.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل