المحتوى الرئيسى

شاهد.. انتهاك "كرامة المرضى" في المستشفيات الحكومية

03/10 14:56

هى بضعة ساعات لخصت الحال الذي تنطوى عليه المستشفيات الحكومية ، عقب إنتشار أزمة الأطباء والآمناء خلال الفترة السابقة، وإعلاء النقابة لشعار "كرامة الطبيب" الذي أصرت عليه مرارًا وتكرارًا متغافلين كرامة "المريض" .

"بوابة الوفد" أجرت معايشة بعدد من المستشفيات لإثبات ما يتعرض له المرضى والطبيب معا داخل اروقة المستشفيات الحكومية لكشف الغموض عن الأوضاع  بالداخل وتبين ما وصلت أليه الأحوال هناك .

الهمجية .. أبرز معالم مستشفيات التأمين

علي محور موازي لمعاناة الأطباء وإصرارهم علي تنفيذ مطالبهم وفي ظل الإضرابات التي تم الإعلان عنها من قبل نقابة الأطباء، تجول محرري الوفد في معايشة لرصد جانب من معاناة المرضي وساعات الألم خلال رحلة الكشف من لحظة الدخول والوقوف في طوابيرالتذاكر حتي الخروج من المستشفي .. فكان مركز طب الأسرة بالحي السادس بمدينة نصر مثالًاً للهمجية والفوضي التي تعم معظم مستشفيات التأمين الصحي .

في البداية دخلنا كمرضي لمعايشة المعاناة  التي  يمر بها  المرضي  وفي طابور التذاكر، فكانت أولي الأخطاء "همجية وصوت عالي وخناقات" علي مكاتب التذاكر وعدم إلتزام بالفصل بين طابور السيدات وطابور الرجال، فضلًا عن الإشتباكات بالصوت العالي بين موظف التذاكر والمرضي نظرًا لبطئه الشديد.

وعندما إنتقلنا إلي داخل الوحدة وجدنا الزحام والضوضاء والخناقات بين المرضي لتصل إلي طابور الكشف وطول الأنتظار ليس ذلك فحسب بل ما هو أمر وأدهي ماداخل غرفة الكشف المقتصر علي منضده يلتف حولها عدد من المرضي في آن واحد وجهاز الضغط المعطل والغير صالح لقياس الضغط به وعندما أبلغت الطبيبة أني أشعر بصداع حاد ودوخه أجابتني أن جهاز الضغط غير معير وقالت لي "أنصحكي قيسي ضغطك بره في أي مستشفي  او صيدليه ".

غرف الكشف لا تعرف حرمة لأجساد المرضي،  فكلهم متواجدون في نفس الغرفة .. يرفعون ثيابهم ويتعرضون للكشف دون الأعتراض علي وجود دخيل لخصوصيات الكشف حتى لو كان حامل نفس المرض ..  ولا أجهزه للتشخيص فهي موجودة كـ"سد خانة " ليس إلا .

وعندما تسآلنا عن وجود غرفتين للبطنى إحداهما في الدورالعلوي والأخري في الدور السفلي أجابني المرضي أحدهما للكبار والآخر للأطفال،  لكن الصدمة في أنهم أبلغوني أنهم سواء "إكشفي في أي وحده منهم إحنا بندخل الإتنين".

وتوجهت بعدها لأعرف من لأطباء مكان غرفة الجلدية كانت الإجابة أنها غير موجودة وأجابتني طبيبه "ما بتجيش غير يومين"، فضلًا عن باب التذاكر الذي تم غلقه قبل تمام الحادية عشر وإنصراف الكثير من الأطباء .

من داخل مستشفي الزهراء :

"اتفضل عند الأستقبال يا أستاذ.. أبعد عن الشباك يا كابتن فى حالات غيرك..والنبى يا حاجة اقعدى على جمب لحد ما ييجى دورك علشان الزحمة..سكتى ابنك ممكن علشان الناس صدعت منك من ساعة ما جيتى الصبح..الزفت فوق يا حاجه تالت مرة تسالى ابقى هاتى معاكى حد كبير" ، عبارات سمعتها من معظم "تمرجية" مستشفى الزهراء الجامعى، أمام كل الأقسام سواء فى الداخل أو العيادات الخارجية.

" 27 يا جماعة 27 " .. شكله زهق ومشى" الى بعده 28 ايوه..هنا هنا..الدور عليك يا أستاذ اتفضل الرمد "من هنا..شكرا، انتهى دور التمرجى".

الدكتور اسمك ايه..حسن، عندك كام سنة 20 سنه، ايه بقى تعبان من ايه..عيونى بس بتدمع كتير لما بقعد فى الضلمه، اقعد هنا..اللبس النظارة دى كده..شايف، لا مش اووى يا دكتور، طب حلو خد بقى الورقة دى وروح ادفع الكشف 25 واطلع على الدكتور محمد علشان "يقيس النظر" بعد ما تخلص عدى علي.. حاضر".

" لو سمحت الدكتور محمد فين علشان اقيس النظر..شمال فى يمين بس الأول روح ادفع الكشف فى الخزنة يا ابنى..الخزنه..ايه يا كابتن مش شايف الصف اقف وانت ساكت لحد ما نخلص، حاضر..دفعت الـ25 جنيه لو سمحت الدكتور محمد انت رقم 38 يا كابتن اقعد بقى على جمب شوية، 38 38 ايوة هنا بعد حوالى 26 دقيقة ".

" سلام عليكم يا دكتور، اتفضل اقعد على الجهاز،  البس نظارة المقاسات، ها شوفت لا عدسة تانى ها شوفت لا عدسة تالته ورابعة شوفت ايوة يا دكتور بس "قطع كلامى"، يلا علشان الحاجة دورها وانا مش شغال عندك يا استاذ..ولو انت عايز تاخد راحتك وتسال روحلك عيادة خاصة واقعد اتسلى مع الدكتور هنا فى ألف غيرك بيكشفوا.."انا مصمم" بس هسألك اذا كان نظرى كويس ولا لأ.. اها بس كده ابقى ارجع للدكتور حسام وهو هيقولك على حاجه الى انت جيت من عنده.. يلا يا حاجه الساعة جات 1 ولسة فى غيرك يا رب نخلص اليوم ده".

مستشفي أمبابة وتطاولات الأمن علي المرضي

"طوابير، زحمه، خناق، ذل" .. هى أربع كلمات تصف الحال المتدني للخدمه الطبيه التي تقدمها مستشفي إمبابه العام بمنطقة إمبابه للمرضهم، الذين يواجهون متاعب وآلام أثناء بحثهم عن رحلة الشفاء فضلًا عن مرضهم، فالمشقه التي يرونها أثناء العلاج أصعب بكثير من مشقة المرض.

وقد قامت "بوابة الوفد" بعمل جولة داخل مستشفي إمبابه العام لتفقد الحاله التي وصلت لها، فوجدنا "ما لايسر عدو او حبيب" فالعيادات الخارجيه للمستشفي دائما ما تشهد "طوابير" تشبه "طوابير العيش" في الأزدحام إلي جانب المعاملة السيئه للممرضين و المشادات الكلاميه بين أهالي المرضي اثناء وقوفهم في الطابور.

" لو قولتها تقفل شباك الصيدليه هتقفله " تلك الكلمات التي لفظها عامل الأمن بصيدلية مستشفي إمبابه وهو بكامل قوته العصبيه للمرضي البسطاء اثناء شرائهم للعلاج بصيدلية المستشفي، وذلك وسط خناق و ازدحام شديد امام "شباك الأدويه" .

"صراخ  .. عويل .. آنات " لا تسمع غيرها وأنت تتجول فى طرقات مستشفى معهد ناصر ، بسبب الفوضى التى تتمتع بها ادارة المستشفى العام وعدم تواجد الاطباء فى المواقيت المخصصة لإجراء الكشف الطبي والفحوصات على المرضى من البسطاء الذين طرقوا أبوابها راجين الرحمة من الآمهم .

" لن نتقبلكم فى مستشفياتنا ولا حق لكم فى العلاج حتى و لو كان فى مستشفيات "الفقراء" واذا ما وطأت اقدامكم بداخلها فعليكم الانتظار للإنتهاء من توقيع الكشف على أبناء العاملين و محاسيبهم و من يمتلكون وسائط واقارب ذو سلطة ونفوذ فى المجتمع المدنى" .. ذلك هو حال المستشفيات الحكومية النى لا تعترف بفقر ولا حاجة  .

ففى طابور أشبه بطابور صرف السلع التموينية " بوابة الوفد "  قامت بجولة ميدانية داخل مستشفى معهد ناصر بشبرا مصر ، للوقوف على اهم المشكلات التى تواجه مُرتادى العيادات الخارجية من المرضى  وما يترتب عليها من أزمات تنتهك كرامة المريض.

"   أغيثونى ، ارحمونى ، رفقا بحالى لا أريد سوى اجراء الكشف الطبى أنتظر منذ الصباح الباكر" .. بهذه الكلمات صرخت " ماجدة "  مخاطبة الممرضة المسئولة عن دخول المرضى للطبيب المختص داخل عيادة " مخ و أعصاب " لكن دون جدوى فهي لا تهتم سوى بدخول مرضى زملاؤها و اصحاب النفوذ و الواسطة او من معه تذكرة علاج مصحوبة بتأشيرة دخول مجانًا نظرًا لظروفه المالية ، وهى التذكرة المدعومة من قبل رئيس العيادات الخارجية  لاأصحاب الواسطة لا للمستحقين العلاج المجان.

أما فى عيادة العظام الأمر أكثر سوءًا ، العشرات يقفون بممر المستشفى الضيق الموحش والذى يكفى لمرورك بالكاد على أطراف اناملك نظرًا لشدة الزحام و عدم تواجد الاستشارى وبالرغم من وجود لوحة ارشادية تفيد أن الاستشارى متواجد من الساعه العاشرة و حتى الثانية ظهرًا.

بينما عيادة القلب و الصدر تفتح ابوابها لتستقبل الجمهور فى حضور نائب الاستشارى الذى تخلف ايضًا عن موعده وتزاحم المرضى على ابواب العيادة الخارجية يترجون رحمة الممرض فى دخولهم لاجراء الكشف الطبى دون ان يتحرك ساكن للمسئولين الذين يجوبون طرقات المستشفى من حين لآخر.

"بوابة الوفد"  لم تكتفى برصد ابواب العيادات الخارجية من الخارج فقط ، قمنا بإستخراج  تذكرة للكشف لمعرفة ما يدور خلف الأبواب المغلقة و الإنتظار وسط صراخ وعويل المرضى الذى أنهكهم الانتظار المرير وتسول العلاج الإقتصادى قرابة  خمس ساعات لحين حضور الطبيب المختص الذى قام بإستقبالنا ومعنا حالتين لاجراء كشف طبي لم يتسغرق سوى دقائق معدودة و الاكتفاء بالاستماع لحديث المريض و تشخيص وفقًا لما يرويه دون إجراء اية فحوصات طبية تذكر.

مستشفى النيل ومرضي التأمين  

"بتيجي ع اللي مش بإيديه، قليل الحيلة يعمل إيه؟" كلمات يمكن أن تصف حال المواطن البسيط الذي يهرول مُسرعًا فور شعوره بعرضٍ واحدِ من أعراض أي مرض إلى مستشفيات التأمين الصحي؛ أملًا منه في الحصول على علاجٍ مجاني، بأسلوبٍ يحفظ له كرامته.

وللوقوف على الخدمة المقدمة للمرضى وأهم مشكلات مرضى التأمين الصحي في مصر؛ تجول محررو "الوفد " داخل مستشفى النيل التعليمي التابعة لهيئة التأمين الصحي بشبرا الخيمة الذي يخدم قطًاعًا عريضًا من المرضى، وفور دخولنا تلك المستشفى وجدنا زحامًا شديدًا بجميع طوابقها حيث تكتظ بمرضى تبدو عليهم علامات البؤس والشقاء ممن ينتظرون دورهم للكشف بالعيادات الخارجية أو ليصف لهم الطبيب المعالج الدواء الشهري الذي يصرفونه من منافذ صرف المستشفى.

المرضى ينتظرون أمام أبواب عيادات الصدر والعظام والباطنة لنحو أربع ساعات على أمل أن يتلقون كشفهم وبعد نفاذ صبر سيدة في الخمسينات من عمرها، كانت تجلس أمام عيادة الباطنة شكت الإهمال ووجود طبيب مُعالج واحد رغم شدة الزحام وكثرة أعداد المرضى قائلةً "حرام عليكم مستنيين من 8 الصبح مافيش غير دكتور واحد بس يكشف علينا!".

وخلال جولتنا بالمستشفى؛ لوحظت محاولة تهدئة من قِبل المرضى لأحد المواطنين ممن لم يطق الانتظار طويلًا والكشف المتكرر عديم الفائدة، واستنكر فعالية الدواء الذي يُصرف له قائلًا "بقالي 15 سنة بصرف علاج ولا له أي لازمة، عامل زي الفراخ البيضا.. هات البطاقة، أنا عايز أمشي من هنا".

ويأتي كل ذلك إلى جانب شكوى المرضى من سوء المعاملة وعلى منافذ صرف العلاج داخل المستشفى والعيادات حيث يعانون الزحام الشديد والانتظار المميت لصرف العلاج، وقال مريض يحصل على أدوية شهرية من التأمين الصحي للتعافي من مرض الإنزلاق الغضروفي إنه أثناء صرفه للعلاج أعطى له الصيدلي أدوية معظمها بدائل للأدوية الأصلية، فضلًا عن غياب الأدوية باستمرار مع بداية كل شهر.

وعلى صعيدٍ آخر رصدنا بعض الأمور الإيجابية التي قد تغفر لسلبيات المستشفى بعض الشئ حيث كانت المستشفى نظيفة جدًا، خالية من أية قمامة قد تلوث هواءها أو مظهرها، إضافةً إلى التعليقات الإيجابية لمواطنة عن قسم حجز المرضى وعن مدى تهيئته التهيئة الجيدة في سبيل راحة المريض وشفاه.

القصر العيني وسجل من الإنتهاكات

هى مستشفى القصر العيني التى قضى بها الكثير من المرضى أيام وشهور، يشتكون آلامهم  لله وحده، ففي مدخل المستشفى يرقد المرضى على وجوههم صفرة العلة، وسط صياح الممرضات التى يطلق عليهم ملائكة الرحمة، بينما هم عكس ذلك " وسًعوا انتي وهو محدش يقف هنا..برة".

فلم تعرف المستشفى الحكومية الجامعية أين تضع مرضاها، فبدل من توفير سراير لهم في غرف مجهزة لحالات الطوارئ، وجدت لهم طريقة جديدة، وهي حجزهم في شرف المستشفى، والمضحك في الامر أن يصبح الشارع ملجئ للمرضى إذ حجز المريض حوش المستشفى، وتلقى الزيارات هناك في الهواء الطلق.

وعن المعاملات في غرف مبيت وحجز المرضى، التى من المفترض أن تكون بمثابة المكان المعالج وتلقى المعاملة الحسنة لتخفيف الآم والاوجاع، نجدها أكثر الأماكن تعصب ضد المريض ومرافقيه، الذين تجبرها الممرضات على المبيت على "الأرض" وترك السرير طالما لم يدفعوا "حلاوة" بقشيش والذي يصل لـ40 جنية لليله، هذا غير الباعه الجائلين الذين يتجولوا بمنتهى الحرية في العنابر بعد دفع الرشوة للأمن والتمرجية.

ومن هنا أشتكى عدد كبير من السيدات من مبيت اثنان رجال يعملان بقسم التمريض في عنابر السيدات، مما يدعوا لإثارة الريبة بسبب سوء أخلاق هؤلاء الرجال.

وتظل انتهاكات المستشفيات للمرضى قائمة، فمأساة غرف العمليات ليس لها مثيل، فبينما المريض يلفظ أنفاسه تحت مشرط الدكتور المعالج، يكون أهلة يموتون ألف مرة خارج غرفة العمليات، فإدارة المستشفى بدلت غرف الانتظار إلى السلالم ذات الرائحة الكريهة والمرتكز عليها القمامة من الأكياس البلاستيكية، ناهيك عن الدماء المبعثرة على جانبيى السلم.

البداية من مستشفى "منشية البكري" بمنطقة مصر الجديدة، حيث تصر موظفة "شباك التذاكر" على تنظيم الطابور  بطريقة لائقة تراعى مشاعر المرضى والزائرين.

وعند دخولك من بوابة المستشفى متجهًا للعيادات الخارجية، تجد الكثيرون ممن يقدمون لك المساعدة ويجبون على سؤالك بإحترام، رافعين شعار "عاوز تروح فين ياأستاذ".

ومرورًا بطرقة طويلة يسودها الهدوء والنظام، وغرفة عليها يافطة "الأذن والحنجرة" تجلس أمامها أحد الممرضات قائله "حضرتك عاوز تكشف ايه".

وفور دخول العيادة التي بها ثلاث مرضى مقابل 10 من أفراد المستشفى بين ممرضة وطبيب، تجد معاملة لائقة من قبل أحد طبيب الأذن بعد تردديه قائلًا "متخفيش الموضوع بسيط إن شاء الله، خد العلاج دي وتعالي بعد يومين اعملك اللازم".

لم يتوقف الأمر عند عيادة الأذن، حيث تجولنا بعدد من العيادات الأخرى منها العظام التي تكدس العشرات من المرضى عليها، حيث يجلس المرضى على كراسي متحركة تابعة للمستشفى يحركها بعض العاملين وأخرى يحركها أقاربهم، فيما يجلس ذويهم على مقاعد بشكل منتظم .

احترام حقوق المرضى شعار مستشفيات مصر القديمة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل