المحتوى الرئيسى

سيرة فيرجسون (5).. مارتن يول مدرب مثير للإعجاب.. ولم اتخذه مساعدا بسبب هذا الشخص

03/10 14:26

مساعد المدرّب، مهمة قد تبدو للمشجّع هامشية، أو للإدارة لا تلقي لها بالاً، لكن إلى أليكس فيرجسون هي وظيفة أساسية، يصف مساعده بـ"100% أليكس فيرجسون" فهو ليس مجرّد تابع ينقل التعليمات إلى اللاعبين بل صاحب وجهة نظر. يرى أن مانشستر مميزا في هذه الوظيفة عن بقيّة الأندية، لأن المساعد سوف يكون مطلوباً في أندية كبيرة، وهذا مع حدث مع مساعدين زاملوه ثم أصبحوا مدربين كأرشي نوكس إلى رينجرز الاسكتلندي، براين كيد إلى بلاك بيرن، ستيف مالكرين إلى أكثر من نادي.. إلخ.

لكن المساعد الأفضل على الإطلاق إلى فيرجسون، بحسبه، هو البرتغالي كارلوس كيروش. لم؟.. لأنّه كان يتدخّل، يأتي إلى أليكس ويخبره "أنتم لم تختر الأفضل".. "عليك أن تفعل كذا..". كان السير يحب هذه الطريقة.

فكّر أليكس في كيروش عام 2002، حيث كان البرتغالي مديراً فنيّا لمنتخب جنوب إفريقيا وقتذاك. أعجب فيرجسون به، وقرر أن يتعاقد معه على الفور، وقبل كيروش بعد انقضاء مهمته مع جنوب إفريقيا. لكن في عام 2003، أخبره كيروش أن ثمة أمر هام يجب عليهما مناقشته. ودار بينهما الحوار التالي:

كيروش: لديّ عرض بأن أصبح المدير الفنّي لريال مدريد.

فيرجسون: سوف أخبرك بشيئين. الأول: أشعر أنّك لا يمكنك رفض العرض. الثاني: سوف تغادر نادي عظيم مثل مانشستر، ولن تستطيع إكمال أكثر من عام لدى ريال مدريد. في مانشستر يمكنك أن تمكث طوال العمر.

كيروش: أعرف ذلك، لكنني أشعر أنني أمام تحد عليّ خوضه.

فيرجسون: كارلوس، لا أستطيع إخبارك أنّك لن تواجه تحد، لأنّني حال أخبرتك بذلك، وفي عامك الأول كسبت دوري الأبطال، سوف تقول: لقد استطعت فعلها. لكنني سأخبرك بشىء واحد: ستكون في كابوس.

ثلاثة شهور انطوت، وهاتف كيروش فيرجسون وأخبره أنّه يرغب في إنهاء عقده. لا يستطيع أن يتعايش مع الأجواء. طلب منه فيرجسون أن يستمر إلى نهاية الموسم ثم يأتي إلى الشياطين الحمر في النهاية.. هل كان السير منجّما؟.. لم يكن أليكس إلا قارىء جيد لكل ما يحيط به، أخبر في سنوات سابقة مساعده الراحل إلى بلاك بيرن أن الملائم له أن يظل مساعداً، إذ لا يملك ملكة اتخاذ القرار. كان يرى أن ريال مدريد ليست مناسبة لفكر كيروش، لاسيما في حالة تخبّط كان النادي الملكي يعيشها.

قبل أسبوع من مكالمة كيروش كان هناك "إنترفيو" بين فيرجسون والهولندي مارتن يول، لكي يكون مساعده الأول في مانشستر بعد ذهاب كيروش للعاصمة الأسبانية. يقول أليكس عن يول: مثير للإعجاب، ذكي، صاحب شخصية، وكان قد قرر أن يتعاقد معه على الفور، لولا مكالمة كيروش. لم يستطع السير أن يخبر مارتن يول عن السبب الحقيقي لعدم التعاقد معه، احتراماً لقيمة يول وخجلا منه، قال له إنّه يعتذر في الوقت الحاضر، وربما المستقبل يحمل التعاون.

وفي موسم 2008، رحل كيروش للمرة الثانية إلى البرتغال، ولم يستطع فيرجسون منعه لما أسماه "نداء الوطن".

يدافع أليكس عن لاعبيه – الماهر منهم على الأخص – في مباراة جمعت بين أرسنال ومانشستر، لم يكن المدافع الإيرلندي المخضرم دينس إيروين على ما يرام، وسمح للهولندي دينيس بيركامب إلى إحراز الأهداف، يومها سأله صحفي: "أنت بالتأكيد محبط للغاية من إيروين اليوم". رد عليه السير: "حسناً، لقد كان معي لسنوات ولم يقم بخطأ فادح واحد. أظن أن علينا نسامحه على خطأ اليوم". رغب السير في دفع الأذى عن لاعبه، وقد استطاع ذلك بالفعل.

معاناة واجهها فيرجسون في مسيرته مع مانشستر، كانت في عام 1999، ساعة قرر بيتر شمايكل مغادرة الفريق إلى سبورتنج لشبونة، ولم يستطع إتمام التعاقد مع فان دار سار الذي ذهب إلى اليوفينتوس. يقول أليكس "كنت أقذف الكرات في الهواء، وأحلم أن تستقر في المكان السليم" في إشارة إلى قلقه من غياب الحارس المناسب. يحكي عن ريموند فان دير جو، قائلاً إنّه كان جيداً لكن كبديل لشمايكل، لم يتعوّد أن يكون الحارس الأساسي.  كان هناك اختيارات غير مجدية مثل الحارس الأسترالي مارك والإيطالي بوسنيتش ماسيمو تايبي. وفكّر السير في فابيان بارتيز، الذي حصد لتوه كأس العالم، لكنه أخبر المدرّب أنّه ينتظر ولاده أول طفل له، لذا يفكّر في العودة من جديد لفرنسا. يقول أليكس عن هذا الموقف: "عندما يفقد حارس المرمى تركيزه لأمر شخصي، يقع في ورطة". لكن بارتيز سيجىء بعد ذلك، وسوف يبني مدرّب الشياطين الحمر شخصية جديدة للفريق بعد محنة كبيرة تعرّض إليها موسم 2001، وكان ذلك من خلال التعاقد مع فان نيستلروي وريو فريندد وخوان فيرون.

يتذكّر أليكس موسم 2001-2002، حين اتخذ قراراً بالاعتزال وتراجع عنه، وقتئذ أصاب اللاعبين حالة من الركود في الأداء. قالوا حسناً إنّه راحل، ففكروا في المستقبل بقلق ولا مبالاة من الحاضر. في هذا الموسم تحسّر أليكس على ضياع لقب الدوري حيث احتلوا المركز الثالث بعد ثلاث بطولات دوري متتالية، وخسروا في قبل نهائي البطولة الأوربية أمام ليفركوزن. يقول السير "كنت غبياً حين أشرت إلى رحيلي".  

في بداية الموسم الجديد 2002- 2003 بدأ بانتعاش بعد انتكاسة عدم الفوز ببطولة في العام السابق. هل دفع ذلك السير إلى حافة اليأس لاسيما بعد تأكيدات برحيله واعتزاله؟.. الحقيقة إن ذلك زاد من فرط حماسته إلى بناء فريق جديد قادر على الهيمنة على البطولات، لكن قبل أن يبني راجع نفسه، وتذكّر كيف تهوّر في بيع المدافع الهولندي جاب ستام. يرى أنها كانت حماقة كبيرة، لكن وقتها كان قد بلغ من العمر 30 عاماً، وعرض جاء من لاتسيو بلغ 16.5 مليون دولار، ففكر في أن ذلك أفضل. ندم السير دفعه إلى التعاقد مع لوران بلان، المدافع الفرنسي الكبير في السن، والذي ضمه إلى الفريق من أجل أن يمنح الخبرة إلى الشباب من المدافعين أمثال ويس براون وجون أوشيه، وإلى أن يصيح في زملائه بشكل قيادي ليحثهم على القيام بالواجب الدفاعي على الوجه الأكمل.

الإحساس بالخطأ والاعتراف به وتداركه يمكن أن يقود إلى النجاح، هذه هي الحكمة التي يمكن استخلاصها من حديث السير في هذا الفصل من سيرته الذاتية.

في الحلقة القادمة كيف امتلك السير شخصية فلسفة القضاء على المنافس في آخر 15 دقيقة من المباراة؟

سيرة فيرجسون (1).. حين قرر الرحيل لوفاة أخت زوجته وعدم تحمله خسارة الدوري

سيرة فيرجسون (2).. حين طالبه مشجّع برد قيمة التذكرة فنصحه بالالتحاق بدار المسنين

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل