المحتوى الرئيسى

رائد حسين يكتب: يا شعب مصر.. لستَ عظيما ولا حاجة

03/10 10:09

لا يمنحنا مؤيدو البطش والقمع، رواَّد التبرير والتهلليل والتطبيل، لا يمنحنونا فرصة للشماتةَ في زعيمهم المفدَّى صاحب مشروع التلبيس فى الحيط، فهم ماشاء الله يقطعون من قوتهم للزود عن الزعيم أبو ضحكة جنان، وكلماَ حاولنا إقناعهم أن السياسة ليست مباراة كرة قدم، وأن الرؤساء ليسوا كيانات رياضية تسرى عليها هتافات من نوع “ع الحلوة والمرةّ معاك.. يا تيشرت العمر يا أبيض”.. انقلبَّ النقاش إلى (ما ضد) (ما يجب) أن يكون.

يا شعب مصر لستَ عظيما ولا حاجة، ولن تكون عظيماً إلا عندما تنسى هذه الجملة، عندما تنسى الهرم الذى لم ترفعه، والنيل الذى لم تحفره، وتتمسك بالثورة.. الشيء الوحيد الذى يحق لك أن تفخر به.. الثورة التى وقعت رغما عنك، فلم تغتنمها، وشاركت فى قتلها، لأنك تظن أنك عظيم، ولا يصدر من العظيم الإ فعلا عظيما، حتى لو كان همجيا عشوائيا.

أكتبُ هذا المقال لأنى دخلت نقاشا فى قضية قتل الطالب الإيطالى (جوليو ريجيني) فى وسيلة مواصلات عامة، وها هى ردود الأفعال تخبر عن أكبر شريحة فى المجتمع المصرى العظيم جدا.

– هذا إيطالى، فلماذا يأتِ إلى مصر؟ لابد أنه جزء من المخطط الغربى لإشعال مصر.

– كل هذا لأن أجنبيا قد مات؟! الجنود يموتون فى سيناء كل يوم.

– عندما تم القبض عليه.. عرفوا أنه (…) استغفر الله العظيم.. شاذ يعنى.

كل تعليق من هذه التعليقات كان كافياً لإحباطى.. كل تعليق يطرح قضية مختلفة تماما عن الموضوع الرئيسى، فبدلا من أن تفتح قضية ريجينى الأعين على المصريين المختفين قسرياً والمعتقلين، فنشعر بخطورة ما قد يواجهونه، أو ما يواجهونه بالفعل، توجهت الأعين إلى سراب ووهم، ليس لأنها عمياء، لكن لأن القلوب قد عميت وصدأت، ولهذا كان ردى: الله يرحمه، لأُنهى الموضوع وأحتفظ بمرارتى وبقايا الصبر الجميل، فكان التعليق الحاسم  الصادم، من رجل أخمِّن أنه مدرس إبتدائى: الرحمة لا تجوز على الكافر!

هذا هو المجتمع المصرى، مهما حاول الجراحون تجميل وجهه القبيح، هذا هو السواد الأعظم، ومهما صدَّرنا النماذج المُشَّرفة إلى وشّ القفص، فلن يبرأ قلب  القفص من العفَن، ما كان لـ”ريجينى”  أن يزور هذا البلد، كان بإمكانه أن يُغير مشروع دراسته ليكون عن الشامبنزى أو الضباع، على الأقل لم يكن موته ليكون بهذه الطريقة البشعة المؤلمة، ولن تبخل الحيوانات عليه بالرحمة إلا من عجز.

ثم بدأت وصلة المديح فى مصر المحفوظة، لأنها تطّلُ على بحرين ويشقها نيل، وفيها ثلاثة أهرام، وكلما تاهت أرسل الله لها هاديا ليرشدها سواء السبيل، فمن ذا الهادى يا حلوين، رئيس الأئِمة وإمام السلاطين؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل