المحتوى الرئيسى

«رجاء بنت الملاح».. مغامرة أن تكوني ممثلة في المغرب

03/10 02:16

حصلت الممثلة المغربية نجاة بنسالم على جائزة أحسن دور نسائي، عن دورها في «رجاء» للفرنسي جاك دويون، في «مهرجان مراكش 2003». لكن ذلك لم ينقذها من البؤس، ومن إقصاءٍ من طرف أسرتها ومحيطها، لأنها مثّلت في فيلمٍ، فيه بعض «المَسخ».

جميعكم تعرفونه، وتمارسونه في الفراش. لكن، أن تقوم ممثّلة بأداء دورٍ في فيلمٍ يتضمن «المسخ»، فهذا يعرّضها لمعاملةٍ عدوانية أبدية.

هذه الحكاية يُقدِّمها الفيلم الوثائقي «رجاء بنت الملاح» لعبد الإله الجواهري، المعروض في المسابقة الرسمية للدورة الـ 17 (26 شباط ـ 5 آذار 2016) لـ «المهرجان الوطني للفيلم في طنجة». صوّر المخرج نجمته المعذّبة في دوراتٍ عدّة لـ «مهرجان مراكش»، حيث تحضر ولا يُسمَح لها بالدخول، لأنها لم تقدِّم وثائق، ولم تحرِّر طلباً مسبقاً. وفّرت مراكش فضاءً للمفارقات، حيث تتجاور الفخامة والبؤس. مكّن زمن التصوير وتغيّرات جسد الممثلة ومحيطها فرصةً لإنقاذ الفيلم من طابع الريبورتاج، الذي يصيب أفلاماً وثائقية كثيرة تُصوَّر سريعاً. أما سبب بعض الضجر فيه، فهو الـ «كليشيهات» التي يردّدها المغاربة في حواراتهم، والتي لا تقدِّم معلومات محدَّدة، مثل «الغالب الله»، و «هذا ما أعطى الله»، و «الزمان متقلِّب». الفيلم قوي ومتماسك. صفّق الجمهور مراراً، حين تتحدّث الشابة عن وضعها الصعب، وهي في غرفة آيلة للسقوط، تبيع السجائر بالتقسيط في ساحة «جامع الفنا» بقلب مراكش، حيث تباع نسخٌ من الفيلم. كان التصفيق انتقاماً من النفس، وتعبيراً عن الخوف من تبعات عشق البساط الأحمر في المغرب. فما يبدو لامعاً، ينتهي بكارثة. الدليل أن فنانين مغاربة كثيرين يعيشون الآن في بؤسٍ شديد، ولا منقذ لهم. في المغرب، تعطى الأهمية للخبز لا للفن، منذ أن سأل المعتمد بن عباد الخليفة يوسف بن تاشفين في مراكش، عما قاله الشعراء، فأجابه: «يطلبون الخبز». أمسك عبد الإله الجواهري بمحنة شابة مغربية حلمت بالأضواء، وكان الثمن فادحاً. صَوَّر الفيلم في 10 أعوام، بشكل متقطع. هذا سمح بتتبّع مسار النجمة الواقعة في البؤس، في كلّ مرة تظن أنها وصلت القاع، وتكتشف العكس. كان ذلك تهديداً لكلّ ممثلة في المغرب، حيث العمل في الفن حلم ومغامرة، نادراً ما تنتهي بسلام. خاصة حين يتعلق الأمر بممثلة ظهرت في فيلم أجنبي، تتلقّى فيه قبلة.

أتفهّم الآن بعض العناوين الصحافية التي تفيض بالشماتة، وتتحدّث عن لبنى أبيضار، كـ «طرد لبنى أبيضار من فرنسا». يريد صاحب العنوان أن تكون لبنى في مراكش لتُشتم في الشارع، وليبرّد غيظه في بطلة «الزين اللي فيك» لنبيل عيّوش. هذا نوع رجعيّ من صحافيين يخبروننا أن لبنى أبيضار ذهبت إلى فرنسا لأنها «تعرّضت للاعتداء في مدينة الدار البيضاء، بحسب قولها». يعتبر الصحافي الرجعي أنها كذبت، وبالتالي تستحق الطرد، لتعود إلى هنا حيث يعرف هذا المجتمع الذكوري اضطهاد نسائه. يوحي ذلك الخبر بأن فرنسا طردت من أرضها جميع المهاجرين الذين هم من دون وثائق، ولم يبق إلا لبنى أبيضار. هذا افتراض غير صحيح. لذا، يجب البحث عن تفسيرٍ لخبر الطرد: الشماتة. يزعجهم أن تُحلّق لبنى وتنجو. يريدونها أن تُهان وتنكسر.

هؤلاء الرجعيون يحلّلون هكذا: أنا مع حرية الإبداع، لكن فيلم نبيل عيوش يصوّر الجنس فقط. إذاً، هو ليس إبداعاً، وأسحب تضامني. بمعنى أن الحرية تتجزّأ حين يتمّ تصوير العلاقات العاطفية على الشاشة. الصحافي الإرهابي الذي يشمت بتهديد السلامة البدنية للممثلة، لا يدرك أن المادة 14 من «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» تقول: «لكلّ فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى، أو يحاول الالتجاء إليها، هرباً من الاضطهاد».

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل