المحتوى الرئيسى

بيان وزير الداخلية

03/09 16:49

فاجأنا وزير الداخلية أمس بمؤتمر صحفي يعلن فيه عن القبض على مرتكبي حادث اغتيال المستشار هشام بركات الذي مضى عليه أكثر من ثمانية أشهر، ولفت انتباهي عدة ملاحظات:

أولا: الشباب الستة من جامعة الأزهر، حتى الدكتور الطبيب الذي نسب إليه قيادة هذه العملية، هو دكتور في جامعة الأزهر، الستة تخرجوا من ميدان رابعة الذي تم صناعة المظلومية من خلاله وتم تأجيج الغضب والكراهية داخله، وتم تأجيج الثأر من داخل هذا المعسكر، نحن نتحدث عن شباب حول العشرين عاما في الصفوف الأولى للجامعة، كلهم من الأقاليم ما بين الشرقية والصعيد، مع العلم أن محافظة الشرقية هي أقرب لثقافة الصعيد في حمية الثأر، أيضا محضن رابعة تجاوز الجغرافيا، في السابق كان الإرهابيون في الأغلب من نفس النطاق الجغرافي، حتى يحدث الاطمئنان وعدم التخوين، محضن رابعة تجاوز الجغرافيا، فأصبح ابن أسوان يأمن ويركن لابن الشرقية وهكذا.

ليس لدي أدنى شك في أن الإخوان متورطون في اغتيال هشام بركات بشكل أو بآخر، بالتنفيذ أو التمويل أو الإيعاز، لأن تاريخهم دموي من اغتيال أحمد ماهر مرورًا بالخازندار والنقراشي ووصولا إلى السادات ولم يتجاوز عباءتهم الفنية العسكرية والتكفير والهجرة وما جاء بعد ذلك، فكل الأفكار التي ربما لا تنتمي لهم تنظيميا، تربت على أفكار حسن البنا والمودودي وسيد قطب.

ولكن أصدقكم القول، فقد انتابتني هواجس شبهة التعجل في الأمر، لأن قضايا كثيرة سابقة لم تصدر فيها أحكام بعد، وبعضها أحكام أولية تأتي المحاكم اللاحقة لرفضها، أو إعادة المحاكمة ، فما زال حبارة حتى الآن لم يصدر ضده أحكام نهائية باتة، ربما الحكمان الوحيدان على حد علمي اللذان تم التنفيذ فيهما هما: 

حادث عرب شركس وهذا كان يحتوي على مقاومة مسلحة مباشرة والقبض على المتهمين وقضية سيدي جابر التي تم تصويرها فيديو عن طريق الصدفة، وهي إلقاء الأطفال من أعلى المبني، حتى قضية قسم كرداسة، فقد تم إعادة المحاكمة فيها.

فكان من الممكن التمهل حتى التأكد من سلامة الإجراءات، وقوة الدلائل وإحكام التهم والقضية، فالاعترافات لا تبني دليلا، لأنه من المؤكد أنه أمام القضاء، سيكون الرد أن الاعتراف كان تحت التعذيب، خاصة أن بعض الشباب -كما أكد البيان- لم يقبض عليهم إلا من أيام قليلة، فبعد أكثر من ثمانية أشهر، فجأة اكتملت الدلائل والاعترافات بهذا الشكل.

ثبت على الإخوان في العامين الماضيين قضايا عنف كثيرة على مستوى تفجير أبراج كهرباء أو كمين هنا أو هناك بقنابل بدائية الصنع، ولكن في خلال تلك الفترة لم تثبت عملية نوعية واحدة ، فعمليات مديريات الأمن الثلاث وضابط أمن الدولة ومحاولة اغتيال وزيرالداخلية، كلها نسبت إلى تنظيمات أخرى: بيت المقدس وولاية سيناء وغيرهما من التنظيمات، ليس هذا لضعف في الإرادة لدى التنظيم، ولكن لضعف في القدرات على مستوى اللياقة البدنية والنفسية والكفاءة، طبعًا من المؤكد أنه خلال تلك الفترة تم تدريب عناصر هنا أو هناك، بل باعترافات قيادتهم، أن عددا من الشباب ذهب إلى "داعش"، ولكن الاستراتيجية بعد عامين من ثورة يونيو كان التكتيك في مصر يذهب أكثر إلى التهدئة على مستوى الإرهاب، حتى قضية تفجير أبراج الكهرباء وغيرها قد تراجعت بشكل كبير، بل قد انتهت تمامًا.

الرئيس السيسي نفسه أثناء مظاهرات الألتراس، عبّر بأن كثيرًا من القضايا ما زالت غامضة، وعرض عليهم الاطلاع على التحقيقات لاطمئنانهم إلى عدم التقصير من جهة الأجهزة الأمنية أو القضائية، وفعلا حتى الآن قضايا كثيرة ابتداء من قتل أبنائنا الستة عشر أثناء الإفطار على حدودنا الغربية مرورًا بـ"كرم القواديس" إلى غيرها من الأحداث الجسام، فليس أمامنا قضايا مكتملة بأحكام نهائية، فحتى لا تلحق تلك القضية بمثيلتها من القضايا كان يجب على الوزارة التريث.

وهناك ملاحظة أخرى: لماذا مؤتمر صحفي وهيلمان؟ لماذا لم يتم إحالة القضية في هدوء إلى القضاء مع إعلان بمانشيت في الجرائد عن القبض على مرتكبي اغتيال هشام بركات؟ لماذا لم يتم الإعلان من خلال متحدث إعلامي؟ 

هذا الصخب الذي أحاط بالقضية يثير الشبهات.

شبهة السياسة واردة، فقد تعرضت وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة إلى قصف مكثف من الناحية الإعلامية، والدخول في أزمات مع ثلاث نقابات من أقوى النقابات، المحامين والأطباء وأخيرا نقابة الممثلين، وتراجعت شعبيتها إلى أقصى درجاتها في الفترة الماضية، هاجم عدد من الضباط بشكل علني وزير الداخلية الحالي ومنهم ضباط الدرب الأحمر في فيديو مصور، بخلاف بعض الفضفضة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الضباط، وخاصة أننا مقدمون على وزارة جديدة وقبول من مجلس الشعب، فغلب الجانب الدعائي والإعلامي على الحدث.

شاب، عشرون عاما، أثناء ارتكاب الحادث، قولا واحدا، لم يصل إلى العضوية التنظيمية العاملة، ولكنه ما زال في صفوف المحبين أو المؤيدين أو على أقصى تقدير المنتظمين، فلم يصل إلى العضوية المنتسبة ناهيك بالعضوية العاملة، ومن الصعب في ظل تلك الظروف أن يعطي التنظيم الأمان لهؤلاء للذهاب إلى غزة والجلوس إلى قيادات حمساوية مهمة على مستوى ضباط مخابرات.

من الصعب أيضا قيادة عملية بتلك الأهمية من الخارج عن طريق برنامج اتصال، وهناك فرق كبير في الإعداد لأعضاء التنظيم الخاص وللقيادات الإعلامية، فيحيى موسى كان شخصية إعلامية، وشخصية عامة لا تصلح معه فكرة الأسماء الحركية، فالمقصود من الاسم الحركي هو عدم استدلال الأجهزة الأمنية على الشخص، مش يحيى موسى واسمه الحركي خالد، أو إسلام.

إقحام "حماس" أمر غريب ومثير للاهتمام، ولا أعلم إن كانت وزارة الداخلية قد نسقت مع أجهزة المخابرات أم لا، بعيدًا عن قضية التورط أو عدم التورط، فالعلاقات ممتدة بين أجهزة المخابرات وقيادة حماس، بيننا حدود ومعبر، واتفاقيات التفاوض مع إسرائيل. 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل