المحتوى الرئيسى

إلهام الحدابي يكتب: الجنرال القديم هل يغير وجه المعادلة اليمنية؟ | ساسة بوست

03/08 22:12

منذ 2 دقيقتين، 8 مارس,2016

أكثر من عشرة أشهر على الحرب بالوكالة التي تدور في اليمن، لم ينجح فيها أي طرف، ولم يحسم فيها أي طرف معادلة المعركة هذا بالنسبة للمشهد الخارجي، لكن إذا نظرنا للمشهد الداخلي سنرى أن الشعب اليمني هو المتضرر الوحيد من هذه المعركة، إذ أن النتائج الكارثية التي وصلت إليها اليمن من ناحية نقص الغذاء وتفشي الأمراض، والتهجير وتدمير البنى التحتية، ناهيك عن الخسائر البشرية والمادية، زادت من معاناة اليمن الذي يصنف ضمن الدول الفقيرة على مستوى العالم.

المعارك التي تدور في أجزاء مختلفة من اليمن تزيد من تعقيد المشهد، فقوات صالح والحوثي والقبائل الموالية لم تنهزم بعد من كثير من المناطق التي دخلتها بالقوة بعد انقلاب سبتمبر 2014، كما أن قوات التحالف التي تعتمد على السلاح الجوي بشكل أساسي في معركتها في اليمن لم تتمكن من حسم الكثير من المعارك لأنها تتطلب تنفيذًا للعمليات البرية، والتي تعتبر شبه مستحيلة بالنسبة للقوات السعودية نظرًا للصعوبات التي تكتنف العمليات البرية، في هذه الأثناء جاء القرار الرئاسي بتعيين الجنرال القديم علي محسن الأحمر ليخلق مزيدًا من الجدل حول التكهن بمجريات الأمور في الفترة القادمة في اليمن.

وصف البعض ذلك القرار بأنه مهم رغم أنه متأخر، في حين رأى البعض أن ذلك القرار لا يصب في مصلحة الدولة المدنية التي ينشدها اليمنيون منذ ثورة 2011، غير أن آراء كثير من الخبراء السياسيين ترى أن ذلك القرار سيغير مشهد الأحداث اليمنية خصوصًا وأن كثيرًا من الأحداث الميدانية تشير إلى اقتراب معركة الحسم في صنعاء، والتي لن تتم بغير وجود قيادة ميدانية تستطيع أن تدير كفة المعركة في اتجاه الحسم لصالح الحكومة الشرعية.

 الجنرال الأحمر بين الجدل والثقة

التحق اللواء الأحمر بالجيش اليمني عام 1961، ثم التحق بالكلية الحربية في العام 1971، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية في العام 1974، كما حصل على شهادة قادة الكتائب من معهد الثلايا في تعز، إلى أن حصل على زمالة الدكتوراه من أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة في العام 1986، وقبل أن يصل إلى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال فترة حكم علي صالح، تدرج في المراتب العسكرية، إذ بدأ مشواره قائد سرية مشاة في معسكر المغاوير، ثم أصبح قائد سرية دبابات في اللواء الأول مدرع، ثم قائد كتيبة دبابات مستقلة في الكتيبة الرابعة، ثم أركان حرب اللواء أول مدرع، ثم قائد أركان حرب الفرقة الأولى مدرع، ومن ثم قائد اللواء الأول فيها، إلى أن تولى قيادة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في اليمن.

وعلى الرغم من الجدل الكبير الذي تثيره شخصية الأحمر، إلا أنه يتمتع بقدر كبير من الثقة بين مختلف الأطراف، تشكلت هذه الثقة نتيجة شبكة علاقاته الواسعة مع الأطراف الداخلية والخارجية خلال تاريخ اليمن الحديث، إذ أنه اعتبر وفق كثير من الخبراء الرجل الثاني بعد علي صالح في الحكومة السابقة، وذلك من خلال خبرته العسكرية التي تنوعت وفق الأحداث العسكرية التي كان له الدور الأكبر في إطفائها، منها حرب 1994، والحروب الست في صعدة،  إضافة إلى علاقته القوية بمختلف القبائل اليمنية التي تعتبر – تاريخيًا – جزءًا من حل أي نزاع سياسي، والتي لها الدور الأكبر في استمرار قوة علي صالح والحوثي في الصراع الحالي.

ويرى خبراء أن العلاقة القوية التي تربط بين علي محسن الأحمر والرياض تعزز من ثقة التحالف في القرار الأخير الذي اتخذه هادي، كما يشير خبراء إلى أن السبب في تأخر هذا القرار هو وصول المجتمعين الإقليمي والدولي إلى حقيقة أن الحسم في القضية اليمنية لن يكون دون الرجوع إلى سلطات الداخل، والتي تشكل القبائل اليمنية ركيزتها، ونظرًا لانتماء الأحمر لحزب الإخوان الذي يعتبر ضمن التهديدات الأساسية بالنسبة لأمن الخليج السياسي خصوصًا بعد الربيع العربي، تم التلكؤ في اختياره في الفترة السابقة، لكن وبعد مرور أكثر من عشرة أشهر دون حسم رأت كثير من تلك الأطراف ضرورة الاستعانة به رغم الجدل والخلافات القائمة حوله.

إذ أن الحسم العسكري المتوقع اقترابه خلال الفترة القادمة يتطلب وجود شخصية توافقية، لها علاقة جيدة بمختلف الأطراف، فضلًا عن معرفتها الكبيرة والأساسية بالتضاريس الجغرافية بالمنطقة الشمالية والغربية، كل تلك المواصفات لا تنطبق إلا على الجنرال العجوز الذي اختفى من مسرح الأحداث منذ تواطؤ الأطراف الدولية والإقليمية والحكومية أمام سقوط العاصمة في يد الحوثي، لكن ها هو يعود مجددًا إلى المشهد ليعيد الجدل القديم حول ما إذا كان وجوده سيدعم الاستقرار الذي تطمح إليه اليمن، أم أنه سيكون ضمن تلك العوامل التي ستعيق تطبيق الدولة المدنية في اليمن كون دوره مرتبط بتكريس السلطة القبلية والاعتراف بها.

الصراع الإقليمي بشقيه السعودي والإيراني دخل مرحلته الحرجة منذ إعدام رجل الدين الشيعي النمر، الذي أثار إعدامه زوبعة إعلامية، تم على إثرها تبادل الاتهامات بين الطرفين، كما أدى إلى إغلاق الطريق الدبلوماسي بين الطرفين، وتأتي معركة اليمن كوسيلة للضغط من قبل الطرفين للتأكيد على سيادتهما، ففي حين ترى إيران اليمن مشروعًا استراتيجيًّا مهمًّا لها في المنطقة، ترى السعودية أن أمن اليمن واستقراره يرتبط بوجودها، ومن هذين المنطلقين تتعدد أوجه معادلة المعركة في الحرب القائمة، السعودية التي تقود تحالفًا من عشر دول لم تتمكن حتى الآن من حسم الصراع، وهذا يؤدي إلى استنتاج يفيد بأن ثمة خلل في التحالف، أو في إدارته وهو ما أشار إليه بعض المحللين السياسين كالدكتور عبد الله النفيسي الذي أكد على أن تشتت رؤى الدول المشاركة في التحالف يعمل على إضعافه، وهو هنا يشير إلى دور بعض دول الخليج المشاركة في التخالف، والتي تلقي بثقلها لتغير بعض قرارت التحالف وفق مصلحتها المرحلية المرتبطة بعدائها لبعض التيارات الإسلامية في اليمن، دون أن تنظر إلى المشهد الكلي في اليمن.

ونتيجة لذلك التشتت تأخر الحسم في كثير من المدن اليمنية، مثل تعز، كما أنه أثر بشكل كبير على النتائج الكلية لعمليات الحزم في اليمن، لكن وبسبب تعدد أطراف الصراع في اليمن، ناهيك عن الطبيعة الجغرافية والجيبولوتيكية في اليمن وجدت الأطراف الخارجية ملزمة بتفعيل دور الداخل، بعد أن وصلت إلى قناعة تامة بأن يد الخارج لن تصفق بمفردها طالما بقيت يد الداخل مهمشة.

بالنسبة للولايات المتحدة التي تمثل رأس النظام العالمي يرى المتخصص في السياسيات الخارجية الأمريكية كولين دويك مؤلف كتاب (عقيدة أوباما ..الاستراتيجية الأمريكية اليوم) أنه خلال الولايتين التي شغلها أوباما نفذ فيها سياسة المراقبة دون التدخل، والاهتمام بالشأن الداخلي أكثر من الخارجي، وجراء هذه السياسية أصبح من المحتم على الولايات المتحدة أن تبحث عن وكلاء إقليميين يديرون مشاريع المنطقة بشكل يحافظ على مصلحتها والأمن الدولي، ترتب على هذه السياسية التقارب الأمريكي/ الإيراني الأخير الذي يصب في مصلحة المشروع الإيراني في المنطقة، وهذا يشير إلى أن الدور الأمريكي في الصراع اليمني لن يكون ذا وزن حقيقي في الفترة القادمة.

منذ وقت سابق اعتبرت الولايات المتحدة اليمن مصدر تهديد حقيقي، خصوصًا بعد أن انفلت العقد بتشتت العملية السياسية بين الأطراف اليمنية ودخولها مربع العنف منذ سقوط العاصمة في سبتمبر 2013، زادت تلك الخطورة  بعد سقوط أكثر من محافظة في يد قوات موالية للقاعدة وبعض الجماعة الأصولية، تلكأت الولايات المتحدة الأمريكية في تجريم أفعال الحوثي في فترة سابقة، إذ أنها اعتبرتها في وقت سابق بديلًا مؤقتًا للحفاظ على المصالح الأمريكة في المنطقة، والبديل الملائم لمتابعة الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، كونها وفق خبراء لا تمثل أي تهديد، إذ أن أهدافه ترتبط بمستويات محلية وإقليمية تتعلق باستعادة حق تاريخي في الحكم ليس إلا، من ناحية أخرى ترتبط الحركة الحوثية بالتيار الشيعي الذي لا يعد خطرًا  على عكس الحركات الأصولية ذات الجذور السنية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل