المحتوى الرئيسى

بروفايل| عبدالرحمن عزام.. "أمين العرب"

03/08 11:45

نمى وسط أسرة تمارس العمل التشريعي والسياسي أبًا عن جد، فكان الأب حسن بك عزام، من أعيان الجيزة وعضو جمعية شورى القوانين، أول المجالس التشريعية بمصر، والجد الشيخ سالم بك عزام ناظر الجيزة، الذي نفاه الإنجليز عن مصر إلى السودان ومات بها ودفُن بالخرطوم، وطبيعي أن تنجب الأسرة التي انتقلت من الجيزة إلى حلوان طفلًا ذكيا وشابًا لديه الحمية العربية ومسؤولًا دبلوماسيا، فكان عبدالرحمن باشا عزام، أول أمين لجامعة الدول العربية.

ولد ابن آل عزام في 8 مارس 1893، وشبَّ في بيت العائلة بحلوان، وقرر دراسة الطب وذهب إلى إنجلترا، لم تشغله الدراسة التي اختارها بإرادته عن فكره الاستقلالي والمناداة بالحرية المغتصبة من قِبل الاستعمار، فأسس جمعية "أبوالهول" مع الطلبة المصريين هناك، وكانت حركة تحررية أكثر منها حركة مصرية، تبنت فكرة مقاومة الاستعمار في أي بلد.

عند اندلاع الحرب العالمية الأولى سافر إلى تركيا وعمل مراسلًا صحفيًا، وشارك في حرب البلقان مع قوات الدولة العثمانية، وعاد إلى مصر في عام 1915، وسافر إلى ليبيا وشارك في الحركة الليبية الوطنية ضد الاحتلال الإيطالي، وكان أول مستشار للجمهورية الليبية الأولى، وظل يناضل في صفوف القوات الليبية ويوفق بين الزعماء الليبيين، ليصبح من القلائل الذين ناضلوا ضد احتلالين "الإيطالي والبريطاني" في ليبيا ومصر حتى عام 1922.

للزواج عنده أهدافًا تتخطى تكوين اسرة والاستقرار، فتزوج مرتين من امرأتين لبيتين بغرض الوحدة، الأولى تزوجها على أساس توحيد القبائل، حتى يصل لهم معنى أنه معهم وسيحارب في صفوفهم ضد الاستعمار، والثانية التي أنجب منها ابنه "عمر" ليبية، أيضًا، تزوجها بهدف توحيد القبائل المتخاصمة.

شارك بالسلاح وبالوعي السياسي في ليبيا، ما نتج عنه إعلان أول جمهورية عربية في طرابلس عام 1918، وبعدما أعلن الإيطاليون عن مطارداتهم له برفقة مجموعة فدائية أخرى، عاد إلى مصر عام 1923 ومعه عمر المختار، ونزلا في منزله بحلوان، لكن الأخير لم يمكث طويلا في القاهرة، وقرر العودة لبلاده، وحاول "عزام" إقناع "المختار" بالعدول عن قراره السفر إلى ليبيا مجددا، إشفاقا عليه من المصير المحتوم وهو في السبعين من عمره، لكن المجاهد الليبي رفض وقال: "القرار لا رجعة فيه.. لقد قررت الاستشهاد".

وفي العام التالي لعودته لمصر، ترشح لمجلس النواب وفاز بعضويته في أول مجلس نواب بعد إعلان الدستور، وكان أصغر أعضاء المجلس سنا ومعه أحمد ماهر فكري أباظة، واختير سكرتيرا لمجلس النواب، وداخله تعرف على سعد زغلول، وكان من أقرب الناس له،وبعد 12 عاما، حظي بالعضوية مجددا بعد إعادة انتخابه في عام 1936.

عين وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية في 1936، وشملت هذه المفوضية عدة دول عربية وإسلامية هي: العراق وإيران وأفغانستان والسعودية، بناء على طلبه بالوجود في الدول العربية، وفي عام 1939 نقل للعمل في تركيا وبلغاريا.

وفي العام ذاته، اختير وزيرا للأوقاف ثم وزير للشؤون الاجتماعية في وزارة علي باشا ماهر، وتولى في أثناء الوزارة مهمة تأسيس القوات المرابطة، وعين قائدا لها إلى جانب عمله الوزاري، وعند اندلاع الحرب العالمية في تلك السنة أقال الإنجليز الوزارة واضطهدوه شخصيا، ثم أصبح وزيرا للخارجية بعد ذلك، ودعا لإنشاء اتحاد عربي يضم الشعوب العربية جميعها.

"أبوالجامعة العربية" اللقب الذي استحقه "عزام"، عضو الوفد المصري لوضع ميثاق جامعة الدول العربية 1945، وعند توقيع الميثاق من 7 دول عربية في 22 مارس من العام ذاته، اُختير بالإجماع كأول أمين عام للجامعة، وجاهد كي يضم لها الدول العربية المستقلة لتصبح الجامعة قوية، ومن أهمها المملكة العربية السعودية، وأقنع الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي شكّل لجنة لدراسة فكرة الانضمام وقال لعزام: "هدخل بس على ضمانتك".

حمل "ابن الأعيان" قضايا الأمة العربية وهمومها أينما وجد، فكان أحد المؤسسين لانفتاح مصر على باقي العرب قبل تأسيس الجامعة، وعمل على جبهات عدة، داخلية وإقليمة ودولية، فتبنى قضية حرية واستقلال إندونيسيا، ودعا إلى استقلالها، وطرح الأمر أمام مجلس جامعة الدول العربية، وكانت أول منظمة دولية تعترف باستقلالها، ثم ذهب يدافع عن قضية المغرب في الأمم المتحدة، وحاصرته القوات الفرنسية والوفد المرافق، وكان تعليقه: "أنصح فرنسا أن تكسب ود شعوب شمال إفريقيا، لأنهم لن يرضوا بالتبعية الفرنسية، وإذا لم تنصفوهم سيحملون السلاح، وإذا حملوه لن يضعوه إلا إذا حصلوا على حقهم".

لم تهدأ روح المغامر والمحارب، فعاش حياة الثائر المقاتل، وطلب من الحكومات العربية السماح لجنودها بالتطوع في كتائب المقاومة الشعبية التي تمولها الجامعة، بقيادة الشهيد البطل أحمد عبدالعزيز؛ للدفاع عن الفلسطينين، وترك الجامعة عام 1954، وكتب مقالات عدة عن الوحدة العربية، وبعد الجامعة عمل مستشارا لدى السعودية، وممثلا لها في النزاع المتعلق بواحات البورمي.

خلال مسيرته تقلد أرفع الأوسمة من حكومات الدول العربية العراق وسوريا ولبنان والأردن، وكذلك من حكومات أفغانستان وإيران وتركيا ودولة الفاتيكان، وقبل ذلك منحته حكومة الدولة العثمانية النيشان العثماني المجيدي والهلال الحديدي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل