المحتوى الرئيسى

الفن في مواجهة الارهاب

03/06 16:36

الدكتور هشام المسعودي مدير المعهد العالي للفنون الجميلة بنابل يتوسط طلاب وطالبات واساتذة المعهد في احدى المناسبات الثقافية

طلبة من المعهد العالي للفنون الجميلة بمدينة نابل التونسية خلال تظاهرة ابداعية

صباح الخير من تونس 14

صباح الخير من تونس 15

صباح الخير من تونس 16

صباح الخير من تونس 17

صباح الخير من تونس 18

صباح الخير من تونس 19

عرفت الدكتور هشام المسعودي المدير الحالي للمعهد العالي للفنون الجميلة بمدينة نابل، عاصمة منطقة الوطن القبلي في تونس، وهو رضيع. فقد كان والده سالم المسعودي معلمي في اللغة العربية بالمدرسة الابتدائية بالعلا في منتصف عقد الستينات من القرن الماضي.

وكان رجلا لطيفا دمث الاخلاق محبا للشعر. وعندما رحل عن الدنيا وهو في سنّ مبكرة،بكيناه نحن تلامذته بدموع سخينة.

في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، كنت اتجول في "الحي اللاتيني" بباريس لما ارتمى في احضاني شاب وسيم سرعان ما عرفت انه هشام ابن معلمي.

وفي المقهى الذي هرعنا اليه في الحين لنشرب كأسا على نخب زمن بعيد،اعلمني انه يَدْرُس الفلسفة،وانه على وشك التخرج.

وفي ما بعد بلغني انه هاجر الى كندا ليحصل على شهادة دكتوراة في علم الجمال من جامعة مونريال.ثم التقيته مرة اخرى في القيروان حيث كان يدرّس الفلسفة في جامعتها.

وفي الجلسات القليلة التي جمعتني به، عاينت انه يتمتع بثقافة عالية، وبمعرفة واسعة بالفلاسفة الغربيين الكبار من امثال هيغل، وماركس، ونيتشه، وكانط، وهايدغر، وكارل ياسبرغ.

لذا ابتهجت كثيرا عندما عين قبل عامين مديرا للمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل.

وقد زرته اكثر من مرة هناك لالمس المجهود الكبير الذي يبذله بهدف ان يكون المعهد نموذجيا لا في برامجه الدراسية فقط،وانما في مجال التنشيط الثقافي والفكري حيث يوفر للطلبة ندوات تجمعهم بكتاب ومفكرين وفنانين ليتجادلوا معهم في القضايا المتصلة باختصاصاتهم.

وفي السنة الماضية التي شهدت فيها تونس عمليات ارهابية فظيعة مثل عملية متحف باردو، وعملية فندق سوسة السياحي، نظم طلبة المعهد تحت اشرافه وبهدي منه تظاهرة فنية ضخمة وسط مدينة نابل البحرية كان الهدف منها تمجيد ثقافة الحياة ومناهضة ثقاقة الموت المتمثلة في الارهاب بواسطة الفن.

وعرضت لوحات ورسوم ابدعها الطلبة والطالبات ،والبعض من الاساتذة،وجميعها تحتفي بالجمال، وبالمحبة، والتسامح، وتدين العنف والتطرف والبغضاء.

وكان تجاوب الجمهور العريض مع هذه التظاهرة كبيرا، وباعثا على التفاؤل والامل والابتهاج.

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعاني الدكتور المسعودي لاتحدث الى طلبته عن علاقة الادب بالفن، وعن الابداع بصفة عامة.

ووجدت امامي طلبة جلهم من الاناث متعطشين للمعرفة، ومتحمسين لنشر ثقافة الحياة في زمن تسعى فيه قوى الظلام والتزمت والتحجر لبسط نفوذ ثقافة الموت والحقد والكراهية.

وكان النقاش معهم ثريا وعميقا.وفي اخر لقاء لي معه،اعلمني الدكتور المسعودي ان المعهد سيحتضن العديد من التظاهرات الفنية والثقافية بعد عطلة الربيع، وتحديدا خلال شهر ابريل( نيسان) المقبل.

وسيقدم كاتب وفنان فرنسي محاضرة عن علاقة الشعر بالفنون الجميلة، مخصصا جزءا منها للشاعر العربي الكبير ادونيس.

وسوف يتحدث كاتب هذه السطور عن علاقة الشاعرين الفرنسيين ابولينير ورني شار بالفنانين في عصرهما من امثال بيكاسو، وجورج براك ، وخوان ميرو، والبرتو جياكوموتي ، وماكس ارنست وغيرهم.

وقال لي الدكتور المسعودي ان الثقافة بجميع فروعها هي في رايه الوسيلة الافضل والانجع راهنا لانقاذ الاجيال الجديدة من المخاطر التي تتهددها، والتي تدفعها الى الياس والعنف والتطرف.ولتدعيم فكرته ، حدثني عن الدور الهائل الذي لعبه المبدعون من مختلف المجالات لمقاومة الحركات الفاشية والشوفينية التي برزت في اوروبا بين الحربين العالميتين.

كما حدثني عن مساهمة من كانوا يسمون ب"المثقفين المنشقين" في دول المعسكر الاشتراكي في فضح جرائم الانظمة الشيوعية الاستبدادية.

وختمنا لقاءنا الصباحي الجميل بالحديث عن لوحة باول كلي الشهيرة "الملاك الجديد"، تلك اللوحة التي استوحى منها المفكر اليهودي الالماني المرموق فالتر نيامين موضوع دراسته الاخيرة عن مفهوم التاريخ.

وكانت هذه الدراسة ضمن المخطوطات التي كانت في حقيبته اليدوية التي عثر عليها بعد ان انتحر في السادس والعشر ين من شهر سبتمبر(ايلول )1940.

وتمثل اللوحة المذكورة ملاكا يبدو وكأنه يتهيّأ للابتعاد عن شيء ما يحدق فيه بقوة. عيناه جاحظتان. وفمه مفتوح، وجناحاه مشرعتان استعدادا للطيران.

ويعتقد باول كلي ان ملاك التاريخ له نفس هذه الهيئة. وهو يدير رأسه باتجاه الماضي. وهناك حيث تبرز امامنا سلسلة من الاحداث ،هو لا يرى غير كارثة وحيدة تكون نتيجتها الدائمة والمستمرة مراكمة الخرائب على الخرائب ورميها امام قدميه.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل