المحتوى الرئيسى

ضحايا ضمور العضلات «إلحقونا»

03/05 10:32

ينتقى ضحاياه بعناية وتركيز.. وحش يترقب فريسته.. ينقض عليها ينهش جسدها بالتدريج حتى تتحول إلى كتلة لحم بشرى غير قادرة على تحريك حتى أصابع اليد.. أنواعه عديدة قد تصل إلى ثلاثين نوعاً جميعها تتنافس على الفتك بمن يقع تحت رحمتها لكن أخطرها ذلك الذى يعشق امتصاص دماء الأطفال حتى الرضع منهم، زواج الأقارب من أبرز المتهمين فى مساعدة هذا الداء على التمدد وليس له علاج إلى الآن، حكايات المرض مع لعنة الضمور مآسٍ وأحزان تعتصر أسراً بكاملها.. وليس أحد أفرادها فقط.. فهو كخلايا السرطان لا ترحم صغيراً ولا كبيراً ولا تكتفى بضحية واحدة. بل تتلذذ بالتهام المزيد بلا رحمة.

ليست طبيبة اخصائية ولا استشارية لكنها تمتلك من الخبرة فى مرض ضمور العضلات ما تستطيع أن تمنحه إياك موسوعة طبية، شريفة مطاوع، سيدة مصرية تعيش الحياة فى ألم وصبر رغم ما تعانيه من مرض لكنها استطاعت من خلال معاناتها هى وأقربائها وأبنائها أن تتحمل مسئولية التوعية بمخاطر هذا المرض اللعين، وتحذر بشدة من زواج الأقارب وتطالب بمزيد من التوعية بخطورته فى محاولة لحماية الأسر من الألم والمعاناة التى تعيشها ويعيشها معها آلاف من المرضى وأسرهم، خاصة أنه يعتبر من الأمراض الوراثية، تعتبر شريفة «ناشطة» من مركز الألم لأنها نفسها مريضة بضمور العضلات تقول: لدى ابنان معاذ «19 سنة» وإبراهيم «14 سنة» وزوجى ابن عمى ولدينا فى العائلة 13 فرداً مصابون بنفس المرض بدرجات وأنوع مختلفة، ولأننى شاهدت وشعرت بآلام ومعاناة كل هؤلاء أحارب زواج الأقارب واشتركت فى حملة اختفاء مرض ضمور العضلات لأخطار هذا المرض أسبابه وتداعياته، فهو المرض الوحيد الذى لا ينتهى بموت صاحبه بل يترك أثراً فى أبنائه وأحفاده لأجيال تالية.

وتصرخ شريفة: أوجه استغاثة للمجتمع كله من تفشى هذا المرض ومحاربة أسبابه، لقد أخبرتنى طبيبتى المعالجة من الزواج بالأقارب سواء ابنى المريض أو أى أحد لأن الضمور المتنحى يتحول باستمرار التزاوج إلى ضمور سائد بمعنى أنه لم يكن أجدادى أو آبائى مصابين به فنحن الجيل الثالث أبناء العم وسينتقل للجيل الذى يلينا فنحن أمام كارثة محققة ولابد من محاصرته بمنع الزواج من الأقارب.

سألت شريفة عن قصتها مع المرض وكيف بدأ فقالت: تزوجت وعمرى 19 عاماً وبدأت أشعر بالمرض فى قدمى وعدم المقدرة على المشى بشكل طبيعى فشخَّص طبيب العظام الأمر على أنه إصابة بتمزق فى الرباط الصليبى لاحظ من حولى استمرار تغير فى شكل خطواتى بينما لم أكن أشعر بذلك وبالتدريج لم أعد أستطيع صعود السلم ولا أقف على مشط رجلى ثم بدأت أعانى حتى من النهوض من الأرض، طلب الطبيب أن أجرى جراحة فى الركبتين لكن والدى رفض ونصحنى الطبيب بأن أستمر فى عمل تمرينات بالبيت، وكان من أهم مظاهر المرض إجهاض حملى أكثر من 25 مرة دون أسباب ظاهرة ثم أجريت عملية ربط فمنحنى الله ابنى وأجريت لإبراهيم تحاليل لأنى شعرت بتغيرات فى مشيته وحذرنى الطبيب بألا أنجب مرة أخرى.

كبرت مأساتى إلى أن وصلت درجة لا أستطيع معها السير دون مرافق أو أن أستند إلى حائطين ولو جلست على كرسى لا أستطيع النهوض بمفردى، أعلم أن المرض ينتهى بالوفاة يسبقها مشاكل فى البلع وعضلة القلب والجهاز التنفسى فقد يظل المريض لسنوات على جهاز تنفس صناعى ونحن الآن بصدد تأسيس الجمعية المصرية لرعاية مرضى ضمور العضلات برئاستى وتضم العديد من أصدقاء الحملة، وقد مات من حملة أصدقاء ضمور العضلات أكثر من خمسة أفراد بسبب نوبات فى ضيق التنفس وما خفى كان أعظم، ونحن كحملة نتواصل مع أطباء متخصصين ونعلم أن هناك 1200 حالة مسجلين ضمور عضلات فى مستشفى عين شمس بقسم الباطنة تحت رعاية د. نادية فهمى، وهناك 20 حالة أسبوعياً بمستشفى أبوالريش مع الدكتورة سحر حسين و3 آلاف حالة بمركز الوراثة تحت رعاية د. نرمين صلاح، و50 حالة شهرياً بمركز البحوث وهناك أطفال يولدون مصابين بالمرض وأشرس الأنواع ما يصيب الأطفال «دوشن» ويعتبر «ليمبيردل» أخف الأنواع لكن القاعدة كلما أصاب فى سن مبكرة كان أشرس ومضاعفاته أخطر.

وتشير الإحصاءات إلى أن هناك مريضاً بين كل 3 آلاف يصابون بهذا المرض.

بولا.. زياد.. فارس.. محمد أطفال فى عمر الزهور ضحايا لضمور العضلات الذى لا يرحم بكاء طفل قد يعانى من هذا اللعين وهو ما زال رضيعاً يتغذى على حليب أم تموت كل لحظة وهى ترى المرض يفترس وليدها، وكلما تقدم به العمر كأنها يقترب من نهايته.

«عايدة» والدة بولا تتمزق وهى تحكى عن معاناة ابنها الذى لم يتعد عمره 8 سنوات، قالت: اكتشفت مرض ابنى وعمره سنة و10 شهور ومنذ أن رأيته وأشعر بأن شيئاً ما غير طبيعى إلى أن وصل عمره 8 سنوات فأصبح لا يستطيع السير خطوات بسيطة ونحمله لنتحرك به وحالته من الأنواع الخطرة «دوشن» أخطر الأنواع رقم التحليل مرتفع جداً 7 آلاف وقالت أم بولا: لست مريضة أو أبوه ولسنا أقارب ولكن ما حدث لابنى طفرة وراثية ولدى ابنتان غيره وعندما أردت أن أجرى تحاليل لابنتى الكبرى رفض الأطباء وقالوا لى عندما تتزوج ستكتشف المرض لأنها حاملة للجين وليست مريضة أما ابنى فأجرى له تحاليل دورية وأشعة «ايكو» على القلب كل ثلاثة أشهر.. ما يزعجنى أن المرض ليس له علاج يقولون إن هناك علاجاً تجريبياً فى فرنسا وألمانيا بالملايين لكننى هنا كل ما أستطيعه عمله علاج طبيعى ويتعاطى ابنى كورتيزون، أشعر بأن حالته تسوء بمرور الوقت وأشعر بالعجز وأنا أرى طفلى بهذه الحالة ولا أستطيع أن أنقذه مثل بولا حامد ذلك الطفل الذى لم يتعد عامه الثالث عشر ولم يتمكن من دخول المدرسة لأنه يلزم كرسياً متحركاً منذ خمس سنوات ولم تمكنه ظروفه المرضية من الالتحاق بالمدرسة كأى طفل فى مثل عمره، وكذلك مازن الذى حكم عليه المرض بعجز يهاجمه كلما تقدم فى العمر.

أما محمود السيد فهو حالة من مرضى ضمور العضلات تستدعى ضرورة النظر بعين الإنسانية لضحايا هذا الداء اللعين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل