المحتوى الرئيسى

بعد مقتل 50 ألف شخص.. جذور الحرب الأهلية في جنوب السودان

03/03 17:02

أعلن مسؤول رفيع المستوى بالأمم المتحدة، أمس الأربعاء، أن الحرب الأهلية في جنوب السودان أدت إلى مقتل ما يزيد عن 50 ألف شخص، منذ اندلاعها من أكثر من عامين، وهو ما اعتبره أكثر بخمسة أضعاف عما كانت عليه في الأشهر الأولى من اندلاع النزاع.

وأوضح المسؤول أن الحرب أيضا أدت إلى تشريد وهروب أكثر من 2.2 مليون شخص، فضلا عن أنها ستؤدي إلى مجاعة خلال الأشهر القادمة.

تعود الحرب الأهلية في جنوب السودان لمنتصف عام 2013، عندما أعلن الرئيس سلفاكير، في يوليو إقالة نائبة ريك مشار وجميع أعضاء الحكومة وهو ما يعتبر أكبر تغيير وزاري شهدته البلاد منذ إعلان استقلالها عن الشمال.

ولكن تعود الجذور السياسية للصراع إلى مرحلة الحرب الأهلية (1983- 2005) عندما انفصل مشار، مع شخصيات قيادية أخرى من الحركة الشعبية لتحرير السودان في 1991، بسبب الخلاف مع جون قرنق قائد الحركة التارخي على طريقة إدراته لها، وشكل ما عُرف باسم مجموعة الناصر. مع أن قيادات تنتمي لمجموعات عرقية أخرى خرجت من الحركة مع مشار لكن قبيلة مشار (النوير) كانت تشكل العمود الفقري للتنظيم الذي تم تشكيله عقب الانفصال. خاض المنشقون معارك عديدة ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان ودار قتال عنيف؛ على وجه الخصوص بين الدينكا والنوير وقد اُتهمت مليشيات تعرف باسم الجيش الأبيض وتتبع للأخيرة بارتكاب مجزرة ضد الدينكا في بلدة بور راح ضحيتها 2.000 شخصًا.

مشار الذي ثار وغضب من قرار إقالته، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية للانتخابات الرئاسية في 2015، وسانده في ذلك عددٌ من المسؤولين السابقين الذين أطاحهم الرئيس سيلفا كير في إطار جهده للتخلّص من القيادات التاريخية، التي قادت معه حرب التحرير؛ ومن أبرز هؤلاء باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، ودينق ألور، وزير الدولة الأسبق لخارجية السودان قبل الانفصال، وربيكا قرنق، أرملة مؤسّس الحركة الراحل جون قرنق. ولقد تطابقت رغبة هذه المجموعة، في ما يبدو، مع رغبة رياك مشار في ألّا يحصل الرئيس سلفا كير على فترةٍ رئاسية ثانية.

وفي نوفمبر 2013، أوردت صحيفة "سودان تريبيون" التي تصدر باللغة الإنجليزية، اجتماعا للقادة الجنوبيين سوف ينعقد في الفترة من 23 إلى 25 من الشهر نفسه؛ لتدارس وثائق طال انتظار مناقشتها وإجازتها، من بينها الدستور والتشريع. ولقد ظل معارضو الرئيس سلفا كير يتهمونه بتفصيل دستور يركز السلطات في يده، وأنه يتحول، وبسرعة شديدة، إلى ديكتاتور مطلق السلطات. وكان من المفترض أن يعاد انتخاب رئيس الحزب بناء على اللوائح التي تنص على انتخابه كل خمسة أعوام، وكان من المفترض أن يتخذ هذا الإجراء منذ أبريل عام 2010، إلا أن ذلك لم يحدث. فما كان من المجموعة التي أخذت أصواتها تعلو، منتقدة الرئيس سلفا كير وأداء حكومته، إلا أن قادت حراكا مكثفا داخل الحزب، أرادت من خلاله تغيير قيادة الحزب والحكومة عن طريق عملٍ سياسي تعبوي صاحبته حملات إعلامية وسلسلة من التصريحات والانتقادات التي ركزت على أن سلفا كير يدير الدولة بعقلية أمنية، وأنه يضيق الخناق على الصحافة، وعلى حرية الرأي.

ارتفعت المعارضة السياسية بداية ديسبر 2013، وفي 15 ديسمبر 2013 حصلت اشتباكات عنيفة، عقب إعلان الحكومة عن محاولة انقلاب عسكري ضد الرئيس سلفاكير، قادها النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار، الذي دعا الجيش إلى إطاحة رئيس الدولة سالفا كير، مؤكدًا انه لا يريد أن يناقش إلا "شروط رحيل" منافسه بعد معارك أسفرت عن أكثر من 500 قتيل، وذلك في وقت بدأ وفد وساطة من الاتحاد الأفريقي محادثات في جوبا من أجل إنهاء القتال.

وقال مشار في مقابلة مع راديو "فرانس انترناسيونال"، "أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان، (الحزب السياسي الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي لتحرير السودان، القوات المسلحة في البلاد) إلى الإطاحة بـ(سيلفا كير) من منصبه على رأس البلاد".

وأضاف "إذا ما أراد أن يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون. لكن عليه أن يرحل، لأنه لا يستطيع أن يحافظ على وحدة شعبنا خصوصًا عندما يعمد إلى قتل الناس كالذباب ويحاول إشعال حرب إثنية".

وأكد على القول: "نريد أن يرحل، هذا كل شيء. لقد أخفق في الحفاظ على وحدة شعب جنوب السودان، التي توصلنا إليها بعد صراع طويل وصعب". وقال: "لست مضطرًا لقتال سالفا كير، فقواته التي أغضبها تصرفه ستنقلب عليه".

ارتفعت حرب التصريحات بين الزعيمين، ففي يوليو 2015، قال مشار، إن الحرب الأهلية في البلاد لن تتوقف ما دام سلفا كير رئيسا للبلاد، وذلك في تصريحات أطلقها من العاصمة الكينية نيروبي.

وأضاف "لا نشعر أن لدينا شريك سلام مع سلفاكير"، مشيرا إلى اتفاقات وقف إطلاق النار التي وقعها مع الحكومة خلال 18 شهرا من النزاع، جميعها "ولدت ميتة".

وتابع أن "شعب جنوب السودان لم يستحق أن يعود إلى الحرب، والسبب خلف ذلك هو تصرفات الرئيس سلفاكير الذي نطلب منه اليوم التنحي".

وأضاف: "إذا تعنت سلفاكير ورفض تسليم السلطة للشعب، فمن حق المواطنين الانتفاض عليه والإطاحة بنظامه".

في أغسطس من العام الماضي، بعد مخاض عسير، جاء توقيع بعض أطراف دولة جنوب السودان على اتفاقية السلام التي اقترحتها "الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا" (إيجاد) لإنهاء الحرب الدائرة في الدولة الوليدة وقع رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير على اتفاقية السلام لإنهاء الصراع المحتدم في بلاده.

وكان سلفاكير قد التقى قادة من دول شرق أفريقيا، قبل توقيعه الاتفاق، وذلك بعدما جدد مجلس الأمن الدولي تحذيراته بفرض عقوبات على البلاد، في حال عدم التوقيع على الاتفاق، فيما لم يحضر مشار الاتفاق بسبب "الاجراءات الأمنية" حسب قوله، ولكنه وقع عليه قبل سلفاكير بيومين من العاصمة الأثيوبية "أديس أبابا".

ويفرض الاتفاق إعلان "وقف دائم لإطلاق النار" بعد 72 ساعة من توقيعه. وهو يقضي بمنح المتمردين منصب نائب الرئيس، والذي يرغب مشار في العودة إليه بعد إقصائه منه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل