المحتوى الرئيسى

لامع الحر في كتابَيْن: ثروة لا يُحسن إدارتها

03/01 02:36

في كتاب «وما أرسلنا إلا وردة للعاشقين» للشاعر لامع الحر ـ دار نلسن ـ إشكالية مفارقة: ملياردير ثروة لغوية شعرية لا يحسن إدارتها بل يوزعها عن يسار ويمين، فالشاعر ـ إبن الشاعر عارف الحر العاملي، مؤسس رابطة الأدب العاملي «يملك ثروة لغوية شعرية وثروة في التجربة الوجودية (في هامش الكتاب اعتقال وإبعاد الى معتقل الخيام كان من شأنه أن يجعل منه شاعراً كلوركا أو كنيرودا أو محمود درويش، فماذا جرى يا تُرى حتى صارت هذه الثروة فائضاً لغوياً مهدوراً وكيف؟

كما المال وحده لا يجلب السعادة كذلك اللغة وحدها لا تجلب الشاعرية. وكما الموسيقي الذي يتخرج من الكونسرفاتوار ولا يحسن العزف والأديب الأريب الذي يكتب من أجل الكتابة فقط، فكيف بالشاعر الملهَم الذي يمتلك لغة المتنبي والمعلقات والكلاسيكية المحدثة، والذي لا يشدك كتابه نحو التماعات لامعة إلا نادراً. يتوسل الحر التراث الديني عنواناً لمجموعته – وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين – قرآن كريم – كذلك الشاعر الذي أصدر ديواناً بعنوان «كي لا يغار مني الأنبياء» في شطحة قلم واحدة... هل المبالغة مفارقة كالكناية والتورية والاستعارة والمجاز؟

«ومشيت وحدي في مرايا التيه مخذولاً

وليس معي على أرض النبوة

غنت عذاب الأرض من حب الوحيد» (ص. 160)

لماذا يعزف الموسيقار الكبير ـ طوال عمره ـ على وتر واحد ولا ينتج سيمفونيات بحجم سيمفونيات موزار وبيتهوفن؟ ولماذا يملك الأديب لغة تولستوي ولا ينتج «الحرب والسلام» كأثر أدبي؟ وما أكثر الشعر في لغة تعود الى المعلقات السبع أو العشر وما أقل الشاعرية! هكذا نبحث عن ماء الشعر في محيط البحور والقوافي ونظل عطاشى كالشاعر الإنكليزي في قوله «الماء الماء في كل مكان ولا نقطة ماء للشرب»! كلمات، كلمات، كلمات بحور وينابيع وأنهار، ولكن أين ماء الشعر في عذوبة التدفق بالصور والاستعارات؟

وكيف يقتصر الحبّ على الهوى في لغة الغزل بل كيف تصير كلمات الغزل مفردات تكرارية متناسلة في تشابه القوافي والأوزان:

«هو الحب يغزوني، فيكتحل البدر

أقول لها شعراً، تجيب أنا الشعر

ومن حسنها الوهاج قد أشرق الدهر!»

في كل ما يقوله الشاعر لغة أنيقة فخمة، جميلة (غوى، ماء، رحيل، أفول، خراب، فراق، طيف، نبض، بريق) لكن هل ثمة نبض وحلاوة وطلاوة في لغة شعر أصبحت مكررة مفرداته. إن الإشكالية الإبداعية لا تكمن في استهداف المسائل الجمالية بل في كيفية طرحها وفي الأسلوب والأسلوبية التي يُقال فيها العمل الفني ويكتب ويرسم وينحت ويعزف. وإلا ما الفرق بين الفن وقلة الفن والشعر الذي فيه كثرة من المفردات وقلة من الفرادة:

«أضاع الهوى بحراً يبدد ظلمة

وضعت ولم يأبه بكينونتي البحر»

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل