المحتوى الرئيسى

هل يُطلق الأمريكان الإخوان؟

02/27 11:56

سلط الدكتور معتزبالله عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الضوء على المشروع المطروح بالكونجرس الأمريكى بشأن تصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية، مؤكدًا أن الإخوان يخسرون كل يوم أرضًا جديدة، ومع ذلك لا يوجد منهم من يريد أن يعترف بذلك وأن يوقف النزيف.

وكان نص مقال "عبدالفتاح"، بصحيفة "الوطن":

جاءت الأخبار بموافقة مبدئية للجنة قضائية فى مجلس النواب الأمريكى الأربعاء الماضى على مشروع قرار يدعو الإدارة الأمريكية إلى إدراج «الإخوان المسلمين» على لائحة التنظيمات الإرهابية.

ويعطى المشروع «الخارجية الأمريكية» فترة 60 يوماً بعد تمريره كى تقدم تقريراً للكونجرس تثبت فيه أن «التنظيم» لا يمارس أو يدعو إلى ممارسة أنشطة إرهابية.

وفى حال لم تتمكن «الخارجية» من تقديم دلائل، فعليها أن تصنّف «التنظيم» على لائحة الإرهاب.

ولن يكون هذا المشروع سارى المفعول قبل تصويت مجلس النواب، وكذا مجلس الشيوخ عليه وتمريره فى المجلسين، إضافة إلى موافقة البيت الأبيض عليه.

ويذكر المشروع أن بلدان عدة كمصر والسعودية وروسيا تعتبر التنظيم إرهابياً، ويدعو الولايات المتحدة إلى فعل المثل.

وقال رئيس اللجنة، بوب جودليت: إن «الإخوان» تبنّت الفكر الإرهابى، وهو ما يمثل تهديداً حقيقيّاً للشعب الأمريكى والأمن القومى الأمريكى، مما يتطلب ضرورة تصنيفها كجماعة إرهابية، وأن الموافقة على مشروع القرار اليوم ستُحد من قدرة أعضاء الجماعة على دخول الأراضى الأمريكية.

ويدعو مشروع القرار الإدارة الأمريكية إلى رفض دخول الأجانب الذين على صلة بجماعة الإخوان، كما يوجّه مشرع القرار إلى مواجهة من يُقدّم دعماً مادياً للإخوان للعقوبة الجنائية الفيدرالية، وسيكون من حق الخزانة الأمريكية مطالبة المؤسسات المالية الأمريكية بتجميد أى أصول للإخوان لدى هذه المؤسسات.

ولفت النائب دياز بالارت، إلى أن جماعة الإخوان لا تزال تمثل تهديداً دوليّاً لتمويلها جماعات مثل تنظيم القاعدة وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مؤكداً ضرورة إعلان أمريكا «الإخوان» جماعة إرهابية فى إطار استراتيجية الأمن القومى الأمريكى.

والحقيقة أن جماعة الإخوان نجحت فى أن تفعل ما لا يمكن معه إلا تأكيد أنها جماعة بلا عقل، فضلاً عن أنها بلا ضمير وطنى.

هم جماعة تحولوا إلى «سلالة» تتبنّى نظرية الولاء «للفانلة»، حتى لو كانت النتائج كارثية على الوطن. ولولا العقل النقدى القادر على رصد جوانب الضعف والقوة فى ما يصدر عن السياسيين من قرارات ومواقف وعبارات، لدخلنا فى حرب أهلية حقيقية.

وما يحدث فى العالم من إعادة النظر فى مدى شرعية وجود الإخوان إلا رسالة من دول المنطقة، وعلى رأسهم المصريون، بأن الجماعة تعانى خللاً أصيلاً فى بنيتها العقيدية. وهو ما حاول كثيرون إصلاحه عبر نظرية التأثير الاعتدالى للديمقراطية.

لكن الإخوان أبوا إلا أن يجعل الدول الوطنية جزءاً منهم، وفى هذا خطر عظيم يُفضى فى كثير من الأحيان إلى دماء وحروب.

وهذا هو ما جعل المصريين تاريخياً حين يفاضلون بين مؤسسات الدولة بفساد بعضها الحالى والمحتمل، وبين السياسيين بانتهازيتهم الحالية والمحتملة، كانوا يميلون إلى مؤسسات الدولة. وأكبر دليل على أن ما حدث فى 3 يوليو ليس انقلاباً عسكرياً مثلما اعتادت دول أخرى محيطة بنا هو وجود ممثلين عن الأزهر والكنيسة ومجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن تأييد الشرطة لقرار الجيش بالاستجابة إلى مطالب من تظاهروا لرفض حكم الترويكا الإخوانية الحاكمة: رئاسة وجماعة وحزباً. وهو التوجه التقليدى لدى قطاع واسع من المصريين: مؤسسات الدولة أهم من السياسيين. ولولا بقاء ممثلى القضاء والجيش والأزهر فى الجمعية التأسيسية للدستور لكان رفضه أغلب المصريين فى الاستفتاء. وهذا منطقى فى أول دولة فى العالم عرفت ثلاثية الإله والجيش والسجن.

وسأحكى ما هو أقرب إلى الطرفة المحزنة. حين كنت على الهواء فى برنامجى «باختصار» على فضائية «المحور»، كنت قد بادرت بأن يقوم رئيس الجمهورية -الدكتور «مرسى» آنذاك- بدعوة ممثلين عن المؤسسات الأربع: «الأزهر، الكنيسة، الجيش، القضاء»، كى يضعوا معاً خريطة طريق، وذكرت بعض ملامح ما أفكر فيه، نقلاً عن مقال لى فى «الوطن». وكانت حُجتى أن هذه مؤسسات تحظى باحترام كبير عند المصريين، وأنهم ليسوا فى صراع مع بعضهم البعض، وليسوا فى صراع مع أى من القوى السياسية. وصباح اليوم التالى، اتصل بى أحد المحسوبين على مؤسسة الرئاسة ليناقشنى فى ما قلت، وكان تعليقه صادماً: «لكن مؤسسة الرئاسة فى خلاف مع كل هذه المؤسسات»، وكان ردى: خلاف «الرئاسة» مع أهم أربع مؤسسات فى الدولة يعنى أن «الرئاسة» ليست «رئاسة»، أى لا ينطبق عليها رئاسة الدولة. رئاسة الدكتور «مرسى» هنا أقرب إلى رئاسة تنظيم سياسى منها إلى رئاسة نظام حكم.

وعدم إدراك «الرئاسة» أنها تخلط بين «التنظيم» و«النظام» يعنى أنها لا تفكر استراتيجياً. وهذا كان امتداداً لمقالى الذى نشرته «الوطن» فى 17 يونيو بعنوان: «من المفكر الاستراتيجى للرئاسة؟».

وجاء فيه ما يلى نصاً: «جاتنا نيلة فى نخبتنا الهباب التى لو كانت اتحدت من البداية أثناء الانتخابات الرئاسية، لكنا فى وضع مختلف. ومع ذلك رُب ضارة نافعة. نحن الآن عرفنا أكثر من هم (الإخوان فى السلطة)، بعد أن كنا نعرف من هم (الإخوان فى المعارضة)، حتى لا يقع أحدنا فريسة لتصورات رومانسية زائفة عن قدرات هائلة وحكمة نافذة وملائكية مفترضة. هل يمكن أن ينقذ الدكتور (مرسى) رئاسته، ولا يلحق بألفونسين الأرجنتينى، ودى ميلو البرازيلى اللذين أُجبرا على التنحى؟ سؤال يجيب عنه المفكر الاستراتيجى للرئاسة». انتهى الاقتباس. هذا المفكر الاستراتيجى للرئاسة اتضح أنه لا بيفكر، ولا هو استراتيجى، ولا فيه رئاسة أصلاً. مصر أعز علىّ من أى فصيل. والمتاجرة بدماء شبابنا وأهلنا من أجل عودة «شرعية مرسى» هى تدمير لمصر وللمصريين. ولو تريدون الشرعية، راجعوا أخطاءكم، ابنوا كوادركم على قيم مصرية وليس على قيم إخوانية، اعتذروا للشعب المصرى، انزلوا الانتخابات كى تأخذوا نصيبكم بعد أن خبرناكم. وما دون ذلك فهو استمرار للنهج نفسه المتخلف الذى يرسمه المفكر الاستراتيجى للإخوان. باختصار: من لا يحترم حرمة «دماء» المصريين وسيادة «دولة» مصر على كامل ترابها لا شرعية له حتى لو جاء إلى السلطة بطريقة يراها.

الإخوان يخسرون كل يوم أرضاً جديدة، ومع ذلك لا يوجد منهم من يريد أن يعترف بذلك وأن يوقف النزيف.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل