المحتوى الرئيسى

هل ينجح الحصار الخليجي في تحييد حزب الله عن دوائر السلطة في لبنان؟ - ساسة بوست

02/27 21:24

منذ 23 دقيقة، 27 فبراير,2016

قطعت السعودية مساعداتها العسكريّة للجيش اللبناني، وألغت صفقة تسليح قيمتها أكثر من 3 مليارات دولارات عن طريق فرنسا، بالإضافة إلى مساعدات أخرى لقوى الأمن الداخلي بقيمة مليار دولار، وهو ما أرجعته المملكة “للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين”.

السعودية لم تكتف بذلك، بل أصدرت أمرا يوم الثلاثاء لرعاياها بمغادرة لبنان، كما حذرت من السفر إليه حرصا على سلامتهم، وتبعتها على ذلك الإمارات التي منعت مواطنيها من السفر إلى لبنان وخفض بعثتها الدبلوماسية في بيروت إلى الحد الأدنى.

خلال السطور التالية، تحاول “ساسة بوست” التعرف علي مألات هذه القرار في الصراع الدائر علي موازين القوي في لبنان، والذي سعت المملكة سابقا لتعديله لصالحها بقرار تسليح الجيش اللبناني الذي اتّخذ في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لم يكن هدفه فقط التصدّي لتهديدات الجهاديّين الّتي تفاقمت بعد الحرب السوريّة، وإنّما كان يهدف أيضا إلى تعديل موازين القوى في لبنان التي يستأثر بها حزب الله نفوذا وسلطة وتسليحا.

السعودية: رأس الحربة في المحاصرة الخليجية.

أعقب الغضبة السعودية بقطع المعونة العسكرية، فرضها عقوبات على عدد من الشخصيات والشركات المحسوبة على حزب الله اللبناني، وشملت العقوبات 12 شخصية ومؤسسة سيتم تجميد أصولها في المملكة.

ومن بين الأسماء التي شملتها قائمة العقوبات الجديدة علي موسى دقدوق، الذي تصفه السعودية بأنه قائد بارز في حزب الله، وهو أيضا مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية منذ عام 2012، محمد يوسف أحمد منصور، المعروف باسم سامي شهاب الذي كان مسجونا في مصر في قضية إرهاب وقاسم حجيج، ومصطفى بدر الدين، أحد المتهمين في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري.

وتشمل القائمة أيضا أدهم طباجة ومجموعة الإنماء لأعمال السياحة وفروعها المملوكة له، مركز العناية بالسيارات في السعودية، محمد كوثراني، وحسين علي فاعور، و وإبراهيم عقيل، وفؤاد شكر، وعبد النور الشعلان، ومحمد نجيب كريم، ومحمد سلمان فواز.

وتطورت الأمور إلى أن طالبت معظم الدول الخليجية من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان ومغادرته فورا إلا للضرورات القصوى، وتخفيض دولة الإمارات بعثتها الدبلوماسية بلبنان، وتوقعات برغبة الحكومات الخليجية في سحب ودائعها من مصرف لبنان، وتناقل أخبار عن لوائح معدّة لإبعاد مئات اللبنانيين العاملين في هذه الدول، ووصولا إلى شائعات عن وقف الرحلات الجوية بين السعودية ولبنان.

كيف تجذرت الخلافات بين المملكة والدولة اللبنانية؟

بدأت أولى مراحل هذه الخلاف في الفترة الأخيرة بإعلان جماعة حزب الله رفضها دخول لبنان في التحالف العسكري الجديد لمكافحة الإرهاب الذي أعلنته السعودية، مُشككة في أهداف التحالف، بأن تشكيله جاء “استجابة من السعودية ودول أخرى لقرار أمريكي”، ومُتهمة المملكة بأنها “تتحمل مسئولية الفكر الإرهابي المتطرف والمتشدد، وممارسة إرهاب الدولة ودعم حركات الإرهاب في سوريا والعراق واليمن”.

بالتزامن مع هذه الاتهامات، أطلق حزب الله حملة إعلامية عبر المنابر الإعلامية التابعة لها تركز على أن «السعودية هي مصدر رئيس عن العمليات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، بنشر الفكر الوهابي السلفي المُتشدد».

وسط العلاقة المتوترة المُخيمة بين المملكة وحزب الله، برزت سياسة المملكة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط القائمة علي الاندفاع والمغامرة، والتي كان أول اختبار لها على مسرح الأحداث اللبناني هي حالة العزلة التي سعت من خلالها لحصار لبنان بعد رفض طرح سعودي تركي لفتح جبهة الشمال اللبناني، وتحديدا عبر وادي خالد مطلع السنة الحالية، ومدى إمكانية استخدام مطار القليعات العسكري في الشمال، ومنحهم ضمانات تشمل «حزب الله» لشل قدراته الحركية على طول الحدود الشرقية، كما أوضحت مصادر رئاسية لبنانية”.

ثم تلا هذا الرفض امتناع جبران باسيل باسيل، وزير خارجية لبنان، والمحسوب على تكتل “8 آذار” الذي يشارك فيه حزب الله في الحكومة، عن التوقيع على بيان الجامعة العربية الذي أدان الهجوم الذي تعرضت له البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران مطلع العام، وأجمعت عليه كل الدول العربية وذلك في مؤتمر جدة الإسلامي.

ثم أعقب ذلك تسرب معلومات من جانب مصادر حكومية لبنانية تحدثت عن أن السعوديّة كانت تريد من لبنان الموافقة على قرار يضمُ فيه”حزب الله” كمنظمة إرهابية.

ترحيل العمالة اللبنانية من الخليج: الخطر الأكبر على لبنان

تضغط المملكة العربية السعودية على لبنان باأدوات ضغط متباينة، يبقى منها التلويح بترحيل العمالة اللبنانية من الخليج هي الأكثر تأثيرا علي الوضع السياسي والاجتماعي في لبنان.

يبلغ عدد اللبنانيين في الخليج حوالي 500 ألف لبناني منهم حوالي 360 ألفا يعملون في هذه الدول ويتوزعون على الشكل التالي: حوالي 250 ألفا في السعودية و120 ألفا في الإمارات.

وشكلت منطقة الخليج في العقدين الأخيرين السوق الرئيس لعمل اللبنانيين، لا سيما الجامعيين وذوي المهارات والخبرات العالية الذين ساهموا في بناء هذه الدول ونهضتها ونموها.

ومن المتوقع أن تتسبب إجراءات ترحيل اللبنانيين بأزمة سياسية واجتماعية كبيرة في لبنان قد تهدد الاستقرار الداخلي وتصيب جميع اللبنانيين من دون استثناء، كما يؤثر ترحيلهم على اقتصادات الدول المضيفة لهم؛ لأنه من الصعوبة بمكان الاستبدال بهم كفاءات وخبرات مماثلة.

فيما تتراجع أهمية حظر سفر المواطنين الخليجيين إلي لبنان لما تمثل السياحة الخليجية أقل من 9 % من إجمالي السياح في 2015م، ما يدل على قدرة استيعاب القطاع السياحي لتأثيرات حظر الدول الخليجية مجيء رعاياها إلى لبنان.

كذلك تقل أهمية سحب دول الخليج ودائعها من المصرف المركزي اللبناني، حيث لا يعتبر ذلك تهديدا للاستقرار النقدي؛ لأنها تقل عن 900 مليون دولار (السعودية 200 مليون دولار)، ولأن مصرف لبنان يملك احتياطات ضخمة بالعملات الأجنبية تناهز 38 مليار دولار، ولأن القطاع المصرفي يملك سيولة مرتفعة بالعملات الأجنبية تقارب 40 % من إجمالي الودائع.

خيارات حزب الله والمملكة في معركة النفوذ المالي والاستراتيجي

وفقا لمقال للكاتب نبيل هيثم في صحيفة السفير اللبنانية، فإن السعودية تريد أن تخلق نموذجا جديدا في العلاقة بينها وبين لبنان، يقوم على التزام موقفها وسياستها وتوجهاتها، وذلك تحت طائلة العقاب المالي وغير المالي.

بيد أن هذه الرغبة في خلق هذا النموذج الذي يُعظم من نفوذ المملكة داخل الدوائر السياسية في لبنان، يقف حياله تراجع نفوذ حلفائه داخل لبنان الذي لم تتجاوز مهامهم في هذه القضية، سوى إصدار بيانات داعمة للمملكة والإجماع العربي، دون تغيير كبير في خريطة الأوزان السياسية والحزبية، أو إزاحة “حزب الله” من الساحة السياسية كاملة، لنفوذهم الخافت داخل الساحة السياسية اللبنانية، معتمدين على استيعاب المملكة لمآلات السياسة الحالية للمملكة حيال لبنان على تعقيدات في الداخل وبشكل أساسي من الفراغ الرئاسي، بجانب تصدير مخاوفهم بشأن خلافة إيران السعودية في تزويد الجيش بالسلاح، وإعادة عرض خدماتها على الحكومة اللبنانية وتحريك الهبة العسكرية غير المشروطة لتسليح الجيش اللبناني.

بالتزامن أيضا مع تراجع نفوذ حلفاء المملكة داخل لبنان، وخصوصا «تيار المستقبل» لأسباب سياسية ومالية وخدماتية، برزت قدرة طرف محلي «حزب الله» على المساهمة في تغيير معادلات إقليمية (في اليمن وسوريا)، وتعاظم نفوذه في الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط.

بجانب الغضبة الخليجية حيال لبنان، تقف واشنطن داعمة للاستئناف المساعدات الخليجية، خصوصاً مع بلوغ لبنان إلى المرتبة السادسة من بين الدول التي تلقى دعما عسكريا من واشنطن.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل