المحتوى الرئيسى

Room: العالم بعيون صاحب الـ 9 أعوام

02/25 17:12

فيلم مستقل، تبلغ ميزانية إنتاجه 13 مليون دولار فقط، ومخرجه بريطاني الجنسية له تجارب مستقلة في بلاده، ويصوّر في أمريكا للمرة الأولى، وبطله ليس من نجوم الصف الأول أو الثاني، فهو طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام، والنتيجة واحد من افضل أفلام العام.

تدور قصة الفيلم حول "جوي" وابنها "جاك"، اللذان يقيمان في غرفة منذ 7 سنوات، ولم يروا فيها العالم الخارجي، وتحاول جوي بمساعدة ابنها الهروب من تلك الغرفة.

وRoom من الأفلام التي تستعرض "حدوتة" فريدة تراجيدية، عن معاناة أم وابنها للعيش في ظروف غير إنسانيه بالمرة، ومحاولاتهما للنجاة، من تلك الظروف. واستطاع صناع الفيلم بامتياز أن يعكسوا العالم المنغلق داخل الغرفة، ويجعل المشاهد جزء منه، بحيث نرى هذا المكان بعيون أبطاله، ونتخيل ما يتخيله الأبطال.

ووقع الفيلم في بعض المشاكل، منها تأخير إظهار معلومات مهمة للمشاهد أكثر مما ينبغي، فنجد أنفسنا كمشاهدين في أحد أهم المشاهد في الفصل الأول شبه تائهين، ولا نعلم سبب المعضلة، واستغرق البناء وقتا أكثر من اللازم بحوالي 7 لـ 10 دقائق، كان ممكن الاستفاده منهم بشكل أفضل في إضافة شيء جديد في الفصل الأول أو الثاني.

الفيلم من بطولة بري لارسون، وجاكوب تريمبلي، جوان آلن. وقدمت بري لارسون في الفيلم أداء عبقري جعلها تكتسح أغلبية الجوائز هذا العام، وتضمن بشكل كبير جائزة الأوسكار، فبري استطاعت ان تعكس طوال الفيلم عدد كبير ومتنوع من الانفعالات والعواطف، ونجحت في ذلك بنسبة تتخطى الـ 90%، وساعدها في ذلك طبيعة الدور وظروفه الاستثنائية.

ولكن وقعت بري لارسون في بعض المشاهد في فخ المبالغة في الأداء، فلم أستطع كمشاهد أن أصدق انفعالها في تلك المشاهد، ولكن لا أنكر أنها وفقت في أغلبية المشاهد الأخرى، وجاء اختيار بري لارسون موفقا للغاية، وفوزها بالأوسكار سيضعها في اختبار حقيقي خلال الفترة المقبلة، حول أن تستمر على هذا الأداء، وأن تجسد شخصيات ظروفها مختلفة، ولا تثير شفقة الجمهور مثل شخصيتها في Room.

جاكوب تريمبلي هو اكتشاف الموسم بلا أدنى شك، والذي قدم أفضل أداء في الفيلم، وتفوق على بري لارسون في منطقة الواقعية، وانفعالات جاكوب في كل مرحلة مختلفة عن المرحلة الأخرى، وملائمة بشكل لا يصدق من هذا الطفل الذي لم يُكمل عامه العاشر، ممثل صغير يمتلك إمكانيات رائعة استطاع أن يوظفها بشكل رائع المخرج ليني إبراهامسون.

جوان ألن على الرغم من عدد مشاهدها القليل، إلا أنها قدمت فيها أداء متميز، وعكست ألن بكل بساطة وسهولة عدد كبير من الانفعالات، واستطاعت أن تفرض شخصية ممثلة لديها خبرة كبيرة على الدور، لذلك خرج أدائها بهذا الشكل المميز.

الفيلم مقتبس من رواية كتبتها إيما دونايو، وقامت أيضا بكتابة السيناريو، وهنا تظهر نقطة القوة ونقطة الضعف في السيناريو.. نقطة القوة تتمركز في اختيار إيما دونايو لكتابة السيناريو هو الحفاظ على أجواء وطبيعة العالم الذي تدور فيه الأحداث، أما نقطة الضعف فهي أن دونايو تكتب السيناريو للمرة الأولى، لذلك خرج الفصل الأول من الفيلم بشكل أطول من اللازم، واحتاج سيناريو الفيلم إلى مشاركة من مؤلف آخر بجانب إيما يقوم ببعض الإصلاحات على السيناريو، أو تدخل مباشر من المخرج ليني إبراهامسون في الكتابة، بشكل أوضح كان عليه إعادة تجربة ديفيد فينشر مع جيليان فلين في Gone Girl، لمسة فينشر كانت موجودة على السيناريو وبصمته كانت واضحة.

ولكن بشكل عام القصة ممتازة، والحوار مميز في أغلب المشاهد، وترشيح مستحق للأوسكار بنسبة كبيرة، ولكن فرص فوزه معدومه نظرا لتفوق منافسيه عليه.

الفيلم من إخراج الأيرلندي ليني إبراهامسون، الذي يتميز بتقديم أفلام مميزة بميزانيات ضعيفة، مثلما الحال مع Room، ويستحق ليني في عملية قيادة الممثلين أن ينال الدرجة الكاملة، خصوصا في تعامله مع جاكوب تريمبلي، وإخراج هذا المستوى المفاجئ منه، وبالطبع مع بري لارسون، التي قدم لها إبراهامسون هدية العمر، وأعطاها مساحة كبيره لإبراز أفضل أداء لها، أيضا الأدوار المساعدة ظهرت بشكل مميز، وأبرزها كما ذكرنا جوان ألن.

وعلى الصعيد البصري، فتفنن ليني في تصوير 45 دقيقة بداخل غرفة خلق منها عالم متكامل بعيون أبطاله، خصوصا تريمبلي، وجعلنا ليني كمشاهدين نكتشف العالم الخيالي داخل الغرفة، ونكتشف العالم الخارجي وكأننا نشاهده للمرة الأولى بعيون بطل فيلمه، وأبدع ليني إبراهامسون واستحق مكانه وسط الـ 5 مخرجين الكبار في قائمة الأوسكار.

فيلم Room من أجمل مفاجآت 2015 غير المتوقعة، فالفيلم يضم طاقم تمثيلي مجتهد، قدم أداء تمثيلي سيعلق في الأذهان، وتأليف جيد جدا، وإن كان يحتاج إلى مزيد من العمل، وإخراج متميز من مخرج عمل بشكل رائع خلال السنين الماضية، وجاء الوقت أن ينال الشهرة والفرصة والتكريم الذي يستحقه.

قراءة في قائمة ترشيحات ومفاجآت الأوسكار ٢٠١٦ (١ من ٢)

قراءة في قائمة ترشيحات ومفاجآت الأوسكار ٢٠١٦ (٢ من ٢)

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل