المحتوى الرئيسى

عشية الانتخابات بعد الاتفاق النووي: الإيرانيون يستعدون لرسم معالم مرحلة جديدة

02/25 22:14

تكتسب الانتخابات التي تجرى، يوم غد الجمعة في إيران، لاختيار برلمان جديد وأعضاء "مجلس خبراء القيادة" أهمية تتجاوز المعارك المستمرة بين المحافظين والإصلاحيين.

فهذه أول انتخابات منذ توصلت طهران إلى اتفاق مع القوى الكبرى حول برنامجها النووي، الأمر الذي أدى إلى رفع معظم العقوبات الدولية التي كبلت اقتصادها خلال السنوات العشر الأخيرة.

وحدثت الإنفراجة في ظل حكم الرئيس حسن روحاني، صاحب التوجه البرغماتي الذي يرى فيه نقطة انطلاق لإعادة دمج إيران في المجتمع الدولي وعودتها إلى الأسواق العالمية. لكن خصومه المتشددين مصرون على منع هذا التطور من التحول إلى تحرير للنظام الإسلامي عن طريق صندوق الاقتراع.

ويرى بعض المحللين أن هذه المنافسات الانتخابية تمثل لحظة فارقة يمكن أن تشكل مستقبل الجيل التالي في بلد تقل أعمار 60 في المئة من سكانه عن الثلاثين، بينما يبلغ عدد سكان إيران 80 مليون نسمة.

وربما يشوه النتيجة قيام "مجلس صيانة الدستور" بشطب كثير من المرشحين من مؤيدي الإصلاح. وهذا المجلس مكون من مجموعة من رجال الدين غير المنتخبين وهو مسؤول مباشرة أمام المرشد الأعلى علي خامنئي.

والمخاطر كبيرة لكل الفصائل، لأن نتيجة الانتخابات قد تحدد ما إذا كان لدى روحاني تفويض بالمضي قدماً في الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سبق أن وعد بها، بالإضافة إلى تأثيرها على فرص إعادة انتخابه في العام 2017.

وفي الأيام الأخيرة من حملات الدعاية الانتخابية أخذ الصراع منحى قاسياً. ففيما تواجه بالارتياب سياسة روحاني المنفتحة على الغرب، يتهم خامنئي الغرب بالتآمر للتأثير في نتيجة الانتخابات، إذ يقول إنه واثق بأن الإيرانيين سيصوتون من أجل الإبقاء على موقف إيران المناهض للغرب.

وقد نفى روحاني هذه الاتهامات ووصفها بأنها إهانة لذكاء الإيرانيين.

ويأمل حلفاء روحاني المعتدلون، الذين دعمهم الاتفاق النووي، استعادة ما خسروه من مواقع خلال السنوات العشر الماضية. لكن عملية التدقيق في المرشحين وبطء وتيرة تحسن الوضع الاقتصادي كانا من العوامل التي عززت شعوراً بين أفراد الشعب بأن إصلاحات روحاني الموعودة لم يتحقق منها شيء، ما جعل المعتدلين يواجهون معركة انتخابية شرسة.

وأكدت الإجراءات التمهيدية للانتخابات أن الساسة المنتخبين هم في نهاية المطاف في قبضة رجال الدين وفقهاء القانون الإسلامي ومؤسساتهم غير الشفافة التي يقبع على قمتها المرشد الأعلى.

وحتى إذا فقد حلفاؤه المحافظون سباق الانتخابات البرلمانية لصالح خصومهم المعتدلين فستظل لخامنئي السلطة النهائية، فيما يذهب الرؤساء والنواب ويجيئون.

ويقول محلل في طهران طلب عدم نشر اسمه: "لنفرض أنه أصبح لدينا حكومة إصلاحية تتمتع بغالبية. لا أعتقد أنها ستحدث فارقاً كبيراً. فالمرشد الأعلى والحرس الثوري يضبطان الإيقاع والحدود ويحددان الاتجاه العام للبلاد".

يضيف المحلل: "يجب ألا تكون توقعاتنا كبيرة. فالمحافظون لديهم أدوات السلطة. الإعلام والجيش والاستخبارات والموارد المالية الفعلية كلها في أيديهم. فهو نظام مزدوج والجانب الآخر ما يزال في غاية القوة".

وكانت آخر مرة فاز فيها الإصلاحيون بالغالبية في البرلمان في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، حيث اعترض "مجلس صيانة الدستور" على قوانين عديدة أقرها مجلس الشورى (البرلمان) حينذاك، باعتبارها مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية.

وقد أدى الاتفاق النووي الذي أبرم في العام الماضي إلى رفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، في الشهر الماضي، رغم أن عقوبات مهمة ترتبط بسياسات إيران على المستوى الدولي مازالت سارية.

ويرى المستثمرون الدوليون في إيران فرصة هائلة بين الأسواق الناشئة في كل شيء، من السيارات إلى الطائرات، ومن السكك الحديدية إلى تجارة التجزئة.

وتملك إيران ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، وقاعدة متنوعة للصناعات التحويلية وقوة عاملة متعلمة.

وبالنسبة لرجل الشارع العادي في إيران يبشّر احتمال مجيء هذا النوع من الاستثمارات بعودة النمو الاقتصادي، وارتفاع مستويات المعيشة، وزيادة الوظائف في الأجل الطويل.

وقد أزعج احتمال الانفتاح على العالم بهذا القدر وكذلك شعبية روحاني، حلفاء خامنئي  الذين يخشون فقدان السيطرة على وتيرة التغيير، بالإضافة إلى التطاول على مصالحهم الاقتصادية المربحة التي كونوها خلال فترة العقوبات.

فـ"الحرس الثوري الإسلامي"، على سبيل المثال، ليس مجرد حارس لإيران، بل هو إمبراطورية اقتصادية من الشركات التي تملك مصالح في قطاعات من المصارف إلى البناء والتصنيع.

وما يزال الحرس يخضع للعقوبات بسبب ما يقال عن دعمه للإرهاب. إذ أدى ذلك إلى تفاقم الخلافات السياسية داخل هياكل السلطة المعقدة في إيران.

ومنع مجلس صيانة الدستور آلاف المعتدلين من خوض الانتخابات، ومن بينهم حسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام روح الله الخميني.

وكان حفيد الخميني، البالغ من العمر 43 عاماً وهو من رجال الدين وفي مرتبة متوسطة بينهم، يسعى الى دخول "مجلس الخبراء" باعتباره حامل لواء الاعتدال وله في الوقت نفسه مصداقية بين المحافظين. وقيل له إنه يفتقر إلى المؤهلات الدينية اللازمة.

وتدور واحدة من أهم المعارك الانتخابية في طهران حيث يتنافس أكثر من 1000 مرشح على 30 مقعداً فقط. ويتصدر قائمة الإصلاحيين في العاصمة محمد رضا عارف المرشح الرئاسي السابق الذي تخرج من جامعة ستانفورد، وهو وزير سابق عمل أيضاً نائباً للرئيس الإصلاحي خاتمي في الفترة 2001-2005.

والمرشح الأول للمحافظين هو غلام علي حداد عادل الذي يشغل مقعداً في البرلمان منذ العام 2000 وكان رئيساً للبرلمان في الفترة 2004-2009. وهو أيضاً مستشار لخامنئي، كما أن ابنته متزوجة من مجتبى ابن المرشد الأعلى والذي يتمتع بنفوذ كبير.

ورشح عدد يقدر بنحو 801 رجل من رجال الدين أنفسهم لخوض انتخابات "مجلس الخبراء" المؤلف من 88 عضواً، غير أنه لم تتم الموافقة سوى على 166 مرشحاً. ولم يسمح للنساء بالترشح لهذا المجلس الذي سيتولى اختيار خليفة لخامنئي.

وحتى الآن كان التنافس على هذا المركز من مراكز سلطة رجال الدين حدثاً عادياً، لكن الأمر يختلف هذه المرة. فبسبب الحالة الصحية لخامنئي البالغ من العمر 76 عاماً، من المرجح أن يختار أعضاء المجلس الجدد الذين سيخدمون لفترة ثماني سنوات المرشد الأعلى المقبل.

ومن المحتمل أن يكون المرشد التالي من بين الأعضاء الذين سيُنتخبون هذا الأسبوع.

والمرشح الأول للإصلاحيين هو الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني رغم أنه في الحادية والثمانين من العمر. وهو من مؤسسي الجمهورية الإسلامية وشغل منصب الرئيس في الفترة 1989-1997.

وقد اشتهر عن رفسنجاني الموجود دائماً تقريباً في مركز شبكات السلطة المتداخلة في إيران، ميله للبرغماتية وبراعته السياسية.

وبتأييد رفسنجاني يأمل الإصلاحيون أن يتمكنوا من خلال التحالف مع المحافظين المعتدلين من منع أبرز ثلاثة مرشحين من المتشددين، وهم أحمد جنتي ومحمد يزدي ومحمد تقي مصباح يزدي، من خلافة خامنئي.

كذلك فإن رفسنجاني هو رئيس "مجمع تشخيص مصلحة النظام" الذي يتوسط بين البرلمان المنتخب و"مجلس صيانة الدستور" المعين. لكن سلطته ضعفت في السنوات الأخيرة وتمثل ذلك في سجن اثنين من أبنائه.

وكان قد اختلف مع خامنئي بعد أن أيد "حركة الخضر" المعارضة في انتخابات الرئاسة لعام 2009 ، والتي كانت نتيجتها موضع نزاع. وأصبح متحالفاً الآن مع الإصلاحيين. والرئيس روحاني نفسه هو الرجل الثاني في قائمة المرشحين الإصلاحيين لمجلس الخبراء بعد رفسنجاني.

كان خامنئي قد حذر مراراً من أن أعداء إيران يسعون لاستخدام الانتخابات من أجل التغلغل في هيكل السلطة.

ومع ذلك ورغم ما يتمتع به من سلطات فليس بوسعه أن يكبح النقاش الدائر حول مستقبل إيران.

وفي الماضي كان أي نقاش يدور حول خليفة خامنئي المحتمل يعتبر إضعافاً لمكانة المرشد الأعلى نفسه، لكن النقاش العام اكتسب زخماً قبل الانتخابات.

وليس في ذلك ما يمثل مفاجأة إذ أن للمرشد الأعلى نفوذاً كبيراً، أو سلطة دستورية على مؤسسات الحكم التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالاضافة إلى الجيش ووسائل الإعلام.

أغضب رفسنجاني المتشددين في كانون الأول، عندما قال إن مجلس الخبراء سيكون على استعداد لاختيار "مجلس قيادة إذا اقتضى الأمر"، بدلاً من اختيار مرشد أعلى يحكم مدى الحياة.

وبمقتضى الدستور الإيراني يجوز اختيار "مجلس قيادة" انتقالي إلى أن يختار "مجلس الخبراء" مرشداً أعلى. لكن المحللين قالوا إن رفسنجاني ينادي بمجلس قيادة دائم، وهو الرأي الذي يعارضه بشدة حلفاء خامنئي المحافظون.

ويقول خبير الاستراتيجيات السياسية المحافظ، أمير محبيان لرويترز "الإصلاحيون لن يكون وضعهم قوي في مجلس الخبراء، لأن رفسنجاني أطلق إشارة سيئة أن بوسع المجلس تحدي الزعيم" خامنئي.

ويضيف: "أخذوا حذرهم بشطب الخميني. وأرسلوا رسالة مفادها: نحن أقوياء ولا نسمح لأحد بإجراء تغييرات في المجلس فهذا ليس مكان لألاعيب الساسة بل موقع مهم لاختيار زعيم جديد".

ورغم شطب أعداد كبيرة من المرشحين، فإن الإصلاحيين ينافسون بضراوة ويحاولون تعظيم نتائجهم بتشكيل تحالف مع البرغماتيين، ويطرحون قائمة مشتركة مع مرشحيهم المفضلين في العاصمة ومدن أخرى.

ولا يجازف المحافظون بشيء. فهم ينظمون نقل الناخبين بحافلات من القرى النائية والمدن إلى طهران ويوفرون لهم سبل الإقامة والغذاء للإدلاء بأصواتهم لصالح مرشحيهم.

وبث الرئيس الأسبق خاتمي،، هذا الأسبوع، رسالة حث فيها أنصاره على التصويت للمعسكر الإصلاحي الذي اختار كلمة "الأمل" شعاراً لحملته الانتخابية.

وقال خاتمي مشيراً إلى انتخابات سابقة فاز فيها الإصلاحيون بعدد أكبر من المقاعد بسبب الإقبال على التصويت: "كلما زاد إقبال الناخبين المؤهلين على الإدلاء بأصواتهم كانت النتيجة أقرب إلى مطالب الشعب".

ولن يكون لنتيجة الانتخابات البرلمانية أثر كبير على السياسة الخارجية. لكنها ستعزز نفوذ الفصيل المنتصر في انتخابات الرئاسة التي تجرى في العام المقبل.

ومن الممكن أن يعزز البرلمان، إذا كان مؤيداً لروحاني، سلطته في دفع الإصلاحات الاقتصادية لفتح البلاد أمام حركة التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية.

كما أنه قد يساعد الحكومة في تنفيذ برنامج سياسي يهدف إلى توسيع نطاق الحريات الاجتماعية والاقتصادية، مثلما وعد الرئيس في حملته الانتخابية منذ العام 2013.

وقد أثرت حالة الاستقطاب الشديد في البلاد على الشباب الذين يدلي عدد كبير منهم بصوته للمرة الأولى.

وفي حين يؤكد البعض أنهم سيصوتون للإصلاحيين لأنهم يسعون للتغيير ويريدون قطع الطريق على المتشددين، فقد قال آخرون إنهم يعتزمون التصويت للمحافظين انطلاقاً من ولائهم لخامنئي. ويقول البعض إنهم سيقاطعون الانتخابات لأن أصواتهم لن تحدث فرقاً.

وتقول آريا بهفوروز (18 عاماً) الطالبة بالسنة الأولى في كلية طب الأسنان في جامعة طهران: "لن أضيع وقتي وأدلي بصوتي لأنه لا شيء سيتغير لأن المحافظين يقبضون على السلطة بأيديهم".

وتقول طالبة الفنون سحر (26 عاماً): "لا أعتقد أن تغييراً جوهرياً سيحدث على الإطلاق. فمن يديرون البلاد هم هم أنفسهم. والمرات القليلة التي شهدنا فيها تغيّراً وجدنا المتشددين يسدون عليهم الطرق. وحتى إذا فاز الإصلاحيون بالسلطة الآن سيقطع المتشددون عليهم الطريق".

وتفيد طالبة علم الوراثة بهار (22 عاماً): "سأدلي بصوتي للإصلاحيين لأنني أريد التغيير. أريد بلداً على صلة أكبر في العالم وليس معزولاً. لدينا بلد ثري جداً وشعب شاب وأنا أريد حكومة تستثمر في شعبها وفي الشباب وتعمل على تحسين أقداره".

ومع تزايد الاهتمام في الاتجاه الذي ستسير فيه إيران مستقبلاً بعد ما حققته من انفراجة على المستوى الدولي بالاتفاق النووي، من المرجح أن تستمر الخلافات والصراعات بين المعسكرين لما بعد الانتخابات المزدوجة التي تجري يوم الجمعة.

ويرى المحلل المقيم في طهران، أن "هذا في جوهرة نظام سياسي يسعى لإبقاء الأمر الواقع كما هو وليس مهتماً بتغيير حقيقي. فالتغيير متدرج للغاية وشكلي. وهذه الانتخابات لن تؤذن بعصر جديد لإيران".

توقع نائب رئيس الجمهورية السابق محمد رضا عارف، المرشح الإصلاحي البارز، فوز أنصار الرئيس روحاني على التيار المحافظ في الانتخابات البرلمانية المقررة غداً الجمعة، قائلاً إن ذلك سيساعد الرئيس على إعادة تنشيط الاقتصاد الذي تضرر من أثر عقوبات دامت لسنوات.

ويقول عارف لوكالة "رويترز"، إنه حتى إذا احتفظ المحافظون بالغالبية في البرلمان المكون من 290 مقعداً، فسيسعى التيار المعتدل للتواصل مع حلفاء لتمكينهم من الضغط بغرض فتح الاقتصاد البالغة قيمته 400 مليار دولار على العالم.

وبضيف عارف: "نعتقد أننا سنحقق الفوز.. لكن حتى إذا لم نحصل على الغالبية فسنشكل تحالفاً للضغط من أجل تحقيق إصلاحاتنا وخططنا للتطوير. نتوقع ألا يحصل المحافظون أو المتشددون على الغالبية البرلمانية وأن يطرأ تغير على المناخ العام في البرلمان. هذه أمانينا لكنه أيضاً تحليل يستند إلى واقع".

ويقصد بالمحافظين التيار الذي يتبنى بشكل عام مواقف معادية للغرب ويسعى للإبقاء على القيم والمبادئ المحافظة الأصيلة لثورة 1979 في وجه النفوذ الأجنبي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. ويُتوقع للسياسيين من هذا التيار السيطرة بشكل فعلي على 60 في المئة من المجلس.

ويتطلع أنصار روحاني الى الحصول على نفوذ في انتخابات البرلمان و"مجلس الخبراء" الذي يضم 88 عضواً.

وواجه أنصار روحاني ضغطاً متزايداً خلال الحملة الانتخابية من قِبل المحافظين الذين يتهمونهم بالارتباط بعلاقات مع قوى غربية بينها الولايات المتحدة وبريطانيا.

لكن عارف يرفض هذا الحديث ويعتبره "طبيعياً خلال الانتخابات".

ويقول: "نعتقد أننا نعمل من أجل تحقيق تعايش سلمي مع الدول الأجنبية كافة بما يتماشى مع الإطار العام لمصالحنا الوطنية مع استثناء واحد وهو نظام الاحتلال الإسرائيلي".

والمخاطر كبيرة لكل الفصائل، لأن نتيجة الانتخابات قد تحدد ما إذا كان لدى روحاني تفويض بالمضي قدماً في الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سبق أن وعد بها، بالإضافة إلى تأثيرها على فرص إعادة انتخابه في العام 2017.

ويقول عدد من رموز المعارضة الإيرانية إنهم سيشاركون في الانتخابات لينهوا بذلك المقاطعة الفعلية للنشاط السياسي الرسمي في إيران، في قرار ربما يمنح دفعة معنوية لمعسكر روحاني.

وفي تعليق على موقع "فايسبوك"، يشير تقي كروبي ابن المعارض البارز مهدي كروبي الى إن والده قرر التصويت للمرة الأولى منذ اعتقاله في العام 2011 وطلب نقل صندوق انتخابي إلى منزله.

وخاض كروبي وإصلاحي آخر هو مير حسين موسوي الانتخابات الرئاسية في العام 2009 وأصبحا رمزين لكثير من الإيرانيين الذين احتج كثير منهم على نتيجة تلك الانتخابات اعتقاداً منهم أنها زورت من أجل إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

ويقول تقي كروبي: "بعد 2009 شعرنا ألا جدوى من المشاركة في الانتخابات بما أن أصوات الناخبين لا تؤخذ في الاعتبار والنتائج تقررت بالفعل من قبل الدولة".

ويضيف: "لكن بعد انتخاب الرئيس روحاني (في العام 2013) نشعر بأن مشاركتنا قد تكون فعالة بما أن الحكومة ملتزمة بحماية أصوات الشعب".

ونقلت وكالة "فارس" للأنباء عن رئيس لجنة الانتخابات في إيران محمد حسين مقيمي، حين سُئل عن إمكانية نقل صندوق انتخابي إلى منزل كروبي ليتسنى له الإدلاء بصوته، قوله: "بوسع جميع المواطنين الإيرانيين التصويت حيثما كانوا وسنسهل ذلك".

وفي إشارة لاستبعاد آلاف المرشحين الإصلاحيين بقرار من السلطة المكلفة بفحص أوراق المرشحين، والذي يهيمن عليها المحافظون يقول كروبي إنه رغم اعتقاد الأسرة بأن انتخابات الجمعة "ليست حرة ولا تنافسية"، فإن المنافسة تمثل "خطوة صغيرة على الطريق الصحيح".

وأعلنت بنات مير حسين موسوي، أمس الأربعاء، أنهن سيشاركن في الانتخابات "رغم كل الضغوط وأوجه القصور".

وفي خطوة لا سابق لها أصدر عدد من السجناء السياسيين بيانات تحث الناخبين على "تطهير" البرلمان و"مجلس الخبراء".

في سياق متصل، ترفض مدينة قم (مركز الحوزة الدينية في إيران ورمز المجتمع المحافظ اجتماعياً ودينياً) أي "تغلغل" للغرب في انتخابات الجمعة، مؤكدة من دون ادنى شك ولاءها للمرشد الاعلى علي خامئني.

وتشكل الانتخابات في هذه المدينة التقليدية التي تضم الكثير من الحوزات، مناسبة لإظهار معارضتها "الاستكبار" الغربي.

وتعتبر قم التي يسكنها نحو مليون نسمة وتقع على مسافة 150 كيلومتراً جنوبي طهران، العاصمة الدينية لإيران في مقابل حوزة النجف العراقية.

وفي قم ضريح السيدة معصومة، شقيقة الامام الرضا، ثامن الائمة المعصومين لدى الاثني عشرية.

يقول رضا أحمدي (65 عاماً) رداً على سؤال لمن سيمنح صوته الجمعة: "اؤيد المرشد فقط" في اشارة الى خامنئي.

وفيما يتوجه الإيرانيون الى صناديق الاقتراع لانتخاب 290 نائبا في مجلس الشورى، تنتخب قم، حيث المرشح هو الرئيس الحالي لمجلس النواب المحافظ علي لاريجاني، ثلاثة نواب.

من جهتها، تقول زهراء يزدي (23 عاماً) التي ترتدي الشادور الأسود التقليدي، مثل معظم نساء قم، "سأشارك بالتأكيد في الانتخابات لمنع تغلغل الأجانب في بلادنا".

وتضيف: "هناك عناصر تغلغلت في البلاد وهي بإمرة القوى الأجنبية، لكن شعبنا يتحلى باليقظة.. وسيتم منعهم".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل