المحتوى الرئيسى

أحمد شحاتة يكتب: الإسلام بين مطرقة الحويني وسندان مصطفى حسني

02/24 10:23

لا شيء أخطر على الدين من اختزاله في مجموعة من القوالب الجامدة من التشريعات والأحكام المنتزعة من سياقها التاريخي، إلا تسطيحه وتسخيفه وتسخيف معتنقيه عن طريق طرح البديهيات في ثوب تعليمات دينية حصرا، وكأن الإنسان قد انحدر إلى مخلوقات دونية واحتاج إلى واصٍ ومبلغٍ عن مراد الرب يرشده إلى كون الخير شيء جيد والشر شيء قبيح!!

هاتان هما المدرستان اللتان تسيطران على الخطاب الديني في وقتنا الراهن، وأرمز إلى المدرسة الأولى بالشيخ أبي إسحاق الحويني، وإلى الثانية بالأستاذ “الداعية” مصطفى حسني.. طبعا أنا لا أقصد شخصنة القضية من قريب أو بعيد، إذ لا أتحدث هنا عن أشخاص قدر ما أتحدث عن مناهج واضحة المعالم تُستنسخ من بعضها استنساخا!

والآن دعونا نتحدث عن كلِ مدرسة من هاتين المدرستين على حده وبمزيدٍ من التفصيل:

ويتبعه في ذلك السواد الأعظم من المشايخ الأكثر ذيعا واستحواذا على المنابر الإعلامية، من أمثال محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وغيرهما من مشايخ الوهابية سواء بمصر أو بدول الخليج وجل مشايخ الأزهر.. وهذه المدرسة ضاربة بجذورها في التاريخ الإسلامي منذ نشأته وإلى يومنا هذا، تلك المدرسة التي لا ترى في الدين سوى مجموعة صماء من القوالب التشريعية المطلقة، ويجعلون من تلك القوالب مقصدا في ذاتها، ولا يتجاوزون صورتها إلى غائيتها، ويكرسون حياتهم لجبل الناس عليها جبلا، ويتصورون الله ويصورونه لمريديهم (وإن لم يقولوا ذلك حرفياً) على أنه ذلك الإله الذي يجلس على عرشه فوق سبع سموات ويأبه بتلك الصور التشريعية ويريدها لذاتها، وكأنه – حاشاه – يريد قطع اليد لذات القطع، والجلد لذات الجلد.. ويكون التزام الناس بتلك الصور نصرة له ولدينه الذي ارتضاه لخلقه، بينما يكون انصرافهم عنها واستحداثهم لصور أكثر إنسانية وتماشيا مع مقتضيات العصر ومع المقاصد التشريعة بالدرجة الأولى، انصرافا عنه وعن الدين نفسه، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.

ويتبعه في ذلك تيار مستحدث، يطلق عليهم “الدعاة الجدد” من أمثال عمرو خالد وشريف شحاتة.. وغيرهما، تلك المدرسة اللي لا تناقض المدرسة الأولى في أفكارها، بل هي فقط تسكت عنها سكوت المُقر، وتنتهج منهجا لا يقل عن الأول استهانة بعقل المتلقي ووصاية عليه وتسفيها له، فمن هو ذلك الإنسان السوي الذي يؤمن بإله ويحتاج في الوقت ذاته لمن يخبره بأن ذلك الإله عادل، وأنه كريم، وأنه يحب الخير ويبغض الشر.. هل تحتاج هذه البديهيات إلى واسطة وناقل يبلغها عن الله لمن يؤمنون به أصلا؟! أليس في ذلك قدرٌ خرافيٌ من الاستهانة بعقل المتلقي، أو استغلال عاطفته الساذجة واللعب على وترها من خلال تسويق اللاشيء، بل وجعله بضاعة رائجة أيما رواج؟!

وآخر يستقي من فيديوهات أو منشورات تُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي قصصا أسطورية يلبسها ثوبا دينيا، ثم يقدمها للمتلقى على كونها قصص نجاح أو “بسمة أمل”! ويتحول اللاشيء إلى مشاريع اقتصادية وسبوبة يرتزق منها أناس بلا منتج حقيقي، اللهم إلا تسفيه العقل الجمعي وتغييبه ودغدغة المشاعر وبسترتها.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل