المحتوى الرئيسى

الذين انقلب عليهم نظام السيسي

02/23 19:31

بات من الواضح فى الآوِنَة الأخيرة، أن نظام السيسي يحمل داخله تناقضات ثانوية بينه وبين مؤيديه من أجيال دولة مبارك، ومن الجهة الأخري بينه وبين أبنائه الذين تبناهم هو بنفسه، فلم تعد المواجهة الوحيدة أمام السيسي هي مواجهة “الثورة” من جهة والتيار الإسلامي من جهة أخري، ولكن مع إنتهاء المرحلة الأولي بعد تولي السيسي الرئاسة بدأ فى خوض معارك ثانوية داخلية.

ويري بعض الأكاديميون السياسيون والمحللون بأن السيسي بعدما استطاع السيطرة على الرأي العام وإقصاء التيارات المعارضة بأكملها سواء الثورية منها أو الإصلاحية، وبعدما استطاع الإستئثار بالعملية السياسية والإنفراد بإدارتها هو ومجموعته السياسية التى تتشكل من أصحاب المصالح المشتركة بالإضافة إلي مواليه المخلصين إنتهاءً بأبناء جيل دولة مبارك الذين ليس لديهم خيار سوي الركب فى موكب السيسي والسير تحت مظلته لحين إشعار آخر.

أراد السيسي أن يتخلص من شبح دولة مبارك ليبقي هو متربعاً على كرسي العرش دون منازع أو وصي عليه. أما عن صراعه مع أصحاب المصالح المشتركة من رجال الأعمال فيقول بعض المحللون بأن هذا الصراع يدور على خلفية الصراع بين المؤسسات العسكرية الإستثمارية والتى يُشكل السيسي جزء منها وبين رجال الأعمال المدنيين.

ويؤكد المحللون أن رجال الجيش لن يسمحوا لأحد أن ينتزع منهم السيطرة على قطاع الإقتصاد والإستثمار، ويضيف محللون أخرون تصور لصراع السيسي ضد أبنائه الذين إختارهم هو بنفسه من السياسيين والعساكر ولاسيما الإعلاميين، بأن السيسي لم يعد يريد أن يتحمل أعباء اخطاء الأخرين من معاونيه، ولذلك فهو يتخلص منهم واحد تلو الأخر حتي يستطيع إستمالة الرأي العام فى صفه.

ومثَلت كلمة السيسي فى ندوة تثيقيفية أقامتها القوات المسلحة، أبرز هجوم له على الإعلاميين، فقال: “هو أنت عشان قدام منك كلام عاوز تقوله تعمل كده في بلدك ولا إيه؟ إحنا لازم نتعامل مع الموضوعات بالفهم اللازم، وأحد الإعلاميين بيقول: الرئيس قاعد مع بتوع سيمنز وسايب إسكندرية تغرق ما يصحش كده، هذا أمر لا يليق، إنتو بتعذبوني إني جيت هنا ولا إيه؟”.

واستكمل غاضبًا: “فيه بعض الناس في الإعلام مش عارفة ولا فاهمة حاجة، حاطة ميكروفون قدامها وبتتكلم منه، إحنا مش بندوس على الزرار ونخلص، ونقول كل حاجة فيها كارثة، طيب يعني الإعلام ما فيهوش كوارث ولا إيه؟”.

وأضاف السيسي: “أنا مش زعلان، بس عاوز حد يقولي أنا أسأت لمين، أتحدى إن حد يطلع أي تعبير غير مناسب أنا قلته لأي حد حتى للناس اللي بتسيء لينا وتتآمر علينا، المرة الجاية أنا هشتكي للشعب المصري منكم موجهًا حديثه لبعض الإعلاميين”.

وكان من أبرز الإعلاميين الذي أراد السيسي التخلص منهم، الإعلامي “توفيق عكاشة” والذي كان من أكثر داعمي السيسي والمدافعين عنه. وبدأ إنقلاب نظام السيسي على عكاشة عندما أصدر مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية، قرارًا بإيقاف برنامج «مصر اليوم» الذي يبث على قناة الفراعين، المملوكة لشركة فيرجينيا للإنتاج الإعلامي والقنوات الفضائية، لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ هذا القرار، مع منع ظهور الإعلامي توفيق عكاشة على القناة المرخص بها للشركة أو في أى من البرامج التي تبث عليها خلال مدة الإيقاف. ثم تلاها إغلاق قناة الفراعين بدعوى الإفلاس، وهي القناة التي يملكها عكاشة، وصولاً لطرده للمرة الثانية من جلسات البرلمان وتشكيل لجنة خاصة للتحقيق معه، على إثر إهانته للدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس.

وصرح مصدر مطلع في مدينة الإنتاج الإعلامي لبعض الجهات الإعلامية أن ” هناك ارتباط وثيق بين الشؤون المعنوية في القوات المسلحة المصرية، وكذا دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية وبين رؤوساء مجالس تلك القنوات، بحيث يسمح لهم بإدارة القنوات بالشكل الذي لا يتعارض مع قرارات النظام، وغالباً ما يدفعون بالمواضيع الى مقدمي تلك البرامج”، وهذا ما يؤكد سيطرة السيسي والجيش على قطاع الإعلام.

أما عن العسكريون والساسة الذين تخلص منهم السيسي، فكان منهم ثلاث شخصيات بارزة:

1) اللواء محمد فريد التهامي: جاءت خطوة إقالته مفاجئة وبشكل غير متوقع ولم يعلن خبر الإطاحة به الرئيس عبدالفتاح السيسي بل أعلنها “سامح سيف اليزل. وكان قد أرجع البعض سبب إقالته للتسريبات الأخيرة التي نشرتها قناة “مكملين” من داخل مكتب السيسي.

2) اللواء أحمد وصفي رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة: فبعد أن تواترت أنباء عن تعيينه محافظًا لشمال سيناء في التعديلات الجديدة الخاصة بحركة المحافظين، رأى مراقبون إن قرار تعيينه محافظ هو أخر كارت له قبل إخراجه خارج الملعب نهائيًا. قائد للجيش الثاني الميداني تم الإطاحة به ليكون رئيسًا لهيئة تدريب وهو منصب شرفي ولم يكن له دور ثم يٌعين كمحافظ ليكون ذلك الكارت الأخير له قبل أن يخرج نهائيًا من المشهد.

ولم يخلو المشهد من الصراع بين السيسي ورجال الأعمال، أو كما وصفه بعض المحللون بين قطاع الإستثمار العسكري وقطاع الإستثمار المدني، حيث ظهرت توجهات السيسي الإقتصادية بعد تنصيبه رئيسًا لأن الرجل رفض الصعود إلى الرئاسة ببرنامج، وما مس رجال الأعمال مباشرة هو ترك السيسي العنان لاقتصاد الجيش للتوغل أكثر فأكثر داخل الاقتصاد المصري رغم أن الجيش المصري يمتلك قرابة 40% من الاقتصاد المصري بالأساس، وهو الأمر الذي خلق حالة من الهلع بين رجال الأعمال.

خاض السيسي عدة معارك مع رجال الأعمال، كانت الأولي عندما عزف بعض رجال الأعمال التبرع لصندوق تحيا مصر الذي أنشئه السيسي، وهو الأمر الذي استثار غضب السيسي في أحد لقاءاته ودفعه للتصريح لهم بجملة “هتدفعوا يعني هتدفعوا”.

ثم إصدار وزارة المالية المصرية في 7 أبريل 2015، اللائحة التنفيذية لقانون فرض ضريبة 10% على أرباح البورصة للمضاربين، وحملة أسهم الشركات، وهو القانون الذى أقره السيسى في يوليو 2014؛ الأمر الذي لقي رفضًا قاطعًا من بعض رجال الأعمال، إنتهاءاً بإصدر البنك المركزى في 4 فبراير 2015 قرارًا يُقيد إيداعات الأفراد والشركات في البنوك المصرية من الدولار بعشرة آلاف دولار كحد أقصى في اليوم، و50 ألف دولار كحد أقصى في الشهر، بغية تقليل الطلب على العملة الصعبة، لتخفيض سعرها، وهو ما قوبل برفض رجال الأعمال المستوردين الذين يرون أن القرار يشل حركة الاستيراد لديهم لصالح شركات الجيش التي تتمتع بحرية الاستيراد والتصدير دون قيود.

وظهرت بوادر رد فعل نظام السيسي على رجال الأعمال المتذمرين، عندما وافق مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الإحتكارية على إحالة محمد فريد خميس رجل الأعمال البارز إلى النيابة العامة بتهمة الممارسات الاحتكارية، حيث تسيطر مجموعته “النساجون الشرقيون” على 90% من سوق السجاد الميكانيكي في مصر، ومن المنتظر في حالة صدور حكم على المجموعة، فرض غرامة مالية عليه تصل إلى 300 مليون جنيه.

لم ينتظر خميس كثيرًا، واستقل طائرة متجهة إلى ألمانيا، وهو ما يعني معرفته بأن أمر الإحالة إلى النيابة جدي وصادر من جهة سيادية وتعد هذه أولى خطوات النظام في تقليم أظافر بعض رجال الأعمال.

وفي إجراء آخر اتخذه النظام ضد بعض رجال الأعمال ولكنه آثر أن يأتي بصورة غير رسمية حيث أحال القائم بأعمال النائب العام المستشار علي عمران، بلاغ مقدم من أحد أعضاء تحالف “تحيا مصر” الداعم للسيسي، إلى المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة الكلية للتحقيق فيه بعدما اتهم رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، ووزير النقل الأسبق محمد منصور، ورجل الأعمال فرج عامر صاحب شركات عامر جروب، ورئيس حزب مستقبل وطن، محمد بدران، بالتآمر على الرئيس من خلال البرلمان، ومن الغريب أن يتحرك البلاغ بهذه السرعة وهو ما يعني أن ثمة رضا لدى النظام عنه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل