المحتوى الرئيسى

كيف يعالج الدماغ المشاكل التي لم يتطور لحلها

02/23 19:22

لا شك بأن الهواتف الذكية التي ندردش خلالها، والمواعدة عبر الإنترنت، والوسائط الاجتماعية لم تلعب دورًا في تطور أسلافنا، ولكن البشر بالرغم من ذلك يستطيعون التعامل مع هذه العلامات المميزة للحياة الحديثة بل واستثمارها. في طبعة 25 من شباط/فبراير لعام 2015 من دورية Trends in Cognitive Sciences والتي تنشرها Cell Press، راجع الباحثون من كلية دارتموث النتاج العلمي الحديث والمتعلق بالعلوم العصبية الاجتماعية، وبناءً عليه قدم الباحثون حججًا يجادلون بها على أن قابليتنا للاستجابة لتحديات الحضارة سريعة التغير تأتي من قابلية الدماغ لأن يجمع الموارد العصبية لديه، والتي زودنا بها التطور، وأن يغير من غايات استخدامها، وذلك بمرونة ملحوظة.

تقول المؤلفة المشاركة تاليا ويتلي Thalia Wheatley، والحاصلة على شهادة الدكتوراه: ”يسمح لنا تغيير الغايات repurposing هذا أن نعمل أكثر بموارد أقل. تمتلك أدمغتنا مرونة كافية لتكوين تجميعات جديدة من العمليات الحوسبية الموجودة أصلًا، وتنشر هذه الحوسباتِ بشكل سريع ومرن إلى سياقات جديدة“.

تصف كل من د. ويتلي وطالبتها المتخرجة كارولين باركنسون Carolyn Parkinson، وكلتاهما من قسم العلوم النفسية وعلوم الدماغ في كلية دارتموث، ثلاثةَ أنواع من تغيير الغايات، وكلٌ منها يحدث على ثلاثة مقاييس زمنية مختلفة.

أول هذه التغييرات في الغايات، وهو تغيير الغايات التطوري evolutionary repurposing، يظهر في كل الحيوانات، ويصف كيف أن التطور "يستخدم ما هو متاح في الغرفة" من أجل حل مشكلة جديدة. يحدث هذا النوع بشكل بطيء، وعلى مدى حياة العديد من الأجيال، من خلال الاصطفاء الطبيعي. فعلى سبيل المثال، طوّر البشر عملية تمثيل المسافات/التمثيل الفراغي في الدماغ، ولكن، وفي مجتمعنا الحديث، قمنا بتغيير الغرض من هذه القدرة، وقمنا بتوظيفها في مفهومنا للـ "قرب" من الأشخاص الموجودين في شبكتنا الاجتماعية.

أما النوعان الآخران من تغيير الأغراض، واللذان يوجدان في البشر، يعتمدان على القدرات المعرفية الاجتماعية. يشير النوع الثاني، وهو تغيير الأغراض الثقافي cultural repurposing، إلى العملية التي تُكتسب بها الاختراعات الثقافية -كالقراءة، والأشكال الموسيقية، وأنظمة الإيمان- والتي تحدث خلال فترة حياة المرء، وتُكتسب هذه الاختراعات الثقافية عن طريق انتقاء دارات دماغية موجودة أصلًا والتحكم من خلالها. توضح ذلك باركنسون بقولها: ”على سبيل المثال، لم يتطور البشر ليقرأوا. لكن بدلًا من ذلك، هناك عدد متزايد من الأبحاث التي تدل على أننا أصبحنا نقرأ عن طريق تغيير الغايات من الآليات العصبية التي تطورت لتميز الوجوه والأشياء“.

وآخر هذه التغييرات في الأغراض هو تغيير الأغراض الأدواتي instrumental repurposing، ويحدث في خلال حياة المرء، بل وقد تحدث هذه التغييرات بشكل سريع وخلال فترات قصيرة من حياة الشخص. وهي الطريقة التي نضغط بها أزرار التطور القديمة لدينا، بشكل مقصود وبشكل إبداعي، من أجل أن نُؤثر في تصرفاتنا وفي تصرفات الآخرين. فعلى سبيل المثال، أكثر الطرق فاعلية من أجل إثارة الاهتمام، والمساعدة في حل المشاكل التي تؤثر على العديد من الأشخاص -كالفقر، والجوع، والمرض- ليست عن طريق تقديم عرض منطقي للحقائق، ولكن عن طريق عرض تصوير عن ضحية واحدة، مُعرَّفة بشكل واضح. قد يكون السبب في هذا، ولو جزئيًا، أن تصرفاتنا الاجتماعية شُحِذَت وعُدِّلت رويدًا رويدًا في عصابات صغيرة تتكون من الصائدين والجامعين، تعيش مع بعضها بشكل متقارب، وليس في مجتمع ضخم مجهول يتصل ببعضه البعض في مختلف أرجاء العالم. ساعد هذا النوع من المعلومات في تشكيل حملات التبرع الخيري، وكذلك الاستراتيجيات الموجهة نحو مواجهة اللامبالاة في أمور من مثل الاحتباس الحراري.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل