المحتوى الرئيسى

تيشرت وإكليل ورد وقصصات ورقية قد تُغضب الدولة القمعية

02/23 12:09

حيازة قلم رصاص وبعض الورقات، وحيازة إكليل ورد، ولون تيشرت، وكتابة على آخر، وتقديم واجب العزاء، ولمة صحبة على القهوة، وأخرين تناولوا السحور الجماعي، وحيازة كتاب، وامتلاك صفحة إلكترونية على الفيس بوك، تلك هي التهم التي على إثرها يقبع الكثير من الشباب فى غيابات السجون بديلاً عن أن يكونوا فى جامعاتهم يشاركون فى تقدم الوطن، لا تعتجبوا، نعم تلك هي تهم قد قامت الدولة بأجهزتها الأمنية والقانونية بتوجيهها لشباب لم يتعدوا العشرينات، نعم تلك الأفعال البسيطة تعتبرها الدولة خطر على الأمن القومي وتُكدر السلم العام.

علم الجميع خبر اعتقال الرسام “اسلام جاويش” الليلة الماضية، حيث قامت القوات الأمنية بإقتحام الشركة التى يعمل بها فى مجال الجرافيك، ووجهت الداخلية لإسلام تهمة إهانة الرئيس عبر رسوم الكاريكاتير وتهمتي إدارة صفحة إلكترونية بدون ترخيص وإدارة موقع إلكتروني بدون ترخيص، وقامت بمصادرة جهازي كمبيوتر، ومازالت القضية قيد التحقيق، فهل مجرد رسومات تُعد تهمة يفقد على إثرها شاب عمره قابعاُ فى غيابات السجون تحت وطأة تعذيب السجان الذى لا يجيد شيء فى حياته سوي إنتهاك حقوق الإنسان.

فى حقيقة الأمر لم تكن واقعة إسلام جاويش الواقعة الوحيدة التى تدعو إلي السخرية، فالنظام يقوم بالبطش بأي شاب يحاول أن يخرج عن الإطار التى ترسمه الدولة للمواطنين، فقد سبقه العديد والعديد، كان منهم:

شهيدة الورد “شيماء الصباغ” والتى كانت تهمتها حيازة إكليل ورد فى إحياء ذكري الخامس والعشرون من يناير فى العام الماضي، كانت شيماء تتجه حاملة إكليل من الورود متجهة به لتأبين النصب التذكاري للشهداء، لكن فى هذه الواقعة لم يُكن رد القوات الأمنية مجرد إعتقال بل كان إطلاق الرصاص الحي لتسقط شيماء الصباغ قتيلة على الأرض ويختلط لون دمائها الأحمر بلون تلك الورود التى تحملها ، وليتحول إكليل الورد من هدية منها للشهداء إلي هدية لها من الثوار، شيماء التى تركت طفل صغير لايعلم لماذا قُتلت أمه، هل لأنها كانت تحمل ورد أم لأنها كانت تُمجد الشهداء وتؤمن بالثورة؟

وفي واقعة أخري، تُقيد الداخلية حرية طالب بالصف الثاني الثانوي، لمجرد ارتداء تيشرت مُدون عليه جملة “وطن بلا تعذيب”، محمد محمود أصغر سجين رأي عام هو شاب لم يكن حتى قد تخطي مرحلة المراهقة، كل حلمه كان وطن بلا تعذيب فكان جزائه قرابة العامين وما يزيد من التعذيب داخل سلخانات الداخلية. أُشتهرت قضيته اعلامياً ب”معتقل التيشرت”، حيث أُلقي القبض عليه في 25 يناير 2014 خلال أحداث الذكرى الثالثة للثورة ومعه صديقه إسلام طلعت عبد المقصود، 21 سنة؛ بسبب «تيشرت» ارتداه الاثنان وكتب عليه جملة «وطن بلا تعذيب»، وذلك أثناء عودتهما إلى منازلهما. وتم عرض الاثنان على النيابة في اليوم التالي، لتوجه لهما اتهمات بـ«الانتماء إلى جماعة إرهابية، وحيازة مفرقعات ومولتوف، والتحريض على أعمال عنف».

وفى أحداث مماثلة لقضية “معتقل التيشرت”، تم إلقاء القبض على شاب فى ذكري الخامس والعشرون من العام الجاري، أثناء سيره بشارع محمد محمود، ووجهت إليه تهمة “الإشتباه فى الإنتماء لحركة 6 إبريل” وبررت القوات الأمنية، بحسب ذكر شهود عيان أن الشاب يرتدي “تيشرت لونه أسود” وهذا مايدعوها للشك بأنه ينتمي لحركة 6 إبريل، والتى دشنت فى اليومين السابقين لذكري الخامس والعشرون حملة إلكترونية عبر صفحتها ب”فيس بوك” تطالب فيها بارتداء الجميع وشاح أسود حُزناً على ماوصل إليه حال الثورة، ليصبح فى مصر معتقل تهمته كتابة على تيشرت وأخر تهمته لون تيشرت.

أما عن تهمة “حيازة كتاب” فمنذ فترة قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على طالب بجامعة القاهرة ووجهت إليه تهم عدة كان من ضمنها “حيازة رواية 1948” للكاتب جورج أورويل، والتى تتحدث عن الأنظمة الفاشية والسلطوية، فهل أصبحت القراءة تهمة فى عصر السيسي؟

“الواجب الإجتماعي” أصبح تهمة هو الأخر فى عهد السيسي، ففى عام 2014 قامت القوات الأمنية بالقبض على عشر شباب، عُرفت قضيتهم بإسم “معتقلي العزاء” حيث توجهوا إلي منزل صديقهم أحمد المصري من شهداء الثورة، حتي يقومون بإحياء ذكراه ويقدمون العزاء لوالدته ويواسونها، ووجهت الداخلية لهم التهم المعتادة مثل حيازة مولتوف والإنتماء لجماعة إرهابية وتكدير السلم العام، وبعد فترة من الحبس تم إخلاء سبيلهم، لكن الغريب فى الأمر أنه بعد عام كامل من الواقعة أصدر القاضي ناجي شحاته حكم غيابي بالمؤبد على الشباب بدون إخطارهم وبدون إعطائهم حق تكليف محامي دفاع للدفاع عنهم، ومازلوا قيد الحبس حتى الآن.

ولم تسلم لمة الأصدقاء لتناول السحور وأخرين للجلوس على القهوة، حتى تحولت هى الأخري لتهم تُقيد على إثرها حرية المواطن تقييد كامل. قامت قوات الأمن بمداهمة منزل تجمع فيه مجموعة من الأصدقاء لتناول السحور معاً فى ليلة من ليالي رمضان، واعتقلتهم، ووجهت لهم تهم الإنتماء لجماعة إرهابية وحيازة سلاح وغيرها من تلك التهم، هذا حال “معتقلي السحور”.

ثم ألقت قوات الأمن القبض على مجموعة أصدقاء يجلسون فى تجمع لهم على إحدي مقاهي مدينة نصر واحتجازهم فى بداية الامر فى قسم تانى مدينة نصر وسط تعتيم تام عن مكان احتجازهم وبعد اجراء تحقيقات لضباط الأمن الوطني معهم فى قسم ثانى مدينة نصرتم ترحيلهم الي قسم اول القاهرة الجديدة حيث تم عرضهم علي النيابة، ووجت إليهم تهم التظاهر بدون تصريح وحيازة مفرقعات وتكدير السلم العام والعديد من التهم الأخري المعتادة.

وعُرفت هذه القضية اعلامياً ب”معتقلي القهوة” وكان المتهمين فيها أعضاء بارزين فى الحركات السياسية الثورية مثل 6 إبريل وإئتلاف طلبة مصر، وتم إخلاء سبيل البعض منهم بكفالة والأخرين مازلوا قيد الحبس.

لقد تردد على مسامعنا جميعاً كلمات للرئيس عبدالفتاح السيسي منذ عدة أيام ذكر فيها “هذا العام هو عام الشباب”، على حد تعبيره، لكن الواقع يجعلنا نتساءل أين إحتواء الشباب وأين دعمهم وأين دمجمهم فى عملية صنع السياسات؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل