المحتوى الرئيسى

الإفتاء توضح حكم مقولة «ليس في الإمكان أبدع مما كان»

02/22 11:17

قالت دار الإفتاء إن عبارة الإمام الغزالي: «ليس في الإمكان أبدع مما كان» ليس فيها نسبة العجز إلى الله عز وجل، ومن فهم أن فيها ذلك فقد أخطأ الفهم، وتأول على الإمام ما لا يتصور أن يقول به، كما تبين أيضًا أن للعبارة معان صحيحة شرحها غير واحد من العلماء ووافقوا فيها حجة الإسلام أبا حامد الغزالي.

وأوضحت أنه قد تعثر على بعض أهل العلم فهم مراد الإمام الغزالي من تلك العبارة، وزعموا أن فيها نسبة العجز إلى الله سبحانه، لكن في المقابل كان لكثير من العلماء جهد طيب في حمل العبارة على المعنى اللائق بمكانة حجة الإسلام أبي حامد الغزالي.

وبينت أن الإمكان: يراد به القدرة، من قولـهم: أمكنه من الشيء، أي: جعل له عليه سلطانًا وقدرة، وأمكن الأمر فلانًا: سهل عليه وتيسر له، ويقال: فلان لا يـمكنه النهوض، أي: لا يقدر عليه، مضيفة: «القدرة لغةً: القوة والاستطاعة. واصطلاحًا بالنسبة لله عز وجل: صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى يتأتى بـها إيجاد الـممكن وإعدامه على وفق الإرادة.

وأشارت إلى أن القدرة تتعلق بالأمر الـممكن وهو ما يقبل لذاته الوجود والعدم، ولا تتعلق القدرة بالأمر الواجب؛ لأنـها لو تعلقت به لتوجدَه كان تحصيل حاصل، ولو تعلقت به لتعدمه كان قلبًا للحقائق؛ لأنه لا يقبل العدم، وكذلك لا تتعلق القدرة بالأمر الـمستحيل؛ لأنـها لو تعلقت به لتوجده كان قلبًا للحقائق؛ لأنه غير قابل للوجود، ولو تعلقت به لتعدمه كان تحصيل حاصل، ولهذا فالمراد

بقوله تبارك وتعالى: «وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [البقرة: 284]، أي: كل شيء مـمكن قابل للوجود والعدم.

وأضافت أن الإبداع: مصدر أبْدَعَ: بـمعنى أتَى بالبَدِيعِ. قال الجوهري في الصحاح (3/ 1183، ط. دار العلم للملايين): «أبدعت الشيء: اخترعته لا عَلى مثالٍ، والله تعالى بَديعُ السموات والأرض، والبَديعُ: المبتدِعُ. والبَديعُ: المبتدَعُ أيضًا».

وأفاد بأن المعنى المفهوم من عبارة: «ليس في الإمكان أبدع مما كان» هو أن نظام الخلق وناموس الكون وقضاء الله وقدره والسنن الإلهية التي على وفقها تسير مجريات جميع أمور الدنيا والآخرة؛ قد جعلها الله سبحانه وتعالى على أتقن ما يمكن وأحسن ما يكون، قال تعالى: «مَا خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى» [الروم: 8]، وقال: «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ» [يونس : 32].

وتابعت: فتقدير وجود نظام للخلق أحق أو أتقن مما قدره الله سبحانه وتعالى هو أمر معدود من جملة المستحيلات التي لا تتعلق بها القدرة الإلهية، وليس معنى هذا استحالة وضع نظام غير هذا النظام؛ فقد قال الله عز وجل: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ» [إبراهيم: 19، 20] فالإتيان بخلق جديد قد تتعلق به المشيئة الإلهية، وإنما المقصود هو القول باستحالة وضع نظام أبدع وأحسن وأتقن من هذا النظام؛ لعلمه تعالى بأنه لا أتقن ولا أبدع منه؛ ولتعلق إرادته سبحانه بأن يجعل نظام العالم على أبدع وأحسن ما يكون، ولهذا فلا يتصور العقل نظاما للعالم أبدع مما جعله الله عز وجل، وما دام النظام الأبدع قد تعلق العلم والإرادة الإلهية بتقديره وإيجاده ووجد فعلا، لم يبق أبدع منه متعلَّقًا للعلم

والإرادة، ووجود شيء لا يتعلق به علم الله وإرادته مستحيل، ولهذا فلا تتعلق به القدرة؛ لأنها تتعلق بالممكنات وليس الواجبات أو المستحيلات.

ونوهت بأن هذا هو المعنى التفصيلي الصحيح لتلك العبارة المجملة الواردة عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي قدس الله روحه، لكن تبقى صحة هذا المعنى متوقفة على ثبوت مقدمتين: المقدمة الأولى: أن الله سبحانه قد تعلقت إرادته بتقدير النظام الأبدع

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل