المحتوى الرئيسى

المجتمع المصرى والإدارة الأهلية وتجاوز الدولة العتيقة

02/18 17:12

اقرأ أيضا: نحو قانون دولى إفريقى للمياه مصر.. للخلف در!! هل تتأهل مصر لانقاذ نفسها والمنطقة؟ الأساطير السياسية والقانونية فى الموقفين العربى والإسرائيلى من القدس الاستغلال السياسى لعلاقة الدنيا بالآخرة فى النسق القرآنى

دعنا نصارح أنفسنا ولا نلقى اللوم على أحد ونتفق على أن المؤشرات تؤكد أن فكرة الدولة العميقة فى مصر فكرة سطحية والصحيح أننا لدينا دولة عتيقة تعفنت وشاخت وسلطة يتم التكالب عليها مادام الامتياز فى السطو عليها لا يقابله التزام تجاه المجتمع. وبصراحة أيضا نحن لانريد الإصلاح وإنما نريد البديل لأن إصلاح الجسد الذى استشرى فيه المرض مستحيل كما أن أخلاق الحكام أثرت على الشعب، فهربت القيم تحت وطأة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وصار كل من غلب يدعى أنه الدولة وغيره رعايا فى هذه الدولة ثم يتحدث بكل جسارة عن القانون الذى يضعه بنفسه ثم إمعانا فى المأساة يدعو شركاءه باسم البرلمان (مجلس أمه/ مجلس شعب/ مجلس نواب) لإقراره، فأصبحت السلطة بكل أدواتها فى جانب والشعب يئن، وتتفنن السلطة- الدولة فى ممارسة أقصى درجات التعذيب لهذا الشعب، والدولة على الورق لها كل مقومات الدول، سلطة تنفيذية ودستور وسلطة تشريعية وسلطة قضائية شامخة وجيش وشرطة وأجهزة رقابية وإعلام ولكن الأداء أدى إلى تآكل الوطن وتسرب اليأس والضيق الي نفوس  أعضائه ورغبة الجميع فى الفرار مما هم فيه، ويتحدث الحكم فى مصر من 1952 عن الوطنية والطهارة والنقاء حتى أن مبارك قال يوما أن الكفن ليس له جيوب وهو آخر من يظن أن يلقى الله ويحاسبه، والجيش الوطنى والقضاء الشامخ والدولة القانونية وغيرها من عدة الشغل.

لا أظن أن أحدا يعترض على كل ما أقول إلا من غش أو سفه نفسه أو انتقع بكل هذه العصور.

المطلوب الآن فى هذه المقالة البحث عن بديل لإدارة المجتمع وتصريف مصالحه والمطلوب من الدولة المعطوبة فقط ألا تعرقل هذه الإدارة. تقوم الفكرة على إنشاء جمعيات من المتطوعين فى كل حى من أرباب الخبرات والحكمة من كبار السن ومعهم فريق من الشباب، ويدرسون معا احتياجات ومشاكل الحى المباشرة ويقررون حلها بأموالهم وتعاون سكان الحى معهم. مثلا فى كل حى تتوزع المدارس العامة والخاصة فى الأحياء، فتقرر الجمعية فى الحى بناء مجمع للمدارس فى مكان منعزل فى الحى أو شعبة من الحى للمدارس وبه كل ما يلزم للدراسة من مكتبات وغيرها فتحقق بذلك انسياب المرور فى الحى وتركز العملية التعليمية وتسهل الاستثمار أو الجهود الخيرية وتراقب الدروس الخصوصية وتقوم بترشيدها، وتحدث العمليات التعليمية وتحقق الأمن للتلاميذ، وقد ينشـأ مول بجانب حى المدارس يحقق الرواج، ويتنقل التلاميذ فى الحى مشاة وتنظم الأرصفة ويمنع  استخدام النفير أو التلوث، وتقوم الجمعية بالبحث فى مشروعات لتشغيل الشباب، وتدوير القمامة، ويمكن لعدد من الأحياء الاشتراك فى إنشاء وحدة تدوير القمامة لتكون مصدرا للطاقة والمياه وفرص العمل والنظافة التامة.

تعمل الجمعية في الحى وفق خطتها الشهرية، ومن وظائف الجمعية العمل على منع تشويه الحى وتحويل مبانيه التاريخية إلى عمارات واستثمارات مسعورة مثلما حدث فى مدنية السويس حيث كان بها 26 دارا للسينما صارت دارا واحدة وهى مسرح إسماعيل ياسين بن السويس، وحيث صورت الكثير من مشاهد الأفلام مثل بن حميدو، وصراع فى الميناء وغيرها فى هذه المدينة الجميلة. وفى الزمالك التى صارت من الأحياء الشعبية وكأن هناك من يتعمد القضاء عليها تحت ستار أنها حى أرستوقراطى فلم تعد كذلك بسبب تهاون سكانها فيها. فصارت شوارعها لا تقل بؤساً عن الأحياء الشعبية وصارت المدارس الخاصة التى تستغل اسم الزمالك لكى تبالغ في المصروفات من مراكز القوي ، فتزدحم شوارع الحى بأتوبيسات المدارس منذ السادسة صباحاً ولاتبرحها إلا عصرا، ولا يمكن إنقاذ مريض أو قضاء مصلحة أو الدخول أو الخروج من الزمالك طوال اليوم. أما الباعة الجائلون (البطاطا والسوداني بالمداخن والروبابيكيا والبوتاجاز وترييف   الشوارع من جانب الوافدين من حقول القرى فى الريف للعمل فى الجراجات بالالفاظ  السوقية والأصوات العالية والسهر حتي الصباح والشغب والسلوكيات الهابطة ، فضلا عن أن المدارس تحتل قصورا كان يمكن أن تكون متاحف راقية مثل قصر أحمد حشمت باشا رئيس الوزراء وزير الخارجية فى العصور الملكية الزاهرة قبل قدوم الجمهوريين إلى مصر بتراثهم الذى أفنى تراث مصر فى كل العصور السابقة. ولا يخفى ما فى هذا الوضع من اساءة لمصر فى نظر السفارات وخطر أمني عليها مما دفع هذه السفارات إلى الاستيلاء على معظم الشوارع والأرصفة ووضع حواجز تلتهم الطريق الذي تتراص السيارات الواقفة من الجانبين أو بناء أسوار عالية من الاسمنت امام السفارات فلاتترك من الشارع الاذكري.تستطيع جمعية الحي أن تضع لنفسها خطة خاصة تمنع تحول القصور إلى مدارس حكومية وتبديد ثروة مصر التاريخية. مصر، فلا تزال الروح التى جاءت بها حركة يوليو 1952 سائدة فى النظر إلى الزمالك على أنها حى أجنبى لكثرة السفارات فيه يجب إذلاله ضمن المعارك الوطنية التى خاضتها  نظم يوليو خلال العقود الستة الأخيرة.روي لي صديق تواجد بعض أسرته في الزمالك منذ الثلاثينات من القرن المضي أن صاحب فيلا أراد أن يقطع شجرة أمام الفيلا لقدمه وهرمها فاشترط رئيس الحي البريطاني حينذاك أن يزرع ثلاثين شجرة مكانها حفاظا علي نسبة الخضرة وأن يترك الحي يقطع الشجرة بمعرفته لكي يزرعا مرة أخري في حديقة الحيوان حرصا علي سلالتها وقارن بين الحكم البريطاني والحكم الوطني في هذا المجال وبهذه المناسبة أرجو التفكير جديا في ايداع آثارن الغالية باحدي المتاحف الاوروبية صونا لها من السرقة والاهمال والصيانات الغبية .

 بعد أن تنشئ كل الأحياء فى القاهرة، أو أحياء المراكز فى المحافظات جمعياتها للإدارة الأهلية يمكن أن ننشئ اللجنة التنسيقية للجمعيات لتنسيق ما يتطلب التنسيق بين المحافظات فى مجال المواصلات والصحة والتعليم.

وقد يقول قائل أن هذه الإدارة الأهلية تحل محل ما يسمى بالحكم المحلى، ونحن نرى أن هذه الإدارة المقترحة تأمل فى تعاون المحليات وعدم عرقلة عملها أو التصادم معها مادام الفساد قد أعطب هذه المحليات باعتراف الجميع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل