المحتوى الرئيسى

المسجد النبوي

02/18 12:35

بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة نزل في ضاحيتها بقباء بضعة أيام حيث بنى أول مسجد في الإسلام وسمي مسجد قباء، ثم واصل طريقه إلى المدينة التي كانت تسمى آنذاك "يثرب".

وعندما دخل المدينة طمع كل من سكانها الأنصار في نيل شرف استضافة النبي باعتراض ناقته "القصواء"، لكنه صلى الله عليه وسلم قال لهم "خلوا سبيلها فإنها مأمورة" إلى أن بركت في مربد لغلامين يتيمين من الأنصار هما سهل وسهيل، فطلب الرسول منهما أن يشتري المربد ليبني فيه مسجده فقالا "بل نهبه لك يا رسول الله..."، فأبى إلا أن يبتاعه منهما فدفع لهما الثمن عشرة دنانير.

أمر الرسول أصحابه بإصلاح المكان، وبدأ بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد النبوي، ينقل الحجارة مع أصحابه ويحمل اللبـِـن بنفسه وهم يرتجزون فيرتجز معهم ويردد "اللهم إن العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة". جعل أساس المسجد من الحجارة بعمق ثلاثة أذرع تقريبا، وحيطانه من اللبن، وأعمدته من جذوع النخل، وسقفه من الجريد، وترك في وسطه رحبة، وجُعل له محراب.

جعل الرسول للمسجد -الذي بلغ طوله 35 مترا، وعرضه 30 مترا، وارتفاع جدرانه مترين ومساحته الكلية قرابة 1060 مترا مربعا- ثلاثة أبواب، الأول في الجنوب حين كانت القبلة إلى بيت المقدس شمالا. والثاني في الشرق يسمى باب النبي وباب عثمان أيضا، واشتهر بعد ذلك بباب جبريل. والثالث غربا ويعرف اليوم بباب الرحمة.

ولما تحولت القبلة إلى مكة المكرمة في السنة الثانية للهجرة، فتح باب في الجهة الشمالية وأغلق الباب الجنوبي. كما بنى النبي الكريم بجوار المسجد الحجرة التي سكنها وحجرات أزواجه المطهرات، وفيها قبره صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

بعد عودة الرسول من غزوة خيبر في السنة السابعة للهجرة، أصبح المسجد يضيق بالمصلين، فتمت توسعته من جهة الشرق والغرب والشمال بزيادة أربعين ذراعا في العرض وثلاثين ذراعا في الطول فأصبح شكل المسجد مربعا، حيث بلغ كل من طوله وعرضه 100 ذراع.

وبعد ذلك وسعه الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عام 17 هـ بإضافة ثلاثة أبواب أخرى: باب النساء، وباب الرحمة، وباب السلام، وأصبحت مساحة المسجد 3575 مترا مربعا.

ثم وسعه الخليفة عثمان بن عفان عام 29 للهجرة بزيادة قدرها 496 مترا مربعا، بعدما ضاق بالمصلين، فاشترى الدور المحيطة به من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية، أما الجهة الشرقية فلم يقربها لوجود حجرات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

تم بناء الأعمدة من الحجارة، ووضع بداخلها قطع الحديد والرصاص لتقويتها، وبني السقف من خشب الساج القوي الثمين المحمول على الأعمدة الخمسة والخمسين. وبلغ ارتفاع الجدران خمسة أمتار ونصف، وأنشئت مقصورة في محراب المسجد لحماية الإمام، وتمت إنارة للمسجد بقناديل الزيت.

وتواصلت التوسعة في العهد الأموي، حيث أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك واليه على المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز عام 88 هـ بزيادة مساحة المسجد وإعادة إعماره، حيث بلغت مساحته 6440 مترا مربعا، وبنيت المآذن الأربع في أركان المسجد، وأنشئ المحراب المجوف، وزخرفت حيطان المسجد من الداخل بالرخام والذهب والفسيفساء، وبلغ عدد أعمدة المسجد 232 عمودا.

وزاد عدد أبواب المسجد النبوي في عهد الخليفة العباسي المهدي (161- 165 هـ) فصارت 24 بابا، ثمانية في الجهة الشرقية، وثمانية في الجهة الغربية، وأربعة في الجهة الشمالية، وأربعة في الجهة الجنوبية، وتوسّعت مساحة المسجد إلى 8890 مترا مربعا، وبلغ عدد نوافذه 60 نافذة.

تعرض المسجد النبوي لحريق عام 654 هـ في عهد الخليفة العباسي المستعصم الذي سعى لإعادة إعماره، غير أن غزو التتار وسقوط بغداد في أيديهم سنة 656 هـ حال دون ذلك، ولم تتم عمليه الترميم إلا في العصر المملوكي، حين سدت أغلب أبواب المسجد، وحوفظ فقط على أبواب رئيسية أربعة من خشب الجوز عليها نقوش بالنحاس الأصفر، كباب جبريل، والنساء، والسلام وهو أطولها وأجملها.

واهتم العثمانيون بالمسجد النبوي وساهموا في إصلاحه وترميمه، ففي عهد السلطان سليمان القانوني قاموا بإصلاح القبة الشريفة ووضعوا عليها هلالا جديدا عام 974 هـ، واستبدلت الأهلة المملوكية التي كانت تعلو القبة الخضراء ومآذن المسجد بأهلة من النحاس المطلي بالذهب، وفي عام 1228 هـ جدد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة، ودهنها باللون الأخضر، فأصبحت تعرف بالقبة الخضراء، بعدما عرفت بالبيضاء أو الفيحاء.

وأمر السلطان عبد المجيد خان عام 1277 هـ، بإصلاح المسجد وترميمه بعدما ظهرت عليه شقوق، فأصبحت مساحته الكلية 10303 أمتار مربعة، وارتفعت الجدران إلى 11 مترا، وزيد خمسة أبواب، وخمس مآذن يتراوح ارتفاعها بين 47.50 و60 مترا، وبلغ عدد الأعمدة 327 عمودا، وبلغت القباب 170 قبة، بالإضافة إلى كتاتيب لتعليم القرآن الكريم، و600 مصباح زيتي.

وقد أصبح المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية تتم إضاءته باستخدام المصابيح الكهربائية عام 1327 هـ الموافق 1909م. 

وحافظت أعمال التوسعة في عهد الدولة السعودية على تلك الأبواب، وأضافت إليها باب الملك عبد العزيز في الجهة الشرقية للجناح الفاصل بين الصحنين، وباب الملك سعود في الجهة الغربية، وباب عثمان وباب عمر في الجهة الشمالية، وباب الصديق ويقع مكان خوخة أبي بكر الصديق في الجهة الغربية من العمارة المجيدية.

وفي عهد الملك عبد العزيز آل سعود تمت توسعة المسجد النبوي، وباتت مساحته 16327 مترا مربعا، وبلغ عدد الأعمدة 706 أعمدة، و170 قبة. وصارت الإنارة بالكهرباء عبر محطة خاصة، حيث بلغ عدد المصابيح 2427 مصباحا.

وفي عهد الملك فيصل بن عبد العزيز نفذت توسعة أخرى عام 1393 هـ (1973م) بسبب تزايد أعداد الزائرين، وتمثلت في تخصيص الأرض الواقعة غرب المسجد النبوي للصلاة (مساحتها 35.000 متر مربع)، فرُصفت ونصبت فوقها مظلات مزودة بالكهرباء، ومكبرات للصوت، ومراوح سقفية.

كما تمت توسعة أخرى في عهد الملك خالد بن عبد العزيز عام 1398 هـ وتوسعة أخرى كبرى (سنة 1405-1414 هـ) في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، حيث أضيف كذلك الباب المجيدي وباب البقيع. وتم توسيع المداخل المتعددة وإنشاء سلالم كهربائية وعادية، موزعة على 41 مدخلا.

وبلغ مجموع أبواب الحرم بعد التوسعة 85 بابا ومدخلا. أما ساحة الحرم الشريف فزينت بقباب جميلة، وبات عدد أبواب المسجد 13 بابا، و أربع مآذن، وباتت المساحة الكلية للمسجد 400327 مترا مربعا، بالإضافة إلى مواقف سيارات تقع تحت الساحات الخارجية للحرم، تتألف من دورين.

وكذلك أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بتصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، وبات مجموع المظلات 250 مظلة صممت خصيصا للمسجد النبوي، ويبلغ ارتفاعها بين 14.40 مترا و15.30 مترا. وفي سنة 1433هـ أطلق الملك عبد الله أكبر مشروع توسعة للمسجد النبوي على ثلاث مراحل.

توجد في المسجد النبوي الشريف معالم كثيرة منها:

كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يخطب في البداية على جذع نخلة، ثم صنع منبرا من ثلاث درجات، وخطب عليه خلفاؤه الراشدون حيث وقف الخليفة أبو بكر الصديق على الدرجة الثانية، وعمر بن الخطاب كذلك، فيما وقف عثمان بن عفان على الدرجة السفلى ست سنين، ثم ارتقى بعدها حيث كان صلى الله عليه وسلم يقف.

احترق المنبر عام 886 هـ لما احترق المسجد النبوي الشريف، فبنى أهل المدينة منبرا من الآجر، ثم أرسل بعدها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي منبرا من الرخام الأبيض.

موضع في المسجد النبوي يقع بين المنبر وحجرة الرسول الكريم، قال عنها صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي". وقد تم تحديدها بسجاد أخضر اللون يختلف عن بقية سجاد المسجد النبوي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل