المحتوى الرئيسى

د. عاطف مرسي يكتب: أورام العظام

02/18 10:16

لطالما كانت كلمة ورم العظام قاسية جدا على سمع المريض وأهله، عندما يتم إبلاغهم بهذا التشخيص المباغت من قبل الطبيب المعالج، وقد ترسخ فى أذهان الناس أن العظام بشكلها الصلب غير قابله للتورم والتغير، وهو اعتقاد مناف للحقيقه العلميه، إذ أن العظام جزء بيولوجي حيوي من جسم الإنسان، مكون من خلايا مختلفة، ويحتوى على أوعية دموية، ويتمتع بنشاط ميتابولزمى عال، وقابل للتورم والانكماش والتحلل وإعادة النمو مثل كل أنسجة الجسم.

وهناك اعتقاد آخر لدى عامة الناس أن الأورام عندما تصل إلى العظام فهى النهايه الحتميه لحياة المريض، وهو اعتقاد خاطئ أيضا، إذ أن هذا يحدث في الأورام السرطانية الأخرى التى تتسرب للعظام عبر الدم وتسمى الثانويات، وقد كانت كذلك بالفعل فى الأزمنه الماضيه قبل اكتشاف وسائل العلاج الكيماوي الإشعاعي الحديثة التى تقضى على هذه الأورام وتحفظ للإنسان حياته الطبيعية.

تنقسم أورام الجهاز الحركى إلى أورام حميدة (Benign ) وأورام خبيثة (Malignant) وأورام نصف خبيثة (Locally malignant ).

هى الأكثر شيوعا، والمقصود بالورم الحميد أنه ورم غير قابل للانتشار فى الجسم، وإزالته جراحيا لا تمثل حالة طوارئ، ويمكن التعايش مع معظم هذه الأورام طالما لا تسبب ألما أو ضغطا على الأعصاب والشرايين، ولا تحدث تشوها شكليا.

وأورام العظام الحميدة قد تكون على شكل تكلس عظمى أو تكوينات غضروفية أو ليفية خارج أو داخل حدود العظمة الأم، وقد تكون على شكل كيس زلالى متمدد داخل العظام (Bone cyst ) ومعظم أورام العظام الحميدة تكتشف بالصدفة عند عمل أشعات للمريض لأسباب أخرى، وفى بعض الأحيان تؤدى التكيسات الزلالية إلى حدوث كسر نتيجة تآكل جزء من النسيج القوى للعظام، خاصة فى الأطفال، عندئذ يجب تدخل جراح العظام للعلاج على حسب كل حالة.

تنقسم إلى قسمين كبيرين، وهى الأورام السرطانية الأولية (primary ) التى تنشأ من الخلايا المكونة لنسيج العظام، والأورام الثانوية (secandries) الناتجة عن انتشار ورم سرطانى فى جزء آخر من الجسم، وصولا إلى الخلايا السرطانية لتسكن فى عظام المريض مثل الثدى أو القولون أو الغدد والبروستاتا.. هذا وتمثل الأورام الثانويه للعظام أكثر من سبعين فى المائة من الأورام الخبيثة، ويكون التعامل معها طبيا وجراحيا حسب الورم الأولي الناتجة عنه هذه الثانويات، إما بالعلاج الكيماوي أو الجراحى، وفى بعض الأحيان لا يكتشف المرض الأصلى إلا بعد وصوله للعظام، وفى مثل هذه الحالات يكون المرض متأخر نسبيا.

أورام العظام الأوليه تنشأ نتيجة نشاط سرطانى متسارع للخلايا المكونة لأنسجة العظام، وتقسم هذه الأورام حسب نوع خلية المنشأ، فهناك ورم سرطانى عظمى، وورم غضروفى، وورم ليفى، وكذلك أورام تنشأ من نخاع العظم، مثل مرض خلايا البلازما، أو مرض الليمفوما، أو مرض ايونج الخبيث.

وقد كان تشخيص وعلاج هذا النوع من الأورام يمثل كابوسا مريعا للمريض والطبيب معا، حتى أواخر سبعينيات القرن العشرين، وكان العلاج الوحيد وقتئذ هو البتر.. بتر الساق أو الذراع أو حتى إستئصال الطرف كله.. أما ما أحدث الطفرة الرهيبة فى علاج مثل هذه الأورام بدون البتر، فهو اكتشاف وسائل تشخيصية عالية الكفاءه، أتى على رأسها جهاز الرنين المغناطيسي، الذي يحدد بكل دقة طبيعة الورم وحدوده، ومدى التغيرات التى أحدثها فى العظام الحاملة للورم، وقد كان العامل الآخر الذي غير فى نتائج علاج هذه الأورام هو  تطور وسائل العلاج الكيماوي والإشعاعى، وتعدد بروتوكولات العلاج لكل ورم على حده حسب طبيعته وحسب درجة نشاطه السرطانى يمكن استخدامه قبل الجراحة وبعدها، وربما بديلا عنها فى بعض الأحيان للقضاء على الورم الخبيث، ولذلك فقد أصبح ممكنا جدا التعايش مع ورم العظام الخبيث بالعلاج الكيماوي، ثم الجراحة التحفظية التى تحافظ على الأطراف، وذلك باستئصال الورم فقط على حدوده، بجزء صغير من العظام، ثم إعادة بناء هذا الجزء باستعمال عظام أخرى سليمه من نفس المريض (Autograt) أو استعارة عظام إنسان آخر محفوظه فى بنك العظام (Allograft ) من ميت حديثا، أو طرف مبتور نتيجة حادث، ويمكن إعادة بناء الطرف وتعويض العظام المنزوعه من المريض والحامله للسرطان باستعمال عظام أو مفاصل صناعية من مواد خاملة لا تتفاعل مع أنسجة الجسم، وهكذا يمكن لمريض أورام العظام أن يعيش حياته طبيعيا، مع المتابعة الدورية عند جراح العظام المتخصص.

من دواعي الحزن أن أورام العظام الأولية تحدث بكثرة فى الأطفال، ولذلك تم اختراع وسائل علاج جراحية تناسب هذا السن، فيتم تركيب مسامير معدنية أو مفاصل قابلة للنمو مع ازدياد طول الطفل فى الطرف السليم، يمكن تطويل الطرف المصاب حتى يستطيع المريض أن يحيا حياة ذات كفاءة عالية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل